الأربعاء، 19 يونيو 2019

مامعنى سد الزرائع ؟

نسمع كثيرا من يقول هذا من باب( سد الزرائع )
فمامعنى سد الزرائع ؟
الذرائع جمع ذريعة ، وهي في اللغة : الوسيلة إلى الشيء .
ويقصد بها في اصطلاح الفقهاء والأصوليين : ما كان ظاهره الإباحة ، لكنه يفضي ويؤول إلى المفسدة أو الوقوع في الحرام .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" وَالذَّرِيعَةُ : مَا كَانَ وَسِيلَةً وَطَرِيقًا إلَى الشَّيْءِ ، لَكِنْ صَارَتْ فِي عُرْفِ الْفُقَهَاءِ : عِبَارَةً عَمَّا أَفَضْت إلَى فِعْلٍ مُحَرَّمٍ ، وَلَوْ تَجَرَّدَتْ عَنْ ذَلِكَ الْإِفْضَاءِ : لَمْ يَكُنْ فِيهَا مَفْسَدَةٌ .
وَلِهَذَا قِيلَ : الذَّرِيعَةُ الْفِعْلُ الَّذِي ظَاهِرُهُ أَنَّهُ مُبَاحٌ ، وَهُوَ وَسِيلَةٌ إلَى فِعْلِ الْمُحَرَّمِ " .
وقال الشاطبي رحمه الله :
" حَقِيقَتَهَا : التَّوَسُّلُ بِمَا هُوَ مَصْلَحَةٌ ، إِلَى مَفْسَدَةٍ
وعليه ، فالمقصود بقولهم : " سد الذرائع " ، أي : سد الطرق المؤدية إلى الفساد ، وقطع الأسباب الموصلة إليه ، وحسم مادة الفساد ، من أصلها .
قال القرافي رحمه الله :
" سَدُّ الذَّرَائِعِ ، وَمَعْنَاهُ : حَسْمُ مَادَّةِ وَسَائِلِ الْفَسَادِ ؛ دَفْعًا لَهَا ، فَمَتَى كَانَ الْفِعْلُ السَّالِمُ عَنْ الْمَفْسَدَةِ ، وَسِيلَةً لِلْمَفْسَدَةِ : مَنَعَ الإمام مَالِكٌ مِنْ ذَلِكَ الْفِعْلِ "
ثانياً :
دل على العمل بقاعدة : " سد الذرائع " أدلة من الكتاب ، والسنة .
وممن أطال في ذكر تلك الأدلة : شيخ الإسلام ابن تيمية ، وتليمذه ابن القيم رحمهما الله ، بل عدّ ابن القيم رحمه الله باب : " سد الذرائع " : ربع الدين .
فمن تلك الأدلة :
1. قوله تعالى : ( وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ ) النور / 31 ، فمنع النساء من الضرب بالأرجل ، وإن كان جائزا في نفسه ؛ لئلا يكون سبباً إلى سماع الرجال صوت الخلخال ، فيثير ذلك دواعي الشهوة لديهم .
2. أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يكف عن قتل المنافقين ، مع كونه مصلحة ؛ لئلا يكون ذريعة إلى تنفير الناس عنه ، وقولهم : إن محمدا يقتل أصحابه ، فإن هذا القول يوجب النفور عن الإسلام ، ممن دخل فيه ، ومن لم يدخل فيه ، ومفسدة التنفير أكبر من مفسدة ترك قتلهم ، ومصلحة التأليف أعظم من مصلحة القتل .
ثالثاً :
الذرائع من جهة ما يجب سده ، وما لا يجب سده ، قد قسمها أهل العلم رحمهم الله ، إلى ثلاثة أقسام .
قال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله :
" وَقد تقرر فِي الْأُصُول ، أَن الذرائع ثَلَاثَة أَقسَام : وَاسِطَة وطرفان .
1. طرف يجب سَده إِجْمَاعًا ، كسب الْأَصْنَام إِذا كَانَ عابدوها يسبون الله مجازاة على سبّ أصنامهم ؛ فسب الْأَصْنَام فِي حد ذَاته مُبَاح ، فَإِذا كَانَ ذَرِيعَة لسب الله : مُنِع بِنَصّ قَوْله تَعَالَى : ( وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ ) ، وكحفر الْآبَار فِي طَرِيق الْمُسلمين ؛ فإنه ذَرِيعَة لترديهم فِيهَا .
2. وطرف لَا يجب سَده إِجْمَاعًا ، وَهُوَ مَا كَانَت الْمفْسدَة فِيهِ تعارضها مصلحَة عظمى أرجح مِنْهَا ؛ كغرس شجر الْعِنَب ، فإنه ذَرِيعَة إِلَى عصر الْخمر مِنْهُ ، وعصرها ذَرِيعَة لشربها ، إِلَّا أَن مصلحَة انْتِفَاع الْأمة بالعنب وَالزَّبِيب فِي أقطار الدُّنْيَا : أرجح من مفْسدَة عصر بعض الْأَفْرَاد للخمر مِنْهَا . فقد أجمع الْمُسلمُونَ على جَوَاز غرس شجر الْعِنَب ، إِلْغَاءً للمفسدة المرجوحة بِالْمَصْلَحَةِ الراجحة ... .
3. وواسطة هِيَ مَحل الْخلاف بَين الْعلمَاء ، كالبيوع الَّتِي يسميها الْمَالِكِيَّة : بُيُوع الْآجَال ، ويسميها الْحَنَابِلَة وَالشَّافِعِيَّة : بيع الْعينَة ،

ليست هناك تعليقات:

المتابعون

أرشيف المدونة الإلكترونية