| الأزهر يؤكد عدم شرعية المشتقات المالية والتمويل بالفوائد الربوية كتب ـ عبدالرحيم أبوشامة: أكد علماء الشريعة بالأزهر الشريف عدم شرعية استخدام المشتقات المالية والفوائد الربوية للقروض والتي تعد أحد الأسباب الرئيسية للأزمة المالية العالمية الراهنة. وحذر العلماء وأساتذة الاقتصاد من استخدامها في مصر وطالبوا الحكومة بالتدخل السريع لتطبيق أسس نظام الاقتصاد الاسلامي لتجنب الآثار المدمرة للأزمة بعد فشل النظـام المالي والنقدي للرأسمالية. كما طالبوا في توصياتهم في ختام ندوة ناقشت الأزمة العالمية، الدولة بالاشراف والرقابة الدقيقة للمؤسسات المالية. وأكد الدكتور محمد عبدالحليم عمر مدير مركز صالح كامل للدراسات الاقتصادية بجامعة الأزهر أن الشيوعية قامت علي القيود المكبلة والتي أدت إلي انهيارها وأن الرأسمالية تقوم علي الحرية المنفلتة بينما النظام الاقتصادي الاسلامي يقوم علي فكرة الحرية المنضبطة بضوابط الحلال التي تحقق النفع للجميع، كما تحقق العدالة والتوازن والابتعاد عن الممارسات المحرمة. وأكد أن الرهن العقاري هو السبب الرئيسي للأزمة المالية الحالية وأن البنوك أهملت في الجدارة الائتمانية للمقترضين وأغرتهم بفائدة بسيطة ثم تزايدت في منح القروض وباعت البنوك هذه القروض إلي شركات التوريق التي اصدرت بها سندات وطرحتها في البورصات، وأشار عمر إلي أن هذا الأسلوب للرهن غير جائز شرعًا من منظور اسلامي لأن السكن من الحاجات الأساسية للانسان ويجب توفيره بالطرق المشروعة وأن الطريقة التي تسلكها البنوك العقارية والاسكانية من الاقراض بفائدة قلت أو كثرت هي طريقة محرمة شرعًا لما فيها من التعامل بالربا. وأن طريقة توريق الديون غير جائز شرعًا، كما جاء في قرار مجمع الفقه الاسلامي الدولي التابع لمنظمة المؤتمر الاسلامي في دورته الحادية عشرة في نوفمبر 1988 ولا يجوز التعامل بالسندات الربوية إصدارًا أو تداولاً أو مبيعات لاشتمالها علي الفوائد الربوية ولا يجوز توريق الديون لأنه يتم بيعها بأقل من قيمتها لشركة التوريق التي تأخذ أكثر وهو عين الربا. وحذر عمر من شياطين التمويل المعاصر والذين يسعون إلي مزيد من الأرباح والفوائد الربوية من خلال المشتقات المالية والتي تعتبر عقودًا تتوقف قيمتها علي اسعار الأصول المالية محل التعاقد ولا تتطلبدفع نقود لأصل المال في هذه الأصول وتعدد أدوات المشتقات المالية ومنها العقود المستقبلية وعقود الاختيارات وهي بيع أو شراء عملة أو سلعة أو ورقة مالية بسعر محدد سلفًا في تاريخ مستقبلي مقابل تعهد المشتري بدفع مبلغ. إضافة إلي أساليب المضاربات قصيرة الأجل والجوانب السلوكية غير الاخلاقية التي أفرزتها الأزمة. وأكد أن الاقتصاد الاسلامي قادر علي علاج الأزمة المالية الحالية من خلال تعديل أسلوب التمويل العقاري بالأساليب الاسلامية وضبط عملية التوريق في صورة صكوك اسلامية كالإجارة والمشاركة والمرابحة والسلم والاستصناع، ومنع أساليب المضاربات قصيرة الأجل مثل البيع علي المكشوف والشراء بالهامش وهو ما تم في الازمة. وأشار إلي أن قانون سوق المال المصري رقم 95 لسنة 92 صدر خاليًا من هذه الأساليب إلا أنه تم تعديله أخيرًا وسمح فيه بالبيع علي المكشوف والشراء بالهامش. كما طالب بالانتهاء من التعامل بالفوائد الربوية واستخدام أساليب المشاركات والبيوع ووضع ضوابط للمعاملات وهيئات متخصصة للرقابة علي الأسواق في اطار الحرية المنضبطة وعدم التعامل بالمشتقات. وأكد الدكتور حازم الببلاوي الخبير الاقتصادي أن الأزمة المالية الحالية هي نتيجة للتوسع غير المنضبط في القطاع المالي في الولايات المتحدة وباقي دول العالم المتقدم. وترجع إلي التوسع الكبير »والمجنون« في اصدار الأصول المالية والتي أدت إلي زيادة عدد المدنيين وحجم المخاطر والذي صاحبة انعدام الرقابة والاشراف الكافي علي المؤسسات المالية الوسيطة، وقد أدت العناصر الثلاثة من زيادة الاقتراض وتركيز المخاطر ونقص الرقابة والاشراف إلي احداث الأزمة العميقة وأكثرها خطورة فقدان الثقة لدي الأفراد في النظام المالي الحالي. وأكد امتداد آثار الأزمة إلي اقتصاديات العالم ومنها مصر ودول الشرق الأوسط مطالبًا باتخاذ التدابير اللازمة لتجنب آثارها العميقة والتي قد تؤي إلي كساد كبير في الاقتصاد المصري والعربي.دعت كبرى الصحف الاقتصادية في أوروبا التي تنادي دولها بالعلمانية (فصل الدين عن الدولة) لتطبيق الشريعة الإسلامية في المجال الاقتصادي كحل أوحد للتخلص من براثن النظام الرأسمالي الذي يقف وراء الكارثة الاقتصادية التي تخيم على العالم. ففي افتتاحية مجلة "تشالينجز"، كتب "بوفيس فانسون" رئيس تحريرها موضوعا بعنوان (البابا أو القرآن) أثار موجة عارمة من الجدل وردود الأفعال في الأوساط الاقتصادية. فقد تساءل الكاتب فيه عن أخلاقية الرأسمالية؟ ودور المسيحية كديانة والكنيسة الكاثوليكية بالذات في تكريس هذا المنزع والتساهل في تبرير الفائدة، مشيرا إلى أن هذا النسل الاقتصادي السيئ أودى بالبشرية إلى الهاوية. وتساءل الكاتب بأسلوب يقترب من التهكم من موقف الكنيسة ومستسمحا البابا بنديكيت السادس عشر قائلا: "أظن أننا بحاجة أكثر في هذه الأزمة إلى قراءة القرآن بدلا من الإنجيل لفهم ما يحدث بنا وبمصارفنا لأنه لو حاول القائمون على مصارفنا احترام ما ورد في القرآن من تعاليم وأحكام وطبقوها ما حل بنا ما حل من كوارث وأزمات وما وصل بنا الحال إلى هذا الوضع المزري؛ لأن النقود لا تلد النقود". وفي الإطار ذاته لكن بوضوح وجرأة أكثر طالب رولان لاسكين رئيس تحرير صحيفة "لوجورنال د فينانس" في افتتاحية هذا الأسبوع بضرورة تطبيق الشريعة الإسلامية في المجال المالي والاقتصادي لوضع حد لهذه الأزمة التي تهز أسواق العالم من جراء التلاعب بقواعد التعامل والإفراط في المضاربات الوهمية غير المشروعة. وعرض لاسكين في مقاله الذي جاء بعنوان: "هل تأهلت وول ستريت لاعتناق مبادئ الشريعة الإسلامية؟"، المخاطر التي تحدق بالرأسمالية وضرورة الإسراع بالبحث عن خيارات بديلة لإنقاذ الوضع، وقدم سلسلة من المقترحات المثيرة في مقدمتها تطبيق مبادئ الشريعة الإسلامية برغم تعارضها مع التقاليد الغربية ومعتقداتها الدينية. استجابة فرنسية وفي استجابة -على ما يبدو لهذه النداءات، أصدرت الهيئة الفرنسية العليا للرقابة المالية -وهي أعلى هيئة رسمية تعنى بمراقبة نشاطات البنوك- في وقت سابق قرارا يقضي بمنع تداول الصفقات الوهمية والبيوع الرمزية التي يتميز بها النظام الرأسمالي واشتراط التقابض في أجل محدد بثلاثة أيام لا أكثر من إيرام العقد، وهو ما يتطابق مع أحكام الفقه الإسلامي. كما أصدرت نفس الهيئة قرارا يسمح للمؤسسات والمتعاملين في الأسواق المالية بالتعامل مع نظام الصكوك الإسلامي في السوق المنظمة الفرنسية. والصكوك الإسلامية هي عبارة عن سندات إسلامية مرتبطة بأصول ضامنة بطرق متنوعة تتلاءم مع مقتضيات الشريعة الإسلامية. البديل الإسلامي ومنذ سنوات والشهادات تتوالى من عقلاء الغرب ورجالات الاقتصاد تنبه إلى خطورة الأوضاع التي يقود إليها النظام الرأسمالي الليبرالي على صعيد واسع، وضرورة البحث عن خيارات بديلة تصب في مجملها في خانة البديل الإسلامي. ففي كتاب صدر مؤخرا للباحثة الإيطالية لووريتا نابليوني بعنوان "اقتصاد ابن آوى" أشارت فيه إلى أهمية التمويل الإسلامي ودوره في إنقاذ الاقتصاد الغربي. واعتبرت نابليوني أن "مسئولية الوضع الطارئ في الاقتصاد العالمي والذي نعيشه اليوم ناتج عن الفساد المستشري والمضاربات التي تتحكم بالسوق والتي أدت إلى مضاعفة الآثار الاقتصادية". وأضافت أن "التوازن في الأسواق المالية يمكن التوصل إليه بفضل التمويل الإسلامي بعد تحطيم التصنيف الغربي الذي يشبه الاقتصاد الإسلامي بالإرهاب، ورأت نابليوني أن التمويل الإسلامي هو القطاع الأكثر ديناميكية في عالم المال الكوني". وأوضحت أن "المصارف الإسلامية يمكن أن تصبح البديل المناسب للبنوك الغربية، فمع انهيار البورصات في هذه الأيام وأزمة القروض في الولايات المتحدة فإن النظام المصرفي التقليدي بدأ يظهر تصدعا ويحتاج إلى حلول جذرية عميقة". ومنذ عقدين من الزمن تطرق الاقتصادي الفرنسي الحائز على جائزة نوبل في الاقتصاد "موريس آلي" إلى الأزمة الهيكلية التي يشهدها الاقتصاد العالمي بقيادة "الليبرالية المتوحشة" معتبرا أن الوضع على حافة بركان، ومهدد بالانهيار تحت وطأة الأزمة المضاعفة (المديونية والبطالة). واقترح للخروج من الأزمة وإعادة التوازن شرطين هما تعديل معدل الفائدة إلى حدود الصفر ومراجعة معدل الضريبة إلى ما يقارب 2%. وهو ما يتطابق تماما مع إلغاء الربا ونسبة الزكاة في النظام الإسلامي. وأدت الأزمة المالية التي تعصف بالاقتصاد الأمريكي إلى إفلاس عدد من البنوك كان آخرها بنك "واشنطن ميوتشوال" الذي يعد أحد أكبر مصارف التوفير والقروض في الولايات المتحدة. وتأثر ميوتشوال -الذي يعتبر سادس مصرف في الولايات المتحدة من حيث الأصول- بالأزمة العقارية وتدهورت أسهمه في البورصة إلى الحد الأقصى. ويعتبر هذا المصرف أحدث مؤسسة عملاقة في عالم المال الأمريكي تنهار بسبب الأزمة في أقل من أسبوعين بعد مصرفي الأعمال ليمان براذرز، وميريل لينش، إضافة إلى مجموعة التأمين إيه آي جي. |
| |
الأحد، 12 أكتوبر 2008
انعكاس الأزمة المالية العالمية علي الاقتصاد المصري
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق