الاثنين، 9 يناير 2017

قواعد قرآنية

قواعد قرآنية
القاعدة الخامسه :
{ وَقَدْ خَابَ مَنِ افْتَرَى }


 الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين،
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا وإمامنا وسيدنا
محمد بن عبدالله وعلى آله وصحبه أجمعين .


فهذا مَرسى آخر على جُودِيّ موضوعنا الأغر:
 (قواعد قرآنية)،
 نقف فيه مع قاعدة من قواعد التعامل مع غيرنا، ومن القواعد التي تعالج
 شيئاً من الأخلاق الرذيلة عند بعض الناس، تلكم القاعدة هي

 قوله تعالى:

{ وَقَدْ خَابَ مَنِ افْتَرَى }.

وهذه الآية الكريمة، وضاءة المعنى، بديعة السبك والحبك، جاءت في سياق
 قصة موسى مع فرعون ـ الذي قضى حياته افتراء على الله ـ
وسحرته الذين هداهم الله،

يقول سبحانه وتعالى عن فرعون:

 { قَالَ مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ وَأَنْ يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى (59)
 فَتَوَلَّى فِرْعَوْنُ فَجَمَعَ كَيْدَهُ ثُمَّ أَتَى (60)  
 قَالَ لَهُمْ مُوسَى وَيْلَكُمْ لَا تَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ كَذِبًا  
 فَيُسْحِتَكُمْ بِعَذَابٍ وَقَدْ خَابَ مَنِ افْتَرَى (61)
 فَتَنَازَعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ وَأَسَرُّوا النَّجْوَى }
 [طه: 56 - 62].

والافتراء يطلق على معانٍ منها: الكذب، والشرك، والظلم،
وقد جاء القرآن بهذه المعاني الثلاث، وكلها تدور على الفساد والإفساد.

قال ابن القيم: مؤكداً اطراد هذه القاعدة:
[ وقد ضمن سبحانه أنه لا بد أن يخيب أهل الافتراء ولا يهديهم وأنه يستحتهم
 بعذابه أي يستأصلهم ].

وإنك ـ أخي المتدبر ـ إذا تأملت هذه القاعدة وجدت في الواقع وللأسف
من له منها نصيب وافر، وحظ حاضر سافر، ومن ذلك:
1 ـ الكذب والافتراء على الله إما بالقول عليه بغير علم
 بأي صورة من الصور:

 استمع لقول ربنا تعالى:

 { وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ قَالَ أُوحِيَ إِلَيَّ
 وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ وَمَنْ قَالَ سَأُنْزِلُ مِثْلَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ }
[ الأنعام: 93 ].

وقد دلّ القرآن على أن القول على الله بغير علم هو أعظم المحرمات على الإطلاق!
قال تعالى:

{ قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ
وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا
 وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ }
 [الأعراف: 33] ،

 وأنت إذا تأملت في هذا الأمر: وجدت أن المشرك إنما أشرك لأنه قال
 على الله بغير علم! ومثله الذي يحلل الحرام أو يحرم الحلال،
 كما حكاه الله تعالى عن بعض أحبار بني إسرائيل.

 وكذا الذين يفتون بغير علم، هم من جملة المفترين على الله سبحانه وتعالى،

 قال تعالى:

{ وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ
 لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ }
 [النحل: 116].

وكلُّ من تكلم في الشرع بغير علم فهو من المفترين على الله
 سواء في باب الأسماء والصفات، أو في أبواب الحلال والحرام،
أو في غيرها من أبواب الدين.

ولأجل هذا كان كثير من السلف يتورع أن يجزم بأن ما يفتي به هو حكم الله
 إذا كانت المسألة لا نص فيها، ولا إجماع،

قال بعض السلف:
[ ليتق أحدكم أن يقول: أحل الله كذا وحرم كذا فيقول الله له كذبت
 لم أحل كذا ولم أحرم كذا ].

ولهذا لما كتب الكاتب بين يدي أمير المؤمنين عمر بن الخطاب
حكماً حكم به،فقال:
 [ هذا ما أرى الله أمير المؤمنين عمر! فقال: لا تقل هكذا،
ولكن قل: هذا ما رأى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب. ]

وقال ابن وهب:
 [ سمعت مالكاً: يقول: لم يكن من أمر الناس، ولا من مضى من سلفنا،
 ولا أدركت أحداً اقتدي به يقول في شيء: هذا حلال وهذا حرام،
وما كانوا يجترئون على ذلك، وإنما كانوا يقولون: نكره كذا،
ونرى هذا حسنا فينبغي هذا ولا نرى هذا. ]

فعلى من لم يكن عنده علم فيما يتكلم به أن يمسك لسانه، ويقبض مِقوَله،
 وعلى من تصدر لإفتاء الناس أن يتمثل هدي السلف في هذا الباب،
 فإنه خير مقالاً وأحسن تأويلاً.

2 ـ ومن صور تطبيقات هذه القاعدة القرآنية:
ما يفعله بعض الوضاعين للحديث ـ في قديم الزمان وحديثه ـ الذين يكذبون
 على النبي صلى الله عليه وسلم ويفترون عليه: إما لغرض ـ هو بزعمهم ـ
 حسنٌ كالترغيب والترهيب، أو لأغراض سياسية، أو مذهبية، أو تجارية،
 كما وقع ذلك وللأسف منذ أزمنة متطاولة وأيام غابرة!

وليعلم كل من يضع الحديث على النبي صلى الله عليه وسلم أنه من جملة
 المفترين، فلن يفلح سعيه، بل هو خاسر وخائب

 كما قال ربنا:

 { وَقَدْ خَابَ مَنِ افْتَرَى }

 ولا ينفعه ما يظنه قصداً حسناً ـ كما زعم بعض الوضاعين ـ فإن مقام الشريعة
 عظيم الشَّأو، وجنابها مصون ومحترم، وقد أكمل الله الدين، وأتم النعمة،
 فلا يحتاج إلى حديث موضوع ومختلق مفترى، يُضلُّ ولا يكاد يبين،
 وليست شريعةٌ تلك التي تبنى على الكذب، وعلى منْ؟
على رسولها صلى الله عليه وسلم؟

ومن المؤسف المقلق أن يُرى لسوق الأحاديث الضعيفة والمكذوبة رواجاً
في هذا العصر بواسطة الإنِّترنت، أو رسائل الجوال؛ فليتق العبدُ ربَّه،
ولا ينشرن شيئاً ينسب إلى النبي صلى الله عليه وسلم
حتى يتثبت من صحته عنه.

3 ـ ومن صور تطبيقات هذه القاعدة القرآنية الكريمة
 المشاهدة في الواقع:
ما يقع ـ وللأسف الشديد ـ من ظلم وبغي بين بعض الناس،
وهذا له أسبابه الكثيرة، لعل من أبرزها:
الحسد ـ عياذاً بالله منه ـ والطمع في شيء من لعاعة الدنيا،
أو لغير ذلك من الأسباب، ويَعْظُمُ الخطب حينما يُلبِّسُ بعضُ الناس صنيعه
 لبوسَ الدين؛ ليبرر بذلك فعلته في الوشاية بفلان،
 والتحذير من فلان بغياً وعدواناً.

ولقد وقفتُ على كثير من القصص في هذا الباب، منها القديم ومنها المعاصر،
 اعترف أصحابها بها، وهي قصص تقطع الكبد ألماً، وتفت الفؤاد فتًا،
 بسبب ما ذاقوه من عاقبة افترائهم وظلمهم لغيرهم، وكانت عاقبة كذبهم خسرا.

وكما قال الكيلاني:
الصدق من كرم الطباع وطالما *** جاء الكذوب بخجلة ووجوم

و أكتفي من ذلك بهذين الموقفين؛ إذ في تضاعيف ذكرهما عظةٌ وعبرة:
1 ـ القصه الاولى:
تحدثتْ إحداهن ـ وهي أستاذة جامعية ومطلقة مرتين ـ فقالت: حدثت قصتي
 مع الظلم قبل سبع سنوات، فبعد طلاقي الثاني قررتُ الزواج بأحد أقاربي
 الذي كان ينعم بحياة هادئة مع زوجته وأولاده الخمسة، حيث اتفقت
مع ابن خالتي ـ الذي كان يحب زوجة هذا الرجل ـ اتفقنا على اتهامها
 بخيانة زوجها! وبدأنا في إطلاق الشائعات بين الأقارب،
 ومع مرور الوقت نجحنا، حيث تدهورت حياة الزوجين
 وانتهت بالطلاق!
 وبعد مضي سنة تزوجت المرأةُ ـ التي طلقت بسبب الشائعات ـ برجل آخر
 ذي منصب، أما الرجل فتزوج امرأة غيري، وبالتالي لم أحصل مع ابن خالتي
 على هدفنا المنشود، ولكنا حصلنا على نتيجة ظلمنا حيث أصبت بسرطان الدم!
أما ابن خالتي فقد مات حرقاً مع الشاهد الثاني، بسبب التماس كهربائي
 في الشقة التي كان يقيم فيها، وذلك بعد ثلاث سنوات من القضية.

2 ـ أما القصة الأخرى:
فيرويها شخص اسمه (حمد): عندما كنت طالباً في المرحلة الثانوية
 حدثت مشاجرة بيني وبين أحد الطلاب المتفوقين، فقررت بعد تلك المشاجرة
أن أدمر مستقبله، فحضرت ذات يوم مبكراً إلى المدرسة، ومعي مجموعة
 من سجائر الحشيش ـ التي كنا نتعاطاها ـ ووضعتها في حقيبة ذلك الطالب،
 ثم طلبت من احد أصدقائي إبلاغ الشرطة بأن في المدرسة مروجَ مخدرات،
 وبالفعل تمت الخطة بنجاح، وكنا نحن الشهود الذين نستخدم المخدرات.

يقول حمد هذا: ومنذ ذلك اليوم وأنا أعاني نتيجة الظلم الذي صنعته بيدي،
فقبل سنتين تعرضت لحادث سيارة فقدت بسببه يدي اليمُنى، وقد ذهبت للطالب
 في منزله أطلب منه السماح، ولكنه رفض لأنني تسببت في تشويه سمعته
 بين أقاربه حتى صار شخصاً منبوذاً من الجميع، وأخبرني بأنه يدعو عليّ
 كل ليلة؛ لأنه خسر كل شيء بسبب تلك الفضيحة، ولأن دعوة المظلوم
ليس بينها وبين الله حجاب فقد استجاب الله دعوته،
فها أنا بالإضافة إلى يدي المفقودة أصبحت مقعداً على كرسي متحرك
نتيجة حادث آخر! ومع أني أعيش حياة تعيسة، فإني أخاف من الموت
 لأني أخشى عقوبة رب العباد .

ومن صور تطبيقات هذه القاعدة في عصرنا:
ما يقع من بعض الكُتاب والصحفيين، الذين يعمي بعضَهم الحرصُ على السبق
 الصحفي عن تحري الحقيقة، والتثبت من الخبر الذي يورده، وقد يكون متعلقاً
 بأمور حساسة تطال العرض والشرف، وليتدبروا جيداً،
هذه القاعدة القرآنية المحكمة:

 { وَقَدْ خَابَ مَنِ افْتَرَى }،

 والقاعدة المحكمة في باب الأخبار:

{ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ }

و مع الختام أهمس بقول القائل: 

الصدق في أقوالنا أقوى لنا *** والكذب في أفعالنا أفعى لنا 


معجزة حفظ القرآن


في هذا البحث حقائق تؤكد أن القرآن هو الكتاب الوحيد في العالم
الذي وصلنا كما أُنزل قبل 14 قرناً، على عكس بقية الكتب
المحرفة، لنقرأ هذه الحقائق اليقينية....

يمكن أن نقول بثقة تامة إن أقدم كتاب موجود بين أيدينا اليوم كما هو
دون تبديل أو تغيير هو القرآن. ولا يوجد كتاب على وجه الأرض تتطابق
جميع نسخه تطابقاً تاماً إلا القرآن. ولكن هل هناك دليل علمي على ذلك؟

مخطوطات القرآن متطابقة بشكل مذهل
لو تأملنا المخطوطات الكثيرة للقرآن وهي تعد بالآلاف والمنتشرة في بقاع
العالم، لوجدنا تطابقاً مذهلاً باستثناء بعض الأحرف التي لا تغير معنى
الآية، بل تضيف معاني أخرى، وهذا ما عُرف بروايات القرآن
 أو القراءات القرآنية. والإثبات العلمي على ذلك أن العلماء وبخاصة
المشككين منهم والمستشرقين لم يعثروا حتى الآن على مخطوطة
 قرآنية واحدة مخالفة للقرآن الذي بين أيدينا اليوم.
وهذا ما تؤكده الآية الكريمة:

 { إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ }
 [الحجر: 9]

 وبما أن الله تعهَّد بحفظ القرآن إذاً يجب أن تكون جميع النسخ متطابقة،
وهذا ما نراه بالفعل، وعلى الرغم من الجهود الكبيرة التي يبذلها
المشككون والملحدون، لم يتمكنوا من العثور على دليل واحد يستندون
إليه كدليل على أن القرآن محرف، ولذلك لجؤوا إلى الأحاديث الموضوعة
والضعيفة، وإلى القصص غير الصحيحة الموجودة في بعض كتب
التفسير لإثبات نظريتهم، وعلى الرغم من ذلك فشلوا في إقناع أحد
 بأن القرآن محرف.

الفرقان الحق يشهد على صدق القرآن!
ربما سمعنا جميعاً وبعضنا قرأ مقتطفات من كتاب بديل عن القرآن أسموه
"الفرقان الحق" في محاولة كلفتهم الملايين لتشكيك المسلمين بدينهم،
ولكن هذه المحاولة باءت بفشل ذريع، فالكتاب الذي بذل فيه مؤلفوه
جهوداً كبيرة جداً لم يفلحوا في نشره رغم الإمكانيات المادية الهائلة
والدعم الكبير الذي حظي به. والذي يتأمل هذه المحاولة يجدها مليئة
بالأخطاء والتناقضات، بل كان الواجب أن يطلقوا عليه اسم "أضحوكة
الفرقان الحق" لأنه كتاب مضحك، ولم يصدّقه أحد.

وهذا دليل مادي ملموس على استحالة الإتيان بمثل القرآن،
 يقول تعالى:

 { وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ
وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ *
فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ }
 [البقرة: 23-24].

 ونقول سبحان الله! حتى المحاولات التي يبذلونها للتشكيك
 في هذا القرآن تأتي لخدمة القرآن!

القرآن هو الكتاب الوحيد القابل للحفظ في الصدور
الكتاب الوحيد على وجه الأرض القابل للحفظ في الصدور هو القرآن،
فنجد عشرات الآلاف من الكبار والشباب والأطفال، يحفظون القرآن كاملاً،
بل ويحافظون عليه طيلة حياتهم، لا ينسون شيئاً منه. بينما لو توجهنا
بسؤال إلى رجال الدين من كل الديانات الأخرى: هل يوجد بينكم إنسان
واحد يحفظ كتابه كاملاً؟ لوجدنا الإجابة على الفور لا! والغريب أنه لا
يستطيع أي رجل دين غير مسلم أن يدعي أنه يحفظ كتابه كاملاً، لأنه
ببساطة يعتبر أن هذا العمل غير ضروري، بينما نجد المسلمين يعتبرون
أفضل وأجل الأعمال وأحبها إلى الله أن يحفظوا القرآن غيباً.
يوجد في العالم اليوم آلاف المخطوطات القرآنية في شتى بقاع الدنيا،
والمذهل أننا نجدها متطابقة تماماً، مع اختلاف بسيط في رسم بعض
الكلمات أو نوع الخط أو حجم الصفحة ولكن الكلمات المكتوبة ذاتها في
جميع النسخ، والمعنى اللغوي لها نفسه في جميع النسخ، وهذا يشهد
على أن القرآن محفوظ برعاية الله تعالى.

وهنا ربما ندرك معنى جديداً للآية الكريمة:

{ إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ }
 [الحجر: 9]

، فكلمة (لَحَافِظُونَ) تعني حفظ القرآن في الصدور وفي السطور، فهو
كتاب محفوظ منذ نزوله وحتى يرث الله الأرض ومن عليها. ولكن ماذا
عن بقية الكتب وأهمها الكتاب المقدس؟ ماذا يقول المختصون عنه،
وما هي آخر الأبحاث العلمية حول ذلك؟باحث أمريكي يؤكد أن الكتاب
المقدس الحالي لا يمكن أن يكون من عند اللهيؤكد علماء الغرب اليوم،
 بل وكثير من رجال الدين عندهم، أن الكتاب المقدس محرف، وأن هناك
الكثير من التعديلات التي أُجريت على هذا الكتاب طيلة القرون الماضية.
وفي مقالة نشرت على بي بي سي يصرح بعض العلماء المختصين
بدراسة مخطوطات الكتاب المقدس القديمة، أنه هناك اختلافات كبيرة على
 مر العصور بين النسخ، ولا توجد مخطوطتين متطابقتين، بل هناك زيادة
وحذف مستمر.

 ويقول David Parker أحد المختصين بدراسة المخطوطات:
 يجب أن نأخذ بعين الاعتبار أن -الكتاب المقدس- هو نص حيوي يتغير
باستمرار من جيل لآخر في محاولة لفهم ما يظنه الناس عن الله.

إن المخطوطة التي عثر عليها منذ 160 سنة يحاول العلماء اليوم
عرضها لتكون متوافرة على الإنترنت، ويمكن لأي شخص أن يطلع
عليها، وهي كتاب سيناء أو 'Codex Sinaiticus' والتي كُتبت قبل
أكثر من 1500 سنة، أي قبل الإسلام، وتحوي معلومات تختلف عن
الإنجيل الحديث اختلافاً جذرياً. فالاختلافات الكثيرة التي نراها ونلمسها
في نسخ الكتاب المقدس تؤكد أنه من عند غير الله، أي أنه محرف،
والكتاب الأصلي المقدس الصحيح غير موجود حالياً، أما الكتاب المقدس
الصحيح والوحيد الموجود بين أيدينا هو القرآن، ولذلك يجب على
 كل حائر أو متردد أن يتبع هذا القرآن، لأنه الكتاب الحق.

يقول البروفسور الأمريكي Bart Ehrman المختص
 بعلم اللاهوت ورئيس قسم دراسات العهد الجديد:

The Bible we now use can't be the inerrant word of God.

لا يمكن أن يكون الكتاب المقدس الذي بين أيدنا الآن كلمة الله! ثم يقول:

When people ask me if the Bible is the word of God
I answer 'which Bible?

عندما يسألني الناس: هل الكتاب المقدس هو كلمة الله، أجيب أي كتاب؟
لأننا أمام آلاف المخطوطات وكل مخطوطة تختلف عن الأخرى.

 ويصرح هذا البروفسور الذي يشغل منصب أستاذ الدراسات الدينية
في جامعة كرولاينا الشمالية يؤكد مراراً وتكراراً بأنه تعمق لأكثر من
عشرين عاماً في دراسة الكتاب المقدس، وخرج بنتيجة ألا وهي أنه فقد
إيمانه بهذا الكتاب، لماذا؟ لسبب بسيط وهو أن الكتاب المقدس الحالي
مليء بالتناقضات والاختلافات!

القرآن يتحدث عن التحريف المستمر للتوراة والإنجيل
يؤكد هذا الباحث ما أكده القرآن قبل 14 قرناً أن الكتاب المقدس خضع
للتحريف المستمر من قبل مئات الكتَّاب الذين تعاقبوا عليه، وهذا يتطابق
مع النص القرآني، لنتأمل هذه الآيات التي تصور لنا عمليات التبديل المستمرة:

1- { يَسْمَعُونَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ }
[البقرة: 75].

2- { مِنَ الَّذِينَ هَادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ }
[النساء: 46].

3- { فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً
 يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ }
 [المائدة: 13].

4- { يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَوَاضِعِهِ }
 [المائدة: 41].

وانظروا معي إلى كلمة (يُحَرِّفُونَ) تأتي دائماً بصيغة الحاضر أي
الاستمرار ليدلنا الله تعالى على أن التبديل مستمر. ولو كان النبي
 صلى الله عليه وسلم يريد الشهرة والمال كما يدعون، لوافق اليهود
والنصارى على كتاباتهم ليكسبهم إلى صفه، ولكن صاحب هذا الكلام
هو رب العالمين، والتوراة هي كتاب الله، ولكنه خضع للتحريف، فمنَّ الله
 علينا بهذا النبي الأميّ الذي بلَّغنا القرآن بحرفيته وبقي محفوظاً
 بقدرة الله إلى يومنا هذا.

الباحثون يعتمدون القاعدة القرآنية لكشف التحريف

يقول David Parker كنتيجة لبحثه في المخطوطة الجديدة:
Others may take it as more evidence that the Bible
is the word of man, not God.
آخرون يعتبرون (هذه الاختلافات) كدليل إضافي على أن الكتاب
 المقدس هو كلمة البشر، وليس كلمة الله.

إذاً الباحثون اليوم يتبعون قاعدة ذهبية لكشف التحريف من خلال
التناقضات والاختلافات، وهذه القاعدة وضعها القرآن قبل 14 قرناً،
 وهنا يتجلى قول الحق تبارك وتعالى عن كتابه:

 { وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا }
[النساء: 82]

 أي أن الكتاب الإلهي يجب أن يكون خالياً من الاختلاف والتناقض،
 أما الكتاب المحرَّف فنجده مليئاً بالتناقضات، وهذا ينطبق على التوراة الحالية.

يقول Ehrman إن الكتاب المقدس هو كتاب إنساني جداً، وكل بصمات
الإنسانية واضحة فيه، فهو مليء بالتناقضات والأخطاء، وقد اشترك في
تأليفه العديد من البشر وخضع لكثير من التبديل والحذف والإضافة، وكل
واحد كان يضع وجهة نظره البشرية، حتى إننا لا نجد أي أثر لنص إلهي،
ولذلك فقدتُ إيماني بهذا الكتاب، ولكن إذا كان يوجد إله للكون فمن المؤكد
أنه غير الإله الذي يتحدث عنه الكتاب المقدس!!

وتأملوا معي كيف يعتمدون القاعدة القرآنية
 لمعرفة مصدر أي كتاب:

{ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا }

المتابعون

أرشيف المدونة الإلكترونية