يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ
النتائج المترتبة على طاعة الله و رسوله:
1 ـ الفوز العظيم:
الآن ما النتائج التي تترتب على إطاعتك لله ولرسوله ؟
{ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا (71) }
( سورة الأحزاب)
إذا كان الإله العظيم يصف طاعته بأنها فوز عظيم ما هذا الفوز ؟ يعني النجاح كل النجاح، والفلاح كل الفلاح، و الفوز كل الفوز، والذكاء كل الذكاء، والتفوق كل التفوق في طاعة الله:
{ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا (71) }
( سورة الأحزاب )
{ وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ }
( سورة الأحزاب: الآية 36 )
مستحيل هناك قضايا ما جاء بها كتاب الله، وما جاءت بها سنة النبي، هذه القضايا ليست خاضعة للبحث، ولا للدرس، ولا للتعديل، ولا للتطوير، ولا للحذف، ولا للزيادة، لأنها ليست منتجاً أرضياً هي من عند الله، من عند المطلق، من عند خالق السماوات والأرض، من عند المعصوم إذا كانت من النبي عليه الصلاة والسلام، إذاً أمور الدين توقيفية ليست خاضعة للبحث، والدرس، والتعديل، والحذف، والزيادة، والتطوير، هذا شأن أهل البشر، أما كلام خالق البشر لا يخضع للبحث والدرس:
{ وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ }
( سورة الأحزاب: الآية 36 )
2 ـ رحمة الله:
الآن فضلاً عن الفوز العظيم قال تعالى:
{ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ(56) }
( سورة النور )
رحمة الله متوقفة على طاعة رسوله:
{ قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمْ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ (31) }
( سورة آل عمران )
ما قبل الله دعوة محبته إلا بالدليل، والدليل أن تطيع رسول الله .
الخروج عن منهج الله و سنة رسوله أساس تعذيب المسلمين :
ما كان للمسلمين أن يعذبوا إلا بخروجهم عن منهج رسول الله :
{ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ (33) }
( سورة الأنفال)
ما دامت سنتك مطبقة في حياتهم ما كان الله ليعذبهم، فإذا كان الله يعذبهم أي أنت يا محمد ليست سنتك فيهم، لا يطبقون منهجك، أما بعد الموت :
{ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ (17) }
( سورة الفتح)
فاز فوزاً عظيماً، ويرحمه الله في الدنيا، ويوم القيامة يدخله جنات تجري من تحتها الأنهر :
{ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُوْلَئِكَ رَفِيقًا(69) }
( سورة النساء)
معصية الله و رسوله أساس مشكلات المسلمين :
يعني بربكم نستمع طوال حياتنا إلى أقوال رسول الله ألا تتمنون أن تكونوا في الجنة معه ؟ أن ترونه رأي العين ؟ أن تسمعونه يحدثكم ؟
{ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُوْلَئِكَ رَفِيقًا(69) }
( سورة النساء)
أنت حينما تطيع الله أو تطيع الرسول أحياناً هناك تناقض، تتناقض مصلحتك مع طاعة رسول الله، يعني يقول لك لا تبع شيئاً حتى تحوزه إلى رحلك، البورصة قائمة على بيع لا تطبق فيه هذه القاعدة إطلاقاً، ألف طن حديد يباع مئات المرات وكل من اشترى هذه الصفقة لا يفكر أن يأتي بها إلى بلده، يقامر بالبضاعة، لذلك في بعض البلاد الإسلامية نشأت أزمة بورصة أتلفت ثمانين مليار دولار و سبعة وثلاثين ألفاً دخلوا المستشفيات لأنهم ما طبقوا سنة رسول الله، سبعة وثلاثون ألفاً دخلوا العناية المشددة بأزمة أصابت قلوبهم لأنهم خسروا ثمانين ملياراً لا تبع شيئاً حتى تحوزه إلى رحلك، كل مشكلات المسلمين تأتي من معصيتهم لرسول الله .
طاعة الله و رسوله أساس الفوز في الدنيا والآخرة :
لذلك :
{ وَإِنْ تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَا يَلِتْكُمْ مِنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئًا (14) }
( سورة الحجرات)
(( ما ترك عبد شيئاً لله، إلا عوضه الله خير منه في دينه ودنياه ))
[ الجامع الصغير عن ابن عمر ]
يعني حيتان البورصة يعرضون أسهمهم السعر يهبط، صغار المستثمرين يقلقون فيبادرون أيضاً إلى عرض أسهمهم فالسعر يهبط إلى أن يصل السعر بالحضيض، يشتري هؤلاء جميع الأسهم التي في السوق ثم يرتفع السعر، أقسم لي بالله إنسان درس الاقتصاد في ألمانيا ألف كتاباً أن كل أموال البترول التي دفعوها إلى المسلمين استردوها عن طريق البورصة، أزمات طاحنة بالمليارات، لذلك:
{ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ(56) }
( سورة النور )
{ وَإِنْ تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَا يَلِتْكُمْ مِنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئًا (14) }
( سورة الحجرات)
الطاعة في المعروف :
الآن:
{ مَنْ يُطِعْ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ (80) }
( سورة النساء)
(( بَعَثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَرِيَّةً فَاسْتَعْمَلَ رَجُلًا مِنْ الْأَنْصَارِ ـ وفي رواية أنه كان ذا دعابة ـ وَأَمَرَهُمْ أَنْ يُطِيعُوهُ، فَغَضِبَ، فَقَالَ: أَلَيْسَ أَمَرَكُمْ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ تُطِيعُونِي ؟ قَالُوا: بَلَى، قَالَ: فَاجْمَعُوا لِي حَطَبًا، فَجَمَعُوا، فَقَالَ: أَوْقِدُوا نَارًا، فَأَوْقَدُوهَا، فَقَالَ: ادْخُلُوهَا، فَهَمُّوا، وَجَعَلَ بَعْضُهُمْ يُمْسِكُ بَعْضًا، وَيَقُولُونَ: فَرَرْنَا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ النَّارِ، فَمَا زَالُوا حَتَّى خَمَدَتْ النَّارُ، فَسَكَنَ غَضَبُهُ، فَبَلَغَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: لَوْ دَخَلُوهَا مَا خَرَجُوا مِنْهَا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، الطَّاعَةُ فِي الْمَعْرُوفِ ))
[ متفق عليه عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ]
هذا حديث رسول الله إنما الطاعة في المعروف، لذلك ينبغي أن نطيع الله في قرآنه، وأن نطيع رسوله استقلالاً فيما صحّ من سنته، وأن نطيع علماءنا وأمراءنا فيما يوافق كلام الله وكلام رسوله، وإذا تنازعنا معهم المرجعية بيننا وبينهم كتاب الله وسنة رسوله لأن الله أحالنا إليهم، أما أن يأتي أمر يناقض الفطرة، أدخل في النار، لماذا أدخل في النار ؟ إنما الطاعة في المعروف.
علامة المؤمن أنه يطيع الله ورسوله لأنه لا يعرف النوايا الحقيقية إلا الله:
أيها الأخوة:
{ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ(1) }
( سورة الأنفال )
أي علامة المؤمن أنه يطيع الله ورسوله.
شيء آخر أطيعوا الله ورسوله لكن إنسان عنده ألف دونم جاء من يهمس في أذنه إن تبرعت بأرض لمسجد تضطر البلدية أن تفرز هذه الأرض إلى محاضر يرتفع سعرها، الله عز وجل قال:
{ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ(13) }
( سورة المجادلة)
يعرف النوايا الحقيقية فإنما قيمة العمل بنيته، أما أن تقول أنا مع الأكثرية هذا شيء مضحك:
{ وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ(116) }
( سورة الأنعام )
طبعاً:
{ وَلَا تُطِعْ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ (48) }
( سورة الأحزاب )
{ وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً (28) }
( سورة الكهف)
والحمد لله رب العالمين
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ }
[ البقرة : 172 ]
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد
الصادق الوعد الأمين ، وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين ،
اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم ،
ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات .
على كل إنسان أن يأكُل طعاماً طيباً
و أن يسمي الله عز وجل قبل أن يأكل :
المحرم محرم ، عليه طلب ، لا يوجد عليه طلب ،
أرباحه كبيرة ، صغيرة ،
هناك أخ سمع شريطاً لمحاضرة في حفل افتتاح جمعية مكافحة التدخين
والمواد الضارة ، وحضرها لفيف كبير من العلماء ،
هذا سمع الشريط وهو يبيع الدخان فأخذ قراراً بإلغاء بيع الدخان
لكن معه شريك ،
الشريك رفض و قال له
تعال نحسب أرباح المحل من الدخان ،
الأرباح كانت خمسة وعشرين ألفاً
قال له :
أنا أدفع لك نصفها
واتفقوا ، جاء الموزع الذي يوزع لمئتين وخمسين محلاً في دمشق
كم تريدون ؟
قال
نريد أن تأخذ الذي عندنا نحن تبنا على الله ،
ما السبب ؟
قال له
هذا الشريط
فسمعه الموزع فحَوّل شركته من شركة توزيع دخان
إلى شركة توزيع أغذية ،
نشر هذا المقال في إحدى مجلات دمشق .
أي كُلْ طعاماً طيباً وسمِّ الله عز وجل قبل أن تأكل كي تتذكر
أن هذا الذي تأكله نعمة من نعم الله وكُل وفق منهج الله عز وجل .
على كل إنسان أن يشكر الله عزّ وجل
على نعمه التي أنعم عليه بها :
أيها الأخوة ، الآية الدقيقة :
{ وَآَيَةٌ لَهُمُ الْأَرْضُ الْمَيْتَةُ أَحْيَيْنَاهَا وَأَخْرَجْنَا مِنْهَا حَبًّا
فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ * وَجَعَلْنَا فِيهَا جَنَّاتٍ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ
وَفَجَّرْنَا فِيهَا مِنَ الْعُيُونِ * لِيَأْكُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ
وَمَا عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ أَفَلَا يَشْكُرُونَ }
[ يس : 33 - 35 ]
إذاً الله عز وجل يريدنا أن نشكره :
( يا داود ذكر عبادي بإحساني إليهم ،
فإن النفوس جبلت على حبّ من أحسن إليها ،
وبغض من أساء إليها ) .
حديث قدسي رواه البيهقي عن عمير بن وهب
الآن اسمعوا :
( أَيُّهَا النَّاسُ ، إِنَّ اللَّهَ طَيِّبٌ لَا يَقْبَلُ إِلَّا طَيِّبًا ،
وَإِنَّ اللَّهَ أَمَرَ الْمُؤْمِنِينَ بِمَا أَمَرَ بِهِ الْمُرْسَلِينَ )
فَقَالَ تعالي :
{ يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنْ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا
إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ }
[ المؤمنون : 51 ]
وقَالَ تعالي :
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ }
[ البقرة : 172 ]
الآن دقق
ثُمَّ ذَكَرَ الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ ، أَشْعَثَ أَغْبَرَ ، يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ ،
يَا رَبِّ ، يَا رَبِّ ، وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ ، وَمَشْرَبُهُ حَرَامٌ ، وَمَلْبَسُهُ حَرَامٌ ،
وَغُذِيَ بِالْحَرَامِ ، فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لِذَلِكَ ؟ )
أخرجه مسلم والترمذي عن أبي هريرة
[ يا سعد أطب مطعمك تكن مستجاب الدعوة ]
الترغيب والترهيب عن ابن عباس
أي اجعل طعامك طيباً ، ولا يكون الطعام طيباً إلا إذا كان مباحاً ،
واشتري بمال حلال ، إذا كان مباحاً واشتري بمال حلال .
( إن الله عز وجل ، ليرضى عن العبد
أن يأكل الأكلة فيحمده عليها
أو يشرب الشربة فيحمده عليها )
أخرجه مسلم عن أنس بن مالك
وهناك حديث آخر :
( الطاعم الشاكر بمنزلة الصائم الصابر )
أخرجه أحمد عن أبي هريرة
الطعام الطيب حسب رأي العلماء :
الآن ماذا قال العلماء عن شرح الطعام الطيب ؟
قال :
ما أخلصناه لكم من الشبهات , هناك طعام فيه شبهات ،
يعني أحياناً هناك حلويات رجراجة هذه مستوردة أساسها عظام
يا ترى هذا عظم غنم أم عظم خنزير ؟
فيه شبهة هذا الطعام دعك من هذه الشبهة ،
أنواع اللحوم تأتي معجونتها مستوردة تغلف في بلادنا
يا ترى المعجونة حلال أم حرام ؟
يجب أن تتحرى الحلال ، الكلام دقيق ،
قال الطعام الذي سماه الله طيباً هو ما أخلصناه لكم من الشبهة ،
وكل طعام فيه شبهة دعك منه ، هناك معلبات لا تعرف كيف جمعت ،
هناك لحوم الكيلو بخمسين ليرة ،
أريد سندويشة همبرغر الكيلو بخمسين
ما هذا اللحم ؟
الطعام الذي فيه شبهة ابتعد عنه ،
أحياناً الإنسان يسافر يأكل بيضاً ما فيه إشكال ،
إذا في إشكال على اللحم يأكل سمكاً ، طعاماً بحرياً يتحرى الحلال .
ولا تتعرضوا لما فيه دنس كما أحله غير المؤمنين .
واشكروا لله الذي رزقكم هذه النعم إن كنتم إياه تعبدون ،
نحن عندنا ثلاث وجبات في اليوم بالإفطار طبعاً والآن صاروا في الليل
ما تغيروا يجب أن نشكر الله على هذه النعم ،
أحياناً إنسان يكون ممنوعاً من الأكل يعطوه سيروم يشتهي
أن يأكل أكلة رخيصة يشتهيها وهو من أغنى الأغنياء ،
أحياناً الله عز وجل يحرم الإنسان ما أباحه لبقية الناس .
إباحة الطيبات وتحريم الخبائث على المتقين
ليستعينوا بها على عبادة الله عز وجل :
قال بعض العلماء :
الطيبات التي أباحها الله هي المطاعم النافعة للعقول والأخلاق ،
والخبائث هي الضارة للعقول والأخلاق ، فالخمر أم الخبائث ،
أباح الله الطيبات للمتقين كي يستعينوا بها على عبادة الله ،
وحرم عليهم الخبائث التي تضرهم
لذلك هناك أشياء محرمة بالنص كيف ؟
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنصَابُ وَالْأَزْلَامُ
رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ }
[المائدة : 90 ]
هناك أشياء محرمة بالدليل العام :
{ يُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ }
[ الأعراف : 157 ]
أي شيء ثبت أنه خبيث ينبغي أن يغطى بهذا الحكم .
أنواع الشكر :
أيها الأخوة ، بقي أنواع الشكر ،
أنت حينما تعزو النعمة إلى الله فقد شكرتها ،
حينما تأكل يجب أن يمتلئ قلبك حباً لله ، سمح لك أن تأكل ،
هناك أمراض تحول بينك وبين أن تأكل ،
حينما تشرب الكليتان تعملان بانتظام ، لو أن هناك فشل كلوي
لا تستطيع أن تشرب ،
لا يعرف نعم الله عز وجل إلا من فقدها
فلذلك يجب أن تشكر أي أن تعزو النعمة إلى الله أولاً،
والشكر الثاني أن يمتلئ القلب محبة لله ،
والشكر الثالث أن تعمل صالحاً وهذا من أعلى أنواع الشكر
لقول الله عز وجل :
{ اعْمَلُوا آَلَ دَاوُودَ شُكْراً وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ }
[ سبأ : 13 ]
والحمد لله رب العالمين
...............................................................................................................................................
[ البقرة : 62 ]
...............................................................................................................................................
نداءات المؤمنين
يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً
وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد
الصادق الوعد الأمين ، وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين ،
اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم ،
ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات .
توهم المسلمين أن الجنة لهم وحدهم :
قال الله تعالي :
{ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً
وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ }
[ البقرة : 208 ]
الآيات التي تتحدث عن السلم والسلام تقترب من مئة وسبعين آية ،
من هذه الآيات :
{ وَقَالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى
تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ }
[ البقرة : 111 ]
ويتوهم المسلمون وهم على تقصير في أداء العبادات ،
وتقصير في طاعة النبي عليه الصلاة والسلام
يتوهمون أن الجنة لهم وحدهم .
الجنة لمن انصاع لأمر الله و استسلم له :
الرد الإلهي على كل من يدّعي أنه سيدخل الجنة
دون أن يدفع ثمنها :
{ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ }
[ البقرة : 111 ]
من هو الذي يدخل الجنة ؟
{ بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ }
[ البقرة : 112 ]
خضع لله ، استسلم لله ، انصاع لأمر الله
من أدق تعريف العبادة أنها :
غاية الحب ، وغاية الخضوع لله عز وجل ،
فالخضوع لله في كل ما أمر ، وفي ترك كل ما نهى هو حقيقة الإسلام ،
بَلَى مَنْ أَسْلَمَ الأولون دعوة :
كل يدعي وصلاً بليلى و ليلى لا تقر لهم بذاكا
أما الذي يستحق الجنة
{ بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ }
يعني طبق منهج الله .
الانتماء الشكلي للأديان انتماء فارغ لا قيمة له :
الآن عمله في إحسان :
{ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ
وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ }
[ البقرة : 112 ]
آية تشبه هذه الآية أنا أراها مهمة جداً دققوا :
{ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ
مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ
وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ }
[ البقرة : 62 ]
الذين آمنوا يعني المسلمون ، الذين هادوا اليهود ، والنصارى ،
والصابئين ، بأدق المعاني من لا دين له ، المصطلح هذا العلمانيون
الذين لا ينتمون إلى دين إطلاقاً ، هناك معنى دقيق بهذه الآية ضمني ،
يعني الانتماء الشكلي لهذه الأديان دون أن يكون في العلم
ما يؤكد هذا الانتماء
هذا انتماء فارغ ولا قيمة له ، وهؤلاء الأربع سيان ، والآن الأرض
تعج بالحروب لا يوجد انتماء هناك فقط تعصب ، هذا التعصب
من دون انتماء أو انتماء شكلي من دون تطبيق هذا التعصب
سبب ما تعانيه البشرية :
{ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ }
[ البقرة : 62 ]
سواء انتماء شكلي ليس هناك تطبيق ، ليس هناك التزام ،
ليس هناك خضوع ، ليس هناك استسلام ، دينهم دين الشهوات
لا عبادة رب الأرض والسماوات .
من آمن بالله إيماناً يحمله على طاعته
نجا من عذاب الله يوم القيامة :
دقق الآن:
{ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ }
[ البقرة : 62 ]
يعني من آمن بالله إيماناً يحمله على طاعته :
{ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ }
[ البقرة : 62 ]
وآمن باليوم الآخر إيماناً يمنعه أن يؤذي مخلوقاً :
{ وَعَمِلَ صَالِحًا }
أدى واجباته بالتمام والكمال ، إذا كان طبيباً نصح المرضى ،
إن كان محامياً نصح الموكلين ، إن كان موظفاً سهّل مصالح المواطنين ،
إذا كان تاجراً باع بضاعة جيدة بسعر معتدل بمعاملة طيبة :
{ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ
وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ }
[ البقرة : 62 ]
هؤلاء الذين ينجون يوم القيامة .
الانتماء الشكلي إلى الدين لا يقدم ولا يؤخر
ولا وزن له عند الله عز وجل :
آية ثانية :
{ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ
مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ
وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ }
[ البقرة : 62 ]
معنى ذلك أن حقيقة الدين ليس أن تقول أنا مسلم ،
ليس أن تضع لوحة في البيت فيها آية الكرسي فقط ، البيت كله معاصي
وآثام ، ليس أن تضع مصحفاً على السيارة والعيون تبحلق في محاسن
النساء ، ليس أن تفتح محلاً تجارياً وتكتب إنا فتحنا لك فتحاً مبيناً
والبضاعة كلها محرمة والبيع فيه شبهات وفيه مخالفات ،
المشكلة هذا الانتماء الشكلي إلى الدين لا يقدم ولا يؤخر ، ولا وزن له ،
ولا قيمة له ، والمسلمون يعدون مليار وخمسمئة مليون وليس كلمتهم
هي العليا وليس أمرهم بيدهم وللطرف الآخر عليهم ألف سبيل وسبيل .
لن نقطف ثمار هذا الدين إلا إذا طُبق من قبل جميع الناس :
{ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً }
[ البقرة : 208 ]
اخضعوا ، أما كلمة كافة ، أنت مثلاً لو ذهبت إلى العمرة ورأيت النساء
في مكة والمدينة محجبات تلمس بيدك عظمة الحجاب ، أما تتحجب
إنسانة بين مئة إنسانة سافرة أنت طبقت الحجاب ، أهلك محجبات
وأنت تغض البصر عن محاسن النساء جيد جداً لكن ثمرة هذا الأمر
لم نحصل عليها ، لأن الأمر غير مطبق بشكل جماعي انظر الآية :
{ ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً }
لتوضح الفكرة أنت معك هاتف محمول ولك خمسون صديقاً
ما معهم هذا الهاتف لا قيمة لهاتفك ، لو كل من حولك معه هذا الهاتف
تشعر بقيمة هذا الهاتف ، فأحياناً يطبق المنهج فئة قليلة الأكثرية
غير مطبقة ، لذلك لا نقطف ثمار الدين ، كل شخص ذهب إلى العمرة
هناك الحجاب إلزامي يشعر أنه يعيش بصفاء يمضي عشرين يوماً
لا يحس بأي خاطر نسائي ، لأن النساء محجبات ، إذاً قد لا نقطف ثمار
هذا الدين إلا إذا طبقناه جميعاً ، لو طبق الدين من قبل جميع الناس
تحس براحة نفسية ، تعيش بين أناس منصفين صادقين
لا يأكلون المال الحرام :
{ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً }
[ البقرة : 208 ]
منهج الله عز وجل منهج يصلح لكل عصر و زمان :
الآن هناك ملمح ثالث :
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا }
[ النساء : 136 ]
معنى الإيمان درجات قد يكون الإيمان بدرجة لا تكفي لسلامتك
وسعادتك ، فكلما ارتقيت إلى مستوى في الإيمان
هناك مستوى أعلى منه
{ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً }
[ البقرة : 208 ]
إذاً السلم هنا الانصياع لمنهجه ، الخضوع لأمر الله ،
هناك من يقول هذا النظام الإسلامي لا يصلح لهذا العصر ،
تحريم الربا لا يتناسب مع الاقتصاد والتنمية مثلاً ، حجاب المرأة
يعطل نصف المجتمع ، هناك من يقول هذا ، لم يرَ أن هذا منهج
خالق السماوات والأرض ، لم يرَ أن هذا المنهج منهج الخبير ،
منهج العليم ، منهج من خلقك لجنة عرضها السماوات والأرض ،
توهم أن هذا الشيء يعيق الحياة العصرية ، فأي إنسان يرفض
حكم شرعي ثابت بالقرآن والسنة لم يدخل في السلم ، الذي يعترض
على قطع يد السارق لم يدخل في السلم كافة ، هذا ليس من عند البشر
من عند خالق البشر ، يعني كل ثلاثين ثانية ترتكب في بعض البلاد
الغربية جريمة قتل أو اغتصاب أو سرقة ، الآن صار في قناعة
إن لم تكن هناك عقوبات عالية جداً ، صدر قانون السير الجديد ،
قبل هذا القانون سرعات عالية جداً أسبوعياً هناك حوادث مروعة ،
ثلاثون قتيلاً ، ثلاثة عشر قتيلاً ، يومياً الآن هناك سرعات وهناك مراقبة ،
يبدو أنه لابدّ من ردع
سأل بعض الأشخاص الإمام الشافعي عن قطع اليد ، قال :
يد بخمس مئين عسجد وديت .
هذه اليد إذا قطعت عدواناً ديتها عشر مئات ، يعني ألف دينار ذهبي ،
قريب مليون ليرة .
يد بخمس مئين عسجد وديت ما بالها قطعت في ربع دينار
لو أنها سرقت ربع دينار تقطع ، أما حينما تقطع خطأً أو تقطع
بعدوان ديتها ألف دينار ذهبي .
يد بخمس مئين عسجد وديت ما بالها قطعت في ربع دينار
فأجاب الإمام الشافعي :
عز الأمانة أغلاها وأرخصها ذل الخيانة
فأفهم حكمة الباري لما كانت أمينة كانت ثمينة
فلما خانت هانت .
الشرع ليس منتجاً أرضياً إنما هو منتج سماوي من عند خالق الأكوان :
أيها الأخوة،
{ ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً }
خضوع دون اعتراض:
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ (1) }
( سورة الحجرات)
لا تقترح اقتراحات، ماذا يكون لو سمحنا بفائدة على القرض هذا المال له قوة شرائية مع مضي الزمن تنخفض قوته الشرائية، الله عز وجل قال:
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ (208) }
(سورة البقرة )
هذا الشرع ليس منتجاً أرضياً خاضعاً للدرس، والبحث، والتعديل، والتطوير، والزيادة، والحذف، لا هذا منتج سماوي، هذا من عند خالق الأكوان:
{ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا (3) }
( سورة المائدة )
الإكمال نوعي، والإتمام عددي، أي أن عدد القضايا التي عالجها الدين تام عدداً و طريقة المعالجة كاملة نوعاً،
{ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ (3) }
البشرية كلما تطورت تكتشف أنها في خطأ كبير وتعود إلى منهج الخالق سبحانه:
هذا المنهج الإلهي ليس منتجاً أرضياً، بعض المثقفين يتفلسفون يقول التراث الإسلامي، التراث الإسلامي ليس من عند البشر من عند خالق البشر، يعني الاتحاد السوفيتي قبل أن ينهار أعتقد بعام حرم الخمر، الآن البشرية كلما تطورت تكتشف أنها في خطأ كبير، هل تصدقون أن هناك دعوة قوية جداً في أمريكا لإنشاء جامعات ليس فيها اختلاط، ثلاثمئة وخمسين ألف جنين يجدونه في أماكن في الحاويات في أطراف الحدائق هذه كلها من حمل السفاح .
من رفض الدين احتقر نفسه :
على كل :
{ وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ (130) }
( سورة البقرة )
أنت أحياناً تحتقر شيئاً، بيت صغير ليس فيه ميزات، تستدعي أن تشتريه ترفضه احتقاراً له، تحتقر وظيفة دوامها طويل ودخلها قليل، قد تحتقر تجارة متعبة تحتاج إلى دوام عشرين ساعة مثلاً، فأنت قد تحتقر أشياء وترفضها إلا أنك إذا رفضت هذا الدين الإلهي تحتقر نفسك:
{ وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ (130) }
( سورة البقرة)
الله عز وجل خلق الإنسان ليسعده و يرحمه :
الآن الله عز وجل:
{ هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ (23) }
[ سورة الحشر ]
الله سلام خلقنا للسلام، خلقنا لدار السلام، خلقنا لجنة عرضها السماوات والأرض، خلقنا لنسعد، خلقنا ليرحمنا :
{ إ لاَّ مَن رَّحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ }
( سورة هود الآية: 119 )
الله تعالى يدعو الإنسان إلى دار السلام بعد الموت ويهديه سبل السلام في الحياة :
لذلك :
{ وَاللّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلاَمِ }
( سورة يونس الآية: 25 )
يدعوك إلى دار السلام، يدعوك إلى جنة فيها:
(( أَعْدَدْتُ لِعِبَادِي الصَّالِحِينَ مَا لَا عَيْنٌ رَأَتْ، وَلَا أُذُنٌ سَمِعَتْ، وَلَا خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ... ))
[ متفق عليه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ]
الله عز وجل هو سلام ويدعو إلى دار السلام، الآن :
{ يهدي به الله من اتبع رضوانه سُبُلَ السَّلاَمِ }
( سورة المائدة الآية: 16 )
يهديك أيها المؤمن سبل السلام، سلام في بيتك، أنت مستقيم، غض بصرك وضبط علاقاتك مع النساء يجعلك زوجاً ناجحاً وزوجتك تعرف ذلك تتفانى في محبتك، في سلام في بيتك، تجارتك قائمة على منهج الله لا يوجد عندك إفلاسات، علاقاتك الاجتماعية علاقات منضبطة، لا يوجد عندك فضائح، هو يدعوك إلى دار السلام بعد الموت، ويهديك سبل السلام في الحياة .
خيار الإنسان مع الإيمان خيار وقت فقط :
هناك فكرة دقيقة جداً، أنت لك مليارات الموضوعات لك أن ترفضها، فلك فيها خيار القبول أو الرفض، أنت مخير قد ترفض مليارات الموضوعات، تملك خيار القبول أو الرفض، إلا أن موضوعاً واحداً خيارك فيه خيار وقت فقط، كيف ؟ الإيمان إما أن تؤمن في الوقت المناسب قبل فوات الأوان، وإما أنه لابدّ من أن تؤمن بعد الموت:
{ فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ (22) }
( سورة ق )
من هو أكفر كفار الأرض ؟ فرعون الذي قال:
{ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى (24) }
( سورة النازعات)
قال تعالى عن فرعون حينما أدركه الغرق :
{ حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ (90) }
( سورة يونس الآية: 90 )
فخيارك مع الإيمان خيار وقت فكرة خطيرة جداً، لو أن الإنسان كان أكبر كفار الأرض عند الموت يؤمن ويستسلم فرعون :
{ حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنْ الْمُسْلِمِينَ (90) }
( سورة يونس الآية: 90 )
الإنسان إما أن يستقيم على أمر الله أو تأتيه علاجات الله عز وجل:
أيها الأخوة، الله رحيم وهو رب العالمين قال:
{ وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ (54) }
( سورة الزمر )
فإن لم تفعلوا:
{ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمْ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ(54) }
( سورة الزمر )
الله يعالج فإما أن تستقيم على أمره وإما أن تصل إليك علاجات ربك جلّ جلاله :
{ وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمْ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ(54) }
( سورة الزمر )
عدم استواء المسلمين مع المجرمين :
لكن :
{ أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ (35) مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ (36) }
( سورة القلم )
الذين خضعوا لهذا المنهج وطبقوه في بيوتهم، وفي أعمالهم، وفي تجارتهم، وفي لهوهم، وفي فرحهم، وفي أحزانهم، وفي حلهم، وفي ترحالهم:
{ أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ (35) مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ (36) }
( سورة القلم )
مستحيل وألف ألف مستحيل أن يعامل من استسلم لله كما يعامل من لم يستسلم له .
المؤمن مصدر أمن و طمأنينة و خير لكل الناس :
أيها الأخوة ، هناك بعض النقاط الدقيقة ينبغي أن أشير إليها، المؤمن سلمه لكل من حوله مصدر أمن، شرّ الناس من اتقاه الناس مخافة شره، مصدر أمن لكل الناس، مصدر عطاء، مصدر خير، مصدر طمأنينة، مع كل ما حوله ومع كل من حوله، النبي عليه الصلاة والسلام رأى شخصاً يذبح شاة أمام أختها فغضب وقال أتريد أن تميتها مرتين هلا حجبتها عن أختها ؟
التحريش بين المسلمين والمباحات ورقتان بيد الشيطان يستخدمهما دائماً :
الشيء الثاني أهم شيء :
{ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ(208) }
(سورة البقرة )
الشيطان يتمنى عليك أن تكفر فإن وجدك مؤمناً تمنى عليك أن تشرك، إن وجدك موحداً تمنى عليك أن ترتكب الكبيرة، إن رآك على طاعة تمنى عليك أن ترتكب الصغيرة، إن رآك على ورع بقي معه ورقتان رابحتان التحريش بين المسلمين والمباحات، يغرق في المباحات حتى يستهلك عمره في دنياه يأتيه ملك الموت وهو مفلس، الشيطان يغريك بخطوة تليها خطوة فإذا أنت في قاع الوادي لذلك:
{ وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ (208) }
(سورة البقرة )
قال تعالى :
{ تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ فَلاَ تَقْرَبُوهَا }
( سورة البقرة الآية: 187 )
إذاً آية اليوم :
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ(208) }
(سورة البقرة )
والحمد لله رب العالمين
؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
يا أيها الذين آمنوا أنفقوا مما رزقناكم
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات.
البشر عند الله صنفان لا ثالث لهما :
أيها الأخوة الكرام، مع درس جديد من دروس يا أيها الذين آمنوا وآية اليوم:
{ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خُلَّةٌ وَلَا شَفَاعَةٌ وَالْكَافِرُونَ هُمْ الظَّالِمُونَ(254) }
( سورة البقرة)
لابدّ من مقدمة، هؤلاء البشر الستة آلاف مليون، أو هؤلاء البشر من آدم إلى يوم القيامة مصنفون في مقاييس البشر بمئات التصنيفات، لكنهم جميعاً عند الله صنفان لا ثالث لهما، صنف عرف الله فانضبط بمنهجه، وأحسن إلى خلقه، فسلم وسعد في الدنيا والآخرة، وصنف غفل عن الله وتفلت من منهجه، وأساء إلى خلقه، فشقي وهلك في الدنيا والآخرة، ولن تجد صنفاً ثالثاً، قد يقول أحدكم ما الدليل ؟ لولا الدليل لقال من شاء ما شاء، الدليل قوله تعالى:
{ وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى (1) وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى (2) وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى (3) إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى (4) }
( سورة الليل )
1 ـ صنف عرف الله فانضبط بمنهجه وأحسن إلى خلقه فسلم وسعد في الدنيا والآخرة:
متنوع مليون اتجاه لكنهم جميعاً يصبون في خانتين، دقق:
{ فَأَمَّا مَن أَعْطَى وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى }
( سورة الليل )
بنى حياته على العطاء، بالتعبير المعاصر بنى استراتيجيته على العطاء، يعيش ليعطي من كل شيء، من علمه، من ماله، من جاهه، من وقته، من خبرته، من عضلاته:
{ فَأَمَّا مَن أَعْطَى وَاتَّقَى }
( سورة الليل )
واتقى أن يعصي الله، يعني استقامة وعمل صالح:
{ وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى }
( سورة الليل )
من بنى حياته على العطاء ساق الله له كل شيء لصالح دخوله الجنة:
الترتيب يبدو معكوساً هو صدق بالحسنى، صدق أنه مخلوق للجنة، وأنه جاء إلى الدنيا ليدفع ثمن الجنة، الاستقامة سلبية والعمل الصالح إيجابي، الاستقامة ما غششت، ما أكلت مالاً حراماً، ما اغتبت، ما أسأت، ما كذبت، سلبية، أعطى من وقته، من ماله، من علمه، من خبرته، من جاهه:
{ فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى(5)وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى(6)فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى(7) }
( سورة الليل )
هذا أول صنف، هذا الصنف في جميع البلاد موجود، أعطى واتقى وصدق بالحسنى، أي صدق بالحسنى فاتقى أن يعصي الله، فبنى حياته على العطاء، يعني أعطى لأنه صدق بالحسنى، اتقى لأنه صدق بالحسنى، الرد الإلهي لكل واحد منا:
{ فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى(7) }
( سورة الليل )
سوف يسوق له ربنا كل شيء لصالحه، لصالح سعادته، لصالح سلامته، لصالح فوزه، لصالح دخوله الجنة:
{ فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى(5)وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى(6)فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى(7) }
( سورة الليل )
2ـ صنف غفل عن الله وتفلت من منهجه وأساء إلى خلقه فشقي وهلك في الدنيا والآخرة:
الصنف الثاني:
{ وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى(9) }
( سورة الليل )
آمن بالدنيا، الجنة والنار في الدنيا، الغني في جنة والفقير في جنة،
{ وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى(9) }
فاستغنى أن يطيع الله، لا يوجد حاجة يطيعه، وبنى حياته على الأخذ، صدقوا لن تجد على سطح الأرض في الستة آلاف مليون صنفاً ثالثاً:
{ وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى(1)وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى(2)وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى(3)إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى(4)فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى(5)وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى(6)فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى(7)وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى(8)وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى(9)فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى(10) }
( سورة الليل )
من أراد الدنيا و سعى لها كذب بالحسنى و النار مثوى له :
هو لماذا كذب بالحسنى ؟ لأنه أراد الدنيا، ما هو الشيء الذي هو مادة الشهوات تشتري سيارة وبيتاً وتتزوج أجمل امرأة وتسكن بأحلى قصر ؟ المال، اسمع الآية :
{ وَمَا يُغْنِي عَنْهُ مَالُهُ إِذَا تَرَدَّى(11) }
( سورة الليل )
في القبر، ترك إنسان مئات الملايين صديق المتوفى رأى ابن المتوفى قال إلى أين أنت ذاهب ؟ قال له ذاهب لأشرب الخمر على روح أبي.
ترك مالاً والابن جاهل:
? وَمَا يُغْنِي عَنْهُ مَالُهُ إِذَا تَرَدَّى(11)?
( سورة الليل )
في القبر، بيته الفخم، أمواله الطائلة، الأموال المنقولة وغير المنقولة، مركبته الفارهة، مقتنياته الثمينة، التحف النفيسة، خصوصياته، يؤخذ منه كله .
كل أمر في القرآن الكريم يقتضي الوجوب ما لم تقم قرينة على خلاف ذلك :
لذلك جاءت الآية الكريمة :
{ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا (254) }
( سورة البقرة)
يا من آمنتم بالآخرة، يا من آمنتم بجنة عرضها السماوات والأرض، يا من آمنتم أنكم مخلوقون للجنة:
{ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنفِقُوا َ(254) }
( سورة البقرة)
وكل أمر في القرآن الكريم يقتضي الوجوب، نحن من خطأنا الفادح نتوهم أن الدين صلاة وصوم وحج وزكاة انتهى الأمر، والله و أبالغ الدين خمسمئة ألف بند، منهج تفصيلي يبدأ من فراش الزوجية وينتهي بالعلاقات الدولية، في بيتك، في طعامك، في شرابك، في نومك، في مزاحك، في غضبك، في رضاك، في أن تأخذ حقك ممن اعتدى عليك:
{ وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ (40) }
( سورة الشورى)
يقول لك سأكيل له الصاع عشرة أصواع بخلاف القرآن، فيا أيها الأخوة، كل أمر في القرآن الكريم يقتضي الوجوب، طبعاً عند علماء الأصول ما لم تقم قرينة على خلاف ذلك.
الأمر في القرآن الكريم إما أمر ندب أو أمر إباحة أو أمر تهديد:
إذا الله عز وجل قال:
{ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ (29) }
( سورة الكهف)
هذه لام الأمر، هل يعقل أن يأمرنا الله أن نكفر ؟ هذا اسمه أمر تهديد، إذا قال تعالى:
{ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ (31) }
(سورة الأعراف)
كلوا واشربوا، لست جائعاً هذا أمر إباحة، إذا قال تعالى:
{ وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ (32) }
( سورة النور)
ما معه يتزوج هذا أمر ندب، هناك أمر ندب، أمر إباحة، أمر تهديد.
على كل إنسان أن يبني حياته على العطاء لا على الأخذ:
أما كل أمر إن فقد القرينة التي تدل على عكس الأمر فهو أمر يقتضي الوجوب:
{ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ َ(254) }
( سورة البقرة)
مطلقة، إنكم لن تسعوا الناس بأموالكم، أنت متفوق بالرياضيات لك ابن أخ ضعيف بالرياضيات أنفق من اختصاصك لخدمة ابن أخيك هذا إنفاق، فلان صديقك وعنده إنسان مظلوم ولك مكانة عنده اذهب إليه، أنا أنفق من جاهي من صداقتي لهذا الإنسان:
{ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنفِقُوا َ(254) }
( سورة البقرة)
ابن حياتك على العطاء.
الأقوياء قمم أهل الدنيا و الأنبياء قمم أهل الآخرة :
الآن أقول هذا الهرم البشري الستة آلاف مليون يقع على رأسهم زمرتان، أقوياء وأنبياء، قمم أهل الدنيا الأقوياء، وقمم أهل الآخرة الأنبياء، والأقوياء أخذوا ولم يعطوا، الأنبياء أعطوا ولم يأخذوا، ماذا ترك النبي عليه الصلاة والسلام ؟ قال يا رب :
(( لَقَدْ أُخِفْتُ فِي اللَّهِ، وَمَا يُخَافُ أَحَدٌ، وَلَقَدْ أُوذِيتُ فِي اللَّهِ، وَمَا يُؤْذَى أَحَدٌ، وَلَقَدْ أَتَتْ عَلَيَّ ثَلَاثُونَ مِنْ بَيْنِ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ وَمَا لِي وَلِبِلَالٍ طَعَامٌ يَأْكُلُهُ ذُو كَبِدٍ إِلَّا شَيْءٌ يُوَارِيهِ إِبْطُ بِلَالٍ )) .
[ أخرجه أحمد والترمذي وابن ماجة وابن حبان عَنْ أَنَسٍ]صححه الالبانى
كانت غرفته لا تتسع لصلاته ونوم زوجته، صغيرة جداً، أعطى ولم يأخذ، والأقوياء الفراعنة أخذوا من الناس كل شيء، أخذوا جهدهم، أخذوا وقتهم، هذه الأهرامات مبنية بعرق شعب بائس مسحوق فقير مضطهد، الأقوياء أخذوا ولم يعطوا، والأنبياء أعطوا ولم يأخذوا، والأنبياء ملكوا القلوب، اذهب إلى المدينة المنورة قف أمام المقام الشريف كم إنسان يبكي أمامه ؟ ما التقوا معه، ما أخذوا منه شيئاً، ملكوا القلوب بكمالهم، سيدنا الصديق له جارة يقدم لها بعض الخدمات يحلب لها الشياه، فلما أصبح خليفة المسلمين دخل الألم على هذه الجارة لأن هذه الخدمة في ظنها توقفت، في صبيحة يوم استلام الخلافة طرق باب الجارة صاحبة البيت قالت لابنتها: افتحي الباب يا بنيتي، ثم سألتها من الطارق ؟ قالت جاء حالب الشاة يا أماه، قالت إنه أمير المؤمنين .
هكذا ربى النبي عليه الصلاة والسلام أصحابه، اشتهى اللحم سيدنا عمر قال قرقر أيها البطن أو لا تقرقر والله لن تذوق اللحم حتى يشبع منه صبية المسلمين، ربى أصحابه ليكونوا أعلاماً في الأرض هذا الدين يا أخوان، الدين تواضع، الدين عطاء، الدين خدمة، فلذلك: الأنبياء ملكوا القلوب، والأقوياء ملكوا الرقاب، الأنبياء عاشوا للناس، حياتهم لخدمة البشر، والأقوياء عاش الناس لهم .
ثمن الآخرة العمل الصالح
والإنفاق على رأس العمل الصالح :
أيها الأخوة ، يا من آمنتم بالآخرة ، يا من آمنتم أن الدنيا من أجل الآخرة ،
يا من آمنتم أن الدنيا فرصة ذهبية أتيت إليها كي تدفع ثمن الآخرة ،
ثمن الآخرة العمل الصالح ، يقع على رأس العمل الصالح الإنفاق ،
بصراحة يقول بعض الأخوة الكرام لا نحس بشيء في الصلاة ،
صح ، لأنك مستقيم فقط لا تحس بشيء ، مالك حلال ، عملك صحيح ،
أديت الأمانات كلها، أنت مرتاح، أنت في سلامة،
أما السعادة لا تحتاج إلى امتناع عن المعاصي تحتاج إلى بذل ،
إلى عطاء ، تحتاج إلى تقديم شيء ،
أنت ماذا تركت في المجتمع ؟
تركت أثراً ؟
هل زدت على الحياة شيئاً ؟
إن لم تزد على الحياة شيئاً فأنت زائد عليها، مليارات أتوا إلى الدنيا
ولدوا ، وتعلموا ، وكبروا ، وتزوجوا ، وأنجبوا ، وزوجوا بناتهم
وأولادهم ، وماتوا ، مليارات ، لا أحد يذكرهم ، هذا الرقم السهل ،
أنت ماذا أضفت إلى الدنيا ؟
يا أخوان سؤال خطير ،
اسأل نفسك أنا إذا وقفت بين يدي الله
يوم القيامة ماذا فعلت ؟
قال لي أخ والله كلامك مؤثر لكن ماذا نفعل ؟
قلت له كل نشاطاتنا ومعظم الناس وقد أكون أنا منهم تنصب
في مصلحتنا ، تسافر ، تأخذ وكالة ، تبيع، تشتري ،
طبعاً هذا بالنهاية أرباح لك ،
هل قدمت لله عملاً ليس لك منه نصيب إطلاقاً ؟
هذا الذي يريده الله منك عمل صالح
الدنيا ممر و ليست مقراً
أعظم ما فيها العمل الصالح :
تحضرني قصة أخ حاجب في مدرسة ، يعني أقل مرتبة في وظائف
الدولة أن تكون مستخدماً لتنظيف الغرف، عنده ثمانية أولاد ،
معاشه أربعة آلاف ، ساكن في بيت أجرة غرفة واحدة ، يعني بظرف
استثنائي ورث أرضاً قيمتها أربعة ملايين عرضها للبيع ،
جاء من يشتريها ليجعلها مسجداً ، فاتفق على ثلاثة ونصف مليون ،
جاء المحسن الكبير أعجبته الأرض وقع شيكاً باثنين مليون
قال له
متى التتمة ؟
قال
عند التنازل
قال
أي تنازل ؟
قال
تذهب إلى الأوقاف
وتقدم تنازلاً عن هذه الأرض كي تصبح مسجداً
قال له
أنا أبيع أرضاً لتصبح مسجداً
قال :
نعم
قال :
والله أستحي من الله
أنا أولى منك أن أقدمها لله
يقول هذا المحسن الكبير
بحياتي ما صغرت أمام إنسان
كما صغرت أمام هذا الإنسان .
لك عمل صالح ، لك خدمات ، حليت مشكلة ، أطعمت فقيراً ،
دللت إنساناً تائهاً ، رعيت يتيماً ، ربيت أولادك ، أنفقت مالك ،
ساهمت بمسجد ، خدمت بمسجد ، لك عمل ترقى به عند الله
{ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا }
[ البقرة : 254 ]
يا من آمنتم بالدار الآخرة ، يا من آمنتم أن هذه الدنيا ممر وليست مقراً ،
يا من آمنتم أن هذه الدنيا أعظم ما فيها العمل الصالح
{ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنفِقُوا }
[ البقرة : 254 ]
ما دمت في الدنيا كل شيء يحل بالتوبة :
إياك أن تقول أنا فقير ، أنا دخلي محدود لا يكفي مصروفي ،
الإنفاق هنا واسع
قال تعالى :
{ أَنفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ }
[ البقرة : 254 ]
الله رزقك علماً ، حضرت درساً تأثرت به في يوم الجمعة
اكتب بعض النقاط ، دعتك أختك إلى طعام الإفطار ،
أثناء الطعام تتكلم لهم عنه ، هذا إنفاق، لك جار التقيت معه
تكلمت معه كم نقطة ، لك شريك بالعمل التجاري تكلمت كم نقطة ،
أنفقت من علمك ، أنفقت من وقتك، أنفقت من خبرتك ،
أنفقت من جاهك ، أنفقت من مالك ، أنفق :
{ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خُلَّةٌ وَلَا شَفَاعَةٌ }
[ البقرة : 254 ]
ما دمت في الدنيا كل شيء يحل بالتوبة ،
تحل جميع المشكلات جاء رمضان :
( من صام رمضان إيمانا واحتسابا
غفر له ما تقدم من ذنبه )
متفق عليه عن أبي هريرة
( من قام رمضان إيمانا واحتسابا
غفر له ما تقدم من ذنبه )
متفق عليه عن أبي هريرة
على كل إنسان أن يعمل عملاً لا يبتغي به سمعة ولا شهرة
بل يبتغي به وجه الله تعالى :
لكن إذا ما قدمت شيئاً يقول لك لا أحس بشيء في الصلاة معك حق ،
لا أحس بشيء وأنا أقرأ القرآن معك حق ليس لك عمل صالح ،
أنت مجند صغير غر التحقت بالخدمة الإلزامية ،
التحقت بفرقة ثلاثة ألوية على رأسها لواء أركان حرب لا أدري كم نجمة ،
هل تستطيع أن تقابله رأساً ؟
هل تستطيع أن تدخل إلى عنده من دون إذن ؟
بكل جيوش العالم هذه ممنوعة ، عندك تسلسل من عريف أو عريف أول ،
مساعد أو مساعد أول ، ملازم أو ملازم أول ، ثم نجمة وتاج ،
ثلاث نجمات وتاج ، تاج وسيفين ، أما إذا رأيت ابن هذا اللواء
أركان حرب يسبح وكان على وشك الغرق فأنقذته تدخل إلى مكتبه
من دون استئذان ، يرحب بك أشد الترحيب، يدعوك إلى أن تجلس
إلى جانبه يقدم لك الضيافة وهو لواء أركان حرب وأنت جندي غر
{ فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا
وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا }
[ الكهف : 110 ]
اعمل عملاً لله لا تبتغي به سمعة ، ولا شهرة ،
ولا جاهاً ، ولا علواً في الأرض
{ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ }
[ البقرة : 254 ]
العاقل من قدّم شيئاً لله
قبل أن يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خُلَّةٌ وَلَا شَفَاعَةٌ :
أنت قارئ قرآن علّم القرآن ، إن تتقن الحديث الشريف
علّم الحديث الشريف ، تتقن شراء الحاجيات لك قريب على وشك
الزواج ما عنده خبرة بالشراء إطلاقاً اذهب معه إلى السوق ،
خذ له غرفة نوم جيدة ، خذ له حاجات أساسية بسعر معقول ،
قدم شيئاً ، اخدم الأمة
{ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ }
[ البقرة : 254 ]
لحقوا حالكم ، البدوي الذي كان ساكناً بجدة، عندما توسعت جدة ،
واقتربت من أرضه ، والأرض أصبح سعرها مرتفعاً جداً ،
نزل وباع الأرض لمكتب عقاري خبيث جداً سارق بمبلغ أقلّ من ثمنها
بأربعة أمثاله ، فالمكتب اشترى الأرض ، وعمّرها بناية من اثني عشر طابقاً ،
وهم ثلاثة شركاء ، أول شريك سقط من أعلى طابق فنزل ميتاً ،
والثاني دهسته سيارة ، انتبه الثالث، بحث عن صاحب الأرض ستة أشهر
حتى عثر عليه ، ونقده ثلاثة أمثال حصته لينجو مما جرى لشريكيه ،
قال له البدوي : ترى أنت لحقت حالك.
{ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ
مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خُلَّةٌ وَلَا شَفَاعَةٌ }
[ البقرة : 254 ]
الظالمون هم الكافرون بالإنفاق وبالعمل الصالح :
دقق :
{ وَالْكَافِرُونَ هُمْ الظَّالِمُونَ }
[ البقرة : 254 ]
هنا الكفر له معنى متعلق بالآية ، والكافر الذي كفر بهذا الأمر لم يعبأ به ،
الكفر أن تنكر أمراً معيناً هذا كفر دون كفر ، والكافرون بالإنفاق ،
بالعمل الصالح ، بتقديم خدمات للناس ، هم الظالمون .
والحمد لله رب العالمين
....................................................................