الخميس، 23 سبتمبر 2021

عيسى بن مريم ،، المسيح عليه السلام

 عيسى بن مريم ،، المسيح عليه السلام


بعدما نطق عيسى و هو طفل رضيع فى المهد ليدافع عن شرف امه بأمر من الله بعد ان اتهمت بنى اسرائيل مريم بالزنا خرست كل الألسنه التى تحدثت عن شرف مريم و عرضها و ايقنوا ان عيسى بن مريم معجزه الهيه خالصه ،، ظهرت كرامات عيسى المسيح و ذاع صيته فى بنى اسرائيل كلها فكان يشفى المرضى و يحيى الموتى و يعلم ماذا يخبئ الناس فى بيوتهم كل هذا بأمر من الله فخاف اليهود على انفسهم من عيسى و هو ما زال طفلا فارسل هيرودس حاكم اليهود اشخاص تبحث عن عيسى و امه لتقتلهم فعلم يوسف النجار ابن خاله مريم و اول من علم بحملها بان اليهود يريدون قتل عيسى لانه بمعجزاته يهدد عرش التوراه و اليهود فى فلسطين خاصه انه جاء بديانه سماويه جديده و هى الانجيل فهرب مع مريم و رضيعها لمصر خوفا على عيسى من القتل ،، فسافرت العائله المقدسه (عيسى و مريم و يوسف النجار) الى مصر و اقاموا فيها 12 عام ،،،


رجع عيسى الى بنى اسرائيل و دعاهم الى عباده الله لا اله الا هو و حده لا شريك له و ان يتبعوا الانجيل ،، الدين الجديد الذى كشف كذب اليهود و تحريفهم لدينهم على هواهم و قال لهم ان انبياء بنى اسرائيل انتهوا فان الله لن يرسل نبيا اخر لبنى اسرائيل و ان النبى القادم هو احمد حفيد اسماعيل بن ابراهيم الذى سيخرج داعيا العالم اجمع من ارض العرب ،،، و عاش عيسى مع الحواريبن (اتباعه) فى فلسطين بدعوا الى الانجيل و اتباع اوامر الله ،، و فى كل يوم تزيد معجزاته و كراماته الى ان بلغ سن ال 33 عام و فى ليله سبت بلغه ان اليهود هموا ليقتلوه فنزل عليه امر الله ان الله سيرفعه الى السماء على ان يعود الى الارض مره اخرى اخر الزمان ليقتل الدجال و ليكون نزوله علامه من علامات الساعه ،،فخرج عيسى لاصدقائه و قال لهم من منكم يشترى نفسه اليوم بالجنه فهم احد اصدقائه قال انا يا رسول الله و كررها ثلاث فانزل عليه الله شبه عيسى فوجدوه اليهود فقتلوه و صلبوه اما عيسى ابن مريم قد رفعه الله الى السماء حيا بجسده و روحه ،، فظن المسيحيين ان الذى صلب هو عيسى لذلك اصبح الصليب هو ايقونه دينهم ،، و هذا هو ابرز خلاف بين المسلمين و الاقباط و لكن الله قال بنفسه فى كتابه العزيز فى سوره النساء ( و قولهم انا قتلنا المسيح عيسى ابن مريم رسول الله و ما قتلوه و ما صلبوه و لكن شبه لهم و ان الذين اختلفوا فيه لفى شك منه ما لهم به من علم الا اتباع الظن و ما قتلوه يقينا ، بل رفعه الله اليه و كان الله عزيزا حكيما ) صدق الله العظيم


الأربعاء، 15 سبتمبر 2021

** حنة زوجة عمران **

 


. قصص من القرآن الكريم
** حنة زوجة عمران **
ﺣﻨﺔ ﺑﻨﺖ ﻓﺎﻗﻮﺫﺍ ، ﻫﻲ ﺯﻭﺟﺔ ﻋﻤﺮﺍﻥ ، ﻭﺃﺧﺖ ﺯﻭﺟﺔ ﺯﻛﺮﻳﺎ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ ﻭﺃﻡ ﻣﺮﻳﻢ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺍﻟﺴﻼﻡ ‏[ 1 ‏] .
ﻭﻻﺩﺓ ﻣﺮﻳﻢ
ﺗﺰﻭﺟﻬﺎ ﻋﻤﺮﺍﻥ ، ﻭﻟﻢ ﺗﺤﻤﻞ ﻣﻨﻪ ﻭﺃﺳﻨﺖ، ﻭﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻟﻬﺎ ﻭﻟﺪ ﻓﺄﺑﺼﺮﺕ ﻳﻮﻣﺎً ﻃﺎﺋﺮﺍً ﻳﻄﻌﻢ ﺃﻓﺮﺍﺧﻪ، ﻓﺘﺤﺮﻛﺖ ﻟﺬﻟﻚ ﻧﻔﺴﻬﺎ، ﻭﺍﺷﺘﺎﻗﺖ ﻟﻠﻮﻟﺪ، ﻭﺗﻤﻨﺖ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻟﻬﺎ ﻭﻟﺪ ﺣﺘﻰ ﺗﺤﻦ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﺜﻞ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻄﺎﺋﺮ، ﻓﻬﻨﺎﻟﻚ ﺩﻋﺖ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﺃﻥ ﻳﻬﺐ ﻟﻬﺎ ﻭﻟﺪﺍً، ﻭﻗﺎﻟﺖ : ﺍﻟﻠﻬﻢ ﻟﻚ ﻋﻠﻲ ﺑﺄﻥ ﺭﺯﻗﺘﻨﻲ ﻭﻟﺪﺍً ﺃﻥ ﺃﺗﺼﺪﻕ ﺑﻪ ﻋﻠﻰ ﺑﻴﺖ ﺍﻟﻤﻘﺪﺱ . ﺇِﺫْ ﻗَﺎﻟَﺖِ ﺍﻣْﺮَﺃَﺓُ ﻋِﻤْﺮَﺍﻥَ ﺭَﺏِّ ﺇِﻧِّﻲ ﻧَﺬَﺭْﺕُ ﻟَﻚَ ﻣَﺎ ﻓِﻲ ﺑَﻄْﻨِﻲ ﻣُﺤَﺮَّﺭًﺍ ﻓَﺘَﻘَﺒَّﻞْ ﻣِﻨِّﻲ ﺇِﻧَّﻚَ ﺃَﻧﺖَ ﺍﻟﺴَّﻤِﻴﻊُ ﺍﻟْﻌَﻠِﻴﻢُ ‏[ 2 ‏] ‏( ﺳﻮﺭﺓ ﺁﻝ ﻋﻤﺮﺍﻥ ، ﺍﻵﻳﺔ 35 ‏) . ﻓﻮﺍﻗﻌﻬﺎ ﺯﻭﺟﻬﺎ ﻋﻤﺮﺍﻥ، ﻓﺤﻤﻠﺖ ﻣﺮﻳﻢ ﻭﻟﻔﺘﻬﺎ ﻓﻲ ﺧﺮﻗﺔ ﻣﻦ ﻳﻮﻣﻬﺎ، ﻭﺣﻤﻠﺘﻬﺎ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﺴﺠﺪ ﺍﻷﻗﺼﻰ، ﻭﻭﺿﻌﺘﻬﺎ ﻋﻨﺪ ﺍﻷﺣﺒﺎﺭ، ﻣﻦ ﺃﺑﻨﺎﺀ ﻫﺎﺭﻭﻥ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ ﻭﻗﺎﻟﺖ ﻟﻬﻢ : ﺩﻭﻧﻜﻢ ﻭﻫﺬﻩ ﺍﻟﻨﺬﻳﺮﺓ . ﻭﺫﻟﻚ ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ : ﻓَﻠَﻤَّﺎ ﻭَﺿَﻌَﺘْﻬَﺎ ﻗَﺎﻟَﺖْ ﺭَﺏِّ ﺇِﻧِّﻲ ﻭَﺿَﻌْﺘُﻬَﺎ ﺃُﻧﺜَﻰ ﻭَﺍﻟﻠّﻪُ ﺃَﻋْﻠَﻢُ ﺑِﻤَﺎ ﻭَﺿَﻌَﺖْ ﻭَﻟَﻴْﺲَ ﺍﻟﺬَّﻛَﺮُ ﻛَﺎﻷُﻧﺜَﻰ ﻭَﺇِﻧِّﻲ ﺳَﻤَّﻴْﺘُﻬَﺎ ﻣَﺮْﻳَﻢَ ﻭِﺇِﻧِّﻲ ﺃُﻋِﻴﺬُﻫَﺎ ﺑِﻚَ ﻭَﺫُﺭِّﻳَّﺘَﻬَﺎ ﻣِﻦَ ﺍﻟﺸَّﻴْﻄَﺎﻥِ ﺍﻟﺮَّﺟِﻴﻢِ ‏[ 3 ‏] ‏( ﺳﻮﺭﺓ ﺁﻝ ﻋﻤﺮﺍﻥ ، ﺍﻵﻳﺔ 36 ‏) ، ﻗﺒﻞ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻨﺬﺭ، ﻭﺟﻌﻠﻪ ﻧﺬﺭﺍً ﻣﺒﺎﺭﻛﺎً ﻭﻫﺬﺍ ﻣﺎ ﺃﺷﺎﺭ ﺇﻟﻴﻪ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ : ﻓَﺘَﻘَﺒَّﻠَﻬَﺎ ﺭَﺑُّﻬَﺎ ﺑِﻘَﺒُﻮﻝٍ ﺣَﺴَﻦٍ ﻭَﺃَﻧﺒَﺘَﻬَﺎ ﻧَﺒَﺎﺗًﺎ ﺣَﺴَﻨًﺎ ﻭَﻛَﻔَّﻠَﻬَﺎ ﺯَﻛَﺮِﻳَّﺎ ﻛُﻠَّﻤَﺎ ﺩَﺧَﻞَ ﻋَﻠَﻴْﻬَﺎ ﺯَﻛَﺮِﻳَّﺎ ﺍﻟْﻤِﺤْﺮَﺍﺏَ ﻭَﺟَﺪَ ﻋِﻨﺪَﻫَﺎ ﺭِﺯْﻗﺎً ﻗَﺎﻝَ ﻳَﺎ ﻣَﺮْﻳَﻢُ ﺃَﻧَّﻰ ﻟَﻚِ ﻫَـﺬَﺍ ﻗَﺎﻟَﺖْ ﻫُﻮَ ﻣِﻦْ ﻋِﻨﺪِ ﺍﻟﻠّﻪِ ﺇﻥَّ ﺍﻟﻠّﻪَ ﻳَﺮْﺯُﻕُ ﻣَﻦ ﻳَﺸَﺎﺀ ﺑِﻐَﻴْﺮِ ﺣِﺴَﺎﺏٍ ‏[ 4 ‏] ‏( ﺳﻮﺭﺓ ﺁﻝ ﻋﻤﺮﺍﻥ ، ﺍﻵﻳﺔ 37 ‏) . ﻓﺘﻨﺎﻓﺲ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻷﺣﺒﺎﺭ، ﻭﻛﺎﻥ ﻋﻤﺮﺍﻥ ﻗﺪ ﻣﺎﺕ ﻗﺒﻞ ﺍﻟﻮﻻﺩﺓ، ﻓﻄﻠﺒﻬﺎ ﺯﻛﺮﻳﺎ ﻟﻴﺄﺧﺬﻫﺎ ﻭﻗﺎﻝ : ﺃﻧﺎ ﺃﺣﻖ ﺑﻬﺎ ﻷﻥ ﺧﺎﻟﺘﻬﺎ ﻋﻨﺪﻱ . ﻓﺘﻘﺎﺭﻋﻮﺍ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻓﻮﻗﻌﺖ ﺍﻟﻘﺮﻋﺔ ﻟﺰﻛﺮﻳﺎ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ ﻗﻴﻞ : ﺇﻧﻬﺎ ﻟﻢ ﺗﻠﻘﻢ ﺛﺪﻳﺎ ﻣﻨﺬ ﻭﻟﺪﺕ، ﻭﻗﻴﻞ : ﺇﻥ ﺃﻣﻬﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺮﺿﻌﻬﺎ . ﻭﺫﻛﺮ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺏ " ﺗﺄﺭﻳﺦ ﺍﺑﻦ ﺍﻟﻮﺭﺩﻱ :" ﺃﻥ ﺣﻨﺔ ﺃﻡ ﻣﺮﻳﻢ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺍﻟﺴﻼﻡ، ﻭﻫﻲ ﺃﺧﺖ ﺇﻳﺸﺎﻉ ﺯﻭﺟﺔ
ﺯﻛﺮﻳﺎ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ ﻭﺫﻛﺮ ﻣﺜﻞ ﻣﺎ ﺳﺒﻖ ﺫﻛﺮﻩ ﻣﻦ ﺩﻋﺎﺀ ﺣﻨﺔ، ﻭﻃﻠﺒﻬﺎ ﺍﻟﻮﻟﺪ ﺑﻌﺪ ﻣﺎ ﻛﺒﺮﺕ، ﻭﻗﻴﻞ : ﺇﻥ ﻋﻤﺮﻫﺎ ﻟﻤﺎ ﻭﻟﺪﺕ ﻣﺮﻳﻢ ﻛﺎﻥ ﺳﺘﻴﻦ ﺳﻨﺔ ‏[ 1 ‏] .
ﻭﻓﺎﺗﻬﺎ
ﺗﻮﻓﻴﺖ ﻭﻗﺪ ﺑﻠﻐﺖ ﻣﺮﻳﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻤﺮ ﻋﺸﺮ ﺳﻨﻴﻦ ‏[ 1 ‏] .

الثلاثاء، 24 أغسطس 2021

ما هو مسجد الضرار ؟



السؤال

ما هو مسجد الضرار ، ولماذا نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الصلاة فيه ؟

الجواب

الحمد لله.


قصة مسجد الضرار وردت في القرآن الكريم ، في سورة التوبة ، الآية/107-108 ، حيث يقول الله تعالى : ( وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَارًا وَكُفْرًا وَتَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصَادًا لِمَنْ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ مِنْ قَبْلُ وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا الْحُسْنَى وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ . لَا تَقُمْ فِيهِ أَبَدًا لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ )


وتفاصيل القصة وردت في كتب التفسير المسندة من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس – كما في تفسير ابن أبي حاتم (رقم/10060) بسند صحيح ، ومن طرق صحيحة أخرى إلى جماعة من التابعين ، ولما كان أصل تفسير القصة ثابتا عن ابن عباس رضي الله عنهما بالسند الصحيح ، كان ذلك كافيا في توضيح الحادثة ، والآثار الأخرى الواردة عن تلاميذ ابن عباس من التابعين وغيرهم تزيد القصة وضوحا وبيانا .


وقد جمع الحافظ ابن كثير رحمه الله في تفسير الآية جمعا حسنا ومرتبا يغني عن التطويل في النقل عن الكتب والتحقيق فيها .


قال رحمه الله :


" سبب نزول هذه الآيات الكريمات : أنه كان بالمدينة قبل مَقدَم رسول الله صلى الله عليه وسلم إليها رجل من الخزرج يقال له : " أبو عامر الراهبُ " ، وكان قد تَنَصَّر في الجاهلية وقرأ علْم أهل الكتاب ، وكان فيه عبادة في الجاهلية ، وله شرف في الخزرج كبير ، فلما قَدم رسولُ الله صلى الله عليه وسلم مهاجرًا إلى المدينة ، واجتمع المسلمون عليه ، وصارت للإسلام كلمة عالية ، وأظهرهم الله يوم بدر ، شَرِق اللعين أبو عامر بريقه ، وبارز بالعداوة ، وظاهر بها ، وخرج فارًّا إلى كفار مكة من مشركي قريش ، فألَّبهم على حرب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فاجتمعوا بمن وافقهم من أحياء العرب ، وقدموا عام أحد ، فكان من أمر المسلمين ما كان ، وامتحنهم الله ، وكانت العاقبة للمتقين .


وكان هذا الفاسق قد حفر حفائر فيما بين الصفين ، فوقع في إحداهن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأصيب ذلك اليوم ، فجرح في وجهه ، وكُسِرت ربَاعِيتُه اليمنى السفلى ، وشُجَّ رأسه ، صلوات الله وسلامه عليه . وتقدم أبو عامر في أول المبارزة إلى قومه من الأنصار ، فخاطبهم واستمالهم إلى نصره وموافقته ، فلما عرفوا كلامه قالوا : لا أنعم الله بك عينا يا فاسق يا عدو الله ، ونالوا منه وسبُّوه . فرجع وهو يقول : والله لقد أصاب قومي بعدي شَر .


وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد دعاه إلى الله قبل فراره ، وقرأ عليه من القرآن ، فأبى أن يسلم وتمرَّد ، فدعا عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يموت بعيدًا طريدًا ، فنالته هذه الدعوة .


وذلك أنه لما فرغ الناس من أحد ، ورأى أمرَ الرسول صلوات الله وسلامه عليه في ارتفاع وظهور ، ذهب إلى هرقل ملك الروم يستنصره على النبي صلى الله عليه وسلم ، فوعده ومَنَّاه ، وأقام عنده ، وكتب إلى جماعة من قومه من الأنصار من أهل النفاق والريب يعدهم ويُمنَّيهم أنه سيقدمُ بجيش يقاتل به رسول الله صلى الله عليه وسلم ويغلبه ويرده عما هو فيه ، وأمرهم أن يتخذوا له مَعقلا يقدم عليهم فيه من يقدم من عنده لأداء كُتُبه ، ويكونَ مرصدًا له إذا قدم عليهم بعد ذلك ، فشرعوا في بناء مسجد مجاور لمسجد قباء ، فبنوه وأحكموه ، وفرغوا منه قبل خروج النبي صلى الله عليه وسلم إلى تبوك ، وجاءوا فسألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يأتي إليهم فيصلي في مسجدهم ، ليحتجوا بصلاته عليه السلام فيه على تقريره وإثباته ، وذكروا أنهم إنما بنوه للضعفاء منهم وأهل العلة في الليلة الشاتية ، فعصمه الله من الصلاة فيه فقال : ( إنا على سفر ، ولكن إذا رجعنا إن شاء الله ) ، فلما قفل عليه السلام راجعًا إلى المدينة من تبوك ، ولم يبق بينه وبينها إلا يوم أو بعض يوم ، نزل عليه الوحي بخبر مسجد الضِّرار ، وما اعتمده بانوه من الكفر والتفريق بين جماعة المؤمنين في مسجدهم مسجد قباء الذي أسس من أول يوم على التقوى ، فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى ذلك المسجد من هَدَمه قبل مقدمه المدينة .


كما قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله : ( وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَارًا وَكُفْرًا وَتَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ ) وهم أناس من الأنصار ، ابتنوا مسجدًا ، فقال لهم أبو عامر : ابنوا مسجدًا واستعدوا بما استطعتم من قوة ومن سلاح ، فإني ذاهب إلى قيصر ملك الروم ، فآتي بجند من الروم وأخرج محمدًا وأصحابه . فلما فرغوا من مسجدهم أتوا النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا : قد فرغنا من بناء مسجدنا ، فنحب أن تصلي فيه وتدعو لنا بالبركة . فأنزل الله عز وجل : ( لا تَقُمْ فِيهِ أَبَدًا لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ ) إلى ( وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ )


وكذا رُوي عن سعيد بن جُبير ، ومجاهد ، وعروة بن الزبير ، وقتادة ، وغير واحد من العلماء .


وقال محمد بن إسحاق بن يَسَار ، عن الزهري ، ويزيد بن رومان ، وعبد الله بن أبي بكر ،


وعاصم بن عُمَر بن قتادة ، وغيرهم ، قالوا :


أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم – يعني من تبوك - حتى نزل بذي أوان - بلد بينه وبين المدينة ساعة من نهار - وكان أصحاب مسجد الضرار قد كانوا أتوه وهو يتجهز إلى تبوك ، فقالوا : يا رسول الله ، إنا قد بنينا مسجدًا لذي العلة والحاجة والليلة المطيرة والليلة الشاتية ، وإنا نحب أن تأتينا فتصلي لنا فيه . فقال : ( إني على جناح سَفر وحال شُغل - أو كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم - ولو قد قدمنا إن شاء الله تعالى أتيناكم فصلينا لكم فيه ) ، فلما نزل بذي أوان أتاه خبرُ المسجد ، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم مالك بن الدُّخْشُم أخا بني سالم بن عوف ، ومعن بن عدي – أو : أخاه عامر بن عدي - أخا بني العجلان فقال : ( انطلقا إلى هذا المسجد الظالم أهله فاهدماه وحرقاه ) . فخرجا سريعين حتى أتيا بني سالم بن عوف ، وهم رهط مالك بن الدّخشم ، فقال مالك لمعن : أنظرني حتى أخرج إليك بنار من أهلي . فدخل أهله فأخذ سَعَفا من النخل ، فأشعل فيه نارًا ، ثم خرجا يَشتدَّان حتى دخلا المسجد وفيه أهله ، فحرقاه وهدماه وتفرقوا عنه . ونزل فيهم من القرآن ما نزل : ( وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَارًا وَكُفْرًا ) إلى آخر القصة .


وكان الذين بنوه اثني عشر رجلا :


1-خذام بن خالد ، من بني عُبَيد بن زيد ، أحد بني عمرو بن عوف ، ومن داره أخرج مسجد الشقاق .


2-وثعلبة بن حاطب من بني عبيد وهو إلى بني أمية بن زيد .


3-ومعتِّب بن قُشير ، من بني ضُبَيعة بن زيد .


4-وأبو حبيبة بن الأذعر ، من بني ضُبَيعة بن زيد .


5-وعَبَّاد بن حُنَيف ، أخو سهل بن حنيف ، من بني عمرو بن عوف .


6-وجارية بن عامر .


7-وابناه : مُجَمِّع بن جارية .


8- وزيد بن جارية .


9-ونَبْتَل بن الحارث ، من بني ضبيعة .


10-وبحزج وهو من بني ضبيعة .


11-وبجاد بن عُثمان وهو من بني ضُبَيعة .


12-ووديعة بن ثابت وهو إلى بني أمية رهط أبي لبابة بن عبد المنذر .


وقوله تعالى : ( وَلَيَحْلِفُنَّ ) أي : الذين بنوه : ( إِنْ أَرَدْنَا إِلا الْحُسْنَى ) أي : ما أردناه ببنيانه إلا خيرًا ورفقًا بالناس .


قال الله تعالى : ( وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ ) أي : فيما قصدوا وفيما نوَوا ، وإنما بنوه ضِرارا لمسجد قُباء ، وكفرا بالله ، وتفريقًا بين المؤمنين ، وإرصادًا لمن حارب الله ورسوله ، وهو أبو عامر الفاسق ، الذي يقال له : " الراهب " لعنه الله .


وقوله : ( لا تَقُمْ فِيهِ أَبَدًا ) نهي من الله لرسوله صلوات الله وسلامه عليه ، والأمة تَبَع له في ذلك ، عن أن يقوم فيه ، أي : يصلي فيه أبدا .


ثم حثه على الصلاة في مسجد قُباء الذي أسس من أول يوم بنائه على التقوى ، وهي طاعة الله وطاعة رسوله ، وجمعا لكلمة المؤمنين ، ومَعقلا وموئلا للإسلام وأهله ؛ ولهذا قال تعالى : ( لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ ) والسياق إنما هو في معرض مسجد قباء ؛ وقد صرح بأنه مسجد قباء جماعة من السلف ، رواه علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس . ورواه عبد الرزاق ، عن مَعْمَر ، عن الزهري ، عن عُرْوَة بن الزبير . وقاله عطية العوفي ، وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم ، والشعبي ، والحسن البصري ، ونقله البغوي عن سعيد بن جُبَير ، وقتادة .


وقد ورد في الحديث الصحيح : أن مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي هو في جوف المدينة هو المسجد الذي أسس على التقوى .


وهذا صحيح ، ولا منافاة بين الآية وبين هذا ؛ لأنه إذا كان مسجد قباء قد أسس على التقوى من أول يوم ، فمسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم بطريق الأولى والأحرى " انتهى.


" تفسير القرآن العظيم " (4/210-214).


وانظر : " تخريج الأحاديث والآثار الواقعة في كتاب الكشاف " للزيلعي (2/99-102)، " الدر المنثور " للسيوطي (4/284-288)، " زاد المعاد " (3/549)، " السيرة النبوية " لابن هشام (5/211) وغيرها.


وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :


" وكان مسجد الضرار قد بني لأبي عامر الفاسق الذي كان يقال له أبو عامر الراهب ، وكان قد تنصر في الجاهلية ، وكان المشركون يعظمونه ، فلما جاء الإسلام حصل له من الحسد ما أوجب مخالفته للنبي صلى الله عليه وسلم ، وفراره إلى الكافرين ، فقام طائفة من المنافقين يبنون هذا المسجد ، وقصدوا أن يبنوه لأبي عامر هذا ، والقصة مشهورة في ذلك ، فلم يبنوه لأجل فعل ما أمر الله به ورسوله ، بل لغير ذلك " انتهى.


" اقتضاء الصراط المستقيم " (431)


ويقول الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :


" مسجد الضرار بني على نية فاسدة ، قال تعالى : ( وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَارًا وَكُفْرًا وَتَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصَادًا لِمَنْ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ) والمتخذون هم المنافقون ، وغرضهم من ذلك :


1- مضارة مسجد قباء : ولهذا يسمى مسجد الضرار .


2- الكفر بالله : لأنه يقرر فيه الكفر - والعياذ بالله - ؛ لأن الذين اتخذوه هم المنافقون.


3- التفريق بين المؤمنين : فبدلا من أن يصلي في مسجد قباء صف أو صفان يصلي فيه نصف صف ، والباقون في المسجد الآخر ، والشرع له نظر في اجتماع المؤمنين .


4- الإرصاد لمن حارب الله ورسوله يقال: إن رجلا ذهب إلى الشام ، وهو أبو عامر الفاسق ، وكان بينه وبين المنافقين الذين اتخذوا المسجد مراسلات ، فاتخذوا هذا المسجد بتوجيهات منه ، فيجتمعون فيه لتقرير ما يريدونه من المكر والخديعة للرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأصحابه ، قال الله تعالى : ( وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا الْحُسْنَى ) ، فهذه سنة المنافقين: الأيمان الكاذبة " انتهى.


" مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين " (9/226-227)


والله أعلم .


المصدر: الإسلام سؤال وجواب


جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2021

المتابعون

أرشيف المدونة الإلكترونية