الأربعاء، 5 نوفمبر 2008

رحيل الدكتور المسير

د. محمد المسير عالم الأزهر في ذمة الله

جمال السيد


Image
الشيخ المسير
القاهرة – شيعت اليوم الأحد جنازة الدكتور محمد أحمد المسير، أستاذ العقيدة والفلسفة في كلية أصول الدين بجامعة الأزهر، والذي يعد من أعلام العمل الدعوي، بعد حياة حافلة بالعطاء اتخذ خلالها مواقف صريحة أدخلته في معارك مع قيادات بالأزهر.

وخرجت الجنازة من الجامع الأزهر، وشهدت حضورا كثيفا من علماء الأزهر، سواء ممن اختلف معهم الراحل، وعلى رأسهم الدكتور محمد سيد طنطاوي، شيخ الأزهر، أو من قياداته المباشرة في الجامعة، وعلى رأسهم الدكتور أحمد الطيب، رئيس الجامعة.

وشارك أيضا نواب رئيس الجامعة وعمداء الكليات وطلاب مصريون ومن المبعوثين للدراسة في الأزهر، والذين سجلوا حضورًا كثيفا على غير العادة، تقديرا لمكانة د. المسير في العالم الإسلامي، وليس في مصر فقط.

شارك:

كذلك حرصت على المشاركة قيادات دينية سابقة، من بينها الدكتور نصر فريد واصل، مفتي مصر الأسبق، والدكتور أحمد عمر هاشم، الرئيس السابق لجامعة الأزهر، ورؤساء الجمعيات الدينية في مصر، وعلى رأسها الجمعية الشرعية، التي نقلت بسيارتها جثمان الراحل إلى مسقط رأسه في قرية كفر طبلوها مركز تلا بمحافظة المنوفية في دلتا النيل.

وكانت صحة د. المسير قد تدهورت بشكل كبير خلال الأشهر الأخيرة؛ بعد إصابته بتليف في الكبد، مما تطلب دخوله المستشفى أكثر من مرة.

ومؤخرا سافر إلى الصين لإجراء عملية زراعة كبد، لكن الأطباء رفضوا إجراءها؛ نظرا لتدهور حالته الصحية بشدة، ونصحوه بالعودة إلى مصر، وما هي إلا أيام معدودات حتى انتقل إلى جوار ربه.

اختلاف بلا تطاول

مشاركة واسعة في تشييع جثمانه

واتسم د. المسير بالجرأة في الحق والدفاع عنه مهما كان الثمن، ولم يخرجه اختلافه مع الآخرين عن عفة لسانه، فلم يتطاول على المخالفين له في الرأي، ومن أبرزهم الشيخ طنطاوي، منذ أن أفتى –حين كان المفتي- بأن فوائد البنوك حلال، وهو ما عارضه بشدة د. المسير وعلماء آخرون.

كما اختلف د. المسير مع الدكتور محمود زقزوق، وزير الأوقاف، بسبب دعوة الأخير إلى توحيد الأذان، إذ اعتبر الراحل أن ذلك يمثل تعطيلا لشعيرة إسلامية لها ثواب عظيم؛ لأن صوت المؤذن عبر الأجهزة الحديثة المستخدمة في الأذان الموحد لا يُعد أذانًا، وإنما هو صدى صوت ونقل لذبذبات صوتية لا تغني عن الأذان المباشر في كل مسجد، مضيفا أنه على الوزارة أن تبحث عن الأصوات الندية لرفع الأذان في المساجد، بدلا من الأذان الموحد.

ونشأ د. المسير في بيت أزهري، وورث العلم أبا عن جد، حيث كان من كبار علماء الأزهر، وظهر نبوغه مبكرًا، فكان الأول في الثانوية الأزهرية على مستوى الجمهورية، ثم التحق بكلية أصول الدين، وتخصص في قسم العقيدة، حتى وصل إلى درجة الأستاذية، وتسابقت عليه الجامعات للتدريس فيها.

وعمل د. المسير أستاذًا للعقيدة والأديان في كلية الدعوة وأصول الدين بجامعة أم القرى السعودية، ما بين عامي 1993- 1998، بعد أن عمل رئيسًا لقسم اللغة العربية والدراسات الإسلامية في كلية التربية بجامعة الملك عبد العزيز في المدينة المنورة لمدة أربع سنوات بداية من عام 1983.

وشارك د. المسير في عشرات المؤتمرات داخل مصر وخارجها بأبحاث كان بعضها نواة لكتب عالج فيها القضايا المطروحة على الساحة في حينها، وتجاوزت مؤلفاته الـ40 كتاب

رحيل الدكتور المسير

جمال سلطان : بتاريخ 5 - 11 - 2008
كنت إذا نظرت إلى وجهه في شاشة التلفاز أو في محاضرة أو لقاء فكري يدهشك بروح البراءة الطفولية التي تخترق القلب بكل سهولة ، فلا تملك إلا أن تحبه وتثق فيه حتى من قبل أن يتكلم معك أو مع من حولك ، هكذا كان العالم الراحل الجليل الدكتور محمد سيد أحمد المسير ، لم تكن لي به صلة وثيقة ، ولا أذكر أني قابلته بشكل شخصي سوى مرة واحدة عندما أجريت معه حوارا حول كتابه "الحوار بين الجماعات الإسلامية" في قناة اقرأ قبل حوالي عشر سنوات على ما أذكر ، كان إذا تحدث إليك امتلأت نفسك بالسكينة والطمأنينة ، وتشعر بأنك أمام حالة علمية بالغة الشفافية ، يتكلم بتلقائية شديدة وبدون أي تكلف ، لا في حركاته ولا في عباراته ولا في القضايا التي يطرحها ، بساطته وجديته وتواضعه وأدبه الواضح وخلقه الرفيع وتساميه في الخلاف والخصومة كلها كانت صفات ملاصقة له ، تستطيع أن ترصدها في حواراته الإذاعية أو كتاباته ومقالاته ، وهذا المزيج من الصفات كان يمنح آراءه قوة إقناع وقبول كبيرين في أوساط الناس على مختلف المستويات ، كما كان محبوبا من الجميع ، وكان الرجل متجردا للحق ولدعوة الحق ولنصرة الحق ، أيا كانت العواقب والتبعات ، ولم يمنعه الحرج أو خوف سلطة روحية أو سياسية أن يتصدى لبعض القضايا التي كانت جهات رسمية تحاول فرضها على الضمير الإسلامي ، وشهيرة هي قصة خلافه مع الشيخ محمد سيد طنطاوي شيخ الأزهر حول قضية ربا البنوك ، ولعل الله قد أقر عينه قبل وفاته بالاعتراف العالمي بجناية "الاقتصاد الربوي" على الإنسانية ، من خلال الانهيار الاقتصادي الكبير الذي كان أشبه بالزلزال الذي ضرب العالم مؤخرا ، وكان جوهر الكارثة ممثلا في "آفة فوائد البنوك" ، تصدى الرجل بكل قوة لآراء شيخ الأزهر التي كانت تصادف هوى واضحا لدى السلطة السياسية ، كذلك تصدى للدكتور محمود حمدي زقزوق في قضية الآذان الموحد ، وكانت له صولات وجولات في التصدي لبعض مظاهر "النزق" الفكري المنتسب إلى الدين وعلوم الدين ، وهو النزق الذي كان ـ وما يزال ـ يروج له بعض من طفحوا على سطح "الإعلام" مؤخرا متحدثين باسم الإسلام ، والإسلام وعلومه منهم براء ، المسير كان تخصصه الأساس هو العقيدة والفلسفة وكان أستاذا لهما في كلية أصول الدين ، وكان آية في مقارنة الأديان وفي معالجة قضايا الفكر المعاصر ، ومع ذلك كان إذا تكلم في الفقه يفوق الكثيرين من المتخصصين في الفقه وأصوله أو التفسير ، كان عقلية مرتبة للغاية ، كما كان غزير العلم ، لم تكن تحتاج إلى كثير وقت لكي تدرك أنك أمام عالم من الراسخين في العلم ، وهو أمر يتصل عادة بمرحلة التأسيس المبكرة في طلب العلم ، وهي قاعدة مضطردة في هذه النوعية من العلماء الأعلام في كل فن ، عادة تجدهم من المتفوقين في صباهم ومرحلة طلبهم العلم ، وهكذا كان الدكتور المسير الذي كان الأول على الجمهورية في الثانوية الأزهرية ، وظلت "بصمة" النبوغ والتفوق بارزة في مسيرته العلمية حتى وفاته ، وكان ختام أعماله ، والأعمال بخواتيمها ، مشروعه الإنساني الكبير للدعوة إلى إحياء فضيلة الحياء في المجتمع ، والذي أتمنى أن ينشط له من الرجال والنساء من يبقونه حيا ويعززون تلك الدعوة ويؤسسون لها المؤسسات الداعمة ، فأمتنا ومجتمعاتنا أحوج ما تكون إلى هذا الخلق الكريم في زمن البجاحة والإسفاف وذهاب المروءات ، ونجاحنا في إكمال هذه الدعوة وتفعليها هو أحسن عزاء نقدمه إلى صاحبها الراحل الكريم ، كما أنها قطعا إحياء سنة نبوية كريمة ، .. خسرنا كثيرا بوفاة المسير ، ولكنها سنة الحياة "قل إن الموت الذي تفرون منه فإنه ملاقيكم" ، رحمه الله رحمة واسعة ، وجزاه عن أمته ومجتمعه خير الجزاء .

د. المسير يطالب بدعم حملة لنشر الحياء بمصر

[18:19مكة المكرمة ] [19/06/2008]

كتبت- سندس سليمان

د. محمد المسير

طالب الدكتور محمد المسير أستاذ العقيدة بجامعة الأزهر مؤسسات المجتمع المدني بدعم حملةٍ لنشر الحياء بالشارع المصري، مشيرًا إلى أن هناك أسبابًا رئيسيةً وراء إطلاق الحملة؛ أبرزها ما تنشره وسائل الإعلام من فضائح تتعلق بزي المرأة، والتي تخدش الحياء وتدعو إلى العُرْي والإباحية، والتي تسللت بأياديها المخربة إلى الشباب داخل أسوار الجامعة حتى تحوَّلت الجامعات إلى ما يُشبه "الكباريه"، واكتظَّت الشواطئ المصرية بالمشاهد المخلِّة بالآداب.

وقال "إن الوضعَ في الشارع المصري أصبح يؤرق الجميع من كثرةِ ما بدا يطفو على السطح من تصرفاتٍ كانت تتوارى خجلاً، ولكنها تحوَّلت الآن إلى ظاهرةٍ يُجاهر بها العديد على مرأى ومسمعٍ من الجميع".

وأضاف أنه لم يتم إطلاق الحملة بعدُ، وأنها ما زالت في مرحلةِ الإعداد، وتلقَّى الدكتور المسير العديد من المكالمات الهاتفية من عددٍ كبيرٍ من الأفراد يُعلنون تضامنهم ودعمهم للحملة، إلا أنه أشار إلى ضرورة دعم مؤسسات المجتمع والجمعيات والهيئات التي تتولى آليات تنفيذ برنامج الحملة، والذي وضع تصورًا له يتلخص في ضرورة وضع ميثاق شرفٍ إعلامي يُجرِّم نشر مثل هذه التصرفات، بالإضافةِ إلى تفعيل دور المحاضرات الدينية في النوادي ومراكز الشباب، واقترح وضع كاميرات مراقبة على الشواطئ لمعرفةِ ما يجري بهذه الأماكن.

ووصف المسير هذه الحالة من تردي الأخلاق في الشارع المصري بأنها نذيرُ بلاءٍ للأمة، وعلى كلِّ مسلمٍ أن يتصدَّى لها من باب إنكار المنكر؛ تنفيذًا لحديث النبي- صلى الله عليه وسلم-: "من رأى منكم منكرًا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه؛ وذلك أضعف الأيمان" (رواه أبو سعيد الخدري)، مشددًا على ضرورةِ التصدي لهذه الإباحية بالنصيحة أولاً، ثم بالعقوبة القانونية ثانيًّا.



الحياء.. من منظومة الأخلاق الإسلامية


المتابعون

أرشيف المدونة الإلكترونية