الخميس، 14 سبتمبر 2023


[١٢:٤١ ص، ٢٠٢٢/٩/١٩] عادل الجوهري: هذا الحبيب  «  ٧٠  »

السيرة النبوية العطرة (( العودة للمفاوضات )) ..

___________________________

دعونا نلقى نظرة سريعة ومختصرة ، على جميع المفاوضات والأحداث الهامة التى ذكرناها من قبل ..  


أولاً إسلام {حمزة بن عبد المطلب }

وبعده بثلاثة أيام أسلم{عمر بن الخطاب}

وبإسلام {{ حمزة ، وعمر }} .. بدأت موازين القوى تميل لصالح المسلمين .

بعد إسلام حمزة و عمر ، بدأ الكثيرون ممن كانوا يخفون إسلامهم من قبل يعلنون إسلامهم .. وأصبح المسلمون يطوفون بالبيت ، ويصلون عند البيت ، ويجلسون حلقات حول البيت ، وأصبحوا يردون على من يسخرون منهم ..

وقريش لا تدري ماذا تفعل ؟؟

___________________________

كانت قريش من قبل كما سبق ذكره  ، قد تحدثت مع أبي طالب مرتين ، بخصوص دين محمد الجديد ..

ولكن أبو طالب ظل على موقفه في حماية النبي صلى الله عليه وسلم .. وفشلت قريش فى تحقيق غرضها بإقناع أبي طالب بالتخلى عن النبى .. 


فاستخدمت العنف  والقتل والتعذيب لكل من تبع هذا الدين الجديد ، وفشلت مرة أخرى أمام قوة إيمان الصحابة وصمودهم ، رضوان الله عليهم ..

___________________________

قررت قريش بعدها التفاوض مباشرة مع النبي صلى الله عليه وسلم ، على أساس تقديم بعض العروض المغرية له ، حتى يقبل التنازل عن الدعوة .. 

وفوضوا عنهم  {{عتبة بن ربيعة }} لكى يساوم النبي صلى الله عليه وسلم ، فلم يصل مع النبى إلى أى نتيجة ترضيهم ، كما سبق ذكره ..


فلما فشل عتبة ، أرسلوا {{ الوليد بن المغيرة }} للتفاوض معه ، فلم يجد جديدًا ، وفشل أيضا .. 

بل وخرج من المفاوضات بفضيحة مدوية ، جزاء له على اتهامه النبى بالسحر ليرضي قريش ..  فضيحة أظهر الله بها حقيقته على الملأ ، {{ عتل بعد ذلك زنيم }} !!! 

___________________________

اتخذت قريش أسلوب آخر فى المفاوضات ، فاقترحت عروضا أخرى على رسول الله .. 

قالوا : يا محمد مارأيك أن نعبد نحن ما تعبد أنت ، وفى المقابل تعبد أنت أيضا ما نعبد .. وبهذا نكون قد تقاسمنا الأمر سويا !!

فإن وجدنا ، أن الذى تعبده خير مما نعبد نحن ، نكون قد أخذنا حظنا منه .. وإن كان ما نعبد نحن خيرا مما تعبد ، كنت قد أخذت بحظك منه ..

و نسجد لإلهك في مقابل أن تسجد لآلهتنا .. فإن قبلت بهذا العرض ، تكون مدته سنة .. أى نعبد إلهك سنة ، وأنت تعبد آلهتنا سنة!! {{ يعنى كما نقول نحن ، نقسم البلد نصفين }} ..


فنزل جبريل على النبي صلى الله عليه وسلم بسورة الكافرون ..

قال تعالى : بسم الله الرحمن الرحيم {{ قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ * لا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ * وَلا أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ * وَلا أَنَا عَابِدٌ مَّا عَبَدتُّمْ * وَلا أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ * لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ }}

صدق الله العظيم ،،،


لاحظوا السورة فيها جزم وتأكيد وإصرار وتكرار ، حتى يقطع الله عز وجل عليهم  الطريق ، ويغلق كل أبواب النقاش ..

والسورة واضحة المعانى ، لا تحتاج لشرح .. ملخصها أن رسول الله فى جانب وأنتم فى جانب آخر ، استحالة يكون بينكم طريق أو جسر أو معبر ..

___________________________

وطلبت قريش أيضاً من رسول الله صلى الله عليه وسلم طلب آخر ..

قالوا : يا محمد أطرد الفقراء والعبيد من المسلمين ، ولا تجلس معهم .. فإن طردتهم لعلنا نتبعك [[ نفوس مريضة في كل زمان ومكان ]] ..

قال أبو طالب للنبى : يا ابن أخي ، أقبل بهذا الشرط ولننظر ماذا يحدث [[ نشوف آخرتها معاهم ]] ..

فنزل جبريل بقوله تعالى : بسم الله الرحمن الرحيم {{ وَلاَ تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ }}صدق الله العظيم .. أمر إلهى : يامحمد لا تطعهم ، هؤلاء المؤمنون خاصتي وأهل محبتي ، يبتغون مرضاتي ، فلا تستمع لكلامهم وتطردهم .. ثم قال تعالى {{ وَإِذَا جَاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِنَا فَقُلْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ }} ..

أنظروا مقدار محبة الله لعباده ، فلما نزلت الآيات على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، 

قال : {{ الحمد لله الذي جعل في أمتي من أمرني أن أبدأهم بالسلام }} ..

___________________________


 لم تيأس قريش كل اليأس ، بل أبدوا مزيدًا من التنازل بشرط أن يجرى النبي صلى الله عليه وسلم بعض التعديل فيما جاء به من التعليمات ، فقالوا‏ :‏ ‏{‏{ ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَـذَا أَوْ بَدِّلْهُ‏ }}‏ .. وكان من ضمن الأسباب التى دفعتهم لهذا الطلب ، رغبتهم فى حذف الآيات التى يسب فيها القرآن الكريم آلهتهم .. فقطع الله هذا السبيل أيضًا بإنزال ما يرد به النبي صلى الله عليه وسلم عليهم فقال‏ :‏ ‏{‏{ قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِن تِلْقَاء نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيَّ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ‏ }}‏ ‏.. ونبه النبى على عظم خطورة هذا العمل بقوله‏ :‏‏ {{‏ وَإِن كَادُواْ لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ وَإِذًا لاَّتَّخَذُوكَ خَلِيلاً وَلَوْلاَ أَن ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدتَّ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلاً إِذاً لَّأَذَقْنَاكَ ضِعفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ ثُمَّ لاَ تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيرًا‏ }}‏ ‏.. فلم يجدوا من الرسول عليه الصلاة والسلام ، إلا الرفض البات 


أظلمت أمام المشركين السبل بعد فشلهم في هذه المفاوضات والمساومات وتقديمهم التنازلات ، واحتاروا فيما يفعلون ، حتى قام أحد شياطينهم‏ وهو النضر بن الحارث ، فنصحهم قائلًا‏ :‏ يا معشر قريش ، والله لقد نزل بكم أمر ما أتيتم له بحيلة بعد .. منذ أن كان محمدا فيكم غلامًا حدثًا ، وهو أصدقكم حديثًا ، وأعظمكم أمانة ، حتى إذا جاءكم بما جاءكم به ، قلتم‏ ساحر ، لا والله ما هو بساحر ، لقد رأينا السحرة ونَفْثَهم وعَقْدَهم .. وقلتم‏ كاهن ، لا والله ما هو بكاهن ، قد رأينا الكهنة وسمعنا سَجَعَهُم .. وقلتم‏ شاعر ، لا والله ما هو بشاعر ، قد رأينا الشعر وسمعنا أصنافه كلها .. وقلتم‏ مجنون ، لا والله ما هو بمجنون ، لقد رأينا الجنون ، فما هو بخنقه ، ولا وسوسته ... يا معشر قريش ، أنظروا في شأنكم ، فإنه والله لقد نزل بكم أمر عظيم‏ .. وكأنهم لما رأوا صموده صلى الله عليه وسلم في وجه كل التحديات ، ورفضه كل المغريات ، وصلابته في كل مرحلة ـ مع ما كان يتمتع به من الصدق والعفاف ومكارم الأخلاق ـ قويت شبهتهم في كونه رسولًا حقًا .. فقرروا أن يتصلوا باليهود حتى يتأكدوا من أمره صلى الله عليه وسلم ، فلما نصحهم النضر بن الحارث بما سبق كلفوه مع آخر أو آخرين ليذهب إلى يهود المدينة ، فأتاهم وعرض عليهم الأمر .. فقال أحبارهم‏ :‏ سلوه عن ثلاث ، فإن أخبر فهو نبى مرسل ، وإلا فهو متقول ... سلوه عن فتية ذهبوا في الدهر الأول ، ما كان أمرهم‏؟‏ ، فإن لهم حديثًا عجبًا .. وسلوه عن رجل طواف بلغ مشارق الأرض ومغاربها ، ما كان نبؤه‏؟‏ .. وسلوه عن الروح ، ما هي‏؟‏؟ ...

فلما رجع النضر بن الحارث إلى قريش ، قال‏ لهم :‏ جئناكم بفصل ما بينكم وبين محمد .. وأخبرهم بما قاله اليهود ، فسألت قريش الرسول صلى الله عليه وسلم عن الأمور الثلاثة ، فنزلت بعد أيام سورة الكهف فيها قصة أولئك الفتية وهم أصحاب الكهف ، وقصة الرجل الطواف وهو ذو القرنين ، ونزل الجواب عن الروح في سورة الإسراء‏ .. {{ ويسئلونك عن الروح قل الروح من أمر ربى وما أوتيتم من العلم إلا قليلا }} ... فتبين لقريش أنه صلى الله عليه وسلم على حق وصدق ، ولكن مرة أخرى ، أبي الظالمون إلا كفورًا‏ ...

__________________________________________________________________


الخلاصة : لم يقدم لهم النبي

صلى الله عليه وسلم أي تنازلات .. 

[[ وكلنا يعلم أن مبدأ المفاوضات يقتضى ، أن يقدم الطرف الأضعف التنازلات ]] ..

والرسول صلى الله عليه وسلم في نظرهم ، هو الطرف الأضعف .. 

ولكن في الحقيقة ، لم يكن صلى الله عليه وسلم في أي لحظة من مولده إلى وفاته هو الطرف الأضعف نهائياً ، ذلك لأن الله معه .. بل أن قريش كانوا هم الطرف الأضعف ، ويؤكد لنا الله عز وجل ذلك بقوله تعالى : 

{{ وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ }} ..

[[ يعني يا رسول الله ، هم يتمنون ويرجون أن تلين وتقدم لهم أى  تنازل ، وستجدهم على الفور قدموا لك عدة تنازلات ]] .. 

______________________________________________________________

و هكذا فشلت كل مفاوضات ومحاولات قريش مع الرسول صلى الله عليه وسلم ..

ووجدت أنها عاجزة عن إحراز أى تقدم ، بينما الإسلام يتقدم وينتشر ويكتسب مساحات جديدة ، ويزداد عدد المسلمين يوما بعد يوم ، بل وزاد من موقفهم تعقيدا إسلام عمر بن الخطاب وحمزة بن عبد المطلب ، بالإضافة إلى هجرة بعض المسلمين إلى الحبشة .. فجن جنون قريش ، وبعد تفكير جاءوا بمفاوضات أخيرة علها تنجح ، فكانت أفشل مفاوضات ، بل وأفشلت كل  ما قبلها ..


يتبع .. #الأنوار المحمدية 

صلى الله عليه وسلم

[٥:٥٤ م، ٢٠٢٢/٩/١٩] عادل الجوهري: في ليله زواج النبي ﷺ من السيدة صفية ،  وكانت قد أسلمت حديثاً ... وقف سيدنا أبو أيوب الانصاري حارساً على باب رسول الله ﷺ ، كإجراء احترازي ومن دون طلب من الرسول ﷺ أو علمه ، وخوفاً عليه من الغدر والخيانه.


شعر رسول الله ﷺ بشيئ مريب ، فخرج يتفقده ، فإذا بأبي أيوب يحمل سلاحه ويقف خارجاً ، فيقول له عليه الصلاة والسلام : "مالذي تفعله يا أبا ايوب؟"

فيقول : يا رسول الله لقد قُتِلَ والدها في الحرب ، وأخاف أن تغدر بكَ ، فوقفت حارساً أحرسك. 

فقال له رسول الله ﷺ: "حَرَسَكَ الله يا أبا أيوب حيّاً وميتاً".


وتمضي السنين ويتوفّى رسول الله ﷺ .. وتبدأ الفتوحات الإسلاميه يوم كان للمسلمين عزة وكرامة.


وخرج سيدنا أبو ايوب الأنصاري مجاهداً في سبيل الله لفتح القسطنطينية ، لينال شرف حديث رسول الله عندما بشر بفتحها: فنعم الأمير أميرها ، ونعم الجيش ذلك الجيش.


إلا أن الله لم يكتب لذلك الجيش الإنتصار في تلك الفترة ، وعاد  الجيش للمدينة ، واستشهد سيدنا أبو أيوب هناك على أسوارها ودُفِنَ هناك على مرأى أعيّن الروم وقيصرهم.


أرسل قيصر الروم رساله إلى الخليفة يزيد بن معاوية آنذاك مفاداها: "قد علمتُ أن صاحِبَكم قد دُفِنَ على أبواب أسوارنا ، وأن له قبراً في أرضنا، ولأنبشنّ قبره، ولألقي بجثته للكلاب" !.


كانت تلك الرسالة لتخويف الجيش الإسلامي من العودة مجدداً  ، فيردّ "يزيد بن معاوية" على ظهر رسالته باستحقار واستخفاف:

"لقد علمت مكان أبا أيوب عند رسولنا ، والله لئن مسستم قبره لأنبشنّ قبوركم واحداً واحداً ، ولا تركت بأرض العرب نصرانياً إلا قتلته ، ولا كنيسة إلا هدمتها ، وسأقود جيشاً جراراً لأفصل رأسك عن جسدك".


ارتعدت أوصال القيصر من يزيد فأرسل رسالة يقول:

"بل سنجعل على قبره حارساً يحرسه".


وبعدما فُتِحَت القسطنطينية ، بُنيّ لأبي أيوب ضريحاً ، وبجواره مسجدا يحمل اسمه إلى الآن ، وأصبح كل من يحكم تركيا يضع على قبره حارساً تحقيقاً لقول رسول الله ﷺ:


                    "حَرَسَكَ الله حيّاً وميتاً".


رضي الله عن الصحابي أبا أيوب الأنصاري وجميع صحابة رسول الله ﷺ.


اللهم صلّ على النبي وسلّم تسليما ما دامت السموات والارض.



ليست هناك تعليقات:

المتابعون

أرشيف المدونة الإلكترونية