الخميس، 14 سبتمبر 2023

 هذا الحبيب  «  ٧٣  »

السيرة النبوية العطرة (( النجاشي الملك العادل )) ..

___________________________

 قال النجاشي بعد ما سمع القرآن من جعفر :

{{ إن الذي جاء به نبيكم وجاء به عيسى يخرج من مشكاة واحدة }} ..

[[ يعني نور مصدره وإشعاعه من مكان واحد ]] .. انطلقوا أنتم الآمنون ، ثم نظر  لعمرو وقال : لن أسلمهم يا عمرو ولا بجبل من ذهب ، وانفض المجلس وخاب عمرو .. 

 ولكنه داهية العرب لم يستسلم من الجولة الأولى .. 

قال : سأغدوا غداً إلى النجاشي ، وأوقع جعفر ومن معه بمسألة مع النجاشي لم تخطر ببالهم .. [[ النجاشي وقومه يعبدون المسيح عيسى بن مريم ، فهو في نظرهم إله ]] ..

 فذهب إلى النجاشي في اليوم الثاني ..

___________________________

وقال : أيها الملك أنا على سفر ، وجئت أودعك .. ولكن للأمانة والعلاقة والصداقة التى بيني وبينك ، لا أستطيع أن أخفى عنك شيء فى نفسى .. قال النجاشى : وما هو ؟

قال : إن هؤلاء الجماعة يقولون عن المسيح قولاً ، لا ترضى به أبداً ، وربما يؤثر عليكم ، (وتعمد أن يتحدث عن هذا الموضوع فى وجود البطاركة) .. 

قال : ما يقولون تكلم؟!! 

قال : لا أدري أنت إسألهم ، ولكنى سمعتهم يقولون ، أن عيسى بشر كسائر البشر .. فغضب النجاشي ، وأرسل يستدعى المهاجرين مرة ثانية لسؤالهم .. 

___________________________

فتشاور الصحابة قبل الذهاب .. ماذا نقول للملك ؟؟.. [[ وهذا درس لكل مسلم ، لا مجاملة في دين الله ]] .. لأن الإسلام دين الحق ، منذ خلق الله آدم إلى أن تقوم الساعة ، شاء من شاء وأبى من أبى .. 

بسم الله الرحمن الرحيم .. {{ إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ ۗ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِن بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ ۗ وَمَن يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ }} صدق الله العظيم ،، 

هم يقولون : أن الله عزوجل ، ثالث ثلاثة!!! 

والله عزوجل يقول : {{ لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا ۚ فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ }} صدق الله العظيم ،،

ويقول عز وجل {{ قل هو الله أحد }} ..

أحد ، أحد ، يا خير أمة ، لا شريك له في الملك .. 

__________________________

تشاور الصحابة : ماذا نقول للملك وهو يعبد المسيح ، ويعلق على صدره الصليب ؟!!..

 قال جعفر : والله لا أقول له إلا ما أنزل الله ، لا نغير من ديننا أى شيء ..فذهب جعفر لمقابلة النجاشى ، وحضر الأساقفة والبطاركة ، وجاء النجاشي ، وأيضا حضر عمرو بن العاص وعبد الله بن ربيعة .. 

قال النجاشي : يا جعفر ، ماذا تقول في المسيح ؟؟..

قال : أقول فيه ما أنزل الله على نبينا : هو عبد الله ورسوله وروحه وكلمته ألقاها إلى مريم العذراء البتول .. ((جعفر والصحابة لاجئين عندهم ، تخيلوا وفي حمايتهم !!! لكن لا مجاملة في دين الله )) ...

___________________________

 لما سمع النجاشي كلام الله من عبد صادق الإيمان بالله .. قام ومد يده إلى الأرض فأخذ منها عودا ، و خط به على الأرض وقال : لم يتعدى المسيح هذا الخط [[ يعني الكلام الذي سمعته لم يتعدى المسيح أكثر من ذلك ، هو عبد الله ]] .. فتناخرت بطاركته حوله حين قال ما قال ، فقال لهم النجاشى : وإن تناخرتم والله .. (( تناخرت أى تكلموا كلاما فيه غضب وامتعاض ونفور )) ..

 ثم قال لجعفر : انطلقوا في أرضي فأنتم سيوم ( سيوم أى سالمين آمنين باللغة الأثيوبية ) .. 

من سبكم غرم !!

من سبكم غرم !!

من سبكم غرم !!

والتفت إلى البطاركة وقال : أرجعوا إلى عمرو هداياه .. 

ثم نظر لعمرو وقال له :  ارجع لقومك .. والذي نفسي بيده ، والذي وهبني المُلك من غير رشوة ، لا آخذ رشوة بعبد من عباد الله ..

ثم أشار النجاشي بأصبعه إلى الصحابة وقال مخاطبا عمرو بن العاص : يا عمرو ، هؤلاء الرجال خير عندي من جبال الأرض ذهباً ..

[[ هل رأيتم كيف أن دين الله حق ، لا يجب أن يكون فيه مجاملة ، كن مع الله العظيم تجد الله معك ]] ..

قالت أم سلمة (وكانت قد هاجرت مع زوجها فى الهجرة الثانية) .. قالت : فخرجا من عنده مقبوحين (تقصد عمرو بن العاص وعبد الله بن أبى ربيعة) ، مردودا عليهما ما جاءا به ، وأقمنا عنده بخير دار مع خير جار .. وللتذكرة ، فإن أم سلمة واحدة من أمهات المؤمنين ، تزوجها النبى صلى الله عليه وسلم فيما بعد ، بعد وفاة زوجها أبو سلمة ..

___________________________

وبعد أن حدث ماحدث بين النجاشى وعمرو بن العاص ، فى حضور البطاركة .. اجتمع أهل الحبشة يوماً فقالوا للنجاشي : «إنك قد فارقت ديننا» ، وخرجوا عليه ((أى ثاروا عليه يريدون خلعه وتولية ملك آخر بدلا منه)) .. فأرسل إلى جعفر وأصحابه ، فهيأ لهم سفناً ، وقال : «إركبوا فيها وكونوا كما أنتم ، فإن هُزمت فامضوا حتى تلحقوا بحيث شئتم ، وإن ظفرت فاثبتوا» .. ثم عمد إلى كتاب فكتب فيه : «أنه يشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمداً عبده ورسوله ، ويشهد أن عيسى بن مريم عبده ورسوله وروحه ، وكلمته ألقاها إلى مريم»، ثم جعله في قبائه عند المنكب الأيمن ((القباء هو ثوب يلبس فوق القميص ، والمنكب هو مكان التقاء عظمة الكتف بالعضد .. يعنى ممكن نقول بمسمياتنا إحنا ، أنه وضع هذا الكتاب فى جيب الصديرى الأيمن العلوى )) ... وخرج إلى أهل الحبشة ، وصفٌُوا له ، فقال : «يا معشر الحبشة ، ألست أحق الناس بكم؟»، قالوا : «بلى»، قال : «فكيف رأيتم سيرتي فيكم؟» ، قالوا : «خير سيرة» ، قال : «فما بالكم؟»، قالوا : «فارقت ديننا وزعمت أن عيسى عبد» ، قال : «فما تقولون أنتم في عيسى؟»، قالوا : «نقول هو ابن الله»، فقال النجاشي (ووضع يده على صدره فوق الكتاب الذى وضعه فى قبائه) : قال أنه «هو أيضا يشهد أن عيسى بن مريم» ، لم يزد على هذا شيئاً ، وإنما يعني ما كتب .. فرضوا وانصرفوا عنه ، واستمر فى منصبه بمشيئة الله وفضله ملكا على الحبشة ، نظير إيمانه ، ومساندته لهؤلاء المستضعفين من المسلمين المقيمين عنده ..

________________________________________________________


وقد أسلم النجاشي وصدق بنبوة النبي - صلى الله عليه وسلم - وإن كان قد أخفى إيمانه عن قومه ، لأنه يحكم دولة عقيدتها وكل أهلها من النصارى ، فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - : «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نعى النجاشي في اليوم الذي مات فيه .. وخرج بهم إلى المصلى فصف بهم ، وكبر عليه أربع تكبيرات» ..  وعن جابر - رضي الله عنه - قال : قال النبي - صلى الله عليه وسلم - حين مات النجاشي : «مات اليوم رجل صالح ، فقوموا فصلوا على أخيكم أصحمة» ... حدث ذلك فى المدينة ، قبل فتح مكة ،، 

رضي الله عنه وأرضاه ...


هذا الحبيب «  ٧٤  »

السيرة النبوية العطرة (( شعب أبو طالب )) ..

__________________________

رجع عمرو بن العاص خائباً من الحبشة .. 

[[ كي لا ننسى عمرو بن العاص هو صحابي جليل رضي الله عنه ، أسلم في السنة الثامنة للهجرة ، وكان له مواقف كثيرة في خدمة هذا الدين ، لا يسع المقام لذكرها ، ستكون في سياق السيرة إن شاء الله ، رضي الله عنه ]] ..

وتمتع المسلمون بالأمن والأمان في الحبشة ، ومارسوا شعائر دينهم في حرية تامة ، وكأن محاولة قريش لرد المسملين إلى مكة عادت بالفائدة على المسلمين .. فقد دخل النجاشي رحمه الله في الإسلام ، وهو من التابعين ؛ لأنه لم ير النبي صلى الله عليه وسلم ، ولم يأخذ منه .. ولكنه أسلم ورأى الصحابة وأخذ منهم ، رحمه الله ..

أما من أسلم ورأى الرسول صلى الله عليه وسلم يسمى {{صحابي }}

ونقول رضي الله عنه ،

ذلك لقوله تعالى : {{ وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ }} ..

هؤلاء رضي الله عنهم بشهادة من الله عز وجل ..  

و ظل المسلمون في الحبشة ، وعملوا كما ذكرنا بالتجارة والصناعة والزراعة، وظلوا هناك حتى بعد هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم إلى المدينة المنورة ، وبعد أن غادر جميع المسلمين الحبشة .. مات النجاشي ، وكأنه مات بعد أن أدى دوره في خدمة الإسلام ، وحماية المهاجرين المسلمين فى الحبشة .. وكما ذكرنا من قبل عندما علم النبى بنبأ وفاته ، صلى عليه ومعه المسلمون صلاة الغائب ...

___________________________

نعود مرة أخرى ، إلى مكة ومقاطعة قريش لكل من بني هاشم وبني المطلب ، مسلمهم وكافرهم كلهم سواء ..

قلنا من قبل ، أن أبا طالب جمع قومه واستجاب له بنو المطلب أبناء العم ، واتفقوا على حماية النبى عليه الصلاة والسلام من بطش قريش .. وخالفهم أبناء أعمامهم من بني عبد شمس وبني نوفل فوقفوا مع قريش .. وبالطبع ، لم يتخل عن الهواشم إلا رجل واحد فقط هو أبو لهب .. 

 وكان اجتماعهم مع أبي طالب ، بعد أن علموا أن قبائل قريش تريد قتل النبي صلى الله عليه وسلم ..


ثم أقدم أبو طالب على عمل الغرض منه تهديد قريش وسادتها ، وتحذيرهم من محاولة الاقتراب من النبى صلى الله عليه وسلم ، أو النيل منه .. جمع أبو طالب رجال بنى هاشم وبنى المطلب ، وقال لهم : كل منكم عليه أن يحمل سيفه ، ويخفيه في ملابسه ..  

وأمرهم أن يقف كل واحد منهم ، خلف رجل من سادة قريش ، وحدد لكل واحد منهم اسم ، أنت تقف خلف فلان من سادة قريش وأنت خلف فلان ، وأخبرهم بعلامة معينة ، وقال لهم : عندما ترون مني هذه العلامة ، يرفع كل منكم سيفه فوق رأس من يقف خلفه .. فقام أبو طالب وأبناء عمه إلى الكعبة ، ودخلوا بين أستار الكعبة وجدرانها 

وعاهدوا الله أنهم {{ لن يسلموا محمد لشيء يكرهه ما دامت فيهم عين تطرف }} ..

___________________________

ثم أخذ أبو طالب النبي صلى الله عليه وسلم من يده ، ووقف بجانبه عند الكعبة .. ونادى يامعشر قريش .. فاجتمعت قريش وسادتها عند الكعبة .. 

فقال أبو طالب : يا معشر قريش ، أتدرون ما هممت به ؟ قالوا : لا 

ثم أشار إلى بني هاشم بالعلامة المتفق عليها ، فأخرج كل شاب من بنى هاشم السلاح من بين ملابسه ، ونظر سادة قريش فوجد كل منهم شاباً قوياً يحمل سلاحاً فوق رأسه ..

 ثم صاح فيهم أبو طالب : والله لو قُتِل محمدا لأقاتلنكم حتى نتفانى نحن وأنتم ..

[[ لا أدري ما أقول لك يا أبا طالب ، ولكن لنا وقفة في السيرة مع أبي طالب  عند وفاته ]] ..

___________________________

بعد هذه الحادثة ، قررت قريش أن تقاطع بني هاشم ، وكانت بنود تلك المقاطعة الساقطة ، التى صاغوها وعلقوها فى جوف الكعبة (( كما سبق ذكره فى الحلقة ٧١ )) .. لا نزوجهم ولا نتزوج منهم ولا نبيعهم ولا نشتري منهم ولا نساعدهم ولا نقبل منهم الصلح [[ حتى الصلح مرفوض ]] ، حتى يسلموا إلينا محمد فنضرب عنقه بالسيف .. 


يتبع ..

الأنوار المحمدية 

 صلى الله عليه وسلم

ليست هناك تعليقات:

المتابعون

أرشيف المدونة الإلكترونية