الخميس، 14 سبتمبر 2023

 هذا الحبيب  «  ٦٩  »

السيرة النبوية العطرة 

(إسلام عمر بن الخطاب رضي الله عنه كاملة ، وصفاته ) ..

___________________________

حدثتكم من قبل عن قصة إسلام {{ حمزة بن عبدالمطلب }} عم النبي صلى الله عليه وسلم ..

وكيف أنه بإسلام حمزة رضي الله عنه ، أعز الله الإسلام كثيرًا ؛ لأن حمزة كان كما ذكرنا من قبل ، هو أقوى رجل في قريش ، هو فتى وفارس قريش ..

وبعد ثلاثة أيام فقط من إسلام حمزة ، آمن رجل عظيم آخر .. 

وبإيمان هذا الرجل الجديد ، غير الله تعالى به حركة التاريخ .. إنه {{ عمر بن الخطاب }} ..

___________________________

بقي النبي صلى الله عليه وسلم في مكة ، وهاجر عدد من الصحابة إلى الحبشة كما ذكرنا سابقا .. 

وبعد خروجهم بسبعة أيام ، كان الصحابة جالسين ، وكان الرسول صلى الله عليه وسلم قائما يصلي ، يناجي ربه في جوف الليل ويتوجه إليه بالدعاء قائلا : اللهم أعز الإسلام بأحب الرجلين  إليك ، عمرو بن هشام [[ يعني أبا جهل ]] أو عمر بن الخطاب ..

ذلك لأن الدعوة إلى الإسلام فى هذه الفترة ، كانت تمر بلحظات شديدة الحرج ..

ودعاء الرسول صلى الله عليه وسلم ، أن يدخل الإسلام 

عمرو بن هشام أو عمر بن الخطاب رضي الله عنه ؟؟.. لأن كلا منهما ، كان له شأن كبير فى مكة ، ودخول أحدهما فى الإسلام من شأنه أن يساند الدعوى ، خاصة فى هذه الفترة الحرجة التى واجهت فيها الدعوة للإسلام حربا شرسه من قريش .. 

  

[[ يعني الرسول صلى الله عليه وسلم يترك الاختيار لله ، أنت أعلم يا رب أي الرجلين في قلبه الخير ]] ..

___________________________

من هو عمر بن الخطاب :

هو الصحابى الجليل أمير المؤمنين ، عمر بن الخطاب بن نفيل القرشى العدوى .. الملقب بأبى حفص ،،


وصف عمر بن الخطاب : 

  عمره عندما أسلم .. إختلف عليه رواة السيرة اختلافا كبيرا وتباينت آراؤهم ، قيل {{ ٣٦ عاما }} على الأرجح .. وقيل ٢٦ أو٢٧ عاما وقيل ثلاثون عاما  ((لأول مرة أجد آراء رواة السيرة تتباين لهذه الدرجة)) .. وكان رضى الله عنه معروفاً بالقوة البدنية ، وكان طويلا جدا ، حتى قيل أنه إذا ركب فرسه بلغت قدماه الأرض .. وقيل أنه كان يمارس رياضة {{  المصارعة }} ..

 وكان أبيض البشرة ،

 أصلع طويل اللحية ..

من نظر إليه أو تعامل معه ، يعلم قوته وحزمه وصرامته .. لم يمش مع أحد من قريش إلا كان أطولهم ، وكان يُسرع فى المشي وله هيبته وجهوري الصوت .. وهو ثانى الخلفاء الراشدين بعد أبي بكر الصديق رضى الله عنه ، وأحد العشرة المبشرين بالجنة .. وهو أول من نودى بلقب أمير المؤمنين ، فكان الصحابة ينادون أبا بكر  بخليفة رسول الله .. وبعد تولي عمر الخلافة ، اتفق الصحابة على تغيير الاسم إلى أمير المؤمنين .. وكان رضى الله عنه بعد إسلامه قاضيا خبيرا ، وقد اشتهر بعدله وإنصافه للناس من المظالم سواء كانوا مسلمين أوغير مسلمين .. وقد تجلى ذلك بوضوح خصوصا بعد توليه الخلافة ، فكان ذلك أحد أسباب تسميته بالفاروق ، لتفريقه بين الحق والباطل رضى الله عنه وأرضاه ...

___________________________

 عمر بن الخطاب ، كان له منزلة رفيعة في قريش قبل إسلامه ..

وقد عمل بالتجارة

 وربح منها الكثير فأصبح من أغنياء قريش .. وبرغم صغر سنه ، إلا أنه حظى بمكانة كبيرة في قريش .. فكانوا يقصدونه ؛ ليقضي لهم في الخصومات ..

وكانت قريش ترسله سفيرا لها إذا حدثت هناك مشكلة بينها وبين قبيلة أخرى ..

وعندما جاء الإسلام ،كان عمر من أشد قريش عداوة للمسلمين وبطشا بهم ، وكان ممن شارك في تعذيب ضعفاء المسلمين بيده ..

وكان كثير التضييق على الرسول صلى الله عليه وسلم ، لدرجة أنه كان يسير خلف الرسول صلى الله عليه وسلم ، بغرض منع الناس من الحديث إليه ، أو الاستماع له ، فلا يتركه إلا عند دخول الرسول صلى الله عليه وسلم إلى بيته .. حتى أن الرسول  التفت إليه ذات يوم وقال له : يا عمر ، ألا تتركني ليلا ولا نهارا ؟؟..  

لذلك وكما نعرف .. أن عمر في الإسلام ، كان يبكي كثيرا ، وعند موته بكى وقال ويل لعمر إن لم يغفر له رب عمر .. 

{{ الكثير من الصحابة الذين أسلموا متأخرين ، كانوا كلما تذكروا بداية الدعوة للإسلام ، وكم تأخروا في ظلام الشرك ، ومواقفهم من معاداة النبي صلى الله عليه وسلم قبل إسلامهم ، كانوا يبكون ندما على كل لحظة فاتتهم ، ويرجون غفران الله لهم رضي الله عنهم وأرضاهم جميعا }} ..

___________________________

عمر بن الخطاب في يوم من الأيام تعرض للرسول صلى الله عليه وسلم ، كما كان يفعل كل يوم .. فذهب إلى بيته فوجده قد خرج إلى الكعبة ووقف يصلي عندها .. فجلس خلفه ينتظر حتى يكمل صلاته ، وكان صلى الله عليه وسلم يقرأ سورة{ الحاقة } 

 يقول عمر : فجعلت أتعجب من نص القرآن ، وقلت : ما هذا والله؟.. هل هو شاعر كما تقول قريش ،  فقرأ الرسول { إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ   وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلًا مَا تُؤْمِنُونَ } ..

فقلت في نفسى : بل هو كاهن .. فقرأ الرسول :  { وَلَا بِقَوْلِ كَاهِنٍ قَلِيلًا مَاتَذَكَّرُونَ } .. يقول عمر ، فوقع في قلبي شيء من الإسلام .. [[ سبحان الله اهتز قلبه ، لأن الله اختار هذا القلب من الأزل ، ليجعله قلب من قلوب أحبابه ]]

___________________________

الرسول عندما كان يدعو أن يعز الله الإسلام  بأحب الرجلين إلى الله ، عمرو بن هشام (أبو جهل) أو عمر بن الخطاب .. كان جالسا  مع الصحابة في دار الأرقم .. وكان ممن معه {{ خباب بن الأرت }} .. وكان خباب قد كلفه النبي صلى الله عليه وسلم بمهمة تعليم القرآن لفاطمة بنت الخطاب [[ أخت عمر بن الخطاب ]] وزوجها سعيد بن زيد [[ وهو ، ابن .. ابن عم عمر بن الخطاب ]] .. وكانوا قد أسلموا ويكتمون إسلامهم بأمر من النبي خوفا عليهم من بطش عمر بن الخطاب ...

 ذلك لأنهما يعلمان جيدا أن عمر لن يقبل بذلك ، ولربما قتلهم من غير تعذيب .. [[ وقد ذكرت لكم من قبل هذه الحادثة باختصار ، فى حلقة تعذيب خباب ]] ..

 فأمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ،   ألا يعلنوا إسلامهم .. وقال لهم : أنا سأرسل لكم خباب إلى البيت يعلمكم القرآن .. وحدث أن كان خباب في بيت سعيد وزوجته فاطمة أخت عمر بن الخطاب يعلمهم القرآن .. 

___________________________

وكان قدر وإرادة الله سبحانه ، أن عمر في هذه الليلة ، في قهر وغضب شديدين ..

لأنه قبل ثلاثة أيام أسلم حمزة بن عبد المطلب ، وكان قد ضرب أبا جهل بقوسه فشج رأسه أمام الجميع [[ وأبو جهل يعتبر من أخوال عمر ،  أم عمر كانت بنت عم أبو جهل ]] ..

فغضب عمر لذلك الأمر ، وكان مقهورا .. بحث عن صديق يجلس معه ويشرب الخمر  فلم يجد .. ذهب للحانة فوجدها مغلقة ، ذهب لنادي قريش فوجدهم جميعا متفرقين ومهمومين .. الكل يفكر كيف يعيدون هؤلاء الذين هربوا إلى الحبشة من أتباع محمد ؟؟ 

فقال لنفسه وقد اشتعل غضبا .. من محمد هذا ؟؟ .. لقد سفه أحلامنا وكفر آبائنا وفرق جماعتنا ، ألا يوجد رجل يقتله ؟

ثم قال : ولما لا أكون أنا ؟؟ 

فقرر أن ينهي بنفسه هذا الصراع والانقسام الذي كانت عليه قريش ، وأراد أيضا أن ينتقم  لإهانة خاله أبي جهل .. 

 فقرر أن يقوم بالأمر الذي لم تستطع قريش كلها أن تقوم به ، وهو قتل النبي صلى الله عليه وسلم .. 

__________________________

خرج عمر من بيته حاملا سيفه ومبيتا نية قتل النبي عليه الصلاة والسلام ، وفي طريقه اعترضه رجل من بني زهرة فقال له : أين تذهب يا عمر ، فأخبره بنيته قتل النبي الكريم ، فحذره الرجل من ذلك ، وبين له أنّ بنو هاشم وبنو زهرة لن يسكتوا على هذا العمل ، كما أخبره بأنّ أخته وزوجها قد أسلما .. وما إن سمع عمر بخبر إسلام أخته حتّى توجه إلى بيتها غاضبا ، وما إن وصل إلى باب بيتها ، حتّى أحس خباب بن الأرت (وهو يُعلّم القرآن لأخته وزوجها)  بقدومه ، فاختبأ في البيت .. ثمّ اقتحم عمر البيت فقال له زوج أخته أرأيت يا عمر إن كان الحق في غير دينك؟ ، فغضب عمر من قوله ووطئه وطئاً شديداً (أى داسه بقدمه) ، ثمّ طلب عمر أن يعطوه القرآن الذي كانوا يقرأون منه .. فقالت له أخته ، إنك مشرك وإن هذا القرآن لا يمسه إلا المطهرون ، فتوضأ عمر ثمّ قرأ من سورة طه حتّى وصل إلى قوله تعالى : (إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي) .. فقال : دلوني على محمد ، فدلوه على الدار التي كان فيها (دار الأرقم) .. هنا خرج خباب من مخبئه بعد أن اطمأن بسماع الحوار الذى دار بين عمر وأخته ، ودعى لعمر بالهداية ... فخرج عمر من بيت أخته متوجها إلى الدار التي يجتمع فيها المسلمون ، وعندما وصل إليها خشي المسلمون من نيته .. فقال حمزة إن كان يريد الإسلام يكن ذلك خيرا له ، وإن يرد غير ذلك يكن قتله هيناً علينا .. ثمّ خرج النبي الكريم إليه فأخذه من مجامع ثوبه فهدده وخوفه ثمّ دعا الله أن يهديه ، فقال عمر أشهد أنّك رسول الله ثمّ أعلن إسلامه ..

__________________________

فرح المسلمون بإسلام عمر فرحاً شديداً .. وكانت أولى كلمات عمر بن الخطاب رضي الله عنه التي خاطب بها النبي الكريم قوله : ألسنا على الحق يا رسول الله؟ ، فأجابه النبي بلى .. فقال عمر : ففيم الاختفاء؟.. فخرج المسلمون من دار الأرقم إلى البيت الحرام فى كتيبتين ، كتيبة يتقدمها عمر بن الخطاب ، والأخرى يتقدمها حمزة بن عبد المطلب ... ومنذ ذلك الوقت والمسلمون يظهرون إسلامهم ، ويمارسون شعائره أمام أعين المشركين بلا وجل أو خوف ،،،



ليست هناك تعليقات:

المتابعون

أرشيف المدونة الإلكترونية