مؤسس جامعة أسيوط، العالم والمفكر والإنسان
الدكتور / سليمان حُزَيٍٍٍّن
(1909 –1999)
إن العلم وسيلتنا لخدمة المجتمع، والدين طريقنا إلى الله
عائلة حزين:
آل «حزّين» فرع من قبيلة تسمى «الجميلية»، وهو فرع وافد على مصر من المغرب العربى مع الفتوحات الإسلامية، ويتمركز آل حزين فى جنوب قنا وتحديدَا فى مركز إسنا، وللعائلة كذلك أفرع فى محافظتى البحيرة وأسيوط، فى البحيرة تتمركز فى مدينة دمنهور، وفى أسيوط تتمركز فى المدينة، ومعروف لدى العائلة أن فرع البحيرة كان منه الدكتور سليمان حزين، وآل حزين طيبون ويتميزون بالتواضع، ويعتبرون أنفسهم من العائلات متوسطة الحال، وهم حريصون على تأكيد هذا المعنى، ورغم أن قوانين الإصلاح الزراعى أخذت منهم 7300 فدان، لم يعتدوا على أرض الدولة بوضع اليد، واكتفوا بما تبقى لديهم.
مولده:
ولد سليمان بن الشيخ أحمد بن سليمان بن حسن حزين بمدينة وادي حلفا بالسودان فجر يوم الاثنين الرابع والعشرين من مايو عام 1909م. كان والده الشيخ أحمد سليمان قد أتم دراسته لعالمية الأزهر الشريف وعين مدرسًا في مدرسة حلفا عام 1903. لم يبق سليمان طويلا في وادي حلفا إذ سرعان ما عاد إلي قرية والده الوفائية بمحافظة البحيرة.
والدكتور حزين كان دائما حريصًا علي ذكر فضل والده عليه في تكوينه الخلقي والعلمي والإنساني ولا ينس تأثير أمه عليه، السيدة «مبروكة محمد عصفور» وهي ابنة العالم المالكي الجليل والتي عرفت الله في أبنائها بأفضل ما يعرفه إنسان عن خالقه فعلمتهم خشية الله ورعاية حقه عليهم.
تعليمه:
التحق سليمان بالكُتَّاب، كُتّاب الشيخ عبد ربه في قريته الوفائية حيث حفظ القرآن الكريم شأنه شأن قرنائه في ذلك الوقت. كان للشيخ الجليل الضرير «عبد ربه» تأثير بالغ علي الطفل سليمان حزين وظل يذكره بالخير إلي آخر أيام حياته وقد تعلم علي يديه القرآن الكريم والحديث الشريف وأصول اللغة العربية.
انتقل سليمان مرة أخري مع والديه إلي السودان حيث المدرسة الابتدائية ثم انتقل مع أبيه إلي أم درمان عاصمة السودان الوطنية في مدرسة ابتدائية / إعدادية. رجع إلي مصر 1921 وتقدم لامتحان شهادة إتمام الدراسة الابتدائية والتي لم يكن قد أتم دراستها في السودان، ثم تلقي تعليمه في المرحلة الثانوية في مدرسة طنطا الثانوية بالقسم الداخلي، وفي مدرسة طنطا الثانوية التقى بأساتذةٍ فى اللغة علماء، بينهم الشيخُ محمد هاشم عطية والشيخُ أحمد خاطر فيزدادُ شغفًا بلغة القرآن ويُقبلُ على آدابها شعرًا ونثرًا ليحفظَ منه الكثيرَ ويحاولُ فى هذه السن الباكرة أن يكون شاعرًا ولكنه انصرف إلى دراسته وحصل على شهادة البكالوريا عام 1925م.
التحق الطالب سليمان حزين بأول دفعة من طلاب كلية الآداب بجامعة فؤاد الأول (جامعة القاهرة حاليا) عام 1925 وتخرّج في قسم الجغرافيا عام 1929. كان لطفي السيد مديرًا للجامعة وطه حسين عميدًا لكلية الآداب بها. كان سليمان طالبًا بقسم الجغرافيا ولكنه أصر علي الالتحاق في نفس الوقت بقسم الاجتماع وقد أدي امتحان قسم الجغرافيا في دور يونيو وامتحان قسم الاجتماع في دور سبتمبر من العام نفسه وحصل سليمان حزين في عام 1929 علي ليسانس الآداب في الجغرافيا والاجتماع في آن واحد وفي واقعة غير مسبوقة، أي أنه حصل في أربعة أعوام علي الشهادتين وبتقدير امتياز مع مرتبة الشرف الأولي في كل منهما، والجدير بالذكر أنه حصل علي تقدير امتياز في جميع المواد وفي جميع السنين، وقد تعلم علي أيدي كوكبة من خيرة الأساتذة العالميين الأوربيين .
عين سليمان معيدًا بكلية الآداب بعد تخرجه وسافر إلي بريطانيا في يوليو 1930 في بعثة حكومية للدراسات العليا فالتحق بجامعة ليفربول حيث حصل علي درجة الماجستير في الجغرافيا عام 1933 وكان قد أنهي متطلبات الحصول علي الماجستير في عامين وكان عليه الانتظار عامًا كاملا ليفي بشرط مدة الثلاث سنوات للحصول علي الدرجة العلمية ولكنه كان قد حصل علي قبول للتسجيل لدراسة الدكتوراه في جامعة مانشستر فانتقل إلي هناك عام 1932 ثم عاد عام 1933 لتأدية امتحان الماجستير في ليفربول. ثم أنهي رسالة الدكتوراه في زمن قياسي عام 1935م.
استغل سليمان وقته استغلالا رائعًا فبجانب ممارسته رياضة الماراثون أسبوعيًا بصفة منتظمة انكب علي دراسة اللغتين اللاتينية والألمانية وأصبح يجيدهما إلي جانب العربية الفصحى والانجليزية والفرنسية.
أسرة سليمان حزين:
تزوج الدكتور سليمان حزين عام 1937 بالسيدة الشريفة عزيزة محمد الشعراني سليلة المجد والشرف حفيدة مولانا الإمام الشيخ عبد الوهاب الشعراني ، كانت طالبة عنده في قسم الجغرافيا، كلية الآداب جامعة القاهرة وبعد أن حصلت علي الليسانس اتجهت لدراسة الآثار في معهد الآثار التابع لجامعة القاهرة، وعندما تزوجها الدكتور حزين كرست حياتها لخدمة أسرتها.
ويذكر الدكتور حزين أنه كان أول أستاذ في الجامعة يختار تلميذته قرينة له ويقول (ما أظن إلا أن هذه كانت هداية من الله سبحانه إذ اخترتها في اليوم السادس من عودتي من البعثة العلمية في الخارج وأعطتني زوجتي خير الذرية وأزكاها كما كان لها الفضل في مسيرتي في الحياة الدنيا (والآخرة إن شاء الله) علي صراط المودة والخير والحق المستقيم في صحبة سليلة الإمام الشعراني رضي الله عنه وأرضاه).
رزقت الأسرة الكريمة بولدين نابهين (أحمد وعلي) صار الأول أستاذًا في الهندسة الميكانيكية بجامعة أسيوط، ثم نقل – بناء علي رغبته – إلي المعهد العالي للتكنولوجيا ببنها (الآن كلية الهندسة ببنها) ليكون قريبًا من والده نظرا لظروف والده الصحية، أما الثاني فقد أصبح أستاذًا لهندسة النقل بكلية الهندسة جامعة القاهرة.
التدرج الوظيفي:
1.معيد بقسم الجغرافيا بكلية الآداب بجامعة فؤاد الأول عام 1929م.
2.مدرس بقسم الجغرافيا كلية الآداب جامعة فؤاد الأول عام 1936م.
3.أستاذ مساعد بذات القسم عام 1942.
4.مدير المعهد الثقافي المصري في لندن وهو الذي أنشأه عام 1943.
5.أستاذ وأول رئيس قسم الجغرافيا فى جامعة الإسكندرية بين عامي 1947 و1950 وهو الذي أنشأ القسم.
6.شارك في إنشاء هيئة اليونسكو (لندن وباريس 1944).
7.مدير عام الإدارة العامة للثقافة بوزارة المعارف (التربية والتعليم) عام 1950.
8.أنشأ المركز المصري للثقافة العربية والإسلامية بمدريد عام 1950.
9.وكيل وزارة التربية والتعليم 1954.
10.مدير جامعة أسيوط من ديسمبر 1955 حتي سبتمبر 1965م.
11.وزير الثقافة 1965 / 1966.
12.مدير المركز القاهرة الديمـــــــوجرافي التــــــابع للأمم المتحدة (1968- 1980).
أبرز أساتذته:
لم ينس الدكتور حزين خمسة من أساتذته الذين أسهموا في تكوين شخصيته: اثنين منهم من المرحلة الثانوية وثلاثة من مرحلة الدراسات العليا من الأجانب....أساتذته الكبار وتكوينهم العلمي الذين تعددت مشاربهم واهتماماتهم الأولي حتي أصبحوا رءوس المدرسة التي ينتمي إليها سليمان حزين. ويذكر فضل المدرسين المصريين قائلا: (أولهما الأستاذ السباعي بيومي وقد كان أستاذًا قويًا في اللغة العربية وتعليمها وأسلوب الكتابة والتحرير والخطابة بصفة خاصة ويظن الدكتور حزين أن الأستاذ السباعي مع والده كان لهما الفضل الأول والأكبر فيما استطاع أن يأخذ يه نفسه في اللغة والأسلوب والتعبير).
أما الأستاذ الثاني فهو يوسف مجلي: (وكان أول أستاذ تتلمذت عليه في علم الجغرافيا كما عرفته معه، وكانت مادة الجغرافيا غير محببة بين التلاميذ ولكن أسلوب يوسف مجلي قرّبها إلي نفسي خصوصًا أنه كان يتحدث إلينا في ربيع عام 1925 عما قال عنه المؤتمر الجغرافي الدولي الحادي عشر الذي كان أول مؤتمر ينعقد في مصر المستقلة وكان انعقاده بمبني الجمعية الجغرافية المصرية الملكية وقاعاتها التي أنشأها ملك مصر فؤاد الأول، ومن هنا فقد كان لأستاذي ذلك الفضل الأول في ترسيخ هذا المعني في نفسي بل لعلي أظن أن زياراتي السريعة لقاعة الجمعية الجغرافية الكبري والتفرج بضع دقائق مع أستاذي يوسف مجلي علي جانب من اجتماعات علماء الجغرافيا العالميين بالقاعة قد تركا في نفس الفتي الطالب ما جعله يوطد العزم في أن تكون سبيل دراسته في الجامعة هي سبيل علم الجغرافيا وأن ترتبط حياته بالجمعية الجغرافية المصرية فيما بعد).
أما الأساتذة الأجانب الذين أثروا في حياة الدكتور سليمان حزين فيمكن حصرهم - كما ورد في مذكراته – في الآتي:
1- الأستاذ هربرت جون فلير Herbert John Fleure الذي (بدأ حياته مع علم الحيوان ثم انتقل سريعا إلي الانثربولوجيا التي اختار اسمها ليطلق علي مدرسته التي أنشأها بهذا الاسم في جامعة مانشستر وعرف كيف يضع الفكر الجغرافي في خدمة علوم الإنسان والسلالات البشرية وأصول الحضارات).
2- الأب هنري برويل الفرنسي الذي (نشأ في علم اللاهوت ولكنه انطلق سريعا في طريق دراسة البيئة الطبيعية القديمة في خدمة فهم تطور الحضارات الحجرية في غرب أوروبا ثم في غيرها من البلاد البعيدة).
3- الأستاذ منجين الذي (نشأ في دراسة حضارات الإنسان الأوربي في نهاية العصر الحجري وبداية عصر المعدن وانتقل من ذلك إلي المشاركة العملية في دراسة آثار مير في المعادي حيث كانت نهايات عصر ما قبل الأسرات وهي الحضارة التي ربطت إذ ذاك بين الحياة في وادي النيل والحياة عبر الصحاري المجاورة حتي امتدت إلي الربط القديم بين سوريا ومصر قبل أن يبدأ فجر التاريخ).
ويتحدث سليمان حزين عن اثنين من أساتذته في كلية الآداب وهما مصطفي عامر ومحمد عوض محمد وكلاهما أثر في حياته ومستقبل عمله وإن اختلف كل منهما عن الأخر في الأثر. كان مصطفي عامر واضع أسلوب البحث الجغرافي التطبيقي الذي يربط الحياة المعاصرة والمستقبلية لمصر بدراسات العصور التاريخية المتتابعة. أما الدكتور محمد عوض فكان حائزًا لأول درجة دكتوراه في الجغرافيا وكان معروفًا عنه الجدية في المعاملة.
تلمذة الدكتور حزين لأحمد لطفي السيد والدكتور طه حسين
يقول الدكتور حزين عن أستاذ الجيل وعميد الأدب العربي يصفهما من أشهر الرجال في حياته: (فنحن أبناء الشعب بل وأبناء الفلاحين ندرس الآن في قصر منيف يجلس في طابقها الأسفل كبير علماء مصر ومفكريها وهو أحمد لطفي السيد الذي نمر أمامه كل صباح لنصعد إلي الطابق العلوي حيث قاعات الدراسة والأساتذة وهي قاعات جميلة، رسمت علي سقوفها صور زيتية للسماء والسحب التي يسرح فيها خيال بعض الطلاب حتي أثناء الاستماع للمحاضرات ومع ذلك إن كلام أولئك العمالقة من العلماء وأحاديثهم كانت تعرف كيف تستهوي عقولنا وخيالنا في الوقت ذاته........).
كان صاحبكم بالذات حريصا علي أن يحضر أكبر عدد من المحاضرات حتي ولو لم تكن في نطاق تخصص قسمه أو قسميه بل إنه كان يحرص علي أن يتابع محاضرات لطفي السيد القليلة ومعظم محاضرات طه حسين الذي حاول بل وجاهد علي أن يستهويني للالتحاق بقسم اللغة العربية وأن أستبدله بقسم الاجتماع ولكنني اعتذرت له واكتفيت بأن يأذن لي بالاستماع إلي محاضراته دون أن أرتبط بالامتحان آو الاندماج في سلك قسم اللغة العربية والأدب العربي ومع ذلك فإنني أفخر بأن أعتبر نفسي واحدًا من تلاميذ طه حسين ولو في غير ميدان الأدب العربي).
رحلته العلمية إلي اليمن:
يحدثنا الدكتور حزين عن رحلته العلمية إلي اليمن في كتابه (مستقبل الثقافة العربية" وعاد صاحبكم في أول عام 1936..ولكنه لم يلبث أن وظف جائزة مالية كان قد حصل عليها من جامعة مانشستر (جائزة لانجتون) ومنحة إضافية مماثلة قدمها له ورشحه لها أستاذه لطفي السيد رأس الجامعة المصرية عند ذاك (جامعة القاهرة فيما بعد) فقاد بعثة علمية مصرية إلي اليمن وحضرموت ورجع بما حصل عليه بالخارج من خبرة علمية ليقود هذه البعثة الدراسية الميدانية لمدة سبعة أشهر من عام 1936 وسار علي قدميه أو علي ظهور البغال والجمال أكثر من ألف وخمسمائة كيلومتر في فيافي تلك البلاد وفوق جبالها وهضابها العالية وأدخل ذلك صاحبكم في احتكاك مباشر بالحياة العربية في البادية القديمة، وكان لذلك كله أثره الباقي في قرارة نفس صاحب الرحلة ومسئولها الأول بما في ذلك من اتصال مباشر بالحياة والفكر العربي قي بادية عريقة من بوادي بلاد العرب ذات التاريخ المجيد).
سليمان حزين وجماعة الرواد:
يرجع تاريخ التحاق الدكتور سليمان حزين بجماعة الرواد إلى صيف سنة 1933 في مرحلة ما بعد اجتيازه امتحان درجة الماجستير في جامعة ليفربول وحصوله على درجة الدكتوراه من جامعة مانشستر، حيث غاب ليعود إلى أرض الوطن في شتاء سنة 1936 ليطبق نظريته في الجغرافيا الحضرية بين طلاب قسم الجغرافيا بكلية الآداب ـ جامعة القاهرة، وينضم بفاعلية إلى هؤلاء الرواد الذين عاهدوا الله أن يكون عملهم في صمت وإنكار للذات من منطلق أن الفرد والمجتمع طرفان متفاعلان يؤثر كل منهما في الآخر. فإن خير المشاركة الخدمة من أجل الارتقاء بالطبقات الأقل حظًا في المجتمع مع الارتقاء بالمسئولية الاجتماعية، ولا تنسى مقولة حزين: "إن العلم وسيلتنا لخدمة المجتمع، والدين طريقنا إلى الله".
كان الدكتور حزين شديد الإعجاب بأستاذه الشاب الدكتور محمد عوض محمد وتأثر به وبأسلوبه في الفكر والعلم والتعليم والثقافة والسياسة والعمل القومي ـ فكان معه حيثما كان ـ حيث سار حزين على وتيرة عوض في " الجدية " خلال حياته وعمله وكذلك انتمائه إلى جماعة الرواد التي كانت قد نبهت إلى حقيقة المشكلة السكانية في مصر ودقت ناقوسًا لذلك الخطر في مرحلة مبكرة. فقد أنشأ الدكتور عوض وآخرون من الرواد جمعية الدراسات السكانية سنة 1936 التي اهتمت بقضية تحديد النسل وتنظيم الأسرة في مصر بتأييد من مفتى الديار المصرية حينذاك. وقد شارك الدكتور سليمان حزين في كثير من الدراسات الرائدة لبحث مشكلات المجتمع المصري وما يتبعها من تقارير لاقتراح الحلول المناسبة، حيث تهدف جماعة الرواد إلى إنارة السبيل في ميدان الخدمة الاجتماعية.
عضوية المجالس والمجامع:
•عضو مجمع اللغة العربية منذ عام 1978 وحتي وفاته في 1999.
•رئيس المجمع العلمي المصري منذ عام 1954 وحتي عام 1957 ومنذ عام 1967 حتي وفاته في 1999.
•عضو مجمع البحوث الإسلامية منذ إنشائه 1961 حتي وفاته عام 1999.
•عضو مجلس جامعة الأزهر الشريف منذ عام 1961 وحتي منتصف التسعينات.
•عضو مجلس إدارة المركز الإسلامي للبحوث والدراسات السكانية جامعة الأزهر منذ انشائه1970 وحتي وفاته في 1999.
•عضو المجلس الأعلي للثقافة منذ إنشائه 1980 وحتي وفاته 1999.
•عضو ومقرر المجلس القومي للتعليم أحد المجالس القومية المتخصصة منذ إنشائه 1974 وحتي وفاته 1999.
أهم بحوثه ومؤلفاته:
ألف الدكتور سليمان حزين أكثر من مائة بحث وكتاب باللغات العربية والانجليزية والفرنسية نشرت في العديد من المجلات والدوريات العلمية سواء داخل الوطن العربي أو خارجه ومن أهم مؤلفاته ما يلي:
1- بعض ما أضافه العرب إلي الجغرافيا
مقال نشر باللغة الانجليزية عام 1932 في مجلة الجغرافيا بانجلترا وكان أول بحث ينشر له.
2- تغيرات المناخ والبيئة في جنوب الجزيرة العربية
بحث نشر في مجلد المؤتمر الجغرافي الدولي المنعقد في وارسو عام 1934.
3- حضارة أرمنت قبل الأسرات
وهو جزء كبير من مؤلف ضخم أصدرته الجمعية البريطانية للدراسات الأثرية المصرية عام 1937.
4- مكانة مصر في حضارات عصر ما قبل التاريخ
وهو مؤلف ضخم يقع في 500 صفحة نشره المجمع العلمي المصري عام 1941. (1941م) ويعد من كتب العيون بالنسبة للباحثين والدارسين وكان لهذا الكتاب أثرهُ الواضحُ فى أن يحتل صاحبُه مكانتَه البارزةَ بين علماء ما قبل التاريخ، وكان د. جزين قد ضمّن هذا المؤلفَ ما توصل إليه من نتائج عندما قام بحفائرِ للكشف عن آثار ما قبل التاريخ فى الفيوم (1937- 1939م).
5- نهر النيل وتطوره الفيزيوجرافي
بحث باللغة العربية عام 1953.
6- بناء الجامعة الحديثة
قدم هذا البحث الهام إلي مؤتمر العلوم والتكنولوجيا المنعقد في جنيف عام 1962.
7- شجرة الجامعة في مصر رؤية تاريخية تحليلية
كتاب نشرته جامعة القاهرة عام 1985 يتناول قصته مع جامعة القاهرة والجامعات الأخري التي عمل بها.
8- حضارة مصر أرض الكنانة
كتاب يقع في 327 صفحة صدر سنة 1991 ويعطي تأملا علميًا فريدًٍا في أحوال مصر، ويتناول أحوال أرض الكنانة وبيئتها وموقعها الجغرافى فى قلب العالم القديم ودورها التاريخى وتكوين سكانها وسلالاتهم وسماتهم الحضارية ودورهم فى بناء الحضارة الإنسانية.
9- أرض العروبة رؤية تاريخية في المكان والزمان
صدر هذا الكتاب مواكبًا لأحدى الأزمات التاريخية العربية الكبرى (اعتداء العراق على الكويت) والتحدي الأكبر لحركة الوحدة العربية خلال تاريخنا المعاصر فلا يكفينا تكالب الطامعين فينا بل أصبحنا ننهش في بعضنا البعض. فرأى صاحب الكتاب بضرورة جمع أوراقه عن العروبة ووحدتها إيمانا منه بأن ما أمر به أن يوصل فلا يجب أن يقطع ولا يجب أن تهزه أزمة طارئة ولما كان إيمان المؤلف بالعروبة قويا آثر أن يكتب كتابه في هذا الوقت بالتحديد لعله بذلك أن يرد الثقة بالأمل الذي يحلم به الكثيرون ولعل الضارة تكون نافعة ولعل أزمة الخليج تكون حافزا أو تكون فجر جديد.
10- مستقبل الثقافة في مصر العربية
وقد حاز جائزة أحسن كتاب ثقافي في مصر عام 1994 وهو من أهم الكتب التي صدرت باللغة العربية في القرن العشرين. يتناول جذور الثقافة فى مصر العربية ومسيرتها مع الحضارة والتاريخ، والمؤثرات الداخلية والخارجية فيها فى وقتنا المعاصر، وعرض للمتغيرات المعاصرة فى الغرب والشرق والعالم العربى وصداها المرتقب فى الفكر والثقافة، ثم عرض لبحث مقارن فى دراسة الشخصية الثقافية وتاريخ الحضارتين القديمة والحديثة فى مصر والصين، ثم الحديث عن مشروع ميثاق العمل الثقافى فى مصر، ثم انتقل بالحديث إلى التعليم فى مصر وفلسفة المعرفة عبر العصور، والتربية السياسية والتأكيد على تنمية الشعور الوطنى بالانتماء والمسئولية، ودور التعليم فى تنمية الفكر القومى فى مصر، ثم رؤية لكيفية إصلاح التعليم ووضع إستراتيجية فعالة له، ثم تناول من منظور تاريخى تحليلى التعليم الجامعى فى مصر، وانتهى بسيرة ذاتية له.
حزين وجامعة أسيوط:
أتاحت له ثقافته وعلمه آن يتولي الأستاذ سليمان حزين مسئوليات كثيرة في مصر الغالية عليه, بدأت برسالة المعلم في المدرسة إلي قمة الهرم التعليمي. مديرًا لجامعة أسيوط ووزيرًا للثقافة, وكان واحدًا من أبرز رواد الفكر والثقافة في زمانه.
أنشأ الدكتور حزين وشارك في إنشاء العديد من المعاهد العلمية ومراكز البحوث وبدأ الدراسة عام 1957 بأول جامعة حقيقية في جنوب الوادي في مبني المدرسة الثانوية بمدينة أسيوط وسكن في بيت ناظرها.
أسس الدكتور حزين جامعة أسيوط عام 1955، وكان أول رئيس لها حتى سبتمبر عام 1965 وكانت أول دفعة من الطلاب520 طالبًا وطالبة, وتغلّب علي قصور المال بمعامل وورش موحدة لكل الكليات العلمية. أما إقامة الطلاب المغتربين فقد استأجر لهم 7 عمارات مجاورة للمبني الجديد للجامعة. وبادرت أسرة موريس دوس بتقديم قصرها في مدينة أسيوط هدية للجامعة كنواة لمدينة سكنية للطلاب. وأول جامعة يضع فيها أسسا جديدة في متابعة الطلاب بدروس إضافية ودروس خاصة بمساهمة بدون مقابل من الأساتذة المقيمين.. وفي غير أوقات الدراسة. ولأول مرة يدرس الطلاب نظام الحكم المحلي في قسم الإدارة العامة للحكم المحلي بكلية التجارة. لقد كان بعيد النظر لنظام الحكم في مصر.وظل في كفاحه في أسيوط حتي عام1965 عندما عين وزيرًا للثقافة، وإن كان قد وضع بصمات ثقافية وفنية في هذه الوزارة التي لم يطل مقامه فيها إلا عامًا واحدًا.
ولقد كرَّس الرجل كل جهده لإنشاء تلك الجامعة وتطويرها وكان أول مدير لها، كما شاركته قرينته السيدة الفضلي «عزيزة الشعراني» الجانب الاجتماعي العام من نشاطه الأكاديمى والثقافى فتركا بصماتٍ باقيةً لن ينساها «الصعيد» المعروف بعرفان الجميل دائمًا لكل من يقف إلى جانب قضاياه التنموية والاجتماعية.
من مذكرات خريج من هندسة أسيوط:
(د. سليمان حُزّين مُدير جامعة أسيوط (رئيسها) ذلك النوبي الأسمر الهُمام أعطى الجامعة كل فكره، وجُهده وزوجته السيدة الشقراء الرشيقة دائبة النشاط وسريعة الحركة (عزيزة الشعراني) لقّبَها الطلاب بأم الجامعة: تتفقّد نظافة المدينة الجامعية وحُجراتها أو مطاعم المدينة لتتأكد من تقديم وجبات الطعام المقررة للطلاب،.أيضًا رعايتها للأنشطة الفنية والثقافية والأمسيات الشعرية..هذا الثنائي.. وهبا حياتهما للجامعة ووهبهما الله أبنا يُدعى «أحمد» كان طالبًا في كلية الهندسة ورغم اجتهاده بشهادة زملائه إلا أن أبيه حرص أن لا تكون هُناك شُبهه في حصول ابنه على أي مميزات، أو معاملة خاصة." أحمد" - في ظل رئاسة أبيه للجامعة – لم يحصل على تقدير أكثر مما يستحق، ولم يتميز عن زملائه في أي شئ!!
إذ كان عُمال النظافة يغسلون حُجرات المدينة الجامعية وطُرقاتِها، يُغيّرون ملاءات أسِّرة الطلبة ويغسلون دورات المياه بالمنظفات والأحماض،.يتفانون في عملهم قانعين بأجورهم في ظل أسعار الطعام الزهيدة والثابتة كان هذا حال المسكن، أما المأكل فالإفطار احتوى على العدس أبو جُبه - ثلاث بيضات - جُبن أبيض أو مطبوخ أو مربى - كوب لبن أو شاي، بينما كانت اللحوم هي العنصر الأساسي في وجبة الغذاء في خمسِ أيام من الأسبوع ودجاج في يوم، وأسماك في اليوم السابع إضافةً إلى الخُضار المطهو، الأرز، السلطة الخضراء والتي كانت بيضاء في يوم السمك، ثمرة برتقال أو ثمرتي موز وكانت وجبة الغذاء متاحة أيضاً لطلاب الجامعة المقيمين خارج المدينة الجامعية مقابل قرشين عدا يوم الجمعة، أما العشاء فكان ثلاثًا من أرغفة الفينو يبلغ طول الواحد قدمًا وعرضه نحو10 سنتيمترات هذا عن (ساندوتشات) وطازجها ثلاث اختيارات من بين الجُبن الأبيض أو المطبوخ – المربات – الحلاوة - البيض أو الدجاج البلدي. ومقابل المسكن توجد ملاعب الجامعة التي تُطل عليها المدينة دون رقيبٍ أو حسيب (جامعة بلا أسوار) إضافًة إلى المأكل، كنا ندفع مبلغ ستة جنيهات ونصف. هكذا كانت جامعة أسيوط أيام سليمان حزين!).
التكريم والتقدير:
•جائزة لانجتون العلمية من جامعة مانشستر بالمملكة المتحدة عام 1935.
•الجائزة التقديرية في العلوم الاجتماعية عام 1971م.
•أوسمة متعددة من مصر والأردن وسوريا والعراق وفرنسا واليونان.
كلمات وأقوال آمن بها ورددها سليمان حزين:
•الحرية والديمقراطية نوع عال من الالتزام
•المصريون.. "رجل واحد" والطائفية لم تهزهم علي مدار التاريخ.
•إذا كان هيرودوت قد وصف مصر بأنها هبة النيل. فإن مصر هبة المصريين. وليست هبة النيل فقط فحضارتنا ثمرة جهاد الإنسان علي الأرض الطيبة!!
حزين وزيرًا للثقافة:
بالرغم من قصر المدة التي قضاها وزيرًا للثقافة (1965 - 1966) إلا أنه ترك بصماتٍ واضحةً في الحياة الثقافية في مصر. فقد كان حريصًا أن ُتترك حرية العمل لوزير الثقافة في أن يوجه الرأي القومي في مجال الثقافة والعمل الثقافي توجيها معتدلاً يحفظ للبلاد شخصيتها وهويتها الفكرية ويصونها من الانحراف والسير نحو اليسار المتطرف أو اليمين المتزمت وإنما يكون الفكر والثقافة مصريين عربيين في طبيعيتيهما ومحورهما العام.
لم يهتم سليمان حزين كثيرا بتسجيل ذكرياته عن المدة التي قضاها وزيرًا للثقافة ولكنه كان شديد الاعتزاز بمنصبه في المجالس القومية المتخصصة ودوره كخبير وطني في التعليم.
وفي عام 1966 استضاف الدكتور حزين المسيو اندريه مارلو وزير الثقافة الفرنسي والأديب والمفكر الكبير الذي أعاد إلي باريس وجهها الناضر أيام ديجول، وكانت فرنسا واليونسكو يتعاونان في مشروع تقطيع معبدي أبي سمبل ورفعهما إلي مستو عال عند قمة واجهة الهضبة الواسعة غربي النيل.
دور الدكتور حزين في إنشاء بعض الجامعات العربية:
يعرف الجميع أن الدكتور سليمان حزين هو المؤسس الحقيقي لجامعة أسيوط بالرغم من أنه لم يكن أول مدير لها، ولكن الذي لا يعرفه الكثير أنه لعب دورًا كبيرًا في تأسيس بعض الجامعات في البلاد العربية، وكانت العراق بمثابة أول الميادين التي أدي فيها دوره التأسيسي. فقد دُعي عام 1954 للمعاونة في إنشاء جامعة بغداد وتأسيسها ثم دعته الثورة العراقية في عام 1958 وتوجه إلي بغداد بعد 15 يوما من ثورة عبد الكريم قاسم وحرر مسودة قانون الجامعة.
وفي عام 1959 عاون الدكتور حزين في إنشاء كلية الآداب بجامعة بني غازي في ليبيا وعاون في اختيار بعض أعضاء هيئة التدريس وتابع عمله بعد أن وسعت الثورة الليبية عملها بعد بضع سنين.
وقد جاءت فكرة إنشاء جامعة في الكويت عام ١٩61 عندما دعت الحكومة الكويتية السير إيفور جنجز (مندوب اليونسكو) والدكتور سليمان حزين (مدير جامعة أسيوط) والدكتور قسطنطين زريق (نائب رئيس الجامعة الأميركية في بيروت) لوضع تقرير مفصل عن إمكانية إنشاء الجامعة في الكويت. فرسموا سياسة إنشاء الجامعة الجديدة وكان لسابق خبرة الدكتور حزين في إنشاء جامعة أسيوط قبل ذلك بنحو ست سنوات دور كبير عند إنشاء جامعة الكويت، والدكتور حزين كان له دور كبير أيضا في التعاون التعليمي قبل مرحلة البترول، وكان قد سيق له التردد علي دولة الكويت سواء لتقديم المشورة في وزارة التربية بها أو في مؤتمرات الجامعة العربية.
وفي عام 1964 دعي عدد من رؤساء الجامعات المصرية لزيارة الرياض وكان الدكتور حزين أحدهم وأبدي رأيه في إعادة تنظيم الجامعة، وقد عرض عليه العمل في السعودية في مرحلة إنشاء الجامعات بالسعودية ولكنه كان مرتبطًا أشد الارتباط بجامعة أسيوط فاعتذر شاكرًا.
وأخيرا جاء دور جامعة بيروت العربية حيث طلبت جمعية المعاهد الإسلامية من مصر أن تنتدبه مع زميل له للمشورة في إنشاء تلك الجامعة وربطها بجامعة الإسكندرية.
وفاته:
ظل الأستاذ الدكتور سليمان حزين محتفظا بلياقة بدنية جيدة إلي آخر يوم في حياته، وكان لا يتردد في قبول الدعوة لإلقاء المحاضرات، وقد وصل الأمر به أن تجشم مشقة السفر إلي جامعته في أسيوط ليحاضر بدعوة من نادي أعضاء هيئة التدريس بها ولم يمتلئ النادي في يوم من الأيام بالحاضرين كما امتلأ يومها، لقد سرد يومها قصة ميلاد جامعة أسيوط كأروع ما يكون السرد وكان يرتجل بلغة عربية رفيعة المستوي لمدة أكثر من ساعتين.
كان الدكتور سليمان حزين رجلا وطنيًا من طراز فريد. أعطي مصر والوطن العربي الكثير من الدراسات الجادة التي كان مصدر إلهام وإرشاد، وكان عاشقًا لمصر والسودان، وعاش حياته مؤمنًا بحتمية وحدتهما المبنية علي أسس تاريخية وجغرافية وعرقية.
كان الدكتور حزين يحب تلاميذه, ويعمل علي تشجيعهم والأخذ بيدهم، وكان يتابع بكل الاهتمام أخبار مبعوثي جامعة أسيوط في الخارج، ولم يقف تشجيعه عند حد بل امتد وتلاميذه في أعلي المناصب، لم يبخل بعلم أو مشورة بل كان نهرًا متدفقًا بالعطاء.
وشاءت إرادة الله سبحانه وتعالي أن ينتقل إلي رحابه أستاذ الأجيال وعميد الجغرافيين العرب الدكتور سليمان حزين عن عمر تجاوز التسعين عاما، وجاء رحيله مع رحيل القرن العشرين الذي شهد جهاده المتواصل الدءوب في سبيل العلم والوطن، ففي يوم الخميس الموافق23 ديسمبر من عام 1999 انتقلت روح الأستاذ الجليل إلي بارئها.
يقول عنه أحد تلاميذه: " لقد كان الدكتور سليمان حزين مثالا فريدًا للجغرافي المتكامل الذي كرس حياته لعلمه ولوطنه, وكان عاشقًا لأرض مصر الطيبة وأبنائها الأوفياء, وسيظل دائمًا واحدًا من أبرز رواد الفكر والثقافة في مصر القرن العشرين, وأستاذًا لأجيال متعاقبة في هذا القرن نفتخر جميعا بأستاذيته وعلمه وريادته."
ولعل الشاعر العربي كان يقصده حين قال:
المرء يفني وبعد الموت تذكره آثاره الغر بالحسني وتحييه
(1909 –1999)
إن العلم وسيلتنا لخدمة المجتمع، والدين طريقنا إلى الله
عائلة حزين:
آل «حزّين» فرع من قبيلة تسمى «الجميلية»، وهو فرع وافد على مصر من المغرب العربى مع الفتوحات الإسلامية، ويتمركز آل حزين فى جنوب قنا وتحديدَا فى مركز إسنا، وللعائلة كذلك أفرع فى محافظتى البحيرة وأسيوط، فى البحيرة تتمركز فى مدينة دمنهور، وفى أسيوط تتمركز فى المدينة، ومعروف لدى العائلة أن فرع البحيرة كان منه الدكتور سليمان حزين، وآل حزين طيبون ويتميزون بالتواضع، ويعتبرون أنفسهم من العائلات متوسطة الحال، وهم حريصون على تأكيد هذا المعنى، ورغم أن قوانين الإصلاح الزراعى أخذت منهم 7300 فدان، لم يعتدوا على أرض الدولة بوضع اليد، واكتفوا بما تبقى لديهم.
مولده:
ولد سليمان بن الشيخ أحمد بن سليمان بن حسن حزين بمدينة وادي حلفا بالسودان فجر يوم الاثنين الرابع والعشرين من مايو عام 1909م. كان والده الشيخ أحمد سليمان قد أتم دراسته لعالمية الأزهر الشريف وعين مدرسًا في مدرسة حلفا عام 1903. لم يبق سليمان طويلا في وادي حلفا إذ سرعان ما عاد إلي قرية والده الوفائية بمحافظة البحيرة.
والدكتور حزين كان دائما حريصًا علي ذكر فضل والده عليه في تكوينه الخلقي والعلمي والإنساني ولا ينس تأثير أمه عليه، السيدة «مبروكة محمد عصفور» وهي ابنة العالم المالكي الجليل والتي عرفت الله في أبنائها بأفضل ما يعرفه إنسان عن خالقه فعلمتهم خشية الله ورعاية حقه عليهم.
تعليمه:
التحق سليمان بالكُتَّاب، كُتّاب الشيخ عبد ربه في قريته الوفائية حيث حفظ القرآن الكريم شأنه شأن قرنائه في ذلك الوقت. كان للشيخ الجليل الضرير «عبد ربه» تأثير بالغ علي الطفل سليمان حزين وظل يذكره بالخير إلي آخر أيام حياته وقد تعلم علي يديه القرآن الكريم والحديث الشريف وأصول اللغة العربية.
انتقل سليمان مرة أخري مع والديه إلي السودان حيث المدرسة الابتدائية ثم انتقل مع أبيه إلي أم درمان عاصمة السودان الوطنية في مدرسة ابتدائية / إعدادية. رجع إلي مصر 1921 وتقدم لامتحان شهادة إتمام الدراسة الابتدائية والتي لم يكن قد أتم دراستها في السودان، ثم تلقي تعليمه في المرحلة الثانوية في مدرسة طنطا الثانوية بالقسم الداخلي، وفي مدرسة طنطا الثانوية التقى بأساتذةٍ فى اللغة علماء، بينهم الشيخُ محمد هاشم عطية والشيخُ أحمد خاطر فيزدادُ شغفًا بلغة القرآن ويُقبلُ على آدابها شعرًا ونثرًا ليحفظَ منه الكثيرَ ويحاولُ فى هذه السن الباكرة أن يكون شاعرًا ولكنه انصرف إلى دراسته وحصل على شهادة البكالوريا عام 1925م.
التحق الطالب سليمان حزين بأول دفعة من طلاب كلية الآداب بجامعة فؤاد الأول (جامعة القاهرة حاليا) عام 1925 وتخرّج في قسم الجغرافيا عام 1929. كان لطفي السيد مديرًا للجامعة وطه حسين عميدًا لكلية الآداب بها. كان سليمان طالبًا بقسم الجغرافيا ولكنه أصر علي الالتحاق في نفس الوقت بقسم الاجتماع وقد أدي امتحان قسم الجغرافيا في دور يونيو وامتحان قسم الاجتماع في دور سبتمبر من العام نفسه وحصل سليمان حزين في عام 1929 علي ليسانس الآداب في الجغرافيا والاجتماع في آن واحد وفي واقعة غير مسبوقة، أي أنه حصل في أربعة أعوام علي الشهادتين وبتقدير امتياز مع مرتبة الشرف الأولي في كل منهما، والجدير بالذكر أنه حصل علي تقدير امتياز في جميع المواد وفي جميع السنين، وقد تعلم علي أيدي كوكبة من خيرة الأساتذة العالميين الأوربيين .
عين سليمان معيدًا بكلية الآداب بعد تخرجه وسافر إلي بريطانيا في يوليو 1930 في بعثة حكومية للدراسات العليا فالتحق بجامعة ليفربول حيث حصل علي درجة الماجستير في الجغرافيا عام 1933 وكان قد أنهي متطلبات الحصول علي الماجستير في عامين وكان عليه الانتظار عامًا كاملا ليفي بشرط مدة الثلاث سنوات للحصول علي الدرجة العلمية ولكنه كان قد حصل علي قبول للتسجيل لدراسة الدكتوراه في جامعة مانشستر فانتقل إلي هناك عام 1932 ثم عاد عام 1933 لتأدية امتحان الماجستير في ليفربول. ثم أنهي رسالة الدكتوراه في زمن قياسي عام 1935م.
استغل سليمان وقته استغلالا رائعًا فبجانب ممارسته رياضة الماراثون أسبوعيًا بصفة منتظمة انكب علي دراسة اللغتين اللاتينية والألمانية وأصبح يجيدهما إلي جانب العربية الفصحى والانجليزية والفرنسية.
أسرة سليمان حزين:
تزوج الدكتور سليمان حزين عام 1937 بالسيدة الشريفة عزيزة محمد الشعراني سليلة المجد والشرف حفيدة مولانا الإمام الشيخ عبد الوهاب الشعراني ، كانت طالبة عنده في قسم الجغرافيا، كلية الآداب جامعة القاهرة وبعد أن حصلت علي الليسانس اتجهت لدراسة الآثار في معهد الآثار التابع لجامعة القاهرة، وعندما تزوجها الدكتور حزين كرست حياتها لخدمة أسرتها.
ويذكر الدكتور حزين أنه كان أول أستاذ في الجامعة يختار تلميذته قرينة له ويقول (ما أظن إلا أن هذه كانت هداية من الله سبحانه إذ اخترتها في اليوم السادس من عودتي من البعثة العلمية في الخارج وأعطتني زوجتي خير الذرية وأزكاها كما كان لها الفضل في مسيرتي في الحياة الدنيا (والآخرة إن شاء الله) علي صراط المودة والخير والحق المستقيم في صحبة سليلة الإمام الشعراني رضي الله عنه وأرضاه).
رزقت الأسرة الكريمة بولدين نابهين (أحمد وعلي) صار الأول أستاذًا في الهندسة الميكانيكية بجامعة أسيوط، ثم نقل – بناء علي رغبته – إلي المعهد العالي للتكنولوجيا ببنها (الآن كلية الهندسة ببنها) ليكون قريبًا من والده نظرا لظروف والده الصحية، أما الثاني فقد أصبح أستاذًا لهندسة النقل بكلية الهندسة جامعة القاهرة.
التدرج الوظيفي:
1.معيد بقسم الجغرافيا بكلية الآداب بجامعة فؤاد الأول عام 1929م.
2.مدرس بقسم الجغرافيا كلية الآداب جامعة فؤاد الأول عام 1936م.
3.أستاذ مساعد بذات القسم عام 1942.
4.مدير المعهد الثقافي المصري في لندن وهو الذي أنشأه عام 1943.
5.أستاذ وأول رئيس قسم الجغرافيا فى جامعة الإسكندرية بين عامي 1947 و1950 وهو الذي أنشأ القسم.
6.شارك في إنشاء هيئة اليونسكو (لندن وباريس 1944).
7.مدير عام الإدارة العامة للثقافة بوزارة المعارف (التربية والتعليم) عام 1950.
8.أنشأ المركز المصري للثقافة العربية والإسلامية بمدريد عام 1950.
9.وكيل وزارة التربية والتعليم 1954.
10.مدير جامعة أسيوط من ديسمبر 1955 حتي سبتمبر 1965م.
11.وزير الثقافة 1965 / 1966.
12.مدير المركز القاهرة الديمـــــــوجرافي التــــــابع للأمم المتحدة (1968- 1980).
أبرز أساتذته:
لم ينس الدكتور حزين خمسة من أساتذته الذين أسهموا في تكوين شخصيته: اثنين منهم من المرحلة الثانوية وثلاثة من مرحلة الدراسات العليا من الأجانب....أساتذته الكبار وتكوينهم العلمي الذين تعددت مشاربهم واهتماماتهم الأولي حتي أصبحوا رءوس المدرسة التي ينتمي إليها سليمان حزين. ويذكر فضل المدرسين المصريين قائلا: (أولهما الأستاذ السباعي بيومي وقد كان أستاذًا قويًا في اللغة العربية وتعليمها وأسلوب الكتابة والتحرير والخطابة بصفة خاصة ويظن الدكتور حزين أن الأستاذ السباعي مع والده كان لهما الفضل الأول والأكبر فيما استطاع أن يأخذ يه نفسه في اللغة والأسلوب والتعبير).
أما الأستاذ الثاني فهو يوسف مجلي: (وكان أول أستاذ تتلمذت عليه في علم الجغرافيا كما عرفته معه، وكانت مادة الجغرافيا غير محببة بين التلاميذ ولكن أسلوب يوسف مجلي قرّبها إلي نفسي خصوصًا أنه كان يتحدث إلينا في ربيع عام 1925 عما قال عنه المؤتمر الجغرافي الدولي الحادي عشر الذي كان أول مؤتمر ينعقد في مصر المستقلة وكان انعقاده بمبني الجمعية الجغرافية المصرية الملكية وقاعاتها التي أنشأها ملك مصر فؤاد الأول، ومن هنا فقد كان لأستاذي ذلك الفضل الأول في ترسيخ هذا المعني في نفسي بل لعلي أظن أن زياراتي السريعة لقاعة الجمعية الجغرافية الكبري والتفرج بضع دقائق مع أستاذي يوسف مجلي علي جانب من اجتماعات علماء الجغرافيا العالميين بالقاعة قد تركا في نفس الفتي الطالب ما جعله يوطد العزم في أن تكون سبيل دراسته في الجامعة هي سبيل علم الجغرافيا وأن ترتبط حياته بالجمعية الجغرافية المصرية فيما بعد).
أما الأساتذة الأجانب الذين أثروا في حياة الدكتور سليمان حزين فيمكن حصرهم - كما ورد في مذكراته – في الآتي:
1- الأستاذ هربرت جون فلير Herbert John Fleure الذي (بدأ حياته مع علم الحيوان ثم انتقل سريعا إلي الانثربولوجيا التي اختار اسمها ليطلق علي مدرسته التي أنشأها بهذا الاسم في جامعة مانشستر وعرف كيف يضع الفكر الجغرافي في خدمة علوم الإنسان والسلالات البشرية وأصول الحضارات).
2- الأب هنري برويل الفرنسي الذي (نشأ في علم اللاهوت ولكنه انطلق سريعا في طريق دراسة البيئة الطبيعية القديمة في خدمة فهم تطور الحضارات الحجرية في غرب أوروبا ثم في غيرها من البلاد البعيدة).
3- الأستاذ منجين الذي (نشأ في دراسة حضارات الإنسان الأوربي في نهاية العصر الحجري وبداية عصر المعدن وانتقل من ذلك إلي المشاركة العملية في دراسة آثار مير في المعادي حيث كانت نهايات عصر ما قبل الأسرات وهي الحضارة التي ربطت إذ ذاك بين الحياة في وادي النيل والحياة عبر الصحاري المجاورة حتي امتدت إلي الربط القديم بين سوريا ومصر قبل أن يبدأ فجر التاريخ).
ويتحدث سليمان حزين عن اثنين من أساتذته في كلية الآداب وهما مصطفي عامر ومحمد عوض محمد وكلاهما أثر في حياته ومستقبل عمله وإن اختلف كل منهما عن الأخر في الأثر. كان مصطفي عامر واضع أسلوب البحث الجغرافي التطبيقي الذي يربط الحياة المعاصرة والمستقبلية لمصر بدراسات العصور التاريخية المتتابعة. أما الدكتور محمد عوض فكان حائزًا لأول درجة دكتوراه في الجغرافيا وكان معروفًا عنه الجدية في المعاملة.
تلمذة الدكتور حزين لأحمد لطفي السيد والدكتور طه حسين
يقول الدكتور حزين عن أستاذ الجيل وعميد الأدب العربي يصفهما من أشهر الرجال في حياته: (فنحن أبناء الشعب بل وأبناء الفلاحين ندرس الآن في قصر منيف يجلس في طابقها الأسفل كبير علماء مصر ومفكريها وهو أحمد لطفي السيد الذي نمر أمامه كل صباح لنصعد إلي الطابق العلوي حيث قاعات الدراسة والأساتذة وهي قاعات جميلة، رسمت علي سقوفها صور زيتية للسماء والسحب التي يسرح فيها خيال بعض الطلاب حتي أثناء الاستماع للمحاضرات ومع ذلك إن كلام أولئك العمالقة من العلماء وأحاديثهم كانت تعرف كيف تستهوي عقولنا وخيالنا في الوقت ذاته........).
كان صاحبكم بالذات حريصا علي أن يحضر أكبر عدد من المحاضرات حتي ولو لم تكن في نطاق تخصص قسمه أو قسميه بل إنه كان يحرص علي أن يتابع محاضرات لطفي السيد القليلة ومعظم محاضرات طه حسين الذي حاول بل وجاهد علي أن يستهويني للالتحاق بقسم اللغة العربية وأن أستبدله بقسم الاجتماع ولكنني اعتذرت له واكتفيت بأن يأذن لي بالاستماع إلي محاضراته دون أن أرتبط بالامتحان آو الاندماج في سلك قسم اللغة العربية والأدب العربي ومع ذلك فإنني أفخر بأن أعتبر نفسي واحدًا من تلاميذ طه حسين ولو في غير ميدان الأدب العربي).
رحلته العلمية إلي اليمن:
يحدثنا الدكتور حزين عن رحلته العلمية إلي اليمن في كتابه (مستقبل الثقافة العربية" وعاد صاحبكم في أول عام 1936..ولكنه لم يلبث أن وظف جائزة مالية كان قد حصل عليها من جامعة مانشستر (جائزة لانجتون) ومنحة إضافية مماثلة قدمها له ورشحه لها أستاذه لطفي السيد رأس الجامعة المصرية عند ذاك (جامعة القاهرة فيما بعد) فقاد بعثة علمية مصرية إلي اليمن وحضرموت ورجع بما حصل عليه بالخارج من خبرة علمية ليقود هذه البعثة الدراسية الميدانية لمدة سبعة أشهر من عام 1936 وسار علي قدميه أو علي ظهور البغال والجمال أكثر من ألف وخمسمائة كيلومتر في فيافي تلك البلاد وفوق جبالها وهضابها العالية وأدخل ذلك صاحبكم في احتكاك مباشر بالحياة العربية في البادية القديمة، وكان لذلك كله أثره الباقي في قرارة نفس صاحب الرحلة ومسئولها الأول بما في ذلك من اتصال مباشر بالحياة والفكر العربي قي بادية عريقة من بوادي بلاد العرب ذات التاريخ المجيد).
سليمان حزين وجماعة الرواد:
يرجع تاريخ التحاق الدكتور سليمان حزين بجماعة الرواد إلى صيف سنة 1933 في مرحلة ما بعد اجتيازه امتحان درجة الماجستير في جامعة ليفربول وحصوله على درجة الدكتوراه من جامعة مانشستر، حيث غاب ليعود إلى أرض الوطن في شتاء سنة 1936 ليطبق نظريته في الجغرافيا الحضرية بين طلاب قسم الجغرافيا بكلية الآداب ـ جامعة القاهرة، وينضم بفاعلية إلى هؤلاء الرواد الذين عاهدوا الله أن يكون عملهم في صمت وإنكار للذات من منطلق أن الفرد والمجتمع طرفان متفاعلان يؤثر كل منهما في الآخر. فإن خير المشاركة الخدمة من أجل الارتقاء بالطبقات الأقل حظًا في المجتمع مع الارتقاء بالمسئولية الاجتماعية، ولا تنسى مقولة حزين: "إن العلم وسيلتنا لخدمة المجتمع، والدين طريقنا إلى الله".
كان الدكتور حزين شديد الإعجاب بأستاذه الشاب الدكتور محمد عوض محمد وتأثر به وبأسلوبه في الفكر والعلم والتعليم والثقافة والسياسة والعمل القومي ـ فكان معه حيثما كان ـ حيث سار حزين على وتيرة عوض في " الجدية " خلال حياته وعمله وكذلك انتمائه إلى جماعة الرواد التي كانت قد نبهت إلى حقيقة المشكلة السكانية في مصر ودقت ناقوسًا لذلك الخطر في مرحلة مبكرة. فقد أنشأ الدكتور عوض وآخرون من الرواد جمعية الدراسات السكانية سنة 1936 التي اهتمت بقضية تحديد النسل وتنظيم الأسرة في مصر بتأييد من مفتى الديار المصرية حينذاك. وقد شارك الدكتور سليمان حزين في كثير من الدراسات الرائدة لبحث مشكلات المجتمع المصري وما يتبعها من تقارير لاقتراح الحلول المناسبة، حيث تهدف جماعة الرواد إلى إنارة السبيل في ميدان الخدمة الاجتماعية.
عضوية المجالس والمجامع:
•عضو مجمع اللغة العربية منذ عام 1978 وحتي وفاته في 1999.
•رئيس المجمع العلمي المصري منذ عام 1954 وحتي عام 1957 ومنذ عام 1967 حتي وفاته في 1999.
•عضو مجمع البحوث الإسلامية منذ إنشائه 1961 حتي وفاته عام 1999.
•عضو مجلس جامعة الأزهر الشريف منذ عام 1961 وحتي منتصف التسعينات.
•عضو مجلس إدارة المركز الإسلامي للبحوث والدراسات السكانية جامعة الأزهر منذ انشائه1970 وحتي وفاته في 1999.
•عضو المجلس الأعلي للثقافة منذ إنشائه 1980 وحتي وفاته 1999.
•عضو ومقرر المجلس القومي للتعليم أحد المجالس القومية المتخصصة منذ إنشائه 1974 وحتي وفاته 1999.
أهم بحوثه ومؤلفاته:
ألف الدكتور سليمان حزين أكثر من مائة بحث وكتاب باللغات العربية والانجليزية والفرنسية نشرت في العديد من المجلات والدوريات العلمية سواء داخل الوطن العربي أو خارجه ومن أهم مؤلفاته ما يلي:
1- بعض ما أضافه العرب إلي الجغرافيا
مقال نشر باللغة الانجليزية عام 1932 في مجلة الجغرافيا بانجلترا وكان أول بحث ينشر له.
2- تغيرات المناخ والبيئة في جنوب الجزيرة العربية
بحث نشر في مجلد المؤتمر الجغرافي الدولي المنعقد في وارسو عام 1934.
3- حضارة أرمنت قبل الأسرات
وهو جزء كبير من مؤلف ضخم أصدرته الجمعية البريطانية للدراسات الأثرية المصرية عام 1937.
4- مكانة مصر في حضارات عصر ما قبل التاريخ
وهو مؤلف ضخم يقع في 500 صفحة نشره المجمع العلمي المصري عام 1941. (1941م) ويعد من كتب العيون بالنسبة للباحثين والدارسين وكان لهذا الكتاب أثرهُ الواضحُ فى أن يحتل صاحبُه مكانتَه البارزةَ بين علماء ما قبل التاريخ، وكان د. جزين قد ضمّن هذا المؤلفَ ما توصل إليه من نتائج عندما قام بحفائرِ للكشف عن آثار ما قبل التاريخ فى الفيوم (1937- 1939م).
5- نهر النيل وتطوره الفيزيوجرافي
بحث باللغة العربية عام 1953.
6- بناء الجامعة الحديثة
قدم هذا البحث الهام إلي مؤتمر العلوم والتكنولوجيا المنعقد في جنيف عام 1962.
7- شجرة الجامعة في مصر رؤية تاريخية تحليلية
كتاب نشرته جامعة القاهرة عام 1985 يتناول قصته مع جامعة القاهرة والجامعات الأخري التي عمل بها.
8- حضارة مصر أرض الكنانة
كتاب يقع في 327 صفحة صدر سنة 1991 ويعطي تأملا علميًا فريدًٍا في أحوال مصر، ويتناول أحوال أرض الكنانة وبيئتها وموقعها الجغرافى فى قلب العالم القديم ودورها التاريخى وتكوين سكانها وسلالاتهم وسماتهم الحضارية ودورهم فى بناء الحضارة الإنسانية.
9- أرض العروبة رؤية تاريخية في المكان والزمان
صدر هذا الكتاب مواكبًا لأحدى الأزمات التاريخية العربية الكبرى (اعتداء العراق على الكويت) والتحدي الأكبر لحركة الوحدة العربية خلال تاريخنا المعاصر فلا يكفينا تكالب الطامعين فينا بل أصبحنا ننهش في بعضنا البعض. فرأى صاحب الكتاب بضرورة جمع أوراقه عن العروبة ووحدتها إيمانا منه بأن ما أمر به أن يوصل فلا يجب أن يقطع ولا يجب أن تهزه أزمة طارئة ولما كان إيمان المؤلف بالعروبة قويا آثر أن يكتب كتابه في هذا الوقت بالتحديد لعله بذلك أن يرد الثقة بالأمل الذي يحلم به الكثيرون ولعل الضارة تكون نافعة ولعل أزمة الخليج تكون حافزا أو تكون فجر جديد.
10- مستقبل الثقافة في مصر العربية
وقد حاز جائزة أحسن كتاب ثقافي في مصر عام 1994 وهو من أهم الكتب التي صدرت باللغة العربية في القرن العشرين. يتناول جذور الثقافة فى مصر العربية ومسيرتها مع الحضارة والتاريخ، والمؤثرات الداخلية والخارجية فيها فى وقتنا المعاصر، وعرض للمتغيرات المعاصرة فى الغرب والشرق والعالم العربى وصداها المرتقب فى الفكر والثقافة، ثم عرض لبحث مقارن فى دراسة الشخصية الثقافية وتاريخ الحضارتين القديمة والحديثة فى مصر والصين، ثم الحديث عن مشروع ميثاق العمل الثقافى فى مصر، ثم انتقل بالحديث إلى التعليم فى مصر وفلسفة المعرفة عبر العصور، والتربية السياسية والتأكيد على تنمية الشعور الوطنى بالانتماء والمسئولية، ودور التعليم فى تنمية الفكر القومى فى مصر، ثم رؤية لكيفية إصلاح التعليم ووضع إستراتيجية فعالة له، ثم تناول من منظور تاريخى تحليلى التعليم الجامعى فى مصر، وانتهى بسيرة ذاتية له.
حزين وجامعة أسيوط:
أتاحت له ثقافته وعلمه آن يتولي الأستاذ سليمان حزين مسئوليات كثيرة في مصر الغالية عليه, بدأت برسالة المعلم في المدرسة إلي قمة الهرم التعليمي. مديرًا لجامعة أسيوط ووزيرًا للثقافة, وكان واحدًا من أبرز رواد الفكر والثقافة في زمانه.
أنشأ الدكتور حزين وشارك في إنشاء العديد من المعاهد العلمية ومراكز البحوث وبدأ الدراسة عام 1957 بأول جامعة حقيقية في جنوب الوادي في مبني المدرسة الثانوية بمدينة أسيوط وسكن في بيت ناظرها.
أسس الدكتور حزين جامعة أسيوط عام 1955، وكان أول رئيس لها حتى سبتمبر عام 1965 وكانت أول دفعة من الطلاب520 طالبًا وطالبة, وتغلّب علي قصور المال بمعامل وورش موحدة لكل الكليات العلمية. أما إقامة الطلاب المغتربين فقد استأجر لهم 7 عمارات مجاورة للمبني الجديد للجامعة. وبادرت أسرة موريس دوس بتقديم قصرها في مدينة أسيوط هدية للجامعة كنواة لمدينة سكنية للطلاب. وأول جامعة يضع فيها أسسا جديدة في متابعة الطلاب بدروس إضافية ودروس خاصة بمساهمة بدون مقابل من الأساتذة المقيمين.. وفي غير أوقات الدراسة. ولأول مرة يدرس الطلاب نظام الحكم المحلي في قسم الإدارة العامة للحكم المحلي بكلية التجارة. لقد كان بعيد النظر لنظام الحكم في مصر.وظل في كفاحه في أسيوط حتي عام1965 عندما عين وزيرًا للثقافة، وإن كان قد وضع بصمات ثقافية وفنية في هذه الوزارة التي لم يطل مقامه فيها إلا عامًا واحدًا.
ولقد كرَّس الرجل كل جهده لإنشاء تلك الجامعة وتطويرها وكان أول مدير لها، كما شاركته قرينته السيدة الفضلي «عزيزة الشعراني» الجانب الاجتماعي العام من نشاطه الأكاديمى والثقافى فتركا بصماتٍ باقيةً لن ينساها «الصعيد» المعروف بعرفان الجميل دائمًا لكل من يقف إلى جانب قضاياه التنموية والاجتماعية.
من مذكرات خريج من هندسة أسيوط:
(د. سليمان حُزّين مُدير جامعة أسيوط (رئيسها) ذلك النوبي الأسمر الهُمام أعطى الجامعة كل فكره، وجُهده وزوجته السيدة الشقراء الرشيقة دائبة النشاط وسريعة الحركة (عزيزة الشعراني) لقّبَها الطلاب بأم الجامعة: تتفقّد نظافة المدينة الجامعية وحُجراتها أو مطاعم المدينة لتتأكد من تقديم وجبات الطعام المقررة للطلاب،.أيضًا رعايتها للأنشطة الفنية والثقافية والأمسيات الشعرية..هذا الثنائي.. وهبا حياتهما للجامعة ووهبهما الله أبنا يُدعى «أحمد» كان طالبًا في كلية الهندسة ورغم اجتهاده بشهادة زملائه إلا أن أبيه حرص أن لا تكون هُناك شُبهه في حصول ابنه على أي مميزات، أو معاملة خاصة." أحمد" - في ظل رئاسة أبيه للجامعة – لم يحصل على تقدير أكثر مما يستحق، ولم يتميز عن زملائه في أي شئ!!
إذ كان عُمال النظافة يغسلون حُجرات المدينة الجامعية وطُرقاتِها، يُغيّرون ملاءات أسِّرة الطلبة ويغسلون دورات المياه بالمنظفات والأحماض،.يتفانون في عملهم قانعين بأجورهم في ظل أسعار الطعام الزهيدة والثابتة كان هذا حال المسكن، أما المأكل فالإفطار احتوى على العدس أبو جُبه - ثلاث بيضات - جُبن أبيض أو مطبوخ أو مربى - كوب لبن أو شاي، بينما كانت اللحوم هي العنصر الأساسي في وجبة الغذاء في خمسِ أيام من الأسبوع ودجاج في يوم، وأسماك في اليوم السابع إضافةً إلى الخُضار المطهو، الأرز، السلطة الخضراء والتي كانت بيضاء في يوم السمك، ثمرة برتقال أو ثمرتي موز وكانت وجبة الغذاء متاحة أيضاً لطلاب الجامعة المقيمين خارج المدينة الجامعية مقابل قرشين عدا يوم الجمعة، أما العشاء فكان ثلاثًا من أرغفة الفينو يبلغ طول الواحد قدمًا وعرضه نحو10 سنتيمترات هذا عن (ساندوتشات) وطازجها ثلاث اختيارات من بين الجُبن الأبيض أو المطبوخ – المربات – الحلاوة - البيض أو الدجاج البلدي. ومقابل المسكن توجد ملاعب الجامعة التي تُطل عليها المدينة دون رقيبٍ أو حسيب (جامعة بلا أسوار) إضافًة إلى المأكل، كنا ندفع مبلغ ستة جنيهات ونصف. هكذا كانت جامعة أسيوط أيام سليمان حزين!).
التكريم والتقدير:
•جائزة لانجتون العلمية من جامعة مانشستر بالمملكة المتحدة عام 1935.
•الجائزة التقديرية في العلوم الاجتماعية عام 1971م.
•أوسمة متعددة من مصر والأردن وسوريا والعراق وفرنسا واليونان.
كلمات وأقوال آمن بها ورددها سليمان حزين:
•الحرية والديمقراطية نوع عال من الالتزام
•المصريون.. "رجل واحد" والطائفية لم تهزهم علي مدار التاريخ.
•إذا كان هيرودوت قد وصف مصر بأنها هبة النيل. فإن مصر هبة المصريين. وليست هبة النيل فقط فحضارتنا ثمرة جهاد الإنسان علي الأرض الطيبة!!
حزين وزيرًا للثقافة:
بالرغم من قصر المدة التي قضاها وزيرًا للثقافة (1965 - 1966) إلا أنه ترك بصماتٍ واضحةً في الحياة الثقافية في مصر. فقد كان حريصًا أن ُتترك حرية العمل لوزير الثقافة في أن يوجه الرأي القومي في مجال الثقافة والعمل الثقافي توجيها معتدلاً يحفظ للبلاد شخصيتها وهويتها الفكرية ويصونها من الانحراف والسير نحو اليسار المتطرف أو اليمين المتزمت وإنما يكون الفكر والثقافة مصريين عربيين في طبيعيتيهما ومحورهما العام.
لم يهتم سليمان حزين كثيرا بتسجيل ذكرياته عن المدة التي قضاها وزيرًا للثقافة ولكنه كان شديد الاعتزاز بمنصبه في المجالس القومية المتخصصة ودوره كخبير وطني في التعليم.
وفي عام 1966 استضاف الدكتور حزين المسيو اندريه مارلو وزير الثقافة الفرنسي والأديب والمفكر الكبير الذي أعاد إلي باريس وجهها الناضر أيام ديجول، وكانت فرنسا واليونسكو يتعاونان في مشروع تقطيع معبدي أبي سمبل ورفعهما إلي مستو عال عند قمة واجهة الهضبة الواسعة غربي النيل.
دور الدكتور حزين في إنشاء بعض الجامعات العربية:
يعرف الجميع أن الدكتور سليمان حزين هو المؤسس الحقيقي لجامعة أسيوط بالرغم من أنه لم يكن أول مدير لها، ولكن الذي لا يعرفه الكثير أنه لعب دورًا كبيرًا في تأسيس بعض الجامعات في البلاد العربية، وكانت العراق بمثابة أول الميادين التي أدي فيها دوره التأسيسي. فقد دُعي عام 1954 للمعاونة في إنشاء جامعة بغداد وتأسيسها ثم دعته الثورة العراقية في عام 1958 وتوجه إلي بغداد بعد 15 يوما من ثورة عبد الكريم قاسم وحرر مسودة قانون الجامعة.
وفي عام 1959 عاون الدكتور حزين في إنشاء كلية الآداب بجامعة بني غازي في ليبيا وعاون في اختيار بعض أعضاء هيئة التدريس وتابع عمله بعد أن وسعت الثورة الليبية عملها بعد بضع سنين.
وقد جاءت فكرة إنشاء جامعة في الكويت عام ١٩61 عندما دعت الحكومة الكويتية السير إيفور جنجز (مندوب اليونسكو) والدكتور سليمان حزين (مدير جامعة أسيوط) والدكتور قسطنطين زريق (نائب رئيس الجامعة الأميركية في بيروت) لوضع تقرير مفصل عن إمكانية إنشاء الجامعة في الكويت. فرسموا سياسة إنشاء الجامعة الجديدة وكان لسابق خبرة الدكتور حزين في إنشاء جامعة أسيوط قبل ذلك بنحو ست سنوات دور كبير عند إنشاء جامعة الكويت، والدكتور حزين كان له دور كبير أيضا في التعاون التعليمي قبل مرحلة البترول، وكان قد سيق له التردد علي دولة الكويت سواء لتقديم المشورة في وزارة التربية بها أو في مؤتمرات الجامعة العربية.
وفي عام 1964 دعي عدد من رؤساء الجامعات المصرية لزيارة الرياض وكان الدكتور حزين أحدهم وأبدي رأيه في إعادة تنظيم الجامعة، وقد عرض عليه العمل في السعودية في مرحلة إنشاء الجامعات بالسعودية ولكنه كان مرتبطًا أشد الارتباط بجامعة أسيوط فاعتذر شاكرًا.
وأخيرا جاء دور جامعة بيروت العربية حيث طلبت جمعية المعاهد الإسلامية من مصر أن تنتدبه مع زميل له للمشورة في إنشاء تلك الجامعة وربطها بجامعة الإسكندرية.
وفاته:
ظل الأستاذ الدكتور سليمان حزين محتفظا بلياقة بدنية جيدة إلي آخر يوم في حياته، وكان لا يتردد في قبول الدعوة لإلقاء المحاضرات، وقد وصل الأمر به أن تجشم مشقة السفر إلي جامعته في أسيوط ليحاضر بدعوة من نادي أعضاء هيئة التدريس بها ولم يمتلئ النادي في يوم من الأيام بالحاضرين كما امتلأ يومها، لقد سرد يومها قصة ميلاد جامعة أسيوط كأروع ما يكون السرد وكان يرتجل بلغة عربية رفيعة المستوي لمدة أكثر من ساعتين.
كان الدكتور سليمان حزين رجلا وطنيًا من طراز فريد. أعطي مصر والوطن العربي الكثير من الدراسات الجادة التي كان مصدر إلهام وإرشاد، وكان عاشقًا لمصر والسودان، وعاش حياته مؤمنًا بحتمية وحدتهما المبنية علي أسس تاريخية وجغرافية وعرقية.
كان الدكتور حزين يحب تلاميذه, ويعمل علي تشجيعهم والأخذ بيدهم، وكان يتابع بكل الاهتمام أخبار مبعوثي جامعة أسيوط في الخارج، ولم يقف تشجيعه عند حد بل امتد وتلاميذه في أعلي المناصب، لم يبخل بعلم أو مشورة بل كان نهرًا متدفقًا بالعطاء.
وشاءت إرادة الله سبحانه وتعالي أن ينتقل إلي رحابه أستاذ الأجيال وعميد الجغرافيين العرب الدكتور سليمان حزين عن عمر تجاوز التسعين عاما، وجاء رحيله مع رحيل القرن العشرين الذي شهد جهاده المتواصل الدءوب في سبيل العلم والوطن، ففي يوم الخميس الموافق23 ديسمبر من عام 1999 انتقلت روح الأستاذ الجليل إلي بارئها.
يقول عنه أحد تلاميذه: " لقد كان الدكتور سليمان حزين مثالا فريدًا للجغرافي المتكامل الذي كرس حياته لعلمه ولوطنه, وكان عاشقًا لأرض مصر الطيبة وأبنائها الأوفياء, وسيظل دائمًا واحدًا من أبرز رواد الفكر والثقافة في مصر القرن العشرين, وأستاذًا لأجيال متعاقبة في هذا القرن نفتخر جميعا بأستاذيته وعلمه وريادته."
ولعل الشاعر العربي كان يقصده حين قال:
المرء يفني وبعد الموت تذكره آثاره الغر بالحسني وتحييه
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق