الاثنين، 17 سبتمبر 2018

حكاية الشيخ محمد صديق المنشاوي صاحب الصوت الباكي




الشيخ محمد صديق المنشاوي

الأحد 11 أيار (مايو) 2003
image 276 x 408

القاريء الشيخ محمد صديق المنشاوي

هو نبتة الشيخ صديق المنشاوي وهو أول قاري تنتقل إليه الإذاعة لتسجل له ويرفض طلبها والاعتماد بها.. كان لا يكف عن قراءة القرآن .. يتلوه في كل أحواله.. عندما استمع المسلمون في اندونيسيا لصوته أجهشهم البكاء....
وهو من مواليد مركز المنشأة محافظة سوهاج عام1920م من أسرة حملت رسالة تعليم القرآن وتحفيظه وتلاوته على عاتقها فأبوه المقريء الشيخ صديق المنشاوي الذي ذاع صيته في أنحاء مصر والوجه القبلي معلماً وقارئاً ومجوداً للقرآن وله تسجيلاته النادرة بإذاعات سوريا ولندن والتي تذاع بصوته حتى الآن وعمه الشيخ أحمد السيد وهو الذي رفض القراءة بالقصر الملكي فكان الشيخ محمد صديق المنشاوي هو نبت هذا الفضل القرآني وقد التحق بكتاب القرية وعمره أربع سنوات ورأى شيخه أبو مسلم خيراً كثيراً لسرعة حفظه وحلاوة صوته فكان يشجعه ويهتم به فأتم حفظه قبل أن يتم الثامنة من عمره فأصطحبه عمه الشيخ أحمد السيد معه إلى القاهرة ليتعلم القراءات وعلوم القرآن ونزل في ضيافة عمه وعند بلوغه الثانية عشرة درس علم القراءات على يد شيخ محمد مسعود الذي انبهر به وبنبوغه المبكر فأخذ يقدمه للناس في السهرات والليالي وظل الصبي محمد صديق على ذلك الحال حتى بلغ الخامسة عشر فأستقل عن شيخه ووالده بعد ذيوع صيته بمحافظات الوجه القبلي بصفة عامة ومحافظة سوهاج بصفة خاصة فزادت ثقته بنفسه وكان له عظيم الأثر في رحلته مع القرآن بعد ذلك.
*الحاج سعودي محمد صديق.. في عام 1953م كتبت مجلة الإذاعة والتلفزيون في إحدى أعدادها عن الشيخ محمد صديق المنشاوي أنه أول مقريء تنتقل إليه الإذاعة.. فكيف كانت تلك الواقعة ؟ ولماذا انتقلت الإذاعة إليه؟ وهل كان يرفض القراءة لها؟
** كان صيته وشهرته وحسن قراءته وتلاوته حديث الناس في مصر ولما علم المسؤلون بالإذاعة بتلك الموهبة أرسلوا إليه يطلبون منه أن يتقدم بطلب للإذاعة ليعقد له اختبار فإن اجتازه يعتمد مقرئاً بها فرفض الشيخ هذا المطلب وقال: لا أريد القراءة بالإذاعة فلست في حاجة إلى شهرتها ولا أقبل أن يعقد لي هذا الامتحان أبداً... فما كان من مدير الإذاعة في ذلك الوقت إلا أن أمر بأن تنتقل الإذاعة إلى حيث يقرأ الشيخ محمد صديق المنشاوي وبالفعل فوجئ الشيخ وكان يحي حفلاً رمضانياً في قرية إسنا بدار أحد الأثرياء لعائلة حزين بأن الإذاعة أرسلت مندوبها لتسجل قراءته وتلاوته وفي ذات الوقت كانت مجموعة أخرى من الإذاعة قد ذهبت لتسجل قراءة أبيه الشيخ صديق المنشاوي والذي كان يقرأ بقرية العسيرات بمحافظة سوهاج في بيت الحاج أحمد أبو رحاب وكانت تلك التسجيلات من جانب الإذاعة لتقييم صوتيهما فكانت تلك أول حادثة في تاريخ الإذاعة أن تنتقل بمعداتها والعاملين بها ومهندسيها للتسجيل لأحد المقرئين فكان ما قلته لحضرتك وفعلاً كتبت إحدى المجلات عن هذه الواقعة.
 عندما قيم المسؤلون بالإذاعة الشريطين الذين سجلا للشيخ محمد صديق وأبيه أرسلوا إليهما لإعتمادهما إلا أنهما رفضا مرة ثانية... فكيف تم إذن اعتماد الشيخ محمد صديق المنشاوي بالإذاعة ولماذا أصر أبوه على موقفه؟
** أثار هذا الموقف غضب المسؤلين بالإذاعة وكادت أن تصبح مشكلة كبيرة إلا أن أحد المقربين من الشيخ محمد صديق وكان ضابطاً كبيراً برتبة اللواء وهو عبد الفتاح الباشا تدخل في الأمر موضحاً للشيخ محمد أن هذا الرفض ليس له أي مبرر و لا يليق به خاصة وأن الإذاعة قد أرسلت إليه مهندسيها وفنييها لتسجل له بعد رفضه، وطالما أن المسؤلين قد أعطوه قدره وأنصفوه فليس هناك أي مبرر للرفض ولا بد أن يحسن معاملة المسؤلين كما أحسنوا معاملته، وبعد إلحاح شديد ذهب الشيخ محمد صديق المنشاوي للإذاعة واستكمل تسجيلاته وظل قارئاً بالإذاعة منذ ذلك إلى أن توفاه الله، أما والده فقال: يكفي الإذاعة المصرية من عائلة المنشاوي ولدي محمد.

 ولهذا السبب أيضاً سجل بعض الشرائط لإذاعات سوريا ولندن؟
** هو بالضبط كذلك فقد كانت شهرة الشيخ صديق السيد تملأ آفاق العلم العربي رغم أنه لم يقرأ بالإذاعة المصرية فطلبت منه إذاعتا سوريا ولندن تسجيل القرآن بصوته لهما... فرفض في البداية ولكنه بعد معاودة الاتصالات والإلحاح عليه وافق على تسجيل خمس أشرطة للقرآن بصوته للإذاعتين ولم يزد على ذلك وكان يقول: لولا إلحاحهم المستمر ما وافقت على تلك التسجيلات.
 كيف استقبل الشيخ محمد صديق المنشاوي رفض أبيه للقراءة بالإذاعة المصرية؟
** كان لا يعارض أباه أبداً ويحترم رأيه دون نقاش ولم يعلق على ذلك الأمر.
 طلب الملك فاروق من الشيخ أحمد السيد عم الشيخ محمد صديق المنشاوي أن يكون قارئاً بالقصر الملكي... إلا أنه رفض.... لماذا؟
** هو لم يرفض.. ولكنه اشترط على الملك أن تمتنع المقاهي عن تقديم المشروبات ولعب الطاولة اعتبارا من الساعة الثامنة مساء وقت إذاعة القرآن الكريم والذي كانت تنقله الإذاعة من القصر الملكي قائلاً للملك: إن للقرآن جلاله فهو كلام الله ولا يجب أن ينشغل الناس عنه وقت تلاوته بالسؤال عن المشروبات والحديث واللهو ولعب الطاولة فقال له الملك: ذلك يعني أن نكلف حارساً على كل مقهى وهذا أمر يتعذر علينا فقال الشيخ أحمد: كذلك فهذا أمر يتعذر علينا أيضاً وتلا قوله تعالى" وإذا قريء القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلم ترحمون" فما كان من الملك إلا أن أجله وقدره ولم يجبره على القراءة بالقصر الملكي.
 تزوج الشيخ محمد صديق المنشاوي مرتين فما سبب زواجه الثاني ؟
** لقد تزوج عام 1938م من ابنة عمه وكان ذلك هو زواجه الأول وأنجب منها أربعة أولاد ولدين وبنتين ثم تزوج الثانية وكان عمره قد تجاوز الأربعين وكانت من مركز أخميم محافظة سوهاج وأنجب منها تسعة أبناء خمسة ذكور وأربع إناث وكانت زوجتاه تعيشان معاً في مسكن واحد يجمعهما الحب والمودة وكان يقول: الناس يحبونني ويتمنون مصاهرتي وقد توفت زوجته الثانية أثناء تأديتها فريضة الحج قبل وفاته بعام واحد.
*كان قد أشيع أن صوت الشيخ محمد صديق المنشاوي ضعيف ولا يستطيع تبليغه لمستمعيه إلا من خلال ميكرفون.. فمن كان صاحب تلك الإشاعة ؟ وكيف استقبلها الشيخ محمد صديق؟
** هي بالفعل كانت إشاعة ونكاية وحقداً من أحد المقرئين وقد حكى لنا بعض المخلصين من المقرئين عن واقعة أثبتت ما أقول حيث دعي الشيخ محمد لأحياء سهرة بمحافظة المنيا ودعي معه مقريء آخر وكان الحضور كثيرين جداً قد يزيد عددهم عن العشرة الآلاف جاءوا جميعاً ليستمعوا على القرآن بصوت الشيخ محمد فلما أحس ذلك المقريء بشغف الناس ومطالبتهم صاحب الدعوة بتعجل الشيخ محمد صديق بالتلاوة فما كان منه إلا أن أوصى عامل الميكرفون بافتعال عطل فني في الميكرفون وأطلق بين الناس شائعة أن صوت الشيخ محمد ضعيف جداً ولولا الميكرفون ما كان له هذا الصيت وعندما بدأ الشيخ محمد صديق يستعد للقراءة فوجيء بعامل الميكرفون يخبره بوجود عطل فني بالميكرفون يتعذر إصلاحه في حينه فاستشعر الشيخ محمد صديق بأن هناك مؤامرة لإحراجه وسط هذا الجمع الغفير فما كان منه إلا أن استعاذ من الشيطان الرجيم وأخذ يقرأ بين الناس ماشياً على قدميه تاركاً دكة القراءة والناس تتجاوب معه حتى أبهر الناس بقوة صوته فانخسأ هذا المقريء الحاقد تاركاً الحفل للشيخ محمد صديق المنشاوي الذي أحياه على تلك الحالة حتى ساعة متأخرة وعندما سألنا والدنا عن هذه الواقعة قال: لقد حدث ما قيل لكم، فسألناه عن اسم هذا المقريء فقال: إن الله حليم ستار.

 قيل أن نبوغ الشيخ محمد صديق المنشاوي المبكر في التلاوة سبب له الكثير من المتاعب التي وصلت بالحاقدين عليه أن يدسوا له السم في الطعام... فكيف نجا من هذا الموت المحقق؟ ومن الذي دس له هذا السم؟
** لقد حكى هذه الواقعة بنفسه ولو أن أحداً غيره قصها ما صدقته فقد جلس يحكي لجدي الشيخ صديق ونحن جلوس عنده أنه كان مدعواً في إحدى السهرات عام1963م وبعد الانتهاء من السهرة دعاه صاحبها لتناول الطعام مع أهل بيته على سبيل البركة ولكنه رفض فأرسل صاحب إليه بعضاً من أهله يلحون عليه فوافق وقبل أن يبدأ في تناول ما قدم إليه من طعام أقترب منه الطباخ وهو يرتجف من شدة الخوف وهمس في إذنه قائلاً: يا شيخ محمد سأطلعك على أمر خطير وأرجوا ألا تفضح أمري فينقطع عيشي في هذا البيت فسأله عما به فقال: أوصاني أحد الأشخاص بأن أضع لك السم في طعامك فوضعته في طبق سيقدم إليك بعد قليل فلا تقترب من هذا الطبق أو تأكل منه، وقد استيقظ ضميري وجئت لأحذرك لأني لا أستطيع عدم تقديمه إليك فأصحاب السهرة أوصوني بتقديمه إليك خصيصاً تكريماً لك، وهم لا يعلمون ما فيه ولكن فلان... ولم يذكر الشيخ اسمه أمامنا... أعطاني مبلغاً من المال لأدس لك السم في هذا الطبق دون علم أصحاب السهرة ففعلت فأرجوا ألا تبوح بذلك فينفضح أمري... ولما تم وضع الطبق المنقوع في السم عرفه الشيخ كما وصفه له الطباخ وادعى الشيخ ببعض الإعياء أمام أصحاب الدعوة ولكنهم أقسموا عليه فأخذ كسرة خبز كانت أمامه قائلاً: هذا يبر يمينكم ثم تركهم وانصرف.
 ألم يفصح الشيخ محمد عن اسم ذلك الرجل الذي أراد قتله؟
** كل الذي حدث أنه تعجب واندهش من أفعال ذلك الرجل وخاصة بعد علمه أنه مقريء ولكنه لم يذكر اسمه حتى أننا تعجبنا من عدم سؤال جدي لابنه عن اسم ذلك المقريء وأمام هذا الأمر لم يكن باستطاعتنا أن نسأل الشيخ محمد عنه مادام لم يفصح هو عنه.
 لم يلتحق الشيخ محمد صديق المنشاوي بأي معهد لتعلم الموسيقى ولم يدرسها على يد أحد الموسيقيين فكيف اكتسب صوته هذا النغم في التلاوة؟
** هي موهبة أنعم الله عليه بها وأذكر أن أحد الموسيقيين الكبار في فترة الستينات عرض عليه أن يلحن له القرآن قائلاً له: يا شيخ أنت الصوت الوحيد الذي يقبل الموسيقى في القرآن فقال له الشيخ محمد: يا سيدي لقد أخذت الموسيقى من القرآن فكيف تلحن أنت القرآن بالموسيقى فخجل الرجل من نفسه.
 هل كان يستمع إلى الموسيقى أو إلى المطربين؟
** كان كثيراً ما يستمع إلى الموسيقى وكان يحب الاستماع إلى صوت السيدة أم كلثوم ويقول أن في صوتها قوة رقيقة ونغم موسيقي كذلك كان يعشق صوت الشيخ طه الفشني وبخاصة أدائه الرفيع في الابتهالات والتواشيح الدينية وكان كثيراً ما يتصل به ويلتقيان ليقف معه على مواطن الجمال الموسيقي في صوته.
 عندما دعي للقراءة في حفل يحضره الرئيس جمال عبد الناصر رفض رفضاً تاماً... فماذا عن علاقته بالرئيس جمال عبد الناصر؟ ولماذا رفض؟
** لم تكن له علاقة بالرئيس جمال عبد الناصر ولكن الدعوة وجهها إليه أحد الوزراء قائلاً له: سيكون لك الشرف الكبير بحضورك حفل يحضره الرئيس عبد الناصر ففاجأه الشيخ محمد صديق بقوله: ولماذا لا يكون هذا الشرف لعبد الناصر نفسه أن يستمع إلى القرآن بصوت محمد صديق المنشاوي، ورفض أن يلبي الدعوة قائلاً: لقد أخطأ عبد الناصر حين أرسل إلي أسوأ رسله.
*رغم ذيوع صيته واتساع شهرته إلا أنه عندما كان يجلس أمام بيته لا يعرفه الناس ويسألونه عنه... ألم يسبب ذلك له شيئاً من الضيق والحزن لعدم معرفة الناس به رغم تلك الشهرة؟
** الشيخ محمد كان شديد التواضع وكان كثيراً ما يتحرر من عمامته ويرتدي جلباباً أبيض وطاقية بيضاء ويجلس أمام باب بيته فكان بعض الناس يعتقدون أنه بواب العمارة وخاصة وأن بشرته قمحية ولكن ذلك لم يكن يضايقه وذات مرة اقترب منه أحد الأخوة المسيحيين وكان جاراً لنا في المسكن فلما اقترب من الشيخ محمد صديق لم يعرفه وقال له: لو سمحت يا عم ما تعرفش الشيخ محمد صديق المنشاوي موجود في شقته ولا لأ فنظر إليه الشيخ محمد قائلاً له: حاضر يا بني انتظر لما أشوفو لك وبالفعل تركه الشيخ محمد صديق وصعد إلى شقته وارتدى العمة والجلباب والنظارة ثم نزل إليه وسلم عليه هذا الذي سأل عنه منذ لحظات ولم يقل له الشيخ عندما سأله أنه هو من يسأل عنه حتى لا يسبب له حرجاً لعدم معرفته به وهو صاحب الصيت والشهرة في العالم العربي وقضى لذلك الرجل مسألته.

 كيف كانت علاقته بأهل بلدته بعد أن نال هذا القدر العظيم من الشهرة؟
** كانت علاقته بأهل بلدته لا تنقطع وهذه عادات أهل الصعيد فكان عطوفاً بهم محباً لفقرائهم وأذكر أنه قال لنا ذات مرة أنه يريد عمل وليمة كبيرة لحضور بعض الوزراء وكبار المسؤلون على العشاء فتم عمل اللزوم ولكننا فوجئنا بأن ضيوفه كانوا جميعاً من الفقراء والمساكين من أهل البلدة وممن يعرفهم من فقراء الحي الذي كنا نعيش فيه.
 دوالي المريء.... هي المرض اللعين الذي هاجم الشيخ محمد صديق المنشاوي في سن مبكرة.... فتوفى دون الخمسين من عمره.. فما هي قصته مع المرض؟
** في عام 1966م أصيب رحمه الله بدوالي المريء وقد استطاع الأطباء أن يوقفوا هذا المرض بعض الشيء بالمسكنات ونصحوه بعدم الإجهاد وخاصة إجهاد الحنجرة إلا أنه كان يصر على الاستمرار في التلاوة وبصوت مرتفع حتى أنه في عامه الأخير الذي توفى فيه كان يقرأ القرآن بصوت جهوري بالدرجة الأمر الذي جعل الناس يجلسون بالمسجد الذي كان أسفل البيت ليستمعوا إلى القرآن بصوته دون علمه ولما اشتد عليه المرض نقل إلى مستشفى المعادي ولما علم الرئيس عبد الناصر بشدة مرضه أمر بسفره إلى لندن للعلاج على نفقة الدولة إلا أن المنية وافته قبل السفر في 20/6/1969م.
 وهل كان الشيخ يعلم بخطورة مرضه ودنو أجله؟
** كان يعلم بذلك تماماً وكان يشغل نفسه بقراءة القرآن وأذكر انه كان عندي بالمحل قبيل وفاته بشهر تقريباً وكان من عادته أن يعطي حذاءه لعامل الورنيش ليمسحه فلما رآه هذا العامل بالمحل أسرع إليه طالباً حذاءه ليمسحه كعادته لأن الشيخ يجزل له في العطاء إلا أن الشيخ محمد قال له: خذ هذه المرة حسابك من سعودي... فقال له عامل الورنيش: ليه يا مولانا.. فقال: لن أدفع مرة أخرى وكانت تلك آخر مرة يحضر فيها إلى المحل وكأنه يعلم بدنو أجله.
 ما هو الأجر الذي كان يتقاضاه الشيخ محمد صديق المنشاوي بعد أن أصبح قارئاً مشهوراً؟
** كان لا يطلب أجراً من أي إنسان وذلك كما عوده والده الشيخ صديق السيد فإذا ما دعي لأي سهرة يأخذ ما يعطى له دون أن ينظر في هذا المبلغ وقد أثار هذا الأمر انتقاد بعض المقرئين الذين طلبوا منه أن يرفع أجره حتى لا تضيع قيمته كمقريء له وزنه فأدرك ذلك الأمر مؤخراً حيث وجد أن الناس يقولون أنه يقبل أي شيء لأنه دون مستوى أقرانه من المقرئين فما كان منه إلا أن رفع أجره ولكن مع الذين لا يعرفهم ويخشى أن يشهروا به بهتاناً وزوراً.
 في أي المساجد عينته وزارة الأوقاف بعد اعتماده مقرئاً في الإذاعة؟
** بمسجد الزمالك بحي الزمالك وظل قارئاً لسورة الكهف به حتى توفاه الله.
(...)
 كيف استقبل أبوه الشيخ صديق السيد نبأ وفاته؟
** لم يتأثر على الإطلاق تأثر الخارجين عن الرضا بقضاء الله وقدره قائلاً: نحن نعيش كل يوم هذه الحقيقة فكيف لا نرضى وإنا لله وإنا إليه راجعون.
*لماذا لم يسجل الشيخ محمد صديق المنشاوي القرآن مجوداً للإذاعة؟
** لقد سجل الشيخ محمد صديق القرآن بصوته مجوداً للإذاعة ينقصه خمس ساعات تقريباًُ ولكن للأسف الشديد فإن المسؤلون في الإذاعة لا يهتمون بتسجيلات المقرئين وفي عام 1980م ذهبت للإذاعة ووجدت أن الشرائط المسجل عليها القرآن بصوت الشيخ محمد صديق تم تسجيل برامج أخرى عليها مثل ما يطلبه المستمعون أو خطاب الرئيس عبد الناصر وللأسف لم ننتبه لهذا الإهمال إلا عندما ذهبنا إلى الإذاعة لنحصل على نسخة من القرآن بصوته مجوداً.. أما فيما يتعلق بالقرآن المرتل فقد سجله للإذاعة كاملاً وحصلنا على نسخة منه.
*ماذا عن علاقته بالشيخ محمد رفعت؟
** كان يحبه حباً شديداً وقد تأثر بصوته وتلاوته وكان يقول لنا ذلك كذلك كان يحب الاستماع إلى القرآن بصوت من عاصروه من المقرئين دون استثناء فكان إذا جلس في البيت لا يترك الراديو باحثاً عن أية محطة إذاعية تذيع القرآن بصوت أحد المقرئين فكان يستمع إليهم جميعاً دون استثناء.
 عندما سافر إلى اندونيسيا في أول زيارة له خارج مصر بكى أثناء تلاوته للقرآن... لماذا؟
**كان في تلك الرحلة مرافقاً للشيخ عبد الباسط محمد عبد الصمد بدعوة من الرئيس الإندونيسي أحمد سوكارنو فأرسل إلي خطاباً قال فيه: لم أر استقبالاً لأهل القرآن أعظم من استقبال الشعب الإندونيسي الذي يعشق القرآن بل ويستمع إليه في إنصات شديد ويظل هذا الشعب واقفاً يبكي طوال قراءة القرآن مما أبكاني من هذا الإجلال الحقيقي من الشعب الإندونيسي المسلم وتبجيله لكتاب الله.
 هل كان الشيخ محمد يمارس الرياضة؟
** نعم... كان يحب المشي وكان يترك سيارته يومياً أمام مسجد الإمام الحسين ويبلغ السائق بألا ينتظره ويعود للمنزل بحي حدائق القبة مشياً على الأقدام.

 كان الشيخ محمد صديق مقلاً في ركوب سيارته.... فلماذا اشتراها إذن؟
** اشترى السيارة عام 1955م ولم يكن له بها هوى ولكنها فقط كانت تعينه في تنقلاته خارج القاهرة أما فيما عدا ذلك فكان قليلاً ما يركبها.
 هل ورث أحد أبناءه حلاوة صوته ومهنة القراءة في السهرات؟
** كل أولاده يحفظون القرآن والحمد لله كاملاً ولكن لم يتمتع أحد منا بحلاوة الصوت باستثناء ولديه صلاح وعمر الأول يعمل محاسباً والثاني معيداً بجامعة الأزهر وهما دون الثلاثين من عمرهما ويتميزان بصوت طيب جميل وقد شهد لهما الكثير من المتخصصين في علوم القراءاتوهما يدرسان الآن علوم القراءات استعداداً لاحتراف هذه المهنة فيما بعد إن شاء الله.
 ما هي الجوائز التي حصل عليها؟
** منحه الرئيس الإندونيسي أحمد سوكارنو وسام الاستحقاق من الطبقة الأولى وحصل على وسام الاستحقاق من الطبقة الثانية من سوريا.
 وماذا عن تكريم الحكومة المصرية له؟
** لم يحصل على أية تكريم من مصر حتى الآن وإن كانت الدولة كرمت والده الشيخ صديق السيد رحمه الله بعد وفاته عام 1985م فمنحته وسام الاستحقاق من الطبقة الثانية.

ليست هناك تعليقات:

المتابعون

أرشيف المدونة الإلكترونية