نبذة مختصرة عن تاريخ الأزهر الشريف
يرجع الفضل في تأسيس الجامع الأزهر إلى الفاطميين، الذين فتحوا مصر في عهد الخليفة المعز لدين الله، الذي أرسل قائده جوهر الصقلى لفتح مصر، فسار بحملته حتى دخل الفسطاط في يوم 11 من شعبان سنة 358 هـ /يوليه 969م، ووضع أساس مدينة القاهرة في يوم 17 من شعبان سنة 358 هـ كما وضع أساس قصر للخليفة المعز لدين اللَّه، ثم وضع آساس الجامع الأزهر في يوم 14 من شعبان سنة 359هـ / 970م ، واستغرق بناؤه قرابة سنتين، وأقيمت أول صلاة جمعة فيه في السابع من رمضان سنة 361 هـ / 972م.
ولم يلبث الأزهر الشريف أن أصبح جامعة علوم، يتلقى فيه طلاب العلم مختلف المعارف والفنون، ففي سنة 378هـ / 988م أشار البعض على الخليفة العزيز بالله بتحويل الأزهر الشريف إلى جامعة تدرس فيها العلوم الدينية والعقلية حرصاً على جذب طلاب العلم إليه من كافة الأقطار. وقد سمي بالجامع الأزهر نسبة إلى السيدة فاطمة الزهراء التي ينتسب إليها الفاطميون.
وقد حرص الخلفاء الفاطميون على تزويد الجامع الأزهر بالكثير من الكتب والمراجع حتى يتيسر للطلاب الوافدين عليه الإطلاع عليها، كما حرصوا على تخصيص موارد للإنفاق عليه، فوقفوا عليه الأحباس، وحذا حذوهم كثير من العظماء والأثرياء من أهل الخيرمن مختلف الدول، فأنفقوا على فرشه وإنارته وتنظيفه وإمداده بالماء، وعلى رواتب الخطباء والمشرفين والأئمة والطلاب من مختلف المذاهب الفقهية.
ولقد اضطلع الأزهر الشريف -منذ فجر تاريخه- بأدوار سياسية وثقافية وروحية خالدة، ليس في تاريخ مصر فحسب، بل في تاريخ الأمم الإسلامية والعربية على مر العصور.
فقد كان للأزهر دور سياسي مجيد على مر تاريخه دفع فيه الظلم والجور وأقر العدل ونشر الأمان، فكان ملاذاً لعامة الشعب يهرعون إليه في الأزمات. ملتمسين من علمائه الإرشاد والتوجيه فيجدون لديهم مواطن الأمان وتفريج الكربات وحل الأزمات، وكان العامة إذا وقع عليهم ظلم أو اغتصب الأمراء المستبدون حقوقهم، هرعوا جماعات إلى الجامع الأزهر في هتاف وصياح، فيفض العلماء حلقات الدراسة ويغلقون أبواب الأزهر ويستمعون إلى شكاية المستغيثين، ونضرب لهذا مثلا ماذكره الجبرتي المؤرخ المشهور أن حسين بك المعروف بـ "شفت" أحد أمراء المماليك، وكان طاغية جباراً يصادر أموال الرعية ويتهجم على البيوت ، وأنه ذهب إلى بيت أحمد سالم الجزار، شيخ دراويش البيومي، فنهب مافيه حتى الفرش وحلي النساء، فحضر أهل الحسينية إلى الجامع الأزهر، ومعهم الطبول والتف حولهم العامة وبأيديهم العصيّ ، وتفرقوا في أنحاء الأزهر وأغلقوا أبوابه وصعد بعضهم إلى مآذنه يصيحون ويضربون الطبول.. .. وقابلوا الشيخ الدردير وذكروا له ما حدث، فغضب لحرمات الله وقال لهم :"في غد نجمع الأطراف والحارات وبولاق ومصر القديمة وأركب معكم وننهب بيوت المماليك كما ينهبون بيوتنا، ونموت شهداء أو ينصرنا الله عليهم، فارتاع المماليك وأوفدوا رسلهم إل الشيخ الدردير نادمين طالبين إليه أن يرسل قائمة بما نهبه حسين بك وجنوده ليردوه إليه، وفعلا ردوا إليه جميع ما أغتصبوه".
وكثيرا ما كانوا يلفتون نظر الحكام إلى أن طاعة الحاكم واجبة إذا لم يخالف الشرع، وأن قاعدة الحكومة الإسلامية أنه "لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق"، وفي أحد المواقف صب الشيخ "علي الصعيدي" غضبه على الأمير يوسف بك الكبير -في وجهه- ، ولعن من باعه، ومن اشتراه، ومن جعله أميراً، فاسترضاه الأمير ونزل على مشورته وأخذ بآرائه.
وكان الشيخ الدردير شجاعاً مقداماً لايخشى في الحق لومة لائم. وقد حدث يوماً وهو في مولد السيد البدوي أن صادر أحد الحكام أموال بعض الرعية، فطلب من بعض أتباعه أن يذهبوا إلى هذا الحاكم ليطلبوا إليه رد الأموال المغصوبة، ولكنهم خشوا أن يذهبوا إليه فركب الشيخ بنفسه وتبعه كثير من العامة حتى دخل خيمة هذا الحاكم وهو راكب بغلته، وأغلظ له القول، فاضطر إلى إرضائه وإرجاع ما اغتصبه من أموال . وفي سنة 1209هـ /سنة 1795م، حدث عدوان من أمراء المماليك على بعض فلاحي مدينة بلبيس فحضر وفد منهم إلى الشيخ عبد الله الشرقاوي، فغضب وتوجه إلى الأزهر فجمع شيوخه، وأغلقوا أبوابه، وأمروا الناس بترك الأسواق والمتاجر، وركب الشيوخ في اليوم التالي وتبعهم كثير من الناس إلى بيت الشيخ محمد السادات، واحتشدت جموع عديدة من الشعب، فأرسل إليهم الأمراء أحدهم، وهو أيوب بك الدفتردار، فسألهم عن أمرهم، فقالوا : نريد العدل ورفع الظلم والجور وإقامة الشرع وإبطال الحوادث والمكوسات (أي الضرائب)، وخشى إبراهيم بك زعيم الأمراء مغبة الثورة فأرسل إلى العلماء، وكانوا يقضون ليلتهم داخل الأزهر، قائلاً لهم : إنه يؤيدهم في غضبهم ويبرىء نفسه من تبعة الظلم، ويلقيها على كاهل شريكه مراد بك، وأرسل في الوقت نفسه إلى مراد يحذره عاقبة الثورة، فاستسلم مراد بك ورد ما اغتصبه من أموال، وأرضى نفوس المظلومين.
ولكن العلماء لم يقنعوا بهذا، بل أصروا على وضع نظام يمنع الظلم ويرد العدوان، فاجتمع الأمراء وأرسلوا إلى العلماء فحضر منهم الشيخ السادات والسيد عمر مكرم والشيخ الشرقاوي والشيخ البكري والشيخ الأمير، وكان هؤلاء رسل الثورة وقوادها، وطال الجدل بين الشيوخ والأمراء، ثم انتهى بأن أعلن الظالمون أنهم تابوا والتزموا ما اشترطه عليهم العلماء، وأعلنوا أنهم سيبطلون المظالم والضرائب المحدثة، ويأمرون اتباعهم بالكف عن سلب أموال الناس، ويرسلون أوقاف الحرمين الشريفين والعوائد المقررة إليهما، ويسيرون في الناس سيرة حسنة.
وكان قاضي القضاة حاضراً هذا المجلس فكتب على الأمراء وثيقة أمضاها الوالي العثماني وإبراهيم بك ومراد بك شيخا البلد، وانصرف العلماء من هذا المجلس وسط جموع الشعب التي أعلنت بهجتها بهذه الوثيقة الخالدة التي هي أشبه بوثيقة حقوق الإنسان.
كما استطاع الشعب بقيادة علماء الأزهر عزل الوالي المستبد خورشيد باشا حينما ثاروا عليه وطلبوا من السلطان العثماني عزله، فنزل السلطان العثماني على رغبتهم وعزله.
وعندما غزا الفرنسيون مصر بقيادة نابوليون بونابارت عام 1798م أشعل علماء الأزهر الثورة ضدهم، فانبعثت من داخل الأزهر الشريف ثورة القاهرة الأولى والثانية، حتى كان للشعب ما أراد بقيادة علمائه، ورحل الفرنسيون عن مصر.
وكذلك قام الشعب المصري العظيم بقيادة علماء الأزهر بصد الحملة الإنجليزية على مصر سنة 1807م المعروفة باسم حملة فريزر.
واستطاع علماء الأزهر أن يفرضوا على الخليفة العثماني الوالي الذي ارتضوه، وهو محمد على باشا، بعد أن أخذوا عليه المواثيق والعهود بالعدل بين الرعية، إلا أنه نقض ما أبرمه من عهد وخان ما بذله من وعد واستبد بالحكم، فثار عليه علماء الأزهر بقيادة عمر مكرم، فلاينهم محمد علي حتى استطاع أن ينفي عمر مكرم ويشرد باقي العلماء.
وكذلك كان علماء الأزهر في عهد خلفاء محمد علي، يشعلون الثورة ضد هذه الأسر الباغية كلما انتهكت الحرمات، وواصلوا جهادهم ضد الاحتلال الإنجليزي حتى تمام الجلاء. ومن فوق منبر الأزهر الشريف أعلن الرئيس الراحل جمال عبد الناصر الجهاد المقدس ضد جيوش الطغاة المعتدين عام 1956م فيما عرف بالعدوان الثلاثي على مصر، فكانت صيحة مدوية في أسماع العاملين، وانتفض الشعب المصري يجاهد المعتدين حتى تمام الانسحاب. وهكذا كان موقف الأزهر الشريف وعلمائه من الحياة العامة والسياسية جهادا ً في سبيل الله وفي سبيل الوطن ودفعا للظلم والعدوان، ولا غرو فالإسلام دين ودولة.
كما كان للأزهر أيضاً دور علمي وثقافي عظيم بَثَّ إشعاع المعرفة في شتى أقطار العالم ، وحفظ اللغة العربية والثقافة الإسلامية في عصور التدهور و الانحطاط، وإبان سيادة الاستعمار الغربي على الأقطار العربية.
ولم يقتصر دور الأزهر العلمي والثقافي على العلوم الدينية واللغوية -كما يظن الكثيرون- ولكن كان الأزهر يستمد ثقافته من ثقافة الإسلام، التي لا تفرق بين شتى المعارف والعلوم التي تخدم البشرية في شتى المجالات، كما أوضح الشارع الحكيم، ولهذا كان علماء الأزهر يدرسون جميع أنواع العلوم والفنون، فكان منهم الفقيه والطبيب والمهندس والفلكي والكيميائي والجغرافي والرحالة.... إلخ.
ولهذا حينما بدأت النهضة العلمية في مستهل العصر الحديث لم تجد لها منبعا إلا في رحاب الأزهر الشريف، فكان معظم المبعوثين إلى أوروبا من رجاله النابهين، من أمثال رفاعة الطهطاوي ومحمد عبده، وغيرهما. كما كانت الدولة كلما أنشأت عدداً من المدارس العليا المتخصصة في شتى العلوم اختارت لها النابغين من أبناء الأزهر.
وعلى الرغم من ذلك استطاع الاستعمار، مع أمده الطويل وأساليبه الملتوية، أن يعوق حركة الأزهر في النمو والازدهار، فشن حروباً عنيفة ضد مريدي الاصلاح والتجديد فتقلّصت علوم الأزهر -لفترة ما- لتقتصر على العلوم الدينية واللغوية. ثم علت صيحات بعض المصلحين من أمثال رفاعة الطهطاوي وجمال الدين الأفغاني ومحمد عبده، وغيرهم، حتى قامت ثورة يوليو 1952م، فأزالت العقبات في طريق تطوير الأزهر الشريف ليكون منارة علم وإشعاع في كل علوم وفنون الحياة، وصدر القانون رقم 103 لسنة 1961م بشأن إعادة تنظيم الأزهر والهيئات التي يشملها. وبهذا عادت للأزهر مكانته وعاد إليه دوره في نشر الثقافة الإسلامية والعربية وجميع فروع المعرفة.
كما ولا يزال للأزهر دور روحي خالد في مقاومة شتى تيارات الإلحاد والانحرافات والمذاهب الهدامة، والحملات التنصيرية المسمومة، ودعاة الفوضى والانحلال والإباحية. وهاهو الآن يقف كالطود الشامخ إلى جانب مؤسسات الدولة المختلفة ضد الإرهاب الأسود ودعاة الانحراف والإباحية، ويمثل غطاءً روحيّاً للمسلمين في شتى بقاع الأرض، ويبين الوجه المشرق والوسطية السمحة لهذا الدين الحنيف.
ولهذا كان الأزهر الشريف -ولايزال- مقصد طلاب العلوم والثقافة الإسلامية من شتى أنحاء العالم، وهو مصدر الدعوة الإسلامية إلى مختلف الأمم والشعوب، وباعث مئات العلماء إلى مختلف القارات.
رسالة الأزهر الشريف
لقد كان الأزهر، قبل صدور القانون رقم 103 لسنة 1961م بشأن إعادة تنظيم الأزهر والهيئات التي يشملها، يسير وفقاً للمرسوم رقم 26 لسنة 1936م، وهذا المرسوم يعتبر أسمى ماعرفه الأزهر من وسائل إصلاح قبل قيام ثورة يوليه 1952م، التي أدخلت التعديلات على هذا المرسوم حتى صدر القانون رقم 103 لسنة 1961م.
ولقد حدد هذا المرسوم بقانون الغرض من الجامع الأزهر تحديداً ضيقاً لا يتفق والرسالة التي يضطلع بها الأزهر الشريف في العالم الإسلامي، إذ حدد الغرض منه بالآتي :
.1 القيام على حفظ الشريعة الإسلامية وأصولها وفروعها واللغة العربية وعلى نشرها.
2. تخريج علماء يوكل إليهم تعليم علوم الدين واللغة بالمعاهد والمدارس.
كما حدد هذا المرسوم أيضا اختصاص هيئة كبار العلماء تحديداً جعل مهمتها جوفاء، لا حياة فيها.
كما قصر هذا المرسوم كليات الأزهر على ثلاث، هي: كلية الشريعة و كلية أصول الدين و كلية اللغة العربية.
كما حدد دور المعاهد الأزهرية في تزويد الطلاب بثقافة عامة في الدين واللغة، وإعدادهم لدخول كليات الأزهر دون غيرها.
وهكذا كان حال الأزهر إبان فترة الاحتلال البغيض حتى قيام ثورة يوليو 1952م التي أدخلت كثيراً من التعديلات على المرسوم بقانون رقم 26 لسنة 1936م، ثم أصدرت القانون الحالي رقم 103 لسنة 1961م، الذي نص على إلغاء المرسوم بقانون رقم 26 لسنة 1936م والقوانين المعدلة له، وإبطال جميع مايخالف القانون الجديد من قوانين.
ولقد أوضحت المادة الثانية من القانون رقم 103 لسنة 1961م ملامح الأزهر الجديد، وأنه يعيش بالإسلام في واقع المجتمع، وينفث روح الدين في شتى مجالات العمل في الدنيا، ويأخذ مكانه في العالم من خلال هذا الدور الذي يربط علوم الدين بالدنيا، إذ نصت على :
"الأزهر هو الهيئة العلمية الإسلامية الكبرى التي تقوم على حفظ التراث الإسلامي ودراسته وتجليته ونشره، وتحمل أمانة الرسالة الإسلامية إلى كل الشعوب، وتعمل على إظهار حقيقة الإسلام وآثره في تقدم البشر ورقي الحضارة، وكفالة الأمن والطمأنينة وراحة النفس لكل الناس في الدنيا والآخرة. كما تهتم ببعث الحضارة العربية والتراث العلمي والفكري للأمة العربية وإظهار أثر العرب في تطور الإنسانية وتقدمها، وتعمل على رقي الآداب وتقدم العلوم والفنون وخدمة المجتمع والأهداف القومية والإنسانية والقيم الروحية، وتزويد العالم الإسلامي والوطن العربي بالمختصين وأصحاب الرأي فيما يتصل بالشريعة الإسلامية والثقافية الدينية والعربية ولغة القرآن. وتخريج علماء عاملين متفقهين في الدين، يجمعون إلى الإيمان بالله والثقة بالنفس وقوة الروح، كفاية علمية وعملية ومهنية لتأكيد الصلة بين الدين والحياة، والربطبين العقيدة والسلوك. وتأهيل عالم الدين للمشاركة في كل أسباب النشاط والإنتاج والريادة والقدوة الطيبة، وعالم الدنيا للمشاركة في الدعوة إلى سبيل الله بالحكمة والموعظة الحسنة. كما تهتم بتوثيق الروابط الثقافية والعلمية مع الجامعات والهيئات الإسلامية والعربية والأجنبية. ومقره القاهرة، ويتبع رياسة الجمهورية".
ويرأس الأزهر الشريف الإمام الأكبر شيخ الجامع الأزهر. وقد وضع القانون المشار إليه اختصاصات شيخ الأزهر فنصت المادة (4) على الآتي:
"شيخ الأزهر الإمام الأكبر وصاحب الرأي في كل ما يتصل بالشؤون الدينية والمشتغلين بالقرآن وعلوم الإسلام، وله الرياسة والتوجيه في كل ما يتصل بالدراسات الإسلامية في الأزهر وهيئاته، ويرأس المجلس الأعلى للأزهر".
ثالثاً : الهيئات التي يشملها الأزهر الشريف ودور كل منها في إطار تحقيق الرسالة الشاملة له
لكي يؤدي الأزهرالشريف هذه الرسالة الشاملة، كان لابد من تنظيم الهيئات التي يشملها، وتحديد الجزء المنوط تنفيذه بكل منها من هذه الرسالة الشاملة، بما يحدث التفاعل والتناغم فيما بينها، من أجل تحقيق هذا الهدف المنشود، ولهذا حدد القانون رقم 103 لسنة 1961م في مادته الثامنة هيئات الأزهر على النحو الآتي :
- المجلس الأعلى للأزهر
- فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر وله رئاسة المجلس
- فضيل وكيل الأزهر
- فضيلة رئيس جامعة الأزهر
- نواب رئيس جامعة الأزهر
- أقدم العمداء في كل فرع من فروع جامعة الأزهر بالمحافظات
- الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية
- المستشار القانوني لشيخ الأزهر
- الأمين العام للمجلس الأعلى للأزهر
- أربعة أعضاء من مجمع البحوث الإسلامية، يختارهم أعضاء المجمع لمدة سنتين، ويصدر بتعيينهم قرار من شيخ الأزهر
- أحد وكلاء الوزارة من كل من وزارات: الأوقاف، والعدل، والتربية والتعليم، وشؤون الأزهر، والمالية، ويصدر بتعيينهم قرار من شيخ الأزهر بناء على ترشيح الوزراء الممثلة وزاراتهم في المجلس.
ويختص المجلس الأعلى بالنظر في الأمور الآتية :
1) التخطيط ورسم السياسة العامة لكل ما يحقق الأغراض التي يقوم عليها الأزهر ويعمل لها في خدمة القضايا الإسلامية الشاملة.
2) رسم السياسة التعليمية التي تسير عليها جامعة الأزهر والمعاهد الأزهرية والأقسام التعليمية، في كل ما يتصل بالدراسات الإسلامية والعربية واقتراح المواد والمقررات التي تدرس لتحقيق أغراض الأزهر.
3) النظر في مشروع ميزانية هيئات الأزهر وإعداد الحساب الختامي.
4) اقتراح إنشاء الكليات والمعاهد الأزهرية والأقسام التعليمية.
5) قبول الأوقاف والوصايا والهبات، مع مراعاة أحكام المادة (6) من هذا القانون.
6) النظر في كل مشروع قانون أو قرار جمهوري يتعلق بأي شأن من شؤون الأزهر.
7) النظر في منح العالمية الفخرية لجامعة الأزهر أو إحدى كلياتها بناء على اقتراح الكلية أو الجامعة.
8)تشكيل اللجان الفنية الدائمة أو المؤقتة من بين أعضائه، أو غيرهم من المتخصصين، لبحث الموضوعات التي تدخل في اختصاصه.
9) تدبير أموال الأزهر واستثمارها وإدارتها.
10) النظرفيما يعهد إليه هذا القانون أو غيره من القوانين والقرارات واللوائح، وفيما يعرضه عليه شيخ الأزهر، وفي كل ما يرى المجلس فائدة في بحثه من المسائل التي تدخل في اختصاصه.
- مجمع البحوث الإسلامية
"مجمع البحوث الإسلامية هو الهيئة العليا للبحوث الإسلامية، وتقوم بالدراسة في كل ما يتصل بهذه البحوث، وتعمل على تجديد الثقافة الإسلامية وتجريدها من الفضول والشوائب وآثار التعصب السياسي والمذهبي، وتجليتها في جوهرها الأصيل الخالص، وتوسيع نطاق العلم بها لكل مستوى وفي كل بيئة، وبيان الرأي فيما يَجِدُّ من مشكلات مذهبية أو اجتماعية تتعلق بالعقيدة، وحمل تبعة الدعوة إلى سبيل الله بالحكمة والموعظة الحسنة.
وتعاون جامعة الأزهر في توجيه الدراسات الإسلامية العليا لدرجتي التخصص والعالمية والإشراف عليها والمشاركة في امتحاناتها.
وتحدد اللائحة التنفيذية لهذا القانون واجبات مجمع البحوث الإسلامية بالتفصيل الذي يساعد على تحقيق الغرض من إنشائه.
ومجمع البحوث الإسلامية يؤدي رسالته في إطار الرسالة الشاملة للأزهر الشريف من خلال مجلسه ولجانه وإداراته المتعددة على النحو الآتي:
أ) مجلس مجمع البحوث الإسلامية:
ويتألف من عدد لا يزيد على خمسين عضواً من كبار علماء الإسلام، يمثلون جميع المذاهب الإسلامية، ويكون من بينهم عدد، لا يزيد على العشرين، من غير مواطني جمهورية مصر العربية، وهذا يجعل لمجلس المجمع ميزة عالمية التشكيل التي تجعل له المرجعية فيما يتعلق بالبحوث الإسلامية. ويرأس مجلس المجمع فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر.
ومجلس المجمع يؤلف من بين أعضائه لجانا أساسية تختص كل منها بجانب من البحوث في مجال الثقافة الإسلامية، مثل: لجنة بحوث القرآن الكريم، ولجنة بحوث السنة النبوية الشريفة، ولجنة البحوث الفقهية، ولجنة العقيدة والفلسفة، ولجنة التعريف بالإسلام، ولجنة القدس والأقليات الإسلامية.. .. .. إلخ.
ويتولى مجلس مجمع البحوث الإسلامية ولجانه متابعة ودراسة القضايا والموضوعات المطروحة على الساحة المحلية والعالمية ، والأحداث التي تموج بها، ويصدر بياناته المشتملة على رأي الشريعة الإسلامية فيها، هذا فضلا عن تتبع ما ينشر من بحوث عن الإسلام الحنيف وبها مغالطات وافتراءات، ومواجهتها بالرد والتصحيح. ومن هذا القبيل تشكيل لجنة دائمة من الأزهر الشريف ووزارة الأوقاف المصرية لحجز موقع على شبكة النيل الفضائية لشرح مبادىء الإسلام الصحيحة السمحة، والرد على ما ينشر ضد الإسلام على الشبكات الأخرى.
ب) أجهزة وإدارات مجمع البحوث الإسلامية :
الإدارة العامة للطلاب الوافدين :
يفتح الأزهر الشريف أبواب معاهده وجامعته لطلاب العلم من مختلف دول العالم للدراسة به، سواء على منح الأزهر، أو على منح الجهات المانحة الأخرى، أو على حسابهم الخاص. وتتولى الإدارة العامة للطلاب الوافدين استقبال الطلاب الوافدين من مشارق الأرض ومغاربها، وتوجيه كل منهم للدراسة المناسبة لمستواه في المعاهد الأزهرية بمراحلها الثلاث، أو بجامعة الأزهر.
وقد بلغ عدد الطلاب الوافدين للدراسة بالأزهر عام 99 / 2000م أكثر من عشرين ألف طالب وطالبة، منهم مايقرب من خمسة آلاف طالب وطالبة على منح الأزهر الشريف، والباقي إما على منح جهات أخرى غير الأزهر الشريف أو على حسابه الخاص.
مدينة البعوث الإسلامية :
مع تزايد عدد الطلاب الوافدين، ضاقت بهم أروقة الأزهر، الأمر الذي جعل إقامة مدينة للبعوث الإسلامية تخصص لإقامة وإعاشة الطلاب الوافدين للدراسة بالأزهر أمراً ضرورياً، لذلك سارعت الدولة بإقامة مدينة البعوث الإسلامية بالقاهرة وأخرى بالإسكندرية، لتوفير المسكن والمأكل للطلاب الوافدين المقيمين بها، وتوفير الرعاية المعيشية والاجتماعية والثقافية والرياضية والطبية لهم. ويقيم بمدينتي البعوث بالقاهرة والإسكندرية أكثر من ثلاثة آلاف طالب وطالبة، ويجرى الآن إنشاء مدينة ثالثة للبعوث بمحافظة قنا لزيادة أعداد أبنائنا الطلاب الوافدين المستفيدين من أنواع الرعاية المشار إليها، فضلاً عن إعادة بناء بعض العمارات بمدينة البعوث بالقاهرة، لزيادة سعتها، وبناء عمارات إضافية بها.
المعاهد الأزهرية الخارجية :
ينشىء الأزهر الشريف بعض المعاهد الأزهرية في بعض الدول التي لا يستطيع الأزهر استقدام جميع الطلاب من أبنائها الراغبين في الدراسة بالأزهر، ولا تسمح إمكانات هذه الدول المادية بتحمل نفقات إيفادهم للدراسة بالأزهر.
وتسير هذه المعاهد الأزهرية الخارجية على نظام التعليم بالأزهر الشريف، خطة ومنهجاً وكتاباً، وتخضع للإشراف الفني للأزهر، ويقوم مجمع البحوث الإسلامية وقطاع المعاهد الأزهرية بإمداد هذه المعاهد بالمدرسين والكتب والمناهج الدراسية، وقد بلغ عدد هذه المعاهد الأزهرية الخارجية خمسة عشر معهداً منها ثلاثة عشر معهداً بإفريقيا، وواحد بكندا،وواحد بباكستان.
الإدارة العامة للبعوث الإسلامية :
يقوم الأزهر الشريف بإيفاد بعض علمائه للتدريس ونشر الثقافة الإسلامية والعربية بدول العالم الإسلامي، وشرح مفاهيم الإسلام الصحيحة، وتعليم أبنائنا المسلمين في الخارج مبادىء الدين الإسلامي الحنيف وفرائضه وقيمه وتعاليمه السمحة، وذلك، سواء على نفقة الأزهر الشريف أو على نفقة الدول المستعيرة. وقد بلغ عدد الدول التي يوجد للأزهر علماء معارون إليها سبعة وثمانين دولة، وبلغ عدد العلماء المعارين على نفقة الأزهر - أي الذين يتحمل الأزهر مرتباتهم ونفقات سفرهم وبدل السكن والعلاج لهم - في العام الدراسي 99 / 2000م "902" مبعوثاً، وبلغ عدد المعارين والمتعاقدين على نفقة الدول المستعيرة "1600" معاراً ومتعاقداً تقريباً.
وتتولى الإدارة العامة للبعوث الإسلامية الإشراف على هؤلاء المبعوثين والمعارين وتحويل مرتباتهم وتنظيم شؤونهم .. .. .. إلخ.
الإدارة العامة للبحوث والتأليف والترجمة :
يتولى مجمع البحوث الإسلامية من خلال هذه الإدارة الإشراف على طبع مصحف الأزهر الشريف ومصحف المطابع الأميرية، وكذلك إصدار تصاريح طبع وتداول المصحف الشريف لدور النشر المختلفة بعد مراجعة الأصول >الأكليشيهات< وكذلك مراجعة الشرائط القرآنية للتأكد من خلوها من الأخطاء.
كما تتولى هذه الإدارة فحص المؤلفات الدينية، سواء كانت باللغة العربية أو الأجنبية، وسواء كانت بحثا أو كتابا أو شريطا أو فيلما أو لوحة .. .. إلخ، وذلك للتأكد من صلاحيتها وخلوها مما يتعارض مع الشريعة الإسلامية.
الأمانة المساعدة للدعوة والإعلام الديني >الوعظ والوعاظ<: font="font">
حيث يعمل بالوعظ ما يقرب من ألفي عالم من علماء الأزهر، يجوبون الآفاق من مراكز الشباب، والمصانع والشركات، والمؤسسات الاجتماعية والتعليمية، ومعسكرات الجيش والشرطة، والسجون، والمحافل والمنتديات العامة، داعين الله بالحكمة والموعظة الحسنة شارحين للناس أمور دينهم، مبينين لهم سبيل الهداية والرشاد. هذا فضلاً عن مساهمتهم في إجراء المصالحات في المنازعات المختلفة، وهم يقومون بهذا الدور إلى جانب إخوانهم الأئمة بوزارة الأوقاف.
لجنة الفتوى :
حيث تتولى هذه اللجنة تلقي استفتاءات الجماهير من الداخل والخارج، سواء عن طريق المقابلات الشخصية أو الهاتف أو المراسلات، والرد عليها. وكذلك إشهار إسلام الراغبين في اعتناق الدين الإسلامي، وإعطائهم شهادات بذلك.
دار الكتب الأزهرية :
وتقوم على حفظ التراث العظيم الذي تضمه، والذي يبلغ عدده 116.133 كتاباً في مختلف العلوم والفنون، تقع في أكثر من نصف مليون مجلد، منها ما يزال مخطوطاً 40.000 كتاب.
وقد تم إنشاء مبنى حديث لها مكون من أربعة عشر طابقاً، به أربع قاعات للمطالعة، وإحدى وعشرون غرفة مجهزة بأحدث النظم المكتبية للراغبين في الاطلاع، تخصص واحدة منها لكل باحث، وقاعة للمكفوفين مزودة بأحدث الأجهزة العلمية.
ويجرى الآن إعداد قاعدة بيانات بيبلوجرافية لمطبوعات المكتبة لإدخالها على الحاسبات الآلية، وغير ذلك من إجراءات التطوير والتحديث للمكتبة الأزهرية، التي يجرى إنجازها لتصبح صرحاً من صروح المعرفة والإشعاع الثقافي لمصر والأزهر الشريف.
هذا وتقوم إدارة المكتبة باستقبال الباحثين والمطالعين من الداخل والخارج، وتقديم ما يحتاجون إليه من مخطوطات ومطبوعات في الفنون التي يرغبون البحث فيها.
إدارة أحياء التراث الإسلامي :
وتؤدي هذه الإدارة عملها في خدمة كتب التراث الإسلامي، وقد قامت بإصدار التفسير الوسيط للقرآن الكريم، وإصدار موسوعة في الحديث الشريف >جمع الجوامع للإمام السيوطي< صدر منها مطبوعاً سنن الأقوال، ويجري الآن تخريج بقية أحاديث الأفعال والمسانيد تمهيداً لطبعها.
كما تتولى هذه الإدارة إصدار سلسلة البحوث الإسلامية ، حيث يتم اختيار أفضل الكتب والأبحاث، وطبعها، وإصدار كتاب كل شهر.
مجلة الأزهر :
يصدر مجمع البحوث الإسلامية في مطلع كل شهر هجري مجلة الأزهر، حاملة رسالة الأزهر إلى جماهير المسلمين في الداخل والخارج، ومتابعة لمجريات الأحداث الإسلامية والعربية بدراسات موضوعية وتحليلات علمية لنخبة من العلماء الأجلاء.
اللجنة العليا للدعوة الإسلامية :
ينظم الأزهر الشريف دورات تدريبية للائمة والدعاة والوعاظ من دول العالم الإسلامي، مدة كل دورة ثلاث أشهر، يتم خلالها تدريب هؤلاء الدعاة على طرق الدعوة إلى سبيل الله تعالى وأساليبها، وما يجب أن يتحلى به الداعية من صفات وأخلاق حتى يستطيع تأدية الأمانة الملقاة على عاتقه على أكمل وجه، وليستطيع التأثير في الجماهير. كما يتم تنظيم محاضرات يلقيها عليهم أساتذة وعلماء الأزهر الشريف في كافة القضايا المعاصرة، وكيفية تعامل الداعية معها، ورأي الشريعة الإسلامية في هذه القضايا، حتى يجمع الداعية إلى القدوة الحسنة الإلمام بقضايا العصر، وكيفية معالجتها في ضوء تعاليم ومبادىء الشريعة الإسلامية الغراء، التي تذخر بالحلول الشافية والعلاج الناجع لكل مايهم الإنسان، أو يعترض طريق تقدم البشرية ورفاهيتها.
وهذا ويتحمل الأزهر الشريف نفقات استقدام هؤلاء الأئمة والدعاة وعودتهم إلى بلادهم، فضلا عن إقامتهم والإعاشة الكاملة لهم، وتوفير العلاج اللازم لهم في مستشفيات جامعة الأزهر، وتخصيص مبلغ "100 جنيه" كمصروف شهري لكل منهم خلال مدة الدورة، وتنظيم رحلات ترفيهية لهم ليتعرفوا على معالم مصر الحضارية، وإهداء كل داعية أتم مدة الدورة مكتبة إسلامية شاملة من أمهات الكتب، لتعين الداعية على عمله بعد عودته إلى بلده، ويتم شحنها إلى بلادهم على نفقة الأزهر الشريف. وقد تدرب في هذه الدورات آلاف الأئمة والدعاة من مختلف دول العالم الإسلامي، منذ بدء إقامة هذه الدورات في عام 1985م.
- قطاع المعاهد الأزهرية
ولقد حدد القانون رقم 103 لسنة 1961م أن الغرض من المعاهد الأزهرية هو تزويد تلاميذها بالقدر الكافي من الثقافة الإسلامية، والمعارف والخبرات التي يتزود بها نظراؤهم في المدارس الأخرى المماثلة، ليخرجوا إلى الحياة مزودين بوسائلها، وإعدادهم الإعداد الكامل لدخول كليات جامعة الأزهر، أو كليات الجامعات الأخرى في جمهورية مصر العربية.
ولهذا تم تقسيم المعاهد إلى مراحل دراسية ثلاث، هي: المعاهد الابتدائية والمعاهد الإعدادية والمعاهد الثانوية، على النحو التالي :
أ) المعاهد الإبتدائية :
ومدة الدراسة بها ست سنوات، ويدرس فيها التلميذ، بالإضافة إلى علوم الدين واللغة العربية، الحساب والهندسة والدراسات الاجتماعية، والعلوم والصحة والتربية الفنية، والتربية الزراعية (للبنين) والتربية النسوية (للبنات) والتربية الرياضية، واللغة الأجنبية. بالإضافة إلى حفظ ثمانية عشر جزءاً من القرآن الكريم.
ب) المعاهد الإعدادية :
ومدة الدراسة بها ثلاث سنوات، يمنح الطالب بعدها الشهادة الإعدادية الأزهرية، ويدرس فيها الطال : الفقه، والتوحيد، والحديث، والتفسير، والإنشاء والمطالعة، والنصوص، والنحو والصرف، والسيرة، والخط والإملاء، وتجويد القرآن الكريم، واللغة الأجنبية، والمواد الاجتماعية (التاريخ والجغرافيا والتربية الوطنية) والرياضيات (الجبر والهندسة) والعلوم والصحة، والتربية الفنية، والتربية الرياضية، والأشغال اليدوية (للبنين) والعلوم العملية (للبنات). بالإضافة إلى حفظ تسعة أجزاء من القرآن الكريم، مع مراعاة امتحان الطالب كل عام في المقرر عليه وما سبق حفظه.
جـ) المعاهد الثانوية :
ومدة الدراسة بها ثلاث سنوات، يمنح بعدها الطالب الشهادة الثانوية الأزهرية، وتنقسم إلى قسمين : أدبي وعلمي. ويدرس طالب القسم الأدبي : الفقه والتفسير وعلومه، والحديث وعلومه، والتوحيد، والنحو والصرف، والبلاغة والإنشاء والأدب، والعروض والقافية، والمطالعة، والمنطق، والفلسفة، واللغة الأجنبية، والتاريخ والجغرافيا، والتربية الفنية، والتربية الرياضية. بالإضافة إلى حفظ ما بقى من القرآن الكريم وأداء الاختبار في القرآن الكريم كله.
ويدرس طالب القسم العلمي : الفقه، التوحيد، التفسير والحديث، والنحو، والصرف، والبلاغة، والأدب والنصوص، والمطالعة والقراءة الحرة، والإنشاء، واللغة الأجنبية، والرياضيات، والفيزياء، والكيمياء، والتاريخ الطبيعي، والتربية الرياضية. بالإضافة إلى حفظ القرآن الكريم.
د) معاهد القراءات :
وهي معاهد أزهرية تُعِدُّ حفاظ القرآن الكريم لإجادة أدائه، وتعلم أحكامه ووجوه القراءات المتواترة وغير المتواترة، وغير ذلك من الدراسات المتعلقة بذات القرآن الكريم وحفظه ولا تتسع لها مناهج الدراسة بالمعاهد الأزهرية الأخرى. وهذه المعاهد تعد خريجها لتدريس مواد التجويد والقراءات بالمعاهد الأزهرية الإعدادية والثانوية، ولشغل وظائف المقارىء وإقامة الشعائر بوزارة الأوقاف.
هـ) معهد البعوث الإسلامية :
ويتولى هذا المعهد استقبال الطلا ب الوافدين من كافة أقطار العالم لتلقي العلوم الدينية والعربية بالأزهر الشريف، وإعدادهم لإتمام دراستهم بجامعة الأزهر.
و) معهد الدراسات الخاصة :
وهذا المعهد يدرس العلوم العربية والدينية للطلاب الوافدين غير الناطقين بالعربية الذين لا يريدون الحصول على مؤهل دراسي، وإنما يرغبون في تلقي دراسات في الدين واللغة العربية دون ارتباط بمناهج المعاهد الأزهرية الأخرى وخطتها. وكذلك الطلاب الوافدين الحاصلين علي مؤهلات دراسية تنقصها العلوم الدينية والعربية أو لتأهيل غير الناطقين بالعربية لدخول المعاهد الأزهرية الأخرى (الإعدادية والثانوية) بعد إجادتهم لنطق اللغة العربية.
هذا وقد بلغت المعاهد الأزهرية بأنواعها المختلفة أكثر من ستة ألاف معهد، يدرس فيها ما يقرب من مليون ونصف المليون طالب وطالبة.
- جامعة الأزهر
ولقد رأى القائمون على إعداد القانون رقم 103 لسنة 1961م ضرورة تنويع الدراسة بالأزهر الشريف، لتشمل إلى جانب علوم الشريعة الإسلامية واللغة العربية، سائر العلوم والمعارف الأخرى، وذلك لتأكيد الصلة بين الدين والحياة، والربط بين العقيدة والسلوك، وتأهيل عالم الدين للمشاركة في أنواع الإنتاج والنشاط الإنساني، وتأهيل عالم الدنيا للمشاركة في الدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، ليعود الأزهر كما كان يُخَرِّجُ علماء في مختلف العلوم والفنون في اللغة والشريعة، والطب والهندسة والفلك .. .. .. إلخ.
ولهذا تضمن القانون 103 لسنة 1961م إنشاء كليات للطب والهندسة والصيد لة، والزراعة والتجارة، واللغات والترجمة، والعلوم، والتربية، وطب الأسنان. بالإضافة إلى الكليات الأزهرية الأصلية، وهي : كلية الشريعة والقانون، كلية أصول الدين، كلية اللغة العربية، كلية الدراسات العربية والإسلامية، كلية الدعوة الإسلامية.
وقد ظلت فروع وكليات جامعة الأزهر -أنواعها المتعددة- تتزايد بمحافظات جمهورية مصر العربية، حتى تتستوعب خريجي المعاهد الأزهرية، حتى بلغت ما يقرب من ستين كلية.
شيوخ الأزهر
لم يجر النظام على أن يعين للأزهر شيخ تعيينا رسميّاً، منذ إنشائه إلى آخر القرن الحادي عشر الهجري، بل كان النظام المتبع أن ينتخب من بين كبار العلماء ناظر يشرف على شؤونه.
ويرى بعض المؤرخين أن هذا المنصب استعمل في منتصف القرن السابع عشر الميلادي في اجتماع عقده باشا مصر، وكان شيخ الأزهر من بين الذين حضروا هذا الاجتماع.
مهما يكن من أمر فقد أنشىء منصب شيخ الجامع الأزهر في عهد الحكم العثماني ليتولى رئاسة علمائه، ويشرف على شؤونه الإدارية، ويحافظ على الأمن والنظام بالأزهر.
وهذا ثبت بأسماء شيوخ الأزهر الشريف :
- الشيخ محمد عبد الله الخرشي المالكي المتوفى سنة 1101هـ / 1690م
- الشيخ إبراهيم بن محمد بن شهاب الدين البرماوي الشافعي ( 1101 هـ - 1106 هـ/ 1690 م- 1694م)
- الشيخ محمد النشرتي المالكي ( 1106هـ - 1120 هـ / 1694م - 1708م)
- الشيخ عبد الباقي القليني المالكي (1120 هـ-؟ / 1708م-؟)
- الشيخ محمد شنن المالكي ( 1133هـ / 1721م)
- الشيخ إبراهيم موسى الفيومي المالكي ( 1133 هـ - 1137هـ / 1721م - 1725م)
- الشيخ عبدالله الشبراوي الشافعي ( 1137هـ - 1171 هـ / 1725م - 1757م)
- الشيخ محمد سالم الحفني الشافعي (1171هـ -1181 هـ / 1757م - 1767م)
- الشيخ عبد الرؤوف السجيني الشافعي (1181هـ - 1182 هـ / 1767م - 1768م)
- الشيخ أحمد بن عبد المنعم الدمنهوري الشافعي (1182هـ -1190 هـ / 1767م -1776م)
- الشيخ أحمد العروسي الشافعي 1192هـ - 1208 هـ / 1778م - 1793م
- الشيخ عبدالله الشرقاوي الشافعي 1208هـ - 1227 هـ / 1793م - 1812م
- الشيخ محمد الشنواني الشافعي 1227هـ - 1233هـ / 1812م - 1818م
- الشيخ محمد أحمد العروسي الشافعي 1233هـ - 1245 هـ / 1818م - 1829م
- الشيخ أحمد بن علي الدمهوجي الشافعي (1245هـ - 1246 هـ / 1829م - 1830م)
- الشيخ حسن بن محمد العطار (1246هـ - 1250 هـ / 1830م - 1834م)
- الشيخ حسن القويسني الشافعي (1250هـ - 1254 هـ / 1834م - 1838م)
- الشيخ أحمد عبد الجواد الشافعي ( 1254هـ -1263 هـ / 1838م - 1847م)
- الشيخ إبراهيم البيجوري الشافعي ( 1263 هـ -1277 هـ / 1847م - 1860م)
- الشيخ مصطفى العروسي (1281هـ - 1287 هـ / 1864م - 1870م)
- الشيخ محمد المهدي العباسي الحنفي (1287هـ - 1299 هـ / 1870م - 1882م)
- الشيخ شمس الدين الإنبابي الشافعي (1299هـ - 1313 هـ / 1882م - 1896م)
- الشيخ حسونة النواوي الحنفي (1313هـ - 1317 هـ / 1896م - 1900م)
- الشيخ عبد الرحمن القطب الحنفي النواوي ( 1317هـ /1900م)
- الشيخ سليم البشري المالكي (1317هـ - 1320 هـ / 1900م -1904م)
- السيد علي بن محمد الببلاوي، استقال في شهر محرم عام 1323 هـ / 1905م
- الشيخ عبد الرحمان الشربيني، استقال سنة 1327 هـ/ 1909م
- الشيخ حسونة بن عبد الله النواوي، استقال في العام نفسه (1327 هـ - 1909م)
- الشيخ سليم البشري إلى سنة 1335 هـ/ 1916م
- الشيخ محمد أبو الفضل الجيزاوي (14 ذي الحجة 1325هـ - 1348 هـ / 1907م - 1928م)
- الشيخ محمد مصطفى المراغي الحنفي : من 1928م إلى أن استقال سنة 1930م
- الشيخ محمد الأحمدي الظواهري ( 1930م - 1935م)
- الشيخ محمد مصطفى المراغي "للمرة الثانية" (1935م - 1945م)
- الشيخ مصطفى عبد الرازق (1945م - 1947م)
- الشيخ محمد مأمون الشناوي (1948م - 1950م)
- الشيخ عبد المجيد سليم (1950م - 1951م)
- الشيخ إبراهيم حمروش (1951م - 1952م)
- الشيخ عبد المجيد سليم "للمرة الثانية" (1952م - 1952م)
- الشيخ محمد الخضر حسين (1952م - 1954م)
- الشيخ عبد الرحمن تاج (1954م - 1958م)
- الشيخ محمود شتلوت (1958م - 1963م)
- الشيخ حسن مأمون (1963م - 1969م)
- الدكتور محمد الفحام (1969م - 1973م)
- الدكتور عبد الحليم محمود (1973م - 1978م)
- الدكتور محمد عبد الرحمن بيصار (1979م - 1982م)
- الشيخ جاد الحق علي جاد الحق (1982م - 1996م)
- الدكتور محمد سيد طنطاوي (1996م)-(2010)
*****الدكتور احمد الطيب (2010)
خاتمة
مما تقدم يتضح أن الأزهر الشريف لم يكن مسجداً تقام فيه الصلاة فحسب، بل كان -ولايزال- جامعاً وجامعة، ومصدر إشعاع ثقافي وفكري، ومبعث حضارة مادية وروحية، وقلعة حصينة للعروبة وللإسلام بوسطيته واعتداله. وكان علماؤه الأعلام رجال فكر، وزعماء إصلاح، وقواد ثورة، وبهذا استطاعوا أن يحملوا أمانة الرسالة، وأن يكونوا ورثة الأنبياء، كما قال رسول الله .
ولهذا لانكون مبالغين إذا قلنا إن تاريخ الأزهر الشريف هو تاريخ للحضارة والثقافة الإسلامية منذ القرن الرابع الهجري وحتى الآن، وتدوين تاريخ الأزهر الشريف هو تدوين لألوان هذه الثقافة وتلك الحضارة في مختلف العصور، وما بلغته من نمو وازدهار، أو صادفته من قيود وأغلال.
كما أن أمجاد الأزهرالشريف ودوره القيادي على مدى أكثر من عشرة قرون في حماية العالم الإسلامي من الانهيار أمام جحافل الصليبيين، وأمام طغاة الحكام وعدوان المستعمرين والعتاة، وسيرة علمائه ومؤلفاتهم العلمية وآثارهم القيادية، تستوعب العديد والعديد من المؤلفات.
ونسأل الله عز وجل أن يحفظ الأزهر الشريف قلعة حصينة للشريعة الإسلامية، وقبلة لطلاب العلم والمعرفة من مشارق الأرض ومغاربها، إنه تعالى أكرم مسؤول وخير مأمول.
__________________
«
الإمام
الأكبر».. لقب جليل يطلق على شيخ الأزهر الشريف، يحمل بداخله دلالة وقوة
هذا المنصب الإسلامي الرفيع. فصاحب هذا اللقب هو يترأس أعلى مؤسسة إسلامية
(سُنّية) في العالم الإسلامي ولها مكانة كبيرة على مستوى العالم. فالأزهر
الشريف، الذي أُطلقَ عليه ذلك الاسم نسبة إلى فاطمة الزهراء، ظل منذ تأسيسه
عام 972م، قلعة ومنارة للإسلام والعلم عبر العصور، وظل حتى الآن يمثل
الدعوة الإسلامية الوسطية والصحيحة في عصر امتلأ بالمغالين والمتطرفين
والدخلاء على الإسلام.
[0]ورغم عراقة الأزهر وتأثيره في العالم الإسلامي ليس فقط على المستوى الديني بل سياسيا واجتماعيا وعلى جميع الأصعدة، فإن منصب «شيخ الأزهر» لم يظهر إلا بعد مرور 741 عاما على إنشاء الجامع الأزهر، وتحديدا عام 1101 هـ عندما تولي المنصب لأول مرة الشيخ محمد بن الخراشي الذي كان يلقب بـ«شيخ الإسلام».
سبعة وأربعون عالما تناوبوا على هذا المنصب خلفا للخراشي، أبرزهم الشيخ المراغي، وشلتوت، وعبد الحليم محمود وغيرهم.. وكان آخرهم د. سيد طنطاوي، والذي شغل هذا المنصب منذ مارس (آذار) عام 1996، حتى وفاته عام 2010، خلفا للشيخ جاد الحق علي جاد الحق. ومنذ نشأته ظل منصب شيخ الأزهر يُنتخب من جانب كبار المشايخ في ما بينهم ودون تدخل الدولة، إلا أنه في عام 1911 صدر قانون الأزهر المؤسس الذي أسس «هيئة كبار العلماء» وتتكون من 30 عالما من كبار علماء الأزهر، واشترط هذا القانون أن يكون شيخ الأزهر عضوا بهذه الهيئة. وكان التجاوز الوحيد عن هذا القانون قد جاء من جانب الملك فاروق عام 1945، حينما عين الشيخ مصطفى عبد الرازق، رغم أنه لم يكن حينئذ عضوا في جماعة كبار العلماء.
ثم صدر القانون رقم 103، في عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر عام 1961، والذي ألغى «جماعة كبار العلماء» وحولها إلى «مجمع البحوث الإسلامية» الذي تكون من 50 عضوا على الأكثر. ومنذ ذلك الحين صار شيخ الأزهر يعيَّن قانونا من بين أعضاء مجمع البحوث الإسلامية بقرار من رئيس جمهورية مصر العربية.
وهو ما فتح الباب لتدخل السلطة وخاصة رئيس الدولة في اختيار وتعيين شيخ الأزهر، ولذلك قدم أكثر من عضو في البرلمان المصري (ينتمي معظمهم إلى جماعة الإخوان المسلمين)، مشروعات قوانين تدعو إلى تعديل نظام اختيار شيخ الأزهر ليكون بالانتخاب. وقد جرى العرف أن يبقي شيخ الأزهر في منصبه حتى وفاته أو استقالته.
ورغم أن المهام الرئيسية لشيخ الأزهر تشمل الإشراف على المؤسسة وطلابها وعلمائها والرقي بها، إلا أن الأزهر ورئيسه يلعبان دورا سياسيا ووطنيا كبيرا، فقد قاد شيوخ الأزهر المقاومة في أكتوبر (تشرين الأول) 1798 ضد الفرنسيين في أثناء حملة نابليون بونابرت. ووقف شيوخ الأزهر ضد الحملة الإنجليزية على مصر سنة 1807، كما لعبوا دورا قوميا كبيرا في الصراع العربي الإسرائيلي والحروب المتعددة في هذا الشأن.
[/
شهد اختيار مشايخ الأزهر الـ47 الكثير من المفارقات والمواقف الخالدة، كان من بينها، أن جميع من تولى مشيخة الأزهر كانوا مصريين ما عدا الشيخ حسن العطار الذي تولى المشيخة عام 1830 وهو من أصل مغربي، وقد وُلد ونشأ في مصر، وكذلك الشيخ محمد الخضر حسين المتوفي عام 1958، فهو تونسي الأصل. وتولى الشيخ حسن القويسني المشيخة وهو كفيف البصر. في حين كان جد الشيخ محمد العباس المهدي نصرانيا وأسلم. أما الموقف الأبرز فقد تولي هذا المنصب الرفيع ثلاثة مشايخ من أسرة واحدة، في سابقة لم تحدث من قبل، وهم الشيخ أحمد العروسي (1778 - 1793)، وابنه الشيخ محمد أحمد العروسي (1818 - 1829)، والشيخ مصطفي محمد أحمد العروسي (1864 - 1870).
وكان أصغر شيخ تولى مشيخة الأزهر هو محمد مصطفي المراغي الذي تولى المنصب وهو ابن 47 عاما. ولعراقة وقيمة هذا المنصب ارتبط تعيين شيخ الأزهر منذ العهد العثماني بإقامة حفل كبير بهذه المناسبة يرتدي فيها شيخ الأزهر الرداء الرسمي الذي يسمي «فرو سمور» المميز لعلماء الأزهر ورجاله.
وفي حين يتم البحث عن بديل للدكتور طنطاوي فإنه عادة يتم تصعيد مفتي الجمهورية لهذا المنصب، وبالتالي فإن الشيخ علي جمعة يعد الأقرب، إلا أنه يواجه عقبة كبيرة وهي أنه ليس خريجا لجامعة الأزهر. ولذلك يظل علماء مثل أحمد الطيب رئيس جامعة الأزهر، وحمدي زقزوق وزير الأوقاف، من أقوي المرشحين.
نضرع الى العلى القدير أن يحفظ لنا هذا الصرح وأن لا تطاله الأيادى السوداء بسوء أبد الدهر....اللهم آمين.
ووفق الله شيخ الأزهر الحالى الدكتور أحمد الطيب اٍلى مافيه خير البلاد والعباد............وجعله اٍسما على مسمى وأعانه على اٍصلاح كافة شئون هذا الصرح العظيم.......
[0]ورغم عراقة الأزهر وتأثيره في العالم الإسلامي ليس فقط على المستوى الديني بل سياسيا واجتماعيا وعلى جميع الأصعدة، فإن منصب «شيخ الأزهر» لم يظهر إلا بعد مرور 741 عاما على إنشاء الجامع الأزهر، وتحديدا عام 1101 هـ عندما تولي المنصب لأول مرة الشيخ محمد بن الخراشي الذي كان يلقب بـ«شيخ الإسلام».
سبعة وأربعون عالما تناوبوا على هذا المنصب خلفا للخراشي، أبرزهم الشيخ المراغي، وشلتوت، وعبد الحليم محمود وغيرهم.. وكان آخرهم د. سيد طنطاوي، والذي شغل هذا المنصب منذ مارس (آذار) عام 1996، حتى وفاته عام 2010، خلفا للشيخ جاد الحق علي جاد الحق. ومنذ نشأته ظل منصب شيخ الأزهر يُنتخب من جانب كبار المشايخ في ما بينهم ودون تدخل الدولة، إلا أنه في عام 1911 صدر قانون الأزهر المؤسس الذي أسس «هيئة كبار العلماء» وتتكون من 30 عالما من كبار علماء الأزهر، واشترط هذا القانون أن يكون شيخ الأزهر عضوا بهذه الهيئة. وكان التجاوز الوحيد عن هذا القانون قد جاء من جانب الملك فاروق عام 1945، حينما عين الشيخ مصطفى عبد الرازق، رغم أنه لم يكن حينئذ عضوا في جماعة كبار العلماء.
ثم صدر القانون رقم 103، في عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر عام 1961، والذي ألغى «جماعة كبار العلماء» وحولها إلى «مجمع البحوث الإسلامية» الذي تكون من 50 عضوا على الأكثر. ومنذ ذلك الحين صار شيخ الأزهر يعيَّن قانونا من بين أعضاء مجمع البحوث الإسلامية بقرار من رئيس جمهورية مصر العربية.
وهو ما فتح الباب لتدخل السلطة وخاصة رئيس الدولة في اختيار وتعيين شيخ الأزهر، ولذلك قدم أكثر من عضو في البرلمان المصري (ينتمي معظمهم إلى جماعة الإخوان المسلمين)، مشروعات قوانين تدعو إلى تعديل نظام اختيار شيخ الأزهر ليكون بالانتخاب. وقد جرى العرف أن يبقي شيخ الأزهر في منصبه حتى وفاته أو استقالته.
ورغم أن المهام الرئيسية لشيخ الأزهر تشمل الإشراف على المؤسسة وطلابها وعلمائها والرقي بها، إلا أن الأزهر ورئيسه يلعبان دورا سياسيا ووطنيا كبيرا، فقد قاد شيوخ الأزهر المقاومة في أكتوبر (تشرين الأول) 1798 ضد الفرنسيين في أثناء حملة نابليون بونابرت. ووقف شيوخ الأزهر ضد الحملة الإنجليزية على مصر سنة 1807، كما لعبوا دورا قوميا كبيرا في الصراع العربي الإسرائيلي والحروب المتعددة في هذا الشأن.
[/
شهد اختيار مشايخ الأزهر الـ47 الكثير من المفارقات والمواقف الخالدة، كان من بينها، أن جميع من تولى مشيخة الأزهر كانوا مصريين ما عدا الشيخ حسن العطار الذي تولى المشيخة عام 1830 وهو من أصل مغربي، وقد وُلد ونشأ في مصر، وكذلك الشيخ محمد الخضر حسين المتوفي عام 1958، فهو تونسي الأصل. وتولى الشيخ حسن القويسني المشيخة وهو كفيف البصر. في حين كان جد الشيخ محمد العباس المهدي نصرانيا وأسلم. أما الموقف الأبرز فقد تولي هذا المنصب الرفيع ثلاثة مشايخ من أسرة واحدة، في سابقة لم تحدث من قبل، وهم الشيخ أحمد العروسي (1778 - 1793)، وابنه الشيخ محمد أحمد العروسي (1818 - 1829)، والشيخ مصطفي محمد أحمد العروسي (1864 - 1870).
وكان أصغر شيخ تولى مشيخة الأزهر هو محمد مصطفي المراغي الذي تولى المنصب وهو ابن 47 عاما. ولعراقة وقيمة هذا المنصب ارتبط تعيين شيخ الأزهر منذ العهد العثماني بإقامة حفل كبير بهذه المناسبة يرتدي فيها شيخ الأزهر الرداء الرسمي الذي يسمي «فرو سمور» المميز لعلماء الأزهر ورجاله.
وفي حين يتم البحث عن بديل للدكتور طنطاوي فإنه عادة يتم تصعيد مفتي الجمهورية لهذا المنصب، وبالتالي فإن الشيخ علي جمعة يعد الأقرب، إلا أنه يواجه عقبة كبيرة وهي أنه ليس خريجا لجامعة الأزهر. ولذلك يظل علماء مثل أحمد الطيب رئيس جامعة الأزهر، وحمدي زقزوق وزير الأوقاف، من أقوي المرشحين.
نضرع الى العلى القدير أن يحفظ لنا هذا الصرح وأن لا تطاله الأيادى السوداء بسوء أبد الدهر....اللهم آمين.
ووفق الله شيخ الأزهر الحالى الدكتور أحمد الطيب اٍلى مافيه خير البلاد والعباد............وجعله اٍسما على مسمى وأعانه على اٍصلاح كافة شئون هذا الصرح العظيم.......
أسماء من تولوا مشيخة الأزهر
محمد عبد الله الخرشي المالكي
1679 - 1690م أول شيخ للأزهر ولد بقرية أبو خراش – شبراخيت – البحيرة
إبراهيم بن محمد بن شهاب الدين البرماوي الشافعي
1690 – 1694م من برما – الغربية
محمد النشرتي المالكي
16984– 1708م كفر الشيخ
عبد الباقي القليني المالكي
1708 – غير معلوم متى انتهت ولايتة من قلين – كفر الشيخ
محمد شنن المالكي
غير معلوم متى بدأتة ولايتة ولكنها انتهت فى 1721م من الجدية – مركز رشيد – البحيرة
إبراهيم موسى الفيومي المالكي
1721م – 1725م مدينة الفيوم
عبدالله الشبراوي الشافعي
1725م – 1757م القاهرة
محمد سالم الحفني الشافعي
1757م – 1767م بلبيس – شرقية
عبد الرؤوف السجيني الشافعي
1767م – 1768م الغربية
أحمد بن عبد المنعم الدمنهوري الشافعي
1767م -1776م دمنهور – بحيرة
ثم تعطل اختيار شيخ للأزهرً بسبب نزاع حدث بين الحنفية والشافعية .
أحمد العروسي الشافعي
عبدالله الشرقاوي الشافعي
1793م – 1812م بلبيس – شرقية شيخ الأزهر أثناء الحملة الفرنسية ودخل فى صراع مع محمد على باشا حتى فرض علية الاقامة الجبرية
محمد الشنواني الشافعي
1812م – 1818م شنوان – غربية
محمد أحمد العروسي الشافعي
1818م – 1829م
أحمد بن علي الدمهوجي الشافعي
1829م – 1830م قويسنا – المنوفية
حسن بن محمد العطار
1830م – 1834م القاهرة – أول من جمع بين العلوم الغربية والعلوم الاسلامية كان أستاذا لرفاعة الطهطاوى
حسن القويسني الشافعي
1834م – 1838م قويسنا – المنوفية
أحمد عبد الجواد الشافعي
1838م – 1847م الفشن – بنى سويف
إبراهيم البيجوري الشافعي
1847م – 1860م الباجور – المنوفية
حدثت
اضطراب و تم تعيين أربعة وكلاء نيابة عن الشيخ البيجوري للقيام بشؤون
الجامع الأزهر، ولما توفي البيجوري سنة 1860م استمروا في القيام بشؤون
الأزهر حتى عين الشيخ العروسي شيخاً للأزهر
مصطفى العروسي
1864م – 1870م
محمد المهدي العباسي الحنفي
1870م – 1882م الإسكندرية صاحب الفتوى التى انقذت أسود كوبرى قصر النيل من الهدم
شمس الدين الإنبابي الشافعي
1882م – 1896م إمبابة – الجيزة
حسونة النواوي الحنفي
1896م – 1900م ملوى – أسيوط
عبد الرحمن القطب الحنفي النواوي
1900م نواى – ملوى – أسيوط
سليم البشري المالكي
1900م -1904م محلة بشر- إيتاى البارود – البحيرة (جد المستشار طارق البشرى)
السيد علي بن محمد الببلاوي،
استقال في شهر محرم عام 1323 هـ / 1905م ببلا – ديروط – أسيوط
عبد الرحمن الشربيني،
استقال سنة 1909م بسبب تدخل الخديوى فى شؤون الأزهر
حسونة بن عبد الله النواوي،
استقال في العام نفسه 1909م مرة اخرى
سليم البشري
1909 – 1916م مرة اخرى
محمد أبو الفضل الجيزاوي
1907م – 1928م وراق الحضر – الجيزة
الشيخ المراغى
محمد مصطفى المراغي الحنفي
من 1928م إلى أن استقال سنة 1930م مراغة – جرجا
محمد الأحمدي الظواهري
1930م – 1935م كفر الظواهرى – شرقية اول شيخ أزهر من اصول عربية من قبيلة طى وجد أيمن الظواهرى
محمد مصطفى المراغي “للمرة الثانية”
1935م – 1945م
مصطفى عبد الرازق
1945م – 1947م بنى مزار المنيا شقيق الشيخ على عبد الرازق صاحب كتاب الاسلام وأصول الحكم
محمد مأمون الشناوي
1948م – 1950م الزرقا – دقهلية
عبد المجيد سليم
1950م – 1951م ميت شهالة – الشهدا – منوفية
إبراهيم حمروش
1951م – 1952م الخوالد – إيتاى البارود – البحيرة
عبد المجيد سليم “للمرة الثانية”
1952م – 1952م
محمد الخضر حسين
1952م – 1954م مدينة نقطة – تونس
عبد الرحمن تاج
1954م – 1958م منية الحيط – إطسا – الفيوم
محمود شلتوت
1958م – 1963م منية بنى منصور – إيتاى البارود – البحيرة
حسن مأمون
1963م – 1969م عابدين – القاهرة
محمد الفحام
1973م – 1978م أبو أحمد – بلبيس – شرقية
محمد عبد الرحمن بيصار
1979م – 1982م السلمية – فوة – كفر الشيخ
جاد الحق علي جاد الحق
1982م – 1996م طرة – الدقهلية
محمد سيد طنطاوى
1996 – 2010 م سليم الشرقية – طما – سوهاج
أحمد الطيب
2010- حتى الأن المراشدة – دشنا – قنا ينتهى نسبة الى الحسن بن على بن أبى طالب
«
الإمام
الأكبر».. لقب جليل يطلق على شيخ الأزهر الشريف، يحمل بداخله دلالة وقوة
هذا المنصب الإسلامي الرفيع. فصاحب هذا اللقب هو يترأس أعلى مؤسسة إسلامية
(سُنّية) في العالم الإسلامي ولها مكانة كبيرة على مستوى العالم. فالأزهر
الشريف، الذي أُطلقَ عليه ذلك الاسم نسبة إلى فاطمة الزهراء، ظل منذ تأسيسه
عام 972م، قلعة ومنارة للإسلام والعلم عبر العصور، وظل حتى الآن يمثل
الدعوة الإسلامية الوسطية والصحيحة في عصر امتلأ بالمغالين والمتطرفين
والدخلاء على الإسلام.
[0]ورغم عراقة الأزهر وتأثيره في العالم الإسلامي ليس فقط على المستوى الديني بل سياسيا واجتماعيا وعلى جميع الأصعدة، فإن منصب «شيخ الأزهر» لم يظهر إلا بعد مرور 741 عاما على إنشاء الجامع الأزهر، وتحديدا عام 1101 هـ عندما تولي المنصب لأول مرة الشيخ محمد بن الخراشي الذي كان يلقب بـ«شيخ الإسلام».
سبعة وأربعون عالما تناوبوا على هذا المنصب خلفا للخراشي، أبرزهم الشيخ المراغي، وشلتوت، وعبد الحليم محمود وغيرهم.. وكان آخرهم د. سيد طنطاوي، والذي شغل هذا المنصب منذ مارس (آذار) عام 1996، حتى وفاته صباح أمس، خلفا للشيخ جاد الحق علي جاد الحق. ومنذ نشأته ظل منصب شيخ الأزهر يُنتخب من جانب كبار المشايخ في ما بينهم ودون تدخل الدولة، إلا أنه في عام 1911 صدر قانون الأزهر المؤسس الذي أسس «هيئة كبار العلماء» وتتكون من 30 عالما من كبار علماء الأزهر، واشترط هذا القانون أن يكون شيخ الأزهر عضوا بهذه الهيئة. وكان التجاوز الوحيد عن هذا القانون قد جاء من جانب الملك فاروق عام 1945، حينما عين الشيخ مصطفى عبد الرازق، رغم أنه لم يكن حينئذ عضوا في جماعة كبار العلماء.
ثم صدر القانون رقم 103، في عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر عام 1961، والذي ألغى «جماعة كبار العلماء» وحولها إلى «مجمع البحوث الإسلامية» الذي تكون من 50 عضوا على الأكثر. ومنذ ذلك الحين صار شيخ الأزهر يعيَّن قانونا من بين أعضاء مجمع البحوث الإسلامية بقرار من رئيس جمهورية مصر العربية.
وهو ما فتح الباب لتدخل السلطة وخاصة رئيس الدولة في اختيار وتعيين شيخ الأزهر، ولذلك قدم أكثر من عضو في البرلمان المصري (ينتمي معظمهم إلى جماعة الإخوان المسلمين)، مشروعات قوانين تدعو إلى تعديل نظام اختيار شيخ الأزهر ليكون بالانتخاب. وقد جرى العرف أن يبقي شيخ الأزهر في منصبه حتى وفاته أو استقالته.
ورغم أن المهام الرئيسية لشيخ الأزهر تشمل الإشراف على المؤسسة وطلابها وعلمائها والرقي بها، إلا أن الأزهر ورئيسه يلعبان دورا سياسيا ووطنيا كبيرا، فقد قاد شيوخ الأزهر المقاومة في أكتوبر (تشرين الأول) 1798 ضد الفرنسيين في أثناء حملة نابليون بونابرت. ووقف شيوخ الأزهر ضد الحملة الإنجليزية على مصر سنة 1807، كما لعبوا دورا قوميا كبيرا في الصراع العربي الإسرائيلي والحروب المتعددة في هذا الشأن.
[/
شهد اختيار مشايخ الأزهر الـ47 الكثير من المفارقات والمواقف الخالدة، كان من بينها، أن جميع من تولى مشيخة الأزهر كانوا مصريين ما عدا الشيخ حسن العطار الذي تولى المشيخة عام 1830 وهو من أصل مغربي، وقد وُلد ونشأ في مصر، وكذلك الشيخ محمد الخضر حسين المتوفي عام 1958، فهو تونسي الأصل. وتولى الشيخ حسن القويسني المشيخة وهو كفيف البصر. في حين كان جد الشيخ محمد العباس المهدي نصرانيا وأسلم. أما الموقف الأبرز فقد تولي هذا المنصب الرفيع ثلاثة مشايخ من أسرة واحدة، في سابقة لم تحدث من قبل، وهم الشيخ أحمد العروسي (1778 - 1793)، وابنه الشيخ محمد أحمد العروسي (1818 - 1829)، والشيخ مصطفي محمد أحمد العروسي (1864 - 1870).
وكان أصغر شيخ تولى مشيخة الأزهر هو محمد مصطفي المراغي الذي تولى المنصب وهو ابن 47 عاما. ولعراقة وقيمة هذا المنصب ارتبط تعيين شيخ الأزهر منذ العهد العثماني بإقامة حفل كبير بهذه المناسبة يرتدي فيها شيخ الأزهر الرداء الرسمي الذي يسمي «فرو سمور» المميز لعلماء الأزهر ورجاله.
وفي حين يتم البحث عن بديل للدكتور طنطاوي فإنه عادة يتم تصعيد مفتي الجمهورية لهذا المنصب، وبالتالي فإن الشيخ علي جمعة يعد الأقرب، إلا أنه يواجه عقبة كبيرة وهي أنه ليس خريجا لجامعة الأزهر. ولذلك يظل علماء مثل أحمد الطيب رئيس جامعة الأزهر، وحمدي زقزوق وزير الأوقاف، من أقوي المرشحين.
نضرع الى العلى القدير أن يحفظ لنا هذا الصرح وأن لا تطاله الأيادى السوداء بسوء أبد الدهر....اللهم آمين.
ووفق الله شيخ الأزهر الحالى الدكتور أحمد الطيب اٍلى مافيه خير البلاد والعباد............وجعله اٍسما على مسمى وأعانه على اٍصلاح كافة شئون هذا الصرح العظيم.......
[0]ورغم عراقة الأزهر وتأثيره في العالم الإسلامي ليس فقط على المستوى الديني بل سياسيا واجتماعيا وعلى جميع الأصعدة، فإن منصب «شيخ الأزهر» لم يظهر إلا بعد مرور 741 عاما على إنشاء الجامع الأزهر، وتحديدا عام 1101 هـ عندما تولي المنصب لأول مرة الشيخ محمد بن الخراشي الذي كان يلقب بـ«شيخ الإسلام».
سبعة وأربعون عالما تناوبوا على هذا المنصب خلفا للخراشي، أبرزهم الشيخ المراغي، وشلتوت، وعبد الحليم محمود وغيرهم.. وكان آخرهم د. سيد طنطاوي، والذي شغل هذا المنصب منذ مارس (آذار) عام 1996، حتى وفاته صباح أمس، خلفا للشيخ جاد الحق علي جاد الحق. ومنذ نشأته ظل منصب شيخ الأزهر يُنتخب من جانب كبار المشايخ في ما بينهم ودون تدخل الدولة، إلا أنه في عام 1911 صدر قانون الأزهر المؤسس الذي أسس «هيئة كبار العلماء» وتتكون من 30 عالما من كبار علماء الأزهر، واشترط هذا القانون أن يكون شيخ الأزهر عضوا بهذه الهيئة. وكان التجاوز الوحيد عن هذا القانون قد جاء من جانب الملك فاروق عام 1945، حينما عين الشيخ مصطفى عبد الرازق، رغم أنه لم يكن حينئذ عضوا في جماعة كبار العلماء.
ثم صدر القانون رقم 103، في عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر عام 1961، والذي ألغى «جماعة كبار العلماء» وحولها إلى «مجمع البحوث الإسلامية» الذي تكون من 50 عضوا على الأكثر. ومنذ ذلك الحين صار شيخ الأزهر يعيَّن قانونا من بين أعضاء مجمع البحوث الإسلامية بقرار من رئيس جمهورية مصر العربية.
وهو ما فتح الباب لتدخل السلطة وخاصة رئيس الدولة في اختيار وتعيين شيخ الأزهر، ولذلك قدم أكثر من عضو في البرلمان المصري (ينتمي معظمهم إلى جماعة الإخوان المسلمين)، مشروعات قوانين تدعو إلى تعديل نظام اختيار شيخ الأزهر ليكون بالانتخاب. وقد جرى العرف أن يبقي شيخ الأزهر في منصبه حتى وفاته أو استقالته.
ورغم أن المهام الرئيسية لشيخ الأزهر تشمل الإشراف على المؤسسة وطلابها وعلمائها والرقي بها، إلا أن الأزهر ورئيسه يلعبان دورا سياسيا ووطنيا كبيرا، فقد قاد شيوخ الأزهر المقاومة في أكتوبر (تشرين الأول) 1798 ضد الفرنسيين في أثناء حملة نابليون بونابرت. ووقف شيوخ الأزهر ضد الحملة الإنجليزية على مصر سنة 1807، كما لعبوا دورا قوميا كبيرا في الصراع العربي الإسرائيلي والحروب المتعددة في هذا الشأن.
[/
شهد اختيار مشايخ الأزهر الـ47 الكثير من المفارقات والمواقف الخالدة، كان من بينها، أن جميع من تولى مشيخة الأزهر كانوا مصريين ما عدا الشيخ حسن العطار الذي تولى المشيخة عام 1830 وهو من أصل مغربي، وقد وُلد ونشأ في مصر، وكذلك الشيخ محمد الخضر حسين المتوفي عام 1958، فهو تونسي الأصل. وتولى الشيخ حسن القويسني المشيخة وهو كفيف البصر. في حين كان جد الشيخ محمد العباس المهدي نصرانيا وأسلم. أما الموقف الأبرز فقد تولي هذا المنصب الرفيع ثلاثة مشايخ من أسرة واحدة، في سابقة لم تحدث من قبل، وهم الشيخ أحمد العروسي (1778 - 1793)، وابنه الشيخ محمد أحمد العروسي (1818 - 1829)، والشيخ مصطفي محمد أحمد العروسي (1864 - 1870).
وكان أصغر شيخ تولى مشيخة الأزهر هو محمد مصطفي المراغي الذي تولى المنصب وهو ابن 47 عاما. ولعراقة وقيمة هذا المنصب ارتبط تعيين شيخ الأزهر منذ العهد العثماني بإقامة حفل كبير بهذه المناسبة يرتدي فيها شيخ الأزهر الرداء الرسمي الذي يسمي «فرو سمور» المميز لعلماء الأزهر ورجاله.
وفي حين يتم البحث عن بديل للدكتور طنطاوي فإنه عادة يتم تصعيد مفتي الجمهورية لهذا المنصب، وبالتالي فإن الشيخ علي جمعة يعد الأقرب، إلا أنه يواجه عقبة كبيرة وهي أنه ليس خريجا لجامعة الأزهر. ولذلك يظل علماء مثل أحمد الطيب رئيس جامعة الأزهر، وحمدي زقزوق وزير الأوقاف، من أقوي المرشحين.
نضرع الى العلى القدير أن يحفظ لنا هذا الصرح وأن لا تطاله الأيادى السوداء بسوء أبد الدهر....اللهم آمين.
ووفق الله شيخ الأزهر الحالى الدكتور أحمد الطيب اٍلى مافيه خير البلاد والعباد............وجعله اٍسما على مسمى وأعانه على اٍصلاح كافة شئون هذا الصرح العظيم.......
أسماء من تولوا مشيخة الأزهر
محمد عبد الله الخرشي المالكي
1679 - 1690م أول شيخ للأزهر ولد بقرية أبو خراش – شبراخيت – البحيرة
إبراهيم بن محمد بن شهاب الدين البرماوي الشافعي
1690 – 1694م من برما – الغربية
محمد النشرتي المالكي
16984– 1708م كفر الشيخ
عبد الباقي القليني المالكي
1708 – غير معلوم متى انتهت ولايتة من قلين – كفر الشيخ
محمد شنن المالكي
غير معلوم متى بدأتة ولايتة ولكنها انتهت فى 1721م من الجدية – مركز رشيد – البحيرة
إبراهيم موسى الفيومي المالكي
1721م – 1725م مدينة الفيوم
عبدالله الشبراوي الشافعي
1725م – 1757م القاهرة
محمد سالم الحفني الشافعي
1757م – 1767م بلبيس – شرقية
عبد الرؤوف السجيني الشافعي
1767م – 1768م الغربية
أحمد بن عبد المنعم الدمنهوري الشافعي
1767م -1776م دمنهور – بحيرة
ثم تعطل اختيار شيخ للأزهرً بسبب نزاع حدث بين الحنفية والشافعية .
أحمد العروسي الشافعي
عبدالله الشرقاوي الشافعي
1793م – 1812م بلبيس – شرقية شيخ الأزهر أثناء الحملة الفرنسية ودخل فى صراع مع محمد على باشا حتى فرض علية الاقامة الجبرية
محمد الشنواني الشافعي
1812م – 1818م شنوان – غربية
محمد أحمد العروسي الشافعي
1818م – 1829م
أحمد بن علي الدمهوجي الشافعي
1829م – 1830م قويسنا – المنوفية
حسن بن محمد العطار
1830م – 1834م القاهرة – أول من جمع بين العلوم الغربية والعلوم الاسلامية كان أستاذا لرفاعة الطهطاوى
حسن القويسني الشافعي
1834م – 1838م قويسنا – المنوفية
أحمد عبد الجواد الشافعي
1838م – 1847م الفشن – بنى سويف
إبراهيم البيجوري الشافعي
1847م – 1860م الباجور – المنوفية
حدثت
اضطراب و تم تعيين أربعة وكلاء نيابة عن الشيخ البيجوري للقيام بشؤون
الجامع الأزهر، ولما توفي البيجوري سنة 1860م استمروا في القيام بشؤون
الأزهر حتى عين الشيخ العروسي شيخاً للأزهر
مصطفى العروسي
1864م – 1870م
محمد المهدي العباسي الحنفي
1870م – 1882م الإسكندرية صاحب الفتوى التى انقذت أسود كوبرى قصر النيل من الهدم
شمس الدين الإنبابي الشافعي
1882م – 1896م إمبابة – الجيزة
حسونة النواوي الحنفي
1896م – 1900م ملوى – أسيوط
عبد الرحمن القطب الحنفي النواوي
1900م نواى – ملوى – أسيوط
سليم البشري المالكي
1900م -1904م محلة بشر- إيتاى البارود – البحيرة (جد المستشار طارق البشرى)
السيد علي بن محمد الببلاوي،
استقال في شهر محرم عام 1323 هـ / 1905م ببلا – ديروط – أسيوط
عبد الرحمن الشربيني،
استقال سنة 1909م بسبب تدخل الخديوى فى شؤون الأزهر
حسونة بن عبد الله النواوي،
استقال في العام نفسه 1909م مرة اخرى
سليم البشري
1909 – 1916م مرة اخرى
محمد أبو الفضل الجيزاوي
1907م – 1928م وراق الحضر – الجيزة
الشيخ المراغى
محمد مصطفى المراغي الحنفي
من 1928م إلى أن استقال سنة 1930م مراغة – جرجا
محمد الأحمدي الظواهري
1930م – 1935م كفر الظواهرى – شرقية اول شيخ أزهر من اصول عربية من قبيلة طى وجد أيمن الظواهرى
محمد مصطفى المراغي “للمرة الثانية”
1935م – 1945م
مصطفى عبد الرازق
1945م – 1947م بنى مزار المنيا شقيق الشيخ على عبد الرازق صاحب كتاب الاسلام وأصول الحكم
محمد مأمون الشناوي
1948م – 1950م الزرقا – دقهلية
عبد المجيد سليم
1950م – 1951م ميت شهالة – الشهدا – منوفية
إبراهيم حمروش
1951م – 1952م الخوالد – إيتاى البارود – البحيرة
عبد المجيد سليم “للمرة الثانية”
1952م – 1952م
محمد الخضر حسين
1952م – 1954م مدينة نقطة – تونس
عبد الرحمن تاج
1954م – 1958م منية الحيط – إطسا – الفيوم
محمود شلتوت
1958م – 1963م منية بنى منصور – إيتاى البارود – البحيرة
حسن مأمون
1963م – 1969م عابدين – القاهرة
محمد الفحام
1973م – 1978م أبو أحمد – بلبيس – شرقية
محمد عبد الرحمن بيصار
1979م – 1982م السلمية – فوة – كفر الشيخ
جاد الحق علي جاد الحق
1982م – 1996م طرة – الدقهلية
محمد سيد طنطاوى
1996 – 2010 م سليم الشرقية – طما – سوهاج
أحمد الطيب
2010- حتى الأن المراشدة – دشنا – قنا ينتهى نسبة الى الحسن بن على بن أبى طالب
بسم الله الرحمن الرحيم
آله وصحبه وسلم
وبعد فهذه تراجم لشيوخ الازهر الشريف رضى الله عنهم جميعا بداية بأول من تولى المشيخه وهو الأمام الأكبر الإمام محمد بن عبد الله الخراشي المالكي إلى شيخ الازهر فى عصرنا هذا الأمام الأكبر الامام أحمد الطيب
الإمام محمد بن عبد الله الخراشي المالكي
اســمــه:
هو الإمام الشيخ أبو عبد الله محمد بن جمال الدين عبد الله بن علي الخراشي المالكي، أول أئمة الجامع الأزهر.
مكان الميلاد والإقامة والوفاة:
ولد الشيخ سنة 1010هـ = 1601م، أقام بالقاهرة، وتوفي ودُفن فيها سنة 1101 هـ = 1690م.نسبته:وسمي بالخراشي نسبة إلى قريته التي ولد بها، قرية أبو خراش، التابعة لمركز شبراخيت، بمحافظة البحيرة. وضبطه بعضهم باسم (الخَراشي) بفتح الخاء، وبعضهم بكسرها، ولكن الأصح أنها بالفتح، قال الزبيدي في تاج العروس: شيخ مشايخنا أبو عبد الله الخراشي من قرية أبي خَراش كسحاب(1) نشأته ومراحل تعليمه:لم ينل الشيخ الخراشي شهرته الواسعة هذه إلا بعد أن تقدمت به السِّن، ولذلك لم يذكر أحد من المؤرخين شيئًا عن نشأته. تلقى الشيخ تعليمه على يد نخبة من العلماء والأعلام، مثل والده الشيخ جمال الدين عبد الله بن علي الخراشي الذي غرس فيه حبًّا للعلم وتطلعًا للمعرفة، كما تلقى العلم على يد الشيخ العلامة إبراهيم اللقاني، وكلاهما -الشيخ اللقاني ووالده الخراشي- تلقى معارفه وروى عن الشيخ سالم السنهوري عن النجم الغيطي عن شيخ الإسلام زكريا الأنصاري عن الحافظ ابن حجر العسقلاني بسنده عن البخاري. وتلقى أيضًا العلم على أيدي الشيخ الأجهوري، والشيخ يوسف الغليشي، والشيخ عبد المعطي البصير، والشيخ ياسين الشامي، وغيرهم من العلماء والمشايخ الذين رسموا لحياته منهجًا سار على خطواته حتى توفاه الله. وقد درس الشيخ محمد بن عبد الله الخراشي علوم الأزهر المقررة حينئذ مثل: التفسير، والحديث، والتوحيد، والتصوف، والفقه، وأصول الفقه، وعلم الكلام، والنحو، والصرف، والعروض، والمعاني والبيان، والبديع والأدب، والتاريخ، والسيرة النبوية، وأيضًا درس علوم المنطق، والوضع والميقات، ودرس أمهات الكتب في كل هذه العلوم السالفة الذكر على أيدي شيوخ عظماء بعلمهم وخلقهم. وقد ظل الشيخ عشرات السنين يعلم ويتعلم، ويفيد ويستفيد من العلم والعلماء، وظل يروي طيلة حياته ويُروى عنه، وبات يضيف ويشرح ويعلق على كل ما يقع بين يديه وتقع عيناه، فأفاد بلسانه وقلمه جمهرة كبيرة من العلماء الذين كانوا يعتزون به وبالانتماء إليه، والنهل من علمه الغزير، ومعرفته الواسعة.تلاميذه ودورهم في رفع شأن الإسلام:
من تلاميذ الشيخ الخراشي: الشيوخ: أحمد اللقاني، ومحمد الزرقاني، وعلي اللقاني، وشمس الدين اللقاني، وداود اللقاني، ومحمد النفراوي، والشيخ أحمد النفراوي، والشبراخيتي، وأحمد الفيومي، وإبراهيم الفيومي، وأحمد المشرفي، والعلامة عبد الباقي القليني (الذي تولى مشيخة الأزهر وأصبح رابع المشايخ)، والشيخ علي المجدولي، والشيخ أبو حامد الدمياطي، والعلامة شمس الدين البصير السكندري، وأبو العباس الديربي صاحب المؤلفات القيمة والعديدة، وتتلمذ على يديه الشيخ إبراهيم بن موسى الفيومي الذي أصبح شيخًا للأزهر. وكل هؤلاء المشايخ الذين تتلمذوا على يديه حملوا لواء العلم والمعرفة من بعده، وكان لهم الدور البارز في رفع شأن الإسلام واللغة العربية، وكلهم أصبحت لهم مكانتهم المرموقة، وتتلمذ على أيديهم الألوف من طلاب العلم والمعرفة.أخـــلاقه:
كان الشيخ الخراشي -رحمه الله- متواضعًا عفيفًا، واسع الخلق، كثير الأدب والحياء، كريم النفس، حلو الكلام، يُسَخِّر نفسه لخدمة الناس وقضاء حاجاتهم بنفسه، واسع الصدر، تعلم على يديه طلاب العلم من شتى بقاع الأرض يسألونه ويستمعون إليه ويناقشونه دون ضيق منه أو تذمر، رحب الأفق لا يمل ولا يسأم. قال عنه الشيخ علي الصعيدي العدوي المالكي في حاشيته التي جعلها على شرحه الصغير لمتن خليل: هو العلامة الإمام والقدوة الهمام، شيخ المالكية شرقًا وغربًا، قدوة السالكين عجمًا وعربًا، مربي المريدين، كهف السالكين، سيدي أبو عبد الله بن علي الخراشي. انتهت إليه الرياسة في مصر حتى إنه لم يبق بها في آخر عمره إلا طلبته، وطلبة طلبته، وكان متواضعًا عفيفًا، واسع الخلق، كثير الأدب والحياء، كريم النفس، جميل المعاشرة، حلو الكلام، كثير الشفاعات عند الأمراء وغيرهم، مهيب المنظر، دائم الطهارة، كثير الصمت، كثير الصيام والقيام، زاهدًا، ورعًا، متقشفًا في مأكله وملبسه ومفرشه وأمور حياته، وكان لا يصلي الفجر صيفًا ولا شتاء إلا بالجامع الأزهر، ويقضي بعض مصالحه من السوق بيده، وكذلك مصلحة بيته في منزله. ويقول عنه من عاشره: ما ضبطنا عليه ساعة هو فيها غافل عن مصالح دينه أو دنياه، وكان إذا دخل منزله يتعمم بشملة صوف بيضاء، وكان لا يَملُّ في درسه من سؤال سائل، لازم القراءة لا سيما بعد شيخه البرهان اللقاني، وأبي الضياء علي الأجهوري. وكان يقسم متن خليل في فقه المالكية إلى نصفين، نصف يقرؤه بعد الظهر عند المنبر كتلاوة القرآن، ويقرأ نصفه الثاني في اليوم التالي، وكان له في منزله خلوة يتعبد فيها، وكانت الهدايا والنذور تأتيه من أقصى بلاد المغرب،
وغيرها من سائر البلاد، فلا يمس منها شيئًا، بل كان يعطيها لمعارفه والمقربين منه يتصرفون فيها.منزلـتــه:
لقد ذاع صيته، وطارت شهرته وسمت مكانته -رحمه الله- بين العامة والخاصة، فكان الحكام يقبلون شفاعته، وكان الطلبة يقبلون على دروسه وينهلون من معارفه الفياضة التي لا تنضب، وكان العامة يفدون إليه لينالوا من كرمه ويهتدون بعلمه وخلقه. قال عنه الجبرتي: هو الإمام العلامة والحبر الفهامة، شيخ الإسلام والمسلمين ووارث علوم سيد المرسلين، وقد ذاعت شهرته أيضًا في البلاد الإسلامية حتى بلغت بلاد المغرب وأواسط أفريقيا حتى نيجيريا، وبلاد الشام والجزيرة العربية واليمن، وقد مكَّن الشيخ من بلوغ هذه الشهرة انتشار طلابه وكثرتهم في أقطار عديدة، واشتهاره بالعلم والتقوى. وقال عنه المرادي في سلك الدرر: الإمام الفقيه ذو العلوم الوهبية والأخلاق المرضية، المتفق على فضله، وولايته، وحسن سيرته. واشتهر في أقطار الأرض كبلاد المغرب، والشام، والحجاز، والروم، واليمن، وكان يعير من كتبه، ومن خزانة الوقف بيده لكل طالب، إيثارًا لوجه الله.مــؤلـفــاتــــه:كان الشيخ واسع العلم متنوع الثقافة، وخاصة في تفسير القرآن الكريم، وفي الفقه على مذهب الإمام مالك بن أنس رضي الله عنه، لذا ترك مكتبة عربية وإسلامية ثرية بمؤلفاته التي امتلأت باللآلئ والجواهر، قلما يوجد لها مثيل، ومن كتبه:1- رسالة في البسملة، وهو شرح لهذه الآية الكريمة. 2- الشرح الكبير على متن خليل، في فقه المالكية، في ثمانية مجلدات. 3- الشرح الصغير لمختصر خليل على متن خليل أيضًا، في أربعة مجلدات. 4- منتهى الرغبة في حل ألفاظ النخبة، وهو شرح لكتاب نخبة الفكر للعلامة ابن حجر العسقلاني، في مصطلح الحديث. 5- الفرائد السنية في حل ألفاظ السنوسية في التوحيد. 6- الأنوار القدسية في الفرائد الخراشية، وهو شرح للعقيدة السنوسية الصغرى، المسماة (أم البراهين). 7- حاشية على شرح الشيخ على إيساغوجي في المنطق، وهو من أشهر كتب المنطق.ولايتــه للـمــشيـخــة:
تكاد الروايات تجمع على أن الشيخ الخراشي -رحمه الله- أول من تولى
منصب شيخ الأزهر، وجميعها تذكر أنه نال هذا المنصب عن جدارة واستحقاق، فقد
ولي الشيخ -رحمه الله- مشيخة الأزهر سنة 1090هـ = 1679م، وكان عمره وقتذاك
حوالي ثمانين عامًا، واستمر في المشيخة حتى توفاه الله تعالى.وفــــاتـــه:
_ وافاه أجله المحتوم -رحمه الله- صبيحة يوم الأحد السابع والعشرين من
شهر ذي الحجة سنة (1101هـ = 1690م) عن عمر يناهز التسعين عامًا.
دفن الشيخ الخراشي -رحمه الله- مع والده بوسط قرافة المجاورين، وقبره
معروف، تاركًا للأزهر ما يقرب من عشرين مؤلفًا، ما زالت من أهم المراجع للعلماء.مصادر ترجمته:
- الأزهر، تاريخه وتطوره، علي عبد العظيم، وآخرون ص 283.
- الأزهر في ألف عام، محمد عبد المنعم خفاجي.
- الأعلام للزركلي 6/240، 241.
- سلك الدرر في أعيان القرن الثاني عشر 4/62.
- شيوخ الأزهر، أشرف فوزي صالح، ص(5 - 9).
- صفوة ما انتشر من أخبار صلحاء القرن الحادي عشر، محمد الأفراني، ص205.
- عجائب الآثار في التراجم والأخبار، للجبرتي 1/166.
- كنز الجوهر في تاريخ الأزهر، الشيخ سليمان رصد الزياتي.
- مقدمة حاشية الصعيدي على شرح الخراشي لمتن خليل.
---------------------
(1)ينظر تاج العروس مادة (خ ر ش).
==========================================================
الإمام الثانى
الإمام إبراهيم بن محمد البرماوي
الشيخ العلامة الإمام: إبراهيم بن محمد بن شهاب الدين بن خالد، برهان
الدين البرماوي، الأزهري، الشافعي، الأنصاري، الأحمدي، شيخ الجامع الأزهر(1) .
مكان الميلاد:
ولد في قرية (بِرْما)، التابعة لمركز طنطا، بمحافظة الغربية.
نسبته:
يظهر من اسمه أنه من منسوب إلى بلده (بِرمة) -بكسر الباء- من أعمال
محافظة الغربية.
نشأته ومراحل تعليمه:محافظة الغربية.
نزح
الشيخ -رحمه الله- إلى القاهرة، والتحق بالأزهر الشريف، وتعلم على أيدي
علمائه الذين أفادوه، ودرس الشيخ علوم الأزهر المقررة على الطلبة في زمنه
-كعلوم الشريعة الإسلامية واللغة العربية وما يتصل بهما. وتلقى الشيخ
البرماوي -رحمه الله- تعليمه على أيدي كبار العلماء كالشمس الشوبري،
والمزاحي، والبابلي، والشبراملسي (تلميذ الشيخ الخراشي)- وهم من كبار
العلماء في عصره، رحمهم الله جميعًا. ولكنه لازم دروس الشيخ أبي العباس
شهاب الدين أحمد بن أحمد بن سلامة القليوبي^(2) <#2> ،
والشيخ القليوبي كان واسع الثقافة، غزير العلم، كان يتهافت على دروسه طلبة
العلم للانتفاع بمصنفاته وتوجيهاته، والاستفادة من علمه، وقد احتفى الشيخ
القليوبي بالشيخ البرماوي لما رآه من نبوغه، مما جعل الشيخ البرماوي يتصدى
للتدريس والجلوس مكان الشيخ القليوبي، رحمهما الله.
تلاميذه:
درَّس
الشيخ البرماوي -رحمه الله- لكثير من الطلبة الذين أصبحوا بعد ذلك من
جهابذة العلماء، مثل العلامة العجلوني، والشيخ علي بن المرحومي، ومن ألمعهم
الشيخ إبراهيم بن موسى الفيومي الذي وُلِّيَ منصب شيخ الجامع الأزهر، وكان
ترتيبه السادس فيمن تولوا المشيخة.
منزلته:
كان الشيخ البرماوي -رحمه الله- حجة في فقه الشافعية، وكان واسع الثقافة، غزير العلم، تهافت الطلبة على دروسه للانتفاع بمصنفاته وتوجيهاته، وللاستفادة من ثقافته المتنوعة.
كان الشيخ البرماوي -رحمه الله- حجة في فقه الشافعية، وكان واسع الثقافة، غزير العلم، تهافت الطلبة على دروسه للانتفاع بمصنفاته وتوجيهاته، وللاستفادة من ثقافته المتنوعة.
مــؤلــفــاتـــه:
ترك الشيخ البرماوي -رحمه الله- عدة مصنفات في الحديث، وفقه الشافعية، والفرائض، والمواريث والتصوف، منها1- حاشية على شرح الشيخ يحيى القرافي لمنظومة ابن فرح الإشبيلي، في علم مصطلح الحديث.
ترك الشيخ البرماوي -رحمه الله- عدة مصنفات في الحديث، وفقه الشافعية، والفرائض، والمواريث والتصوف، منها1- حاشية على شرح الشيخ يحيى القرافي لمنظومة ابن فرح الإشبيلي، في علم مصطلح الحديث.
- 2- حاشية على شرح ابن قاسم (الغزي)، في الفقه الشافعي. 3- رسالة في أحكام القول من مغلظ كلب وخنزير في الفقه على مذهب الإمام الشافعي رضي الله عنه. 4- حاشية على شرح السبط (وهو المارديني ت 907هـ) على الرحبية في الفرائض (المواريث). 5- الميثاق والعهد فيمن تكلم في المهد. 6- رسالة في الدلائل الواضحات في إثبات الكرامات، والتوسل بالأولياء بعد الممات، وهي في التصوف والتوحيد.
ولايته للمشيخة:
وُلِِّي الشيخ البرماوي -رحمه الله- مشيخة الأزهر سنة (1101 هـ / 1690م)،
فهو ثاني من تولى مشيخة الأزهر الشريف، وهذا مثبت من المصادر التاريخية، إلا أن صاحب كنز الجوهر أغفله، وجعل الشيخ النشرتي هو الشيخ الثاني للأزهر متابعًا في هذا الجبرتي (2/121)، كما تابعه في هذا صاحب الخطط التوفيقية (4/31). والواقع: أن الشيخ النشرتي هو الشيخ الثالث للأزهر، وأنه ولي منصبه سنة 1106هـ، أما الفترة بين وفاة الشيخ الخراشي سنة 1101هـ، وولاية النشرتي سنة 1106هـ، فقد ولي الأزهر فيها الشيخ الإمام البرماوي، وقد صحح العلامة السيد أحمد رافع الطهطاوي خطأ الجبرتي ومن تابعه، فقال في كتابه (القول الإيجابي في ترجمة العلامة شمس الدين الإنبابي): «الشيخ محمد النشرتي المالكي، ثالث شيوخ الأزهر إلى أن توفي في 28 من ذي الحجة سنة 1120هـ، وهذا خلافًا لما وقع في موضع من تاريخ الجبرتي... وإن تبعه في ذلك صاحب الخطط التوفيقية».
وُلِِّي الشيخ البرماوي -رحمه الله- مشيخة الأزهر سنة (1101 هـ / 1690م)،
فهو ثاني من تولى مشيخة الأزهر الشريف، وهذا مثبت من المصادر التاريخية، إلا أن صاحب كنز الجوهر أغفله، وجعل الشيخ النشرتي هو الشيخ الثاني للأزهر متابعًا في هذا الجبرتي (2/121)، كما تابعه في هذا صاحب الخطط التوفيقية (4/31). والواقع: أن الشيخ النشرتي هو الشيخ الثالث للأزهر، وأنه ولي منصبه سنة 1106هـ، أما الفترة بين وفاة الشيخ الخراشي سنة 1101هـ، وولاية النشرتي سنة 1106هـ، فقد ولي الأزهر فيها الشيخ الإمام البرماوي، وقد صحح العلامة السيد أحمد رافع الطهطاوي خطأ الجبرتي ومن تابعه، فقال في كتابه (القول الإيجابي في ترجمة العلامة شمس الدين الإنبابي): «الشيخ محمد النشرتي المالكي، ثالث شيوخ الأزهر إلى أن توفي في 28 من ذي الحجة سنة 1120هـ، وهذا خلافًا لما وقع في موضع من تاريخ الجبرتي... وإن تبعه في ذلك صاحب الخطط التوفيقية».
وفاته:
توفي الشيخ البرماوي -رحمه الله- سنة 1106هـ / 1695م.
توفي الشيخ البرماوي -رحمه الله- سنة 1106هـ / 1695م.
مصادر ترجمته:
- الأزهر في ألف عام، محمد عبد المنعم خفاجي.
- الأعلام للزركلي 1/67، 68.
- شيوخ الأزهر، تأليف: أشرف فوزي.
- عجائب الآثار في التراجم والأخيار، للجبرتي.
- القول الإيجابي في ترجمة العلامة شمس الدين الإنبابي، السيد أحمد رافع الطهطاوي.- مشيخة الأزهر منذ إنشائها حتى الآن، تأليف علي عبد العظيم.
- الأزهر في ألف عام، محمد عبد المنعم خفاجي.
- الأعلام للزركلي 1/67، 68.
- شيوخ الأزهر، تأليف: أشرف فوزي.
- عجائب الآثار في التراجم والأخيار، للجبرتي.
- القول الإيجابي في ترجمة العلامة شمس الدين الإنبابي، السيد أحمد رافع الطهطاوي.- مشيخة الأزهر منذ إنشائها حتى الآن، تأليف علي عبد العظيم.
------------------
(1)ينظر: عجائب الآثار 1/173.
(2)ينظر: ترجمته في الأعلام للزركلي 1/92.
===========================================================الإمام الثالث
الإمام محمد النشرتي
هو الإمام العالم السيد محمد النشرتي المالكي، أحد علماء الأزهر الشريف، ومن أبرز أعلام المذهب المالكي نسبته:
ينسب الشيخ النشرتي -رحمه الله- إلى بلده التي وُلِد فيها (نشرت)، وهي تابعة لمركز قلين، بمحافظة كفر الشيخ، التي كانت تسمى مديرية الفؤادية.نشأته ومراحل تعليمه:
انتقل الشيخ من بلدته إلى القاهرة في صباه ليلتحق بالأزهر، ويتلقى تعليمه على أيدي الشيوخ الأجلاء فيه. واجتهد في تحصيله للعلم، وتقدم على أقرانه، وصارت له مكانة مرموقة، وبلغ في التدريس مكانة عظيمة جعلت طلاب العلم يتوافدون على مجلسه من جميع أنحاء العالم الإسلامي، وظل الشيخ النشرتي يتصدر حلقات الدرس حتى اختير لمشيخة الجامع الأزهر سنة 1106هـ/1695م، بعد وفاة الشيخ البرماوي. وقد أقر المؤرخون أن الشيخ النشرتي تزعم علماء المالكية في عصره، وأنه مع توليه للمشيخة وقيامه لمهامها حرص على أن يبقى مدرسًا، وألا تنفض حلقته الدراسية. ولم تصرفه أعماله الإدارية -التي يتطلبها موقعه كشيخ للأزهر- عن أداء رسالته التربوية التي كرَّس لها جل وقته، وعبأ لها نفسه وعلمه وأعطاها كل جهده؛ لأنه كان مؤمنًا بأن العلم عبادة. وكانت للشيخ النشرتي -بإجماع علماء عصره- موهبة فذة في الشرح والتوضيح والإبانة، مما جذب لحلقات درسه الطلاب من جميع بلاد العالم الإسلامي... واستمر الإمام النشرتي أربعة عشر عامًا في مشيخة الجامع الأزهر، ولم تؤثر على حلقات علمه التي انكبَّ عليها طلاب العلم.تلاميذه:
- الإمام أبو العباس أحمد بن عمر الديربي الشافعي الأزهري، صاحب المؤلفات الشهيرة والعديدة والمفيدة.
- الإمام الشيخ الصالح عبد الحي زين العابدين.
- الإمام الفقيه الشيخ أحمد بن الحسن الكريمي الخالدي الشافعي، الشهير بالجوهري. وظل الشيخ وفيًّا لرسالته مخلصًا في أداء مهمته، لكنه اكتفى بتدريس الكتب المعروفة في عصره خاصة التي كانت في المذهب المالكي، ولم تكن للشيخ مؤلفات خاصة به، فقد كان من النوع الذي ينادي بتأليف الرجال وإعداد الجيل، لا بتأليف الكتب ووضع المصنفات. واستطاع الشيخ أن يربي ويخرج طائفة من الزعماء المرموقين، الذين حملوا لواء رسالته من بعده، وأدوها خير أداء، ورفعوا شأن العلم، وكانوا درع الأمة الواقية في ميادين كثيرة. قد أثر الشيخ النشرتي في تلاميذه بدرجة كبيرة ظهرت واتضحت بعد وفاته في تماسكهم واتحادهم، وفرض آرائهم على ولاة الأمر؛ لصالح الدين والأمة، ومن أبرز مواقف تلاميذ الشيخ النشرتي موقفهم حين أصروا على أن يتولى الشيخ عبد الباقي القليني -أحد تلاميذ الشيخ النشرتي- مشيخة الأزهر بعد النشرتي، وذلك في الوقت الذي أصرت فيه مجموعات أخرى لمذهب آخر على أن يتولاها الشيخ النفراوي، ولكن تلاميذ الشيخ النشرتي استطاعوا -بما تعلموه من أستاذهم- الوصول إلى تحقيق رغبتهم، وتم لهم ذلك بعد أحداث عصيبة في ملحمة مريرة بين الفريقين.مؤلفاته:
بعد الرجوع إلى الفهارس العديدة للمكتبات لعلنا نعثر له على بعض المصنفات، ولكننا لم نظفر بنتيجة، ويظهر أن الشيخ -رحمه الله- اكتفى بتدريس المصنفات المعروفة، وبخاصة في مذهب المالكية.ولايته للمشيخة:
تولى الشيخ النشرتي - رحمه الله - مشيخة الأزهر بعد وفاة الشيخ البرماوي - رحمه الله -، وامتدت ولايته للمشيخة أربعة عشر عامًا، إلى وفاته سنة 1120هـ.وفــاتــه:
توفي الشيخ النشرتي -رحمه الله- بعد ظهر يوم الأحد، الثامن والعشرين من شهر ذي الحجة، عام 1120هـ/1709م، وأخرت جنازته إلى صبيحة يوم الإثنين، وصلي عليه بالأزهر، وحضر جنازته الصناجقة والأمراء، والأعيان والعامة، وكان يومًا مشهودًا ومشهدًا حافلا، وهذا يدل على منزلته العظيمة، فقد عرف الشيخ النشرتي بالصلاح وحسن السيرة ومكانته السامية إلى جانب شهرته العلمية.مصادر ترجمته:
_- الأزهر في اثني عشر عامًا، نشر إدارة الأزهر.
- شيوخ الأزهر، تأليف: أشرف فوزي.
- عجائب الآثار للجبرتي، نشر لجنة البيان العربي.
- كنز الجوهر في تاريخ الأزهر، تأليف: سليمان رصد الحنفي الزياتي.
- مشيخة الأزهر منذ إنشائها حتى الآن، تأليف: علي عبد العظيم.
الإمام الرابع الإمام عبد الباقي القليني
ولد بقرية قلين، التابعة لمركز كفر الشيخ، بمديرية الفؤادية، والتي أصبحت الآن مركز قلين، التابع لمحافظة كفر الشيخ، ولم يرد ذكر تاريخ مولده لعدم انتظام النواحي الإدارية في ذلك الوقت، وعدم الاهتمام بهذه الأمور.نسبته:
نُسِب الشيخ -رحمه الله- إلى قرية (قلين) التي وُلِدَ ونشأ فيها.نشأته ومراحل تعليمه:
غادر قريته قاصدًا القاهرة ليلتحق بالجامع الأزهر، الذي عكف فيه على تحصيل العلم على أيدي علماء عصره الأعلام. وكان الشيخ القليني ذكيًّا يعي ما يقرأ، ويحفظ ما يفهم، ولذا نبه شأنه، وذاع صيته، وعرف اسمه للقاصي والداني، وجلس للدرس والتعليم.شيوخه:
كان الشيخ القليني تلميذًا نجيبًا للعالمين الجليلين: الشيخ البرماوي، والشيخ النشرتي.تلاميذه:
من أبرز تلاميذ الشيخ -رحمه الله- الذين ذكرهم الجبرتي: الإمام العلامة، والعمدة الفهامة، المتفنن المتبحر الشيخ محمد صلاح البرلسي. ولم تذكر المراجع الموجودة التي تتناول الشيخ القليني سوى نتف قليلة عن حياته وتلاميذه، ولكنها تروي عنه أن طلاب العلم قد وفدوا عليه من كل مكان والتفوا حوله وفي حلقته، وكانوا كثيرين. وكان الشيخ القليني يعتني بتوجيه طلبته إلى العناية والاهتمام بالكتب القديمة -كتب التراث- والغوص فيها، والبحث في أمهات الكتب لاستخراج ما فيها من كنوز ومعارف. وكان يساعد تلاميذه ويعينهم على فهم ما صعب عليهم فهمه في تلك الكتب، ويملي عليهم الحواشي لإيضاح الغوامض وتبسيط المعقد الصعب.أخلاقه:
لقد كان الشيخ محبوبًا من زملائه وتلاميذه، وكبار علماء عصره، الأمر الذي دفعهم لمناصرته، ودخولهم في معركة دامية لتحقيق توليته للمشيخة، ذلك بالرغم من أنه كان بعيدًا عن القاهرة آنذاك، ولم يشترك في هذا الصدام من قريب أو بعيد، وإنما تلاميذه وزملاؤه وإخوانه المقربون هم الذين فعلوا ذلك ليقينهم أنه الأحق بولاية هذا المنصب الجليل بعلمه وأخلاقه، فكان علمه غزيرًا، ومعرفته واسعة ثرية.مؤلفاته:
بعد الرجوع إلى مصادر ترجمة الشيخ -رحمه الله- وفهارس المكتبات لم نجد له مصنفات، فهو من النوع الذي يهتم بتربية التلاميذ أكثر من التصنيف.ولايته للمشيخة:
وُلِِّي الشيخ القليني مشيخة الأزهر عام 1120هـ/1709م، بعد أحداث أليمة وعصيبة عقب وفاة أستاذه الشيخ النشرتي، وظل الشيخ في ولايته لمشيخة الأزهر إلى أن مات.وفاته:
لم يتيسر لنا معرفة تاريخ وفاته، ولم يرد ذكر بذلك في جميع الكتب التي تناولت ترجمته، ولكن تم تعيين المشيخة بعده للشيخ محمد شنن.مصادر ترجمته:
_- الأزهر في اثني عشر عامًا، نشر إدارة الأزهر.
- شيوخ الأزهر، تأليف: أشرف فوزي.
- مشيخة الأزهر منذ إنشائها حتى الآن، تأليف علي عبد العظيم.
- كنز الجوهر في تاريخ الأزهر، تأليف: سليمان رصد الحنفي الزياتي.
==========================================================لإمام الخامس ولد عام 1056هـ/1656هـ تقريبًا، وكان مولده بقرية الجدية التابعة لمركز رشيد بمديرية البحيرة، وهي قرية تقع على الشاطئ الغربي لفرع رشيد.
نشأته ومراحل تعليمه:
نشأ الشيخ في قريته، وحفظ فيها القرآن الكريم، ثم قصد الجامع الأزهر ليتلقى علومه على أيدي علمائه ومشايخه. جد الشيخ -رحمه الله- في تحصيل العلم، واجتهد في حفظ ما يمليه عليه مشايخه وعلماؤه فتقدم في العلم، وجلس في صفوف العلماء، وأصبح ذائع الصيت، وذا ذكر حسن. وقد اشترك الشيخ شنن في الفتنة التي حدثت بين فريقي الشيخ القليني والشيخ النفراوي، وكان مؤيدًا للشيخ أحمد النفراوي، فلما تدخل ولاة الأمر في ذلك صدرت الأوامر بنفيه إلى قريته الجدية، وتحديد إقامة الشيخ النفراوي في بيته.
منزلته:
كان الشيخ شنن -رحمه الله- واسع الثراء، فيذكر الجبرتي أنه كان مليئا متمولا أغنى أهل زمانه بين أقرانه ... ترك لابنه ثروة طائلة فكان بها من صنف الذهب البندقي أربعون، خلاف الجنزولي والطولي، وأنواع الفضة، والأملاك والضياع، والوظائف، والأطيان... وغير ذلك، وكان له مماليك وعبيد وجوارٍ، ومن مماليكه أحمد بك شنن الذي أصبح من كبار حكام المماليك وصار صنجقًا، أي: من كبار ولاة الأقاليم. ومع ثرائه العريض كان غزير العلم، واسع الاطلاع، من كبار الفقهاء، عالما جليلا، وفقيهًا مجتهدًا، وعلمًا من أعلام المالكية في زمانه. ويذكر المؤرخون أن الشيخ شنن -رحمه الله- رغم ثرائه العريض وأمواله الطائلة كان غزير العلم، واسع الاطلاع، ولم تصرفه أمواله عن تحصيل العلم ومتابعة تلاميذه والاطلاع الواسع على التراث العلمي المجيد. وقد أقام الشيخ شنن -رحمه الله- صديقه الشيخ محمد الجداوي وصيًّا على ابنه موسى، وذلك قبل وفاته، وقام الشيخ الجداوي بحراسة هذه الثروة على خير وجه، وسلمها إلى موسى ابن الشيخ شنن -رحمه الله- بعد بلوغه سن الرشد، ولم يمض وقت طويل -كما ذكر الجبرتي- حتى بدد الابن ثروة أبيه جميعها رغم ضخامتها، ومات بعد كل هذا الثراء مدينًا فقيرًا محتاجًا، لا يملك من ثروته شيئًا. وكان الشيخ ذا مكانة سامية مرموقة لدى الحكام، وقد لاحظ أثناء مشيخته
أن بعض جدران المسجد قد أصابها تصدع، فعزم على إصلاح ما فسد، وصعد إلى القلعة حيث يقيم الوالي العثماني علي باشا، وذلك يوم الخميس الموافق 15 من ربيع الأول عام 1232هـ/ 25 يناير عام 1720م، وقابل الشيخُ الوالي، وعرض عليه ما لاحظه في جدران المسجد، وقال له: المرجو من حضرتكم تكتبوا إلى حضرة مولانا السلطان، وتعرضوا عليه الأمر؛ لينعم على الجامع الأزهر بالعمارة، فإنه محل العلم الذي ببقائه بقاء الدولة، وله ولك الثواب من الملك الوهاب. ولما للشيخ من مكانة سامية أسرع الوالي بتحقيق مطلبه، ليس هذا فحسب، بل طلب الوالي من كبار المشايخ أن يقدموا مذكرات في هذا الشأن لترفع إلى السلطان، وأراد بذلك أن يدعم أقوال الشيخ شنن في هذا الشأن، ويضفي عليها المزيد من الأهمية لما للشيخ من احترام وهيبة لدى العلماء وولاة الأمر. واشترك الوالي، وكبار الأمراء والمماليك في وضع أختامهم على هذه المذكرات، وعرض الأمر على السلطان أحمد الثالث (1703م - 1730م)، واستجاب إلى طلب علماء الأزهر، وأوفد بعثة إلى مصر تحمل رده بالموافقة على طلب علماء الأزهر، وترميم ما تصدع من بناية الجامع الأزهر، واعتمد خمسين كيسًا ديوانيًّا من أموال الخزانة للإنفاق على ذلك الإصلاح.
مؤلفاته:
اكتفى الشيخ شنن -رحمه الله- بتدريس المؤلفات المعروفة في عصره، ولم تكن له مصنفات خاصة به، أو لم نعرف عن مصنفاته شيئًا، إذ أغفلت المصادر التي ترجمت له ذكر شيء عن كتبه وتلاميذه، وعلى أيدي مَنْ مِنَ العلماء تلقى دروسه.
ولايته للمشيخة:
توفي الشيخ النفراوي أثناء مشيخة الشيخ القليني للجامع الأزهر، الأمر الذي دعا علماء الأزهر للإجماع على تولية الشيخ محمد شنن لمشيخة الأزهر؛ لأن ثلاثتهم (الشيخ النفراوي، والشيخ القليني، والشيخ شنن) كانوا الأقطاب الثلاثة في ذلك العصر، وجميعهم على المذهب المالكي، الذي كانت المشيخة لا تخرج إلا منه غالبًا.
وفاته:
ظل الشيخ محمد شنن شيخًا للأزهر يشرف عليه، ويواصل البحث والتدريس حتى توفاه الله، وقد ناهز السبعين من عمره عام 1133هـ/1720م.
مصادر ترجمته:
- الأزهر في اثيى عشر عامًا، نشر إدارة الأزهر.
- دور الأزهر في الحفاظ على الطابع العربي لمصر إبان الحكم العثماني للدكتور عبد العزيز محمد الشناوي، طبع دار الكتب سنة 1972م.
- شيوخ الأزهر، تأليف: أشرف فوزي.
- عجائب الآثار للجبرتي، نشر لجنة البيان العربي.
- كنز الجوهر في تاريخ الأزهر، تأليف: سليمان رصد الحنفي الزياتي.
- مشيخة الأزهر منذ إنشائها حتى الآن، تأليف: علي عبد العظيم.
الإمام السادس
الإمام إبراهيم موسى الفيومي
===========================================================الإمام الثالث
الإمام محمد النشرتي
هو الإمام العالم السيد محمد النشرتي المالكي، أحد علماء الأزهر الشريف، ومن أبرز أعلام المذهب المالكي نسبته:
ينسب الشيخ النشرتي -رحمه الله- إلى بلده التي وُلِد فيها (نشرت)، وهي تابعة لمركز قلين، بمحافظة كفر الشيخ، التي كانت تسمى مديرية الفؤادية.نشأته ومراحل تعليمه:
انتقل الشيخ من بلدته إلى القاهرة في صباه ليلتحق بالأزهر، ويتلقى تعليمه على أيدي الشيوخ الأجلاء فيه. واجتهد في تحصيله للعلم، وتقدم على أقرانه، وصارت له مكانة مرموقة، وبلغ في التدريس مكانة عظيمة جعلت طلاب العلم يتوافدون على مجلسه من جميع أنحاء العالم الإسلامي، وظل الشيخ النشرتي يتصدر حلقات الدرس حتى اختير لمشيخة الجامع الأزهر سنة 1106هـ/1695م، بعد وفاة الشيخ البرماوي. وقد أقر المؤرخون أن الشيخ النشرتي تزعم علماء المالكية في عصره، وأنه مع توليه للمشيخة وقيامه لمهامها حرص على أن يبقى مدرسًا، وألا تنفض حلقته الدراسية. ولم تصرفه أعماله الإدارية -التي يتطلبها موقعه كشيخ للأزهر- عن أداء رسالته التربوية التي كرَّس لها جل وقته، وعبأ لها نفسه وعلمه وأعطاها كل جهده؛ لأنه كان مؤمنًا بأن العلم عبادة. وكانت للشيخ النشرتي -بإجماع علماء عصره- موهبة فذة في الشرح والتوضيح والإبانة، مما جذب لحلقات درسه الطلاب من جميع بلاد العالم الإسلامي... واستمر الإمام النشرتي أربعة عشر عامًا في مشيخة الجامع الأزهر، ولم تؤثر على حلقات علمه التي انكبَّ عليها طلاب العلم.تلاميذه:
- الإمام أبو العباس أحمد بن عمر الديربي الشافعي الأزهري، صاحب المؤلفات الشهيرة والعديدة والمفيدة.
- الإمام الشيخ الصالح عبد الحي زين العابدين.
- الإمام الفقيه الشيخ أحمد بن الحسن الكريمي الخالدي الشافعي، الشهير بالجوهري. وظل الشيخ وفيًّا لرسالته مخلصًا في أداء مهمته، لكنه اكتفى بتدريس الكتب المعروفة في عصره خاصة التي كانت في المذهب المالكي، ولم تكن للشيخ مؤلفات خاصة به، فقد كان من النوع الذي ينادي بتأليف الرجال وإعداد الجيل، لا بتأليف الكتب ووضع المصنفات. واستطاع الشيخ أن يربي ويخرج طائفة من الزعماء المرموقين، الذين حملوا لواء رسالته من بعده، وأدوها خير أداء، ورفعوا شأن العلم، وكانوا درع الأمة الواقية في ميادين كثيرة. قد أثر الشيخ النشرتي في تلاميذه بدرجة كبيرة ظهرت واتضحت بعد وفاته في تماسكهم واتحادهم، وفرض آرائهم على ولاة الأمر؛ لصالح الدين والأمة، ومن أبرز مواقف تلاميذ الشيخ النشرتي موقفهم حين أصروا على أن يتولى الشيخ عبد الباقي القليني -أحد تلاميذ الشيخ النشرتي- مشيخة الأزهر بعد النشرتي، وذلك في الوقت الذي أصرت فيه مجموعات أخرى لمذهب آخر على أن يتولاها الشيخ النفراوي، ولكن تلاميذ الشيخ النشرتي استطاعوا -بما تعلموه من أستاذهم- الوصول إلى تحقيق رغبتهم، وتم لهم ذلك بعد أحداث عصيبة في ملحمة مريرة بين الفريقين.مؤلفاته:
بعد الرجوع إلى الفهارس العديدة للمكتبات لعلنا نعثر له على بعض المصنفات، ولكننا لم نظفر بنتيجة، ويظهر أن الشيخ -رحمه الله- اكتفى بتدريس المصنفات المعروفة، وبخاصة في مذهب المالكية.ولايته للمشيخة:
تولى الشيخ النشرتي - رحمه الله - مشيخة الأزهر بعد وفاة الشيخ البرماوي - رحمه الله -، وامتدت ولايته للمشيخة أربعة عشر عامًا، إلى وفاته سنة 1120هـ.وفــاتــه:
توفي الشيخ النشرتي -رحمه الله- بعد ظهر يوم الأحد، الثامن والعشرين من شهر ذي الحجة، عام 1120هـ/1709م، وأخرت جنازته إلى صبيحة يوم الإثنين، وصلي عليه بالأزهر، وحضر جنازته الصناجقة والأمراء، والأعيان والعامة، وكان يومًا مشهودًا ومشهدًا حافلا، وهذا يدل على منزلته العظيمة، فقد عرف الشيخ النشرتي بالصلاح وحسن السيرة ومكانته السامية إلى جانب شهرته العلمية.مصادر ترجمته:
_- الأزهر في اثني عشر عامًا، نشر إدارة الأزهر.
- شيوخ الأزهر، تأليف: أشرف فوزي.
- عجائب الآثار للجبرتي، نشر لجنة البيان العربي.
- كنز الجوهر في تاريخ الأزهر، تأليف: سليمان رصد الحنفي الزياتي.
- مشيخة الأزهر منذ إنشائها حتى الآن، تأليف: علي عبد العظيم.
الإمام الرابع الإمام عبد الباقي القليني
ولد بقرية قلين، التابعة لمركز كفر الشيخ، بمديرية الفؤادية، والتي أصبحت الآن مركز قلين، التابع لمحافظة كفر الشيخ، ولم يرد ذكر تاريخ مولده لعدم انتظام النواحي الإدارية في ذلك الوقت، وعدم الاهتمام بهذه الأمور.نسبته:
نُسِب الشيخ -رحمه الله- إلى قرية (قلين) التي وُلِدَ ونشأ فيها.نشأته ومراحل تعليمه:
غادر قريته قاصدًا القاهرة ليلتحق بالجامع الأزهر، الذي عكف فيه على تحصيل العلم على أيدي علماء عصره الأعلام. وكان الشيخ القليني ذكيًّا يعي ما يقرأ، ويحفظ ما يفهم، ولذا نبه شأنه، وذاع صيته، وعرف اسمه للقاصي والداني، وجلس للدرس والتعليم.شيوخه:
كان الشيخ القليني تلميذًا نجيبًا للعالمين الجليلين: الشيخ البرماوي، والشيخ النشرتي.تلاميذه:
من أبرز تلاميذ الشيخ -رحمه الله- الذين ذكرهم الجبرتي: الإمام العلامة، والعمدة الفهامة، المتفنن المتبحر الشيخ محمد صلاح البرلسي. ولم تذكر المراجع الموجودة التي تتناول الشيخ القليني سوى نتف قليلة عن حياته وتلاميذه، ولكنها تروي عنه أن طلاب العلم قد وفدوا عليه من كل مكان والتفوا حوله وفي حلقته، وكانوا كثيرين. وكان الشيخ القليني يعتني بتوجيه طلبته إلى العناية والاهتمام بالكتب القديمة -كتب التراث- والغوص فيها، والبحث في أمهات الكتب لاستخراج ما فيها من كنوز ومعارف. وكان يساعد تلاميذه ويعينهم على فهم ما صعب عليهم فهمه في تلك الكتب، ويملي عليهم الحواشي لإيضاح الغوامض وتبسيط المعقد الصعب.أخلاقه:
لقد كان الشيخ محبوبًا من زملائه وتلاميذه، وكبار علماء عصره، الأمر الذي دفعهم لمناصرته، ودخولهم في معركة دامية لتحقيق توليته للمشيخة، ذلك بالرغم من أنه كان بعيدًا عن القاهرة آنذاك، ولم يشترك في هذا الصدام من قريب أو بعيد، وإنما تلاميذه وزملاؤه وإخوانه المقربون هم الذين فعلوا ذلك ليقينهم أنه الأحق بولاية هذا المنصب الجليل بعلمه وأخلاقه، فكان علمه غزيرًا، ومعرفته واسعة ثرية.مؤلفاته:
بعد الرجوع إلى مصادر ترجمة الشيخ -رحمه الله- وفهارس المكتبات لم نجد له مصنفات، فهو من النوع الذي يهتم بتربية التلاميذ أكثر من التصنيف.ولايته للمشيخة:
وُلِِّي الشيخ القليني مشيخة الأزهر عام 1120هـ/1709م، بعد أحداث أليمة وعصيبة عقب وفاة أستاذه الشيخ النشرتي، وظل الشيخ في ولايته لمشيخة الأزهر إلى أن مات.وفاته:
لم يتيسر لنا معرفة تاريخ وفاته، ولم يرد ذكر بذلك في جميع الكتب التي تناولت ترجمته، ولكن تم تعيين المشيخة بعده للشيخ محمد شنن.مصادر ترجمته:
_- الأزهر في اثني عشر عامًا، نشر إدارة الأزهر.
- شيوخ الأزهر، تأليف: أشرف فوزي.
- مشيخة الأزهر منذ إنشائها حتى الآن، تأليف علي عبد العظيم.
- كنز الجوهر في تاريخ الأزهر، تأليف: سليمان رصد الحنفي الزياتي.
==========================================================لإمام الخامس ولد عام 1056هـ/1656هـ تقريبًا، وكان مولده بقرية الجدية التابعة لمركز رشيد بمديرية البحيرة، وهي قرية تقع على الشاطئ الغربي لفرع رشيد.
نشأته ومراحل تعليمه:
نشأ الشيخ في قريته، وحفظ فيها القرآن الكريم، ثم قصد الجامع الأزهر ليتلقى علومه على أيدي علمائه ومشايخه. جد الشيخ -رحمه الله- في تحصيل العلم، واجتهد في حفظ ما يمليه عليه مشايخه وعلماؤه فتقدم في العلم، وجلس في صفوف العلماء، وأصبح ذائع الصيت، وذا ذكر حسن. وقد اشترك الشيخ شنن في الفتنة التي حدثت بين فريقي الشيخ القليني والشيخ النفراوي، وكان مؤيدًا للشيخ أحمد النفراوي، فلما تدخل ولاة الأمر في ذلك صدرت الأوامر بنفيه إلى قريته الجدية، وتحديد إقامة الشيخ النفراوي في بيته.
منزلته:
كان الشيخ شنن -رحمه الله- واسع الثراء، فيذكر الجبرتي أنه كان مليئا متمولا أغنى أهل زمانه بين أقرانه ... ترك لابنه ثروة طائلة فكان بها من صنف الذهب البندقي أربعون، خلاف الجنزولي والطولي، وأنواع الفضة، والأملاك والضياع، والوظائف، والأطيان... وغير ذلك، وكان له مماليك وعبيد وجوارٍ، ومن مماليكه أحمد بك شنن الذي أصبح من كبار حكام المماليك وصار صنجقًا، أي: من كبار ولاة الأقاليم. ومع ثرائه العريض كان غزير العلم، واسع الاطلاع، من كبار الفقهاء، عالما جليلا، وفقيهًا مجتهدًا، وعلمًا من أعلام المالكية في زمانه. ويذكر المؤرخون أن الشيخ شنن -رحمه الله- رغم ثرائه العريض وأمواله الطائلة كان غزير العلم، واسع الاطلاع، ولم تصرفه أمواله عن تحصيل العلم ومتابعة تلاميذه والاطلاع الواسع على التراث العلمي المجيد. وقد أقام الشيخ شنن -رحمه الله- صديقه الشيخ محمد الجداوي وصيًّا على ابنه موسى، وذلك قبل وفاته، وقام الشيخ الجداوي بحراسة هذه الثروة على خير وجه، وسلمها إلى موسى ابن الشيخ شنن -رحمه الله- بعد بلوغه سن الرشد، ولم يمض وقت طويل -كما ذكر الجبرتي- حتى بدد الابن ثروة أبيه جميعها رغم ضخامتها، ومات بعد كل هذا الثراء مدينًا فقيرًا محتاجًا، لا يملك من ثروته شيئًا. وكان الشيخ ذا مكانة سامية مرموقة لدى الحكام، وقد لاحظ أثناء مشيخته
أن بعض جدران المسجد قد أصابها تصدع، فعزم على إصلاح ما فسد، وصعد إلى القلعة حيث يقيم الوالي العثماني علي باشا، وذلك يوم الخميس الموافق 15 من ربيع الأول عام 1232هـ/ 25 يناير عام 1720م، وقابل الشيخُ الوالي، وعرض عليه ما لاحظه في جدران المسجد، وقال له: المرجو من حضرتكم تكتبوا إلى حضرة مولانا السلطان، وتعرضوا عليه الأمر؛ لينعم على الجامع الأزهر بالعمارة، فإنه محل العلم الذي ببقائه بقاء الدولة، وله ولك الثواب من الملك الوهاب. ولما للشيخ من مكانة سامية أسرع الوالي بتحقيق مطلبه، ليس هذا فحسب، بل طلب الوالي من كبار المشايخ أن يقدموا مذكرات في هذا الشأن لترفع إلى السلطان، وأراد بذلك أن يدعم أقوال الشيخ شنن في هذا الشأن، ويضفي عليها المزيد من الأهمية لما للشيخ من احترام وهيبة لدى العلماء وولاة الأمر. واشترك الوالي، وكبار الأمراء والمماليك في وضع أختامهم على هذه المذكرات، وعرض الأمر على السلطان أحمد الثالث (1703م - 1730م)، واستجاب إلى طلب علماء الأزهر، وأوفد بعثة إلى مصر تحمل رده بالموافقة على طلب علماء الأزهر، وترميم ما تصدع من بناية الجامع الأزهر، واعتمد خمسين كيسًا ديوانيًّا من أموال الخزانة للإنفاق على ذلك الإصلاح.
مؤلفاته:
اكتفى الشيخ شنن -رحمه الله- بتدريس المؤلفات المعروفة في عصره، ولم تكن له مصنفات خاصة به، أو لم نعرف عن مصنفاته شيئًا، إذ أغفلت المصادر التي ترجمت له ذكر شيء عن كتبه وتلاميذه، وعلى أيدي مَنْ مِنَ العلماء تلقى دروسه.
ولايته للمشيخة:
توفي الشيخ النفراوي أثناء مشيخة الشيخ القليني للجامع الأزهر، الأمر الذي دعا علماء الأزهر للإجماع على تولية الشيخ محمد شنن لمشيخة الأزهر؛ لأن ثلاثتهم (الشيخ النفراوي، والشيخ القليني، والشيخ شنن) كانوا الأقطاب الثلاثة في ذلك العصر، وجميعهم على المذهب المالكي، الذي كانت المشيخة لا تخرج إلا منه غالبًا.
وفاته:
ظل الشيخ محمد شنن شيخًا للأزهر يشرف عليه، ويواصل البحث والتدريس حتى توفاه الله، وقد ناهز السبعين من عمره عام 1133هـ/1720م.
مصادر ترجمته:
- الأزهر في اثيى عشر عامًا، نشر إدارة الأزهر.
- دور الأزهر في الحفاظ على الطابع العربي لمصر إبان الحكم العثماني للدكتور عبد العزيز محمد الشناوي، طبع دار الكتب سنة 1972م.
- شيوخ الأزهر، تأليف: أشرف فوزي.
- عجائب الآثار للجبرتي، نشر لجنة البيان العربي.
- كنز الجوهر في تاريخ الأزهر، تأليف: سليمان رصد الحنفي الزياتي.
- مشيخة الأزهر منذ إنشائها حتى الآن، تأليف: علي عبد العظيم.
الإمام السادس
الإمام إبراهيم موسى الفيومي
ولد الشيخ الفيومي بمدينة الفيوم عام 1062هـ/1652م، ونشأ في بلدته تى مطلع شبابه ثم قصد القاهرة ليلحق بالجامع الأزهر.
نشأته ومراحل تعليمه:
تلقى العلم على أيدي شيوخ عظماء، كان من أبرزهم الشيخ الخراشي أول شيوخ الجامع الأزهر، ذكر الجبرتي أن الشيخ الفيومي قرأ على الشيخ كتاب الرسالة) لأبي عبد الله بن زيد القيرواني وشرحها، مُعيدًا لها. وكان الشيخ الفيومي كثير القراءة طويل البحث حتى عُرِفَ بعلمه، وذاعت شهرته وملأت الآفاق. كان من رجال الحديث المعروفين بعلمهم وسعة اطلاعهم، فقد أخذ علم الحديث على أيدي علماء أجلاء، كيحيى الشهاوي، وعبد القادر الواطي، وعبد الرحمن الأجهوري، والشيخ البرماوي أحد مشايخ الجامع الأزهر، والذي ترك بصماته العلمية على الشيخ الفيومي، والشيخ محمد الشرنبابلي، وغيرهم. كما أخذ بقية العلوم عن شيوخ أعلام، مثل: الشبراملسي، والزرقاني، والشهاب أحمد البشبيشي، والشيخ الغرقاوي، وعلي الجزايرلي الحنفي.
تلقى العلم على أيدي شيوخ عظماء، كان من أبرزهم الشيخ الخراشي أول شيوخ الجامع الأزهر، ذكر الجبرتي أن الشيخ الفيومي قرأ على الشيخ كتاب الرسالة) لأبي عبد الله بن زيد القيرواني وشرحها، مُعيدًا لها. وكان الشيخ الفيومي كثير القراءة طويل البحث حتى عُرِفَ بعلمه، وذاعت شهرته وملأت الآفاق. كان من رجال الحديث المعروفين بعلمهم وسعة اطلاعهم، فقد أخذ علم الحديث على أيدي علماء أجلاء، كيحيى الشهاوي، وعبد القادر الواطي، وعبد الرحمن الأجهوري، والشيخ البرماوي أحد مشايخ الجامع الأزهر، والذي ترك بصماته العلمية على الشيخ الفيومي، والشيخ محمد الشرنبابلي، وغيرهم. كما أخذ بقية العلوم عن شيوخ أعلام، مثل: الشبراملسي، والزرقاني، والشهاب أحمد البشبيشي، والشيخ الغرقاوي، وعلي الجزايرلي الحنفي.
تلاميذه:
نهل من علم الشيخ الفيومي -رحمه الله- الكثيرون من طلبة العلم، وتربوا على يديه، وحملوا مشاعل النور من بعده، منهم: الفقيه الزاهد الشيخ محمد بن عيسى يوسف الدمياطي الشافعي، حيث درس علي يدي الشيخ الفيومي علوم المنطق والفلسفة، وتأثر الدمياطي بأستاذه وبمنهجه فألف حاشية على الأخضري في المنطق، وحاشية ثانية على السنوسية، كما تلقى الدمياطي الفقه المالكي على الشيخ الفيومي. ومن أبرز تلاميذ الشيخ الفيومي أيضًا الشيخ الصالح علي الفيومي المالكي، شيخ رواق أهل بلاده، وكان ذا باع طويل في علم الكلام، والشيخ علي بن أحمد بن مكرم الله الصعيدي العدوي المالكي، علم العلماء، وإمام المحققين، وعمدة المشايخ في عصره، وله مؤلفات عديدة قيمة، وانتهج أسلوب أستاذه وألف شرحًا للمقدمة العزية كما ألف حاشية على الأخضري.
نهل من علم الشيخ الفيومي -رحمه الله- الكثيرون من طلبة العلم، وتربوا على يديه، وحملوا مشاعل النور من بعده، منهم: الفقيه الزاهد الشيخ محمد بن عيسى يوسف الدمياطي الشافعي، حيث درس علي يدي الشيخ الفيومي علوم المنطق والفلسفة، وتأثر الدمياطي بأستاذه وبمنهجه فألف حاشية على الأخضري في المنطق، وحاشية ثانية على السنوسية، كما تلقى الدمياطي الفقه المالكي على الشيخ الفيومي. ومن أبرز تلاميذ الشيخ الفيومي أيضًا الشيخ الصالح علي الفيومي المالكي، شيخ رواق أهل بلاده، وكان ذا باع طويل في علم الكلام، والشيخ علي بن أحمد بن مكرم الله الصعيدي العدوي المالكي، علم العلماء، وإمام المحققين، وعمدة المشايخ في عصره، وله مؤلفات عديدة قيمة، وانتهج أسلوب أستاذه وألف شرحًا للمقدمة العزية كما ألف حاشية على الأخضري.
أخــلاقــه:
كان الشيخ الفيومي عالمًا ورعًا، وقف بجوار تلاميذه وساندهم كما علمهم، وخرج من تحت يديه علماء المالكية الأفذاذ المشهود لهم بالعلم الواسع، والبحث الغزير إلى جانب التقوى والزهد، وكان أستاذهم مثلا أعلى وقدوة في كل ما قاموا به ووصلوا إليه. وقد كان التدريس بالأزهر من أولى اهتمامات الشيخ الفيومي، فكان يوليه عنايته، ويعطيه الجزء الأكبر من وقته وعلمه ورعايته واهتمامه فكان -بحق- كما أجمع على ذلك علماء عصره، ومن جاءوا بعده -خير أستاذ لخير تلاميذ، وكانوا خير تلاميذ لخير أستاذ.
كان الشيخ الفيومي عالمًا ورعًا، وقف بجوار تلاميذه وساندهم كما علمهم، وخرج من تحت يديه علماء المالكية الأفذاذ المشهود لهم بالعلم الواسع، والبحث الغزير إلى جانب التقوى والزهد، وكان أستاذهم مثلا أعلى وقدوة في كل ما قاموا به ووصلوا إليه. وقد كان التدريس بالأزهر من أولى اهتمامات الشيخ الفيومي، فكان يوليه عنايته، ويعطيه الجزء الأكبر من وقته وعلمه ورعايته واهتمامه فكان -بحق- كما أجمع على ذلك علماء عصره، ومن جاءوا بعده -خير أستاذ لخير تلاميذ، وكانوا خير تلاميذ لخير أستاذ.
منزلته:
احتل الشيخ الفيومي -رحمه الله- مكانة مرموقة بين أقرانه من علماء عصره؛ لأنه كان متبحرًا في علوم اللغة، وعلوم الحديث، وعلم الصرف. وكان الشيخ الفيومي -رحمه الله- ذا موهبة فذة في فن التدريس، وقد ترك بصمات واضحة وآثارًا عميقة في نفوس تلاميذه متأثرًا في ذلك بأستاذه الشيخ الخراشي الذي أعطاه علمًا غزيرًا، وتجربة كبيرة ثرية. واختص لنفسه طريقة في الدرس، حيث كان يقف بعد انتهاء درس الشيخ الخراشي فيلخص ما ألقاه الشيخ على طلبته، فأعطاه ذلك خبرة واسعة ومدارك رحبة.
احتل الشيخ الفيومي -رحمه الله- مكانة مرموقة بين أقرانه من علماء عصره؛ لأنه كان متبحرًا في علوم اللغة، وعلوم الحديث، وعلم الصرف. وكان الشيخ الفيومي -رحمه الله- ذا موهبة فذة في فن التدريس، وقد ترك بصمات واضحة وآثارًا عميقة في نفوس تلاميذه متأثرًا في ذلك بأستاذه الشيخ الخراشي الذي أعطاه علمًا غزيرًا، وتجربة كبيرة ثرية. واختص لنفسه طريقة في الدرس، حيث كان يقف بعد انتهاء درس الشيخ الخراشي فيلخص ما ألقاه الشيخ على طلبته، فأعطاه ذلك خبرة واسعة ومدارك رحبة.
مؤلفاته:
ألَّف الشيخ الفيومي -رحمه الله- في علم الصرف شرحًا قيمًا لكتاب (المقدمة العزية للجماعة الأزهرية في فن الصرف)، وهذه المقدمات كانت من تأليف أبي الحسن علي بن محمد الشاذلي المالكي، المتوفى سنة 939هـ، وقد قام بشرحها العديد من العلماء قبل الشيخ الفيومي، ولكن شرحه لها جاء في جزأين كبيرين، وكان شرحًا مفصلا واضحًا دقيقًا وافيًا، لم يصل إلى مستواه من شرحها قبله، ولم يدركه من جاء بعده.
ألَّف الشيخ الفيومي -رحمه الله- في علم الصرف شرحًا قيمًا لكتاب (المقدمة العزية للجماعة الأزهرية في فن الصرف)، وهذه المقدمات كانت من تأليف أبي الحسن علي بن محمد الشاذلي المالكي، المتوفى سنة 939هـ، وقد قام بشرحها العديد من العلماء قبل الشيخ الفيومي، ولكن شرحه لها جاء في جزأين كبيرين، وكان شرحًا مفصلا واضحًا دقيقًا وافيًا، لم يصل إلى مستواه من شرحها قبله، ولم يدركه من جاء بعده.
ولايته للمشيخة:
تولى الشيخ الفيومي -رحمه الله- مشيخة الأزهر بإجماع العلماء والشيوخ عام 1133هـ /1720م، وذلك عقب وفاة الشيخ شنن. وفــاتــه:
_- الأعلام للزركلي 1/76.
- شيوخ الأزهر، تأليف: أشرف فوزي.
- عجائب الآثار للجبرتي، نشر لجنة البيان العربي.
- كنز الجوهر في تاريخ الأزهر، تأليف: سليمان رصد الحنفي الزياتي.
- مشيخة الأزهر منذ إنشائها حتى الآن، تأليف علي عبد العظيم.
================================================================
الإمام السابع
الإمام عبد الله الشبراوي
توفي
الشيخ الفيومي -رحمه الله- عام 1137هـ/1724م، وهو في سن الخامسة والسبعين،
وكان آخر من ولي مشيخة الأزهر من المالكية بعد أن استمرت فيهم ما يقرب من
نصف قرن.
مصادر ترجمته:_- الأعلام للزركلي 1/76.
- شيوخ الأزهر، تأليف: أشرف فوزي.
- عجائب الآثار للجبرتي، نشر لجنة البيان العربي.
- كنز الجوهر في تاريخ الأزهر، تأليف: سليمان رصد الحنفي الزياتي.
- مشيخة الأزهر منذ إنشائها حتى الآن، تأليف علي عبد العظيم.
================================================================
الإمام السابع
الإمام عبد الله الشبراوي
الإمام عبد الله الشبراويأبو محمد جمال الدين عبد الله بن محمد بن عامر بن شرف الدين، الشبراوي، الشافعي.
الميلاد:ولد سنة 1091هـ، وقيل: سنة 1092هـ/1681م.
نشأته ومراحل تعليمه:تلمذ الشيخ الشبراوي -رحمه الله- للإمام الخراشي، الشيخ الأول للأزهر، ونال إجازته(1) وهو دون العاشرة، ومن أساتذته المرموقين العلامة الأديب الشاعر الشيخ حسن البدري، وكان من الشعراء الممتازين في زمنه، وله ديوانين من الشعر، وقد روى الجبرتي بعض قصائده، ويظهر أن الشيخ الشبراوي تأثر بأدبه، كما أنه تلمذ عليه في علم الحديث، وتلقى الفقه عن العلامة الشيخ شهاب الدين أحمد بن محمد الثحلى الشافعي المكي، ومن شيوخه الممتازين الشيخ خليل بن إبراهيم اللقاني، والشيخ محمد بن عبد الرازق الزرقاني، والشيخ أحمد النفراوي، والشيخ عبد الله بن سالم البصري. ومن أعلام شيوخه: الشيخ الإمام الفقيه الفرضي(2) صالح بن حسن البهوي، كما أخذ عن علامة الفنون: شمس الدين الشرنبلالي شيخ مشايخ الجامع الأزهر.
تلاميذه:من تلاميذه النابهين، الإمام الفصيح الشيخ إبراهيم بن محمد بن عبد السلام الرئيس الزمزمي المكي الشافعي، والوالي عبد الله باشا بن مصطفى باشا الكوبريلي -أو الكبوري نسبة إلى بلدة كبور- الذي ولاه السلطان محمود خان الخليفة العثماني ولاية مصر، وكان شاعرًا أديبًا وعالما جليلا، ما كاد يلي منصب الولاية حتى اتصل بكبار العلماء والأدباء والشعراء في مصر، وتلقى عنهم معارفه واستجازهم في الرواية عنهم. ومنهم الشيخ أحمد بن عيسى العماوي المالكي، وقرأ عليه صحيح البخاري، ومسلم، والموطأ، وسنن أبي داود، وابن ماجه، والنسائي، والترمذي، وغيرها.
أخلاقه:كان الشيخ الشبراوي -رحمه الله- كريم النفس، واسع الأفق، رحب الصدر، يدافع عن أولياء الله من العلماء والصالحين، حكيمًا في تصرفه، ويتجلى تسامحه
في موقفه من المسيحيين، فيذكر الجبرتي أن نصارى الأقباط قصدوا الحج إلى بيت المقدس، وكان كبيرهم إذ ذاك (نوروز) كاتب رضوان كتخدا، فكلم الشيخ عبد الله الشبراوي في ذلك، فكتب له فتوى وجوابًا ملخصه أن أهل الذمة لا يمنعون من دياناتهم وزياراتهم(3) ، فهلل الأقباط لهذا وفرحوا به، إلا أن البعض لم تعجبه هذه الفتاوى وثاروا ضد الشيخ الشبراوي، لكن الشيخ لم يخطئ في الفتوى.
منزلته:الإمام الشبراوي شخصية فذة، جمعت بين مواهب عديدة، فهو شاعر ممتاز بالنسبة لعصره، وكاتب مرموق بالنسبة إلى عصره، وهو إلى هذا عالم فقيه، يمتاز بالتعمق في دراسة الفقه وأصوله، والحديث وعلم الكلام. وإلى هذا أشار الجبرتي بقوله في ترجمته: «الإمام، الفقيه، المحدث، الأصولي، المتكلم، الماهر، الشاعر، الأديب»(4) ، وقد اجتمعت له الوراثة الصالحة والبيئة العلمية المناسبة، فنمت مواهبه وأينعت وتفتحت عن أطيب الثمرات في عصره، أما وراثته فيحدثنا عنها الجبرتي فيذكر أنه «من بيت العلم، والجلالة، فجده عامر بن شرف الدين ترجمه الأميني في الخلاصة(5) ووصفه بالحفظ والذكاء»(6) .وقد نال الشيخ الشبراوي -رحمه الله- شهرة عظيمة، وكانت له مكانة سامية عند الحكام والولاة، ومن يحيط بهم. قال الجبرتي عنه: «لم يزل يترقى في الأحوال والأطوار ويفيد ويملي ويدرس حتى صار أعظم الأعاظم، ذا جاه ومنزلة عند رجال الدولة والأمراء ونفذت كلمته، وقبلت شفاعته، وصار لأهل العلم في مدته رفعة مقام ومهابة عند الخاص والعام وأقبلت عليه الأمراء وهادوه بأنفس ما عندهم»(7) . وعلى الرغم من هيبته وجلاله وعلو منصبه، فإنه كان يستجيب لنوازع المشاعر الوجدانية، فيعبر عن هذا في شعر رقيق، ومن أعذب قصائده الغزلية الرقيقة المشهورة التي استهلها بقوله:
وحقك أنت المنى والطلب وأنت المراد وأنت الأرب
الميلاد:ولد سنة 1091هـ، وقيل: سنة 1092هـ/1681م.
نشأته ومراحل تعليمه:تلمذ الشيخ الشبراوي -رحمه الله- للإمام الخراشي، الشيخ الأول للأزهر، ونال إجازته(1) وهو دون العاشرة، ومن أساتذته المرموقين العلامة الأديب الشاعر الشيخ حسن البدري، وكان من الشعراء الممتازين في زمنه، وله ديوانين من الشعر، وقد روى الجبرتي بعض قصائده، ويظهر أن الشيخ الشبراوي تأثر بأدبه، كما أنه تلمذ عليه في علم الحديث، وتلقى الفقه عن العلامة الشيخ شهاب الدين أحمد بن محمد الثحلى الشافعي المكي، ومن شيوخه الممتازين الشيخ خليل بن إبراهيم اللقاني، والشيخ محمد بن عبد الرازق الزرقاني، والشيخ أحمد النفراوي، والشيخ عبد الله بن سالم البصري. ومن أعلام شيوخه: الشيخ الإمام الفقيه الفرضي(2) صالح بن حسن البهوي، كما أخذ عن علامة الفنون: شمس الدين الشرنبلالي شيخ مشايخ الجامع الأزهر.
تلاميذه:من تلاميذه النابهين، الإمام الفصيح الشيخ إبراهيم بن محمد بن عبد السلام الرئيس الزمزمي المكي الشافعي، والوالي عبد الله باشا بن مصطفى باشا الكوبريلي -أو الكبوري نسبة إلى بلدة كبور- الذي ولاه السلطان محمود خان الخليفة العثماني ولاية مصر، وكان شاعرًا أديبًا وعالما جليلا، ما كاد يلي منصب الولاية حتى اتصل بكبار العلماء والأدباء والشعراء في مصر، وتلقى عنهم معارفه واستجازهم في الرواية عنهم. ومنهم الشيخ أحمد بن عيسى العماوي المالكي، وقرأ عليه صحيح البخاري، ومسلم، والموطأ، وسنن أبي داود، وابن ماجه، والنسائي، والترمذي، وغيرها.
أخلاقه:كان الشيخ الشبراوي -رحمه الله- كريم النفس، واسع الأفق، رحب الصدر، يدافع عن أولياء الله من العلماء والصالحين، حكيمًا في تصرفه، ويتجلى تسامحه
في موقفه من المسيحيين، فيذكر الجبرتي أن نصارى الأقباط قصدوا الحج إلى بيت المقدس، وكان كبيرهم إذ ذاك (نوروز) كاتب رضوان كتخدا، فكلم الشيخ عبد الله الشبراوي في ذلك، فكتب له فتوى وجوابًا ملخصه أن أهل الذمة لا يمنعون من دياناتهم وزياراتهم(3) ، فهلل الأقباط لهذا وفرحوا به، إلا أن البعض لم تعجبه هذه الفتاوى وثاروا ضد الشيخ الشبراوي، لكن الشيخ لم يخطئ في الفتوى.
منزلته:الإمام الشبراوي شخصية فذة، جمعت بين مواهب عديدة، فهو شاعر ممتاز بالنسبة لعصره، وكاتب مرموق بالنسبة إلى عصره، وهو إلى هذا عالم فقيه، يمتاز بالتعمق في دراسة الفقه وأصوله، والحديث وعلم الكلام. وإلى هذا أشار الجبرتي بقوله في ترجمته: «الإمام، الفقيه، المحدث، الأصولي، المتكلم، الماهر، الشاعر، الأديب»(4) ، وقد اجتمعت له الوراثة الصالحة والبيئة العلمية المناسبة، فنمت مواهبه وأينعت وتفتحت عن أطيب الثمرات في عصره، أما وراثته فيحدثنا عنها الجبرتي فيذكر أنه «من بيت العلم، والجلالة، فجده عامر بن شرف الدين ترجمه الأميني في الخلاصة(5) ووصفه بالحفظ والذكاء»(6) .وقد نال الشيخ الشبراوي -رحمه الله- شهرة عظيمة، وكانت له مكانة سامية عند الحكام والولاة، ومن يحيط بهم. قال الجبرتي عنه: «لم يزل يترقى في الأحوال والأطوار ويفيد ويملي ويدرس حتى صار أعظم الأعاظم، ذا جاه ومنزلة عند رجال الدولة والأمراء ونفذت كلمته، وقبلت شفاعته، وصار لأهل العلم في مدته رفعة مقام ومهابة عند الخاص والعام وأقبلت عليه الأمراء وهادوه بأنفس ما عندهم»(7) . وعلى الرغم من هيبته وجلاله وعلو منصبه، فإنه كان يستجيب لنوازع المشاعر الوجدانية، فيعبر عن هذا في شعر رقيق، ومن أعذب قصائده الغزلية الرقيقة المشهورة التي استهلها بقوله:
وحقك أنت المنى والطلب وأنت المراد وأنت الأرب
ولي فيك يا هاجري صبوة تحير في وصفها كل صب
ولا عجب أن يلهج العلماء بالشعر الفني الجميل، فقد مدح الشعراء النبي صلى الله عليه وسلم واستهلوا مدائحهم بالغزل الرقيق العفيف، فقد فعل هذا حسان والأعشى والنابغة الجعدي، وظلوا ينسجون على هذا المنوال وحسبنا قصيدة البردة. وكان الشيخ الشبراوي -رحمه الله- يستغل مواهبه الشعرية في نظم بعض العلوم لتسهيل حفظها على الطلاب بمثل نظمه للآجرومية في علم النحو.
مؤلفاته:- مفاتح الألطاف في مدائح الأشراف، وهو ديوان شعر للمؤلف طبع مرارًا.
- الإتحاف بحب الأشراف، طبع بمصر سنة 1316هـ.
- الاستغاثة الشبراوية.
- عروس الآداب وفرحة الألباب في تقويم الأخلاق، ونصائح الحكام، وتراجم الشعراء، توجد منها نسخة خطية في ليدن.
- عنوان البيان وبستان الأذهان في الأدب والأخلاق والوصايا والنصائح، طبع بمصر مرارًا.
- نزهة الأبصار في رقائق الأشعار، منها نسخة خطية بدار الكتب المصرية.
- شرح الصدر في غزوة بدر، طبع بمصر سنة 1303هـ.
- نظم بحور الشعر وأجزائها، منه نسخة خطية بدار الكتب المصرية.
- شرح الرسالة الوضعية العضدية في علم الوضع، وهي من تأليف القاضي عضد الدين عبد الرحمن بن أحمد الإيجي، المتوفى سنة 765هـ، وقد شرحها كثيرون، ومنهم الإمام الشبراوي، وتوجد منه نسخة خطية بدار الكتب المصرية.
- العقد الفريد في استنباط العقائد من كلمة التوحيد، وهي رسالة موجزة في بضع ورقات، منه نسخة خطية بدار الكتب المصرية.
- عنوان البيان ونسيان الأذهان في البلاغة.
- إجازة من الإمام الشبراوي إلى الوزير الوالي عبد الله بن مصطفى باشا الكوبريلي أجازه فيها بكل ما تلقاه عنه، منها نسخة خطية بدار الكتب المصرية.
- سند الشبراوي، ذكر فيه مشايخه ومروياته، كتبه في أواخر رمضان سنة 1142هـ، توجد منه عدة نسخ خطية بدار الكتب المصرية، وبعضها عليه توقيعه بخطه.
ولايته للمشيخة:_ ولي الشيخ الشبراوي -رحمه الله- مشيخة الأزهر عام 1137هـ/1724م، وكان أول من يلي مشيخة الأزهر من مشايخ المذهب الشافعي.
وفاته:توفي الشيخ الشبراوي رحمه الله في صبيحة يوم الخميس سادس ذي الحجة ختام سنة 1171 هـ، وصُلِّي عليه بالأزهر في مشهد حافل عن ثمانين سنة
تقريبًا(8) ، وجاء في سلك الدرر أن وفاته -رحمه الله- كانت سنة اثنين وسبعين ومائة وألف، ودفن بتربة المجاورين(9) .
مصادر ترجمته:_- الأزهر في اثني عشر عامًا، نشر إدارة الأزهر.
- الأزهر في ألف عام، محمد عبد المنعم خفاجي 2/342، 343.
- الأعلام للزركلي 4/130.
- دور الأزهر في الحفاظ على الطابع العربي لمصر إبان الحكم العثماني للدكتور عبد العزيز محمد الشناوي، طبع دار الكتب سنة 1972م.
- سلك الدرر في أعيان القرن الثاني عشر، محمد خليل المرادي، القاهرة: دار الكتاب الإسلامي.
- شيوخ الأزهر، تأليف: أشرف فوزي.
- عجائب الآثار للجبرتي، نشر لجنة البيان العربي.
- كنز الجوهر في تاريخ الأزهر، تأليف: سليمان رصد الحنفي الزياتي.
- مشيخة الأزهر منذ إنشائها حتى الآن، تأليف علي عبد العظيم.
----------------------
(1)الإجازة معناها: الإذن له برواية ما سمعه منه.
(2)الفرضي: العالم بالفرائض، وهي أنصبة المواريث.
(3)عجائب الآثار 2/239، 240.
(4)عجائب الآثار 2/120.
(5)هو صاحب كتاب خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر، وهو: محمد أمين بن
فضل الله المحبي، ت 1111هـ.
(6)عجائب الآثار 2/120.
(7)عجائب الآثار 2/120.
(8) عجائب الآثار للجبرتي.
(9)سلك الدرر في أعيان القرن الثاني عشر 3/107
===============================================================الإمام الثامن الإمام محمد بن سالم الحفني
الإمام محمد بن سالم الحفني
العالم اللسن الذي أوصافه* *بعبيرها تغني عن الروض الندي
ومن ارتدى برد المحامد يافعًا* *وتلفع الحسنى بأزكى محتد*
وسما على الأعلام من أهل الهدى* *بمآثر غر وحسن تودد*
ولكم له في كل علم غامض* *سِفرٌ تناهى في الكمال المفرد*
*أدب على النقاد دار حديثه* *متناسقًا كاللؤلؤ المتنضد*
مؤلفاته:
ولا عجب أن يلهج العلماء بالشعر الفني الجميل، فقد مدح الشعراء النبي صلى الله عليه وسلم واستهلوا مدائحهم بالغزل الرقيق العفيف، فقد فعل هذا حسان والأعشى والنابغة الجعدي، وظلوا ينسجون على هذا المنوال وحسبنا قصيدة البردة. وكان الشيخ الشبراوي -رحمه الله- يستغل مواهبه الشعرية في نظم بعض العلوم لتسهيل حفظها على الطلاب بمثل نظمه للآجرومية في علم النحو.
مؤلفاته:- مفاتح الألطاف في مدائح الأشراف، وهو ديوان شعر للمؤلف طبع مرارًا.
- الإتحاف بحب الأشراف، طبع بمصر سنة 1316هـ.
- الاستغاثة الشبراوية.
- عروس الآداب وفرحة الألباب في تقويم الأخلاق، ونصائح الحكام، وتراجم الشعراء، توجد منها نسخة خطية في ليدن.
- عنوان البيان وبستان الأذهان في الأدب والأخلاق والوصايا والنصائح، طبع بمصر مرارًا.
- نزهة الأبصار في رقائق الأشعار، منها نسخة خطية بدار الكتب المصرية.
- شرح الصدر في غزوة بدر، طبع بمصر سنة 1303هـ.
- نظم بحور الشعر وأجزائها، منه نسخة خطية بدار الكتب المصرية.
- شرح الرسالة الوضعية العضدية في علم الوضع، وهي من تأليف القاضي عضد الدين عبد الرحمن بن أحمد الإيجي، المتوفى سنة 765هـ، وقد شرحها كثيرون، ومنهم الإمام الشبراوي، وتوجد منه نسخة خطية بدار الكتب المصرية.
- العقد الفريد في استنباط العقائد من كلمة التوحيد، وهي رسالة موجزة في بضع ورقات، منه نسخة خطية بدار الكتب المصرية.
- عنوان البيان ونسيان الأذهان في البلاغة.
- إجازة من الإمام الشبراوي إلى الوزير الوالي عبد الله بن مصطفى باشا الكوبريلي أجازه فيها بكل ما تلقاه عنه، منها نسخة خطية بدار الكتب المصرية.
- سند الشبراوي، ذكر فيه مشايخه ومروياته، كتبه في أواخر رمضان سنة 1142هـ، توجد منه عدة نسخ خطية بدار الكتب المصرية، وبعضها عليه توقيعه بخطه.
ولايته للمشيخة:_ ولي الشيخ الشبراوي -رحمه الله- مشيخة الأزهر عام 1137هـ/1724م، وكان أول من يلي مشيخة الأزهر من مشايخ المذهب الشافعي.
وفاته:توفي الشيخ الشبراوي رحمه الله في صبيحة يوم الخميس سادس ذي الحجة ختام سنة 1171 هـ، وصُلِّي عليه بالأزهر في مشهد حافل عن ثمانين سنة
تقريبًا(8) ، وجاء في سلك الدرر أن وفاته -رحمه الله- كانت سنة اثنين وسبعين ومائة وألف، ودفن بتربة المجاورين(9) .
مصادر ترجمته:_- الأزهر في اثني عشر عامًا، نشر إدارة الأزهر.
- الأزهر في ألف عام، محمد عبد المنعم خفاجي 2/342، 343.
- الأعلام للزركلي 4/130.
- دور الأزهر في الحفاظ على الطابع العربي لمصر إبان الحكم العثماني للدكتور عبد العزيز محمد الشناوي، طبع دار الكتب سنة 1972م.
- سلك الدرر في أعيان القرن الثاني عشر، محمد خليل المرادي، القاهرة: دار الكتاب الإسلامي.
- شيوخ الأزهر، تأليف: أشرف فوزي.
- عجائب الآثار للجبرتي، نشر لجنة البيان العربي.
- كنز الجوهر في تاريخ الأزهر، تأليف: سليمان رصد الحنفي الزياتي.
- مشيخة الأزهر منذ إنشائها حتى الآن، تأليف علي عبد العظيم.
----------------------
(1)الإجازة معناها: الإذن له برواية ما سمعه منه.
(2)الفرضي: العالم بالفرائض، وهي أنصبة المواريث.
(3)عجائب الآثار 2/239، 240.
(4)عجائب الآثار 2/120.
(5)هو صاحب كتاب خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر، وهو: محمد أمين بن
فضل الله المحبي، ت 1111هـ.
(6)عجائب الآثار 2/120.
(7)عجائب الآثار 2/120.
(8) عجائب الآثار للجبرتي.
(9)سلك الدرر في أعيان القرن الثاني عشر 3/107
===============================================================الإمام الثامن الإمام محمد بن سالم الحفني
الإمام محمد بن سالم الحفني
نجم
الدين أبو المكارم محمد بن سالم بن أحمد الحفني الشافعي الخلوتي، ينتهي
نسبه إلى سيدنا الحسين بن علي -رضي الله عنهما-، من جهة أم أبيه السيدة:
ترك بنت السيد سالم بن محمد.
الميلاد:
ولد الشيخ الحفني 1100هـ/1688م، بقرية حفنا إحدى قرى مركز بلبيس التابع لمحافظة الشرقية.
نسبته:
انتسب
الشيخ إلى قرية (حفنا) التي ولد ونشأ بها. قال الجبرتي: «والنسبة إليها
حفناوي وحفني وحفنوي، وغلبت عليه النسبة حتى صار لا يذكر إلا بها».
نشأته ومراحل تعليمه:
نشأ
الشيخ بقريته وحفظ بها القرآن الكريم حتى سورة الشعراء، وأشارالشيخ عبد
الرؤوف البشبيشي على أبيه بإرساله إلى الأزهر، واقتنع أبوه بذلك، وأرسله
إلى الأزهر وهو في سن الرابعة عشرة، فأتم فيه حفظ القرآن الكريم، ثم اشتغل
بحفظ المتون، فحفظ ألفية ابن مالك في النحو، والسلم في المنطق، والجوهرة في
التوحيد، والرحبية في الفرائض، ومتن أبي شجاع في فقه الشافعية، وغير ذلك
من المتون. وأقبل على تحصيل وحفظ دروسه واجتهد في ذلك، وأفاد من شيوخه
وتبحر في النحو، والفقه، والمنطق، والحديث، والأصول، وعلم الكلام، وبرع في
العروض، وظهرت مواهبه الشعرية بالفصحى والعامية، كما برع في كتابة النثر
طبقًا لأسلوب عصره، ومهر في العلم، وحاز على ثقة شيوخه، فمنحوه إجازة
بالإفتاء والتدريس، فدرس بمدرسة السنانية والوراقين، ثم بالمدرسة الطيبرسية
التي أنشأها الأمير علاء الدين طيبرس الخازندار عام 709هـ. ومن أشهر
مشايخه الذين أجازوه العلامة: محمد البديري الدمياطي، الشهير بابن الميت
الذي أخذ عنه التفسير والحديث، وإحياء علوم الدين للإمام الغزالي، وصحيح
البخاري، وصحيح مسلم، وسنن أبي داود، والنسائي، وابن ماجه والموطأ، ومسند
الشافعي، والمعاجم الثلاثة للطبراني الكبير والأوسط والصغير، وصحيح ابن
حبان، والمستدرك للنيسابوري، وحلية الأولياء لأبي نعيم. ومن شيوخه أيضًا:
الشيخ محمد الديربي، والشيخ عبد الرؤوف البشبيشي، والشيخ أحمد الملوي،
والشيخ محمد السجاعي، والشيخ يوسف الملوي، والشيخ عبده الديوي، والشيخ محمد
الصغير، والشيخ محمد بن عبد الله السجلماسي، والشيخ عيد بن علي النمرسي،
والشيخ مصطفى بن أحمد العزيزي، والشيخ محمد بن إبراهيم الزيادي، والشيخ علي
بن مصطفى السيواسي الحفني (الضرير)، والشيخ عبد الله الشبراوي (أحد شيوخ
الأزهر) والشيخ أحمد الجوهري، والشيخ محمد بن محمد البليدي.
تــلاميذه:
كان
للشيخ الحفني -رحمه الله- طلاب يفدون عليه من كل جانب، فقد جلس الشيخ
للتدريس وهو صغير السن، وشهد له علماء عصره بالتقدم والرسوخ. وقد درَّس
لطلبته المصادر العميقة كالأشموني في النحو والصرف، وجمع الجوامع في أصول
الفقه للسبكي، ومختصر السعد في البلاغة بعلومها الثلاث المعاني والبيان
والبديع، والمنهج في الفقه الشافعي، واشتغل بعلم العروض حتى برع فيه، ذلك
بالإضافة إلى الكتب الأخرى في الفقه، والمنطق، والأصول، والحديث، والتوحيد،
كل ذلك ولم يكن قد تجاوز الثانية والعشرين من عمره.ومن تلاميذه أخوه يوسف
الحفني، والشيخ إسماعيل الغنيمي، والشيخ علي الصعيدي العدوي، والشيخ محمد
الغبلاني، والشيخ محمد الزهار.
ومن تلاميذه ومريديه في الطريقة الخلوتية:
الشيخ
محمد السمنودي، والشيخ حسن الشبيني، والشيخ حسن السنهوري، والشيخ محمد
الزعيري، والشيخ خضر رسلان، والشيخ محمود الكردي، والشيخ علي القناوي،
والشيخ محمد الرشيدي، والشيخ يوسف الرشيدي، والشيخ محمد الشهير
بالسقا،والشيخ محمد الفشني، والشيخ عبد الكريم المسيري، والشيخ أحمد
العدوي، والشيخ أحمد الصقلي المغربي، والشيخ سليمان النبزاوي الأنصاري،
والشيخ إسماعيل اليمني، والشيخ حسن المكي
أخــلاقــه:
كان
الشيخ الحفني -رحمه الله- كريم الطبع، جميل السجايا، مهيب الجانب،
متواضعًا، له صدقات ظاهرة وخفية، وأقبلت عليه الدنيا بخيرها، وذاق حلاوة
الغنى بعد إملاق وشظف عيش، وضيق حال، فلم تبطره الثروة، وبذلها لمن يريدها،
وكان آية في المروءة والسخاء.
منزلته:
قال
عنه الجبرتي في عجائب الآثار: هو الإمام العلامة الهمام أوحد أهل زمانه
علمًا وعملا، ومن أدرك ما لم تدركه الأوائل، المشهود له بالكمال والتحقيق،
والمجمع على تقدمه في كل فريق، شمس الملة والدين محمد بن سالم الحفناوي
الشافعي الخلوتي. شهد له أساتذته بالعلم والفضل، وزاده كرمه مكانة في
النفوس ومحبة في القلوب، وقد بدأ حياته فقيرًا، فكان ينسخ المتون ويبيعها
لطالبيها؛ ليساعده ذلك على العيش الكريم، ثم فرَّج الله كربه، وأقبلت عليه
الدنيا، فترك النسخ إلى التعليم والتأليف، ولم يذله الفقر رغم ما كان فيه
من ضيق اليد، وكان أديبًا شاعرًا وناثرًا، له مقطوعات شعرية وأزجال، ورسائل
نثرية، غير أن شهرته العلمية طغت على شهرته الأدبية. وقد تسابق العلماء في
عصره إلى استجازته وإلى الكتابة عنه، فقد ألف العلامة الشيخ حسن المكي،
المعروف بشمة كتابًا في نسبه ومناقبه، وألف الشيخ محمد الدمنهوري المعروف
بالهلباوي كتابًا في مناقب الشيخ ومدائحه.
ومما قيل في مدحه:العالم اللسن الذي أوصافه* *بعبيرها تغني عن الروض الندي
ومن ارتدى برد المحامد يافعًا* *وتلفع الحسنى بأزكى محتد*
وسما على الأعلام من أهل الهدى* *بمآثر غر وحسن تودد*
ولكم له في كل علم غامض* *سِفرٌ تناهى في الكمال المفرد*
*أدب على النقاد دار حديثه* *متناسقًا كاللؤلؤ المتنضد*
مؤلفاته:
ترك الإمام الحفني عددًا من المصنفات العلمية والأدبية منها:-
حاشية على شرح الأشموني لألفية ابن مالك في النحو
حاشية على شرح الهمزية لابن حجر الهيتمي
.حاشية على الجامع الصغير للسيوطي في الحديث في جزأين.
حاشية على شرح الحفيد على مختصر جده السعد التفتازاني في البلاغة.
مختصر شرح منظومة المنيني الدمشقي في مصطلح الحديث.
الثمرة البهية في أسماء الصحابة البدرية في التاريخ.
حاشية على شرح المارديني للياسمينية في الجبر والمقابلة.
رسالة في فضل التسبيح والتحميد في الفضائل والآداب.
شرح المسألة الملفقة في تحليل المطلقة ثلاثًا.
- رسالة في التقليد في فروع أصول الفقه.
درر التنوير برؤية البشير النذير (وهي رسالة في الأحاديث المتعلقة برؤية النبي صلى الله عليه وسلم).
إجازة إلى أحمد ومحمد ولدي الشيخ أحمد الجوهري الكريمي (بخط المجيز) بدارالكتب المصرية.
إجازة إلى إسماعيل بن أحمد بن عمر بن صالح الحنفي الطرابلسي (بخط المجيز) بدار الكتب المصرية.
إجازة عثمان أفندي، شيخ الطريقة العقيلية، بخط الشيخ الحفني (نسخة بالمكتبة التيمورية).
- إجازة إلى محمد أفندي بن الحاج عبد الرحيم، بتاريخ 6 من ذي الحجة سنة 1176هـ.
- إجازة إلى محمد بن عربي المشاط المدني (بخط المجيز) بدار الكتب المصرية.
- إجازة إلى محمد الأمير (بخط المجيز) بدار الكتب المصرية.
- إجازة إلى الشيخ منصور بن مصطفى الحلبي.
- إجازة إلى يوسف بن محمد النابلسي (بخط المجيز) بدار الكتب المصرية.
- ثبت الحفني الكبير، ذكر فيه الشيخ الإمام مشايخه.
- سند الحفني الكبير، أورد فيه سنده لبعض الأحاديث والأوراد.
- مختصر ثبت الدمياطي الشهير بابن الميت، ذكر فيها الشيخ الحفني أسانيد شيخه الدمياطي.
ولايته للمشيخة
اختير الشيخ الحفني -رحمه الله- لمنصب شيخ الجامع الأزهر بعد وفاة الشيخ الشبراوي عام 1171هـ/1757م.
وفاته:
توفي
الشيخ محمد بن سالم بن أحمد الحفني، يوم السبت الموافق 27 من ربيع الأول
عام 1181هـ/1767م، عن عمر يناهز الثمانين عامًا، ودفن في اليوم التالي بعد
الصلاة عليه في الجامع الأزهر في مشهد حافل وعظيم.
مصادر ترجمته:
الأزهر في اثني عشر عامًا، نشر إدارة الأزهر
. دور الأزهر في الحفاظ على الطابع العربي لمصر إبان الحكم العثماني للدكتور عبد العزيز محمد الشناوي، طبع دار الكتب سنة 1972م.
- شيوخ الأزهر، تأليف: أشرف فوزي.
- عجائب الآثار للجبرتي، نشر لجنة البيان العربي.
- كنز الجوهر في تاريخ الأزهر، تأليف: سليمان رصد الحنفي الزياتي.
- مشيخة الأزهر منذ إنشائها حتى الآن، تأليف علي عبد العظيم.
الإمام التاسع
الإمام عبد الرؤوف بن محمد السجيني
اسمه:عبد الرؤوف بن محمد بن عبد الرحمن بن أحمد السجيني الشافعي الأزهري.
وكنيته (أبو الجود).الميلاد:ولد ببلدة (سجين) بمحافظة الغربية، سنة 1154هـ(1) .نسبته:نُسِبَ إلى بلدته (سجين).نشأته ومراحل تعليمه:حفظ القرآن الكريم، ولزم عمه (الشيخ السجيني) وكان من العلماء، كما كان والده أيضًا، رغم أن عمَّه هذا كان كفيف البصر إلا أنه كان من كبار العلماء، فقد كان فقيهًا نحويًّا أصوليًّا شافعيًّا. ويظهر أنه سليل أسرة اشتهرت بالعلم، فقد ذكر الجبرتي في حديثه عن الشيخ السيواسي أن العلامة الشيخ محمد السجيني والد الإمام كان إذا مَرَّ بحلقة درسه خفض من مشيته ووقف قليلا وأنصت لحسن تقريره، ثم يقول: سبحان الفتاح العليم(2) . ووصف هذا الشيخ والد الإمام بأنه: الأستاذ العلامة شيخ المشايخ محمد السجيني الشافعي الضرير، وأنه توفي سنة 1158هـ، ثم ذكر أنه تلقى العلم عن الشيخ مطاوع السجيني وغيره، وأنه كان إمامًا عظيمًا وفقيهًا نحويًّا أصوليًّا منطقيًّا، أخذ عنه الكثيرون، وذكر في وفيات سنة 1179هـ اسم العمدة العلامة والحبر الفهامة قدوة المتصدرين، ونخبة المتفهمين، النبيه المتفنن، الشيخ محمد بن إبراهيم بن يوسف الهيثمي الشافعي، الشهير بأبي الإرشاد... وذكر أنه تفقه على الشيخ عبد الله السجيني، وأنه تولَّى مشيخة رواق الشراقوة بالأزهر بعد وفاة خاله الشيخ عبد الرؤوف(3) ، ولعل الشيخ محمد السجيني الذي ذكره الجبرتي أولا هو والد الشيخ الإمام؛ لأنه كان يمر على دروس الشيخ السيواسي ويظهر إعجابه به، والشيخ السيواسي توفي سنة 1148هـ مع أن الشيخ محمد السجيني الأخير ولد سنة 1154هـ كما ذكر الجبرتي(4) . ومهما يكن من شيء فإن الإمام السجيني كان من أسرة اشتهرت بالعلم، وكان أستاذه الأكبر عمه الشيخ الشمس السجيني، وأنه لازم عمه حتى تخرج على يديه، وأنه خلفه في دراسة المنهج، ولعله (منهج الطلاب للأنصاري) فقد كان من الكتب المقررة الهامة في مذهب الشافعي بالأزهر(5) .أخـــلاقـــه:كان الشيخ السجيني -رحمه الله- من المعروفين بالعلم والتقوى، والحكمة، وحسن تدبير الأمور.مـــــنزلــتــه:كان الشيخ السجيني -رحمه الله- ذا مكانة عالية، وقد اشتهر ذكره قبل ولايته لمشيخة الأزهر بسبب حادثة وقعت في ذلك الحين، ذكرها الجبرتي في تاريخه، وخلاصتها أن أحد التجار بخان الخليلي تشاجر مع خادم فضربه الخادم وفَرَّ من أمامه فتبعه هو وآخرون من التجار، فدخل إلى بيت الشيخ السجيني لائذًا به، فاقتحم التجار البيت وضربه التاجر برصاصة أخطأته وأصابت شخصًا من أقارب الشيخ السجيني -رحمه الله- إصابة قاتلة فهرب الضارب، وطلبه الشيخ وأقاربه فامتنع عليهم، وتعصب له أهل خطته وأبناء جنسه، فاهتمَّ الشيخ السجيني -رحمه الله- بالأمر، وجمع المشايخ والقاضي، وحضر بهم جماعة من أمراء الوجاقلية، وانضمَّ إليهم الكثير من العامة، وثارت فتنة غلَّق الناس فيها الأسواق والحوانيت، واعتصم أهل خان الخليلي بدائرتهم وأحاط بهم الناس من كل جهة، وحضر أهل بولاق، وأهل مصر القديمة، وحدث صدام قتل فيه من الفريقين عدة أشخاص، واستمرَّ الحال على ذلك أسبوعًا... ثم اجتمع ذوو الرأي بالمحكمة الكبرى، وانتهى الأمر بالصلح(6) . وتدل هذه الحادثة على أن للشيخ منزلة مرموقة، وأنه غضب لغضبه مشايخ الأزهر، وجمهرة الشعب، حتى حضروا لنجدته من أطراف القاهرة، من حي بولاق ومصر القديمة، ومن المعروف أن الأمن لم يك مستتبًا في ذلك العصر. ولعل للشيخ من كنيته (أبي الجود) نصيب، ونحن نعلم أن الشعب كان يجل العلماء ويلوذ بهم في الأزمات ويلبي نداءهم في الشدائد.مـــؤلــفــاتـــه:لم نعثر فيما رجعنا إليه من مصادر وفهارس على مؤلفات له، ولعله آثر أن يقتدي بآثار السابقين، وأن يكون قدوة عملية لطلابه في السلوك والتدريس.ولايته للمشيخة:تولى الشيخ السجيني -رحمه الله- مشيخة الأزهر سنة 1181هـ، عقب وفاة الشيخ الحفني، ولكنه انتقل إلى رحمة ربه في العام التالي. كان الشيخ قبل ولايته لمشيخة الأزهر، تولَّى مشيخة رواق الشراقوة بالأزهر، وظل شيخًا له حتى بعد ولايته لمشيخة الأزهر، فلما مات خلفه فيه ابن أخته الشيخ محمد بن إبراهيم بن يوسف الهيتمي السجيني(7) .وفــــاتـــه:توفي في الرابع عشر من شهر شوال سنة 1182هـ، وصُلِّي عليه بالجامع الأزهر، ودفن بجوار عمه الشمس السجيني بأعلى البستان.مصادر ترجمته:- الأزهر في اثيى عشر عامًا، نشر إدارة الأزهر.
- شيوخ الأزهر، تأليف: أشرف فوزي.
- عجائب الآثار للجبرتي، نشر لجنة البيان العربي.
- كنز الجوهر في تاريخ الأزهر، تأليف: سليمان رصد الحنفي الزياتي.
- مشيخة الأزهر منذ إنشائها حتى الآن، تأليف علي عبد العظيم.
-----------------------الأمام العاشر
الإمام أحمد بن عبد المنعم بن صيام الدمنهوري
ولد بمدينة دمنهور (وهي عاصمة محافظة البحيرة الآن) سنة 1101هـ.نسبته:
نسب إلى مدينة دمنهور التي وُلِدَ بها.نشأته ومراحل تعليمه:
كان الإمام الدمنهوري -رحمه الله- يتيمًا، وقدم القاهرة وهو صغير السن، فالتحق بالجامع الأزهر واشتغل بالعلم، وجدَّ في تحصيله، واجتهد في تكميله وأجازه علماء المذاهب الأربعة حتى عرف بالمذهبي، وكانت معرفته بالمذاهب الأربعة أكثر من أهلها قراءة وفهمًا ودراية. قال عنه الجبرتي: «قدم الأزهر وهو صغير يتيم لم يكفله أحد، فاشتغل بالعلم، وجال في تحصيله، واجتهد في تكميله، وأجازه علماء المذاهب الأربعة، وكانت له حافظة ومعرفة في فنون غريبة وتآليف، وأفتى على المذاهب الأربعة...»(1) . وقد عُرِفَ الإمام الدمنهوري بقوة حفظه، وكانت له معارف في فنون غريبة، كما كانت له معارف عظيمة في سائر العلوم والفنون العربية والدينية، وغيرها كالكيمياء، والطب، والفلك، والحساب، والطبيعة، والعلوم الرياضية، وعلم الإحياء، وعلوم الفلسفة، والمنطق. ويتحدث الشيخ بنفسه في ترجمة له عن حياته، فيقول: (أخذت عن أستاذنا الشيخ علي الزعتري خاتمة العارفين بعلم الحساب واستخراج المجهولات وما توقف عليها كالفرائض والميقات، وأخذت عنه وسيلة ابن الهائم ومعونته في الحساب، والمقنع لابن الهائم، ومنظومة الياسميني في الجبر والمقابلة والمنحرفات للسبط المارديني في وضع المزاول، وأخذت عن سيدي أحمد القرافي الحكيم بدار الشفاء -بالقراءة عليه- كتاب الموجز واللمحة العفيفة في أسباب الأمراض وعلامتها، وبعضًا من قانون ابن سينا، وبعضًا من كامل الصناعة، وبعضًا من منظومة ابن سينا الكبرى، والجميع في الطب...أخــــلاقـــه:
كان الشيخ الدمنهوري -رحمه الله- كريمًا جوادًا في ماله يبذله لكل قاصد، وكان من عادته الجلوس للتدريس بمسجد الإمام الحسين بن علي رضي الله عنهما في شهر رمضان، وكان معروفًا بين تلاميذه وزملائه من العلماء أن لا يضع علمه في غير موضعه، ولذلك اتهمه البعض بالبخل في بذل العلم على الرغم من عطائه الوافر، ومصنفاته الكثيرة والمتنوعة، وربما كان السبب الرئيسي في هذه التهمة أن الشيخ الدمنهوري كان لا يضع علمه في غير أهله، ولذا فقد كان ينتقي من يتعلم على يديه.منزلته:
كان الإمام الدمنهوري -رحمه الله- وحده أُمَّة في العلم والفضل ورِفْعة المقام، ولما زار الإمام -رحمه الله- مكة المكرمة حاجًّا سنة 1177هـ، استُقبل أعظم الاستقبال، فأتى حاكم مكة وعلماؤها لاستقباله، فكان الاستقبال كريمًا يليق بمكانة الإمام الدمنهوري وشخصه، وحين عودته من الحج إلى مصر، استقبله الناس بنفس الحفاوة التي لقيها في مكة المكرمة، ومدحه الشيخ عبد الله الإدكاوي بقصيدة يهنئه فيها بالعودة، فقال:
لقد سرنا وطاب الوقت وانشرحت صدورنا حيث صح العود للوطن
فأنت أمجدنا، وأنت أرشدنا وأنت أحمدنا في السرِّ والعلن
وأجلَّه (علي بك الكبير)، وكان يجلس إلى دروسه، وكان الإمام الدمنهوري رحمه الله - مهيبًا لدى أمراء المماليك، فلما نشبت الفتنة بين زعماء المماليك وأتباعهم من طائفتي (العلوية والمحمدية) فرَّ (حسن بك الجداوي) من زعماء العلوية أمام مطارديه، فلجأ لبيت الشيخ الدمنهوري، فلم يقدر أحد على اقتحام بيته حتى أجاره (إبراهيم بك). وكان لا يعود من دَرْسه إلا في وقت متأخرٍ من الليل، ويحرص على صلاة الفجر، وتحدَّى علماءَ عصره بما كان يطْرَحُ من أسئلة معجزة، ثم يقوم بالإجابة عنها، مما جعل (علي بك الكبير) يتخذه أستاذًا ويستشيره في كثير من أمور الدولة.مــؤلــفــاتــه:
_ كشف اللثام عن مخدرات الأفهام في البسملة والحمدلة.
- حلية اللب المصون في شرح الجوهر المكنون (في البلاغة).
- اللطائف النورية في المنح الدمنهورية، وهو سند ذكر فيه ما أخذه عن مشايخه
وما درسه واستفاده بجهوده الخاصة، أو ما أخذه رواية ودراسة، ومنه نسخة خطية بدار الكتب المصرية.
- نهاية التعريف بأقسام الحديث الضعيف، وهو شرح لأربع أبيات من ألفية العراقي في مصطلح الحديث، ومنه نسخ في دار الكتب المصرية.
- درة التوحيد (منظومة في علم التوحيد).
- القول المفيد في شرح درة التوحيد، وهو شرح لمنظومته السابق ذكرها.
- الزايرجة، وهو شرح لكتاب (كشف الران عن وجه البيان) لمحيي الدين بن عربي، في التصوف.
- شرح الأوفاق العددية (وهو بحث في استنباط آفاق المستقبل عن طريق الأعداد)، ومنه نسخة خطية في دار الكتب المصرية.
- شفاء الظمآن بسر (يس قلب القرآن)، وهو شرح لمنظومة تتعلق بسورة يس، ذكرها أحمد بن ساعد في كتابه المسمى (روض العلوم).
- عقد الفرائد بما للمثلث من الفوائد، رتبه على مقدمة وثلاثة أبواب وخاتمة، في فضل العلم ومزدوجاته، توجد منه نسختان بدار الكتب.
- كيفية العمل بالزيارج العددية، مخطوط بدار الكتب المصرية.
- منتهى الإرادات في تحقيق الاستعارات- في البلاغة.
- سبيل الرشاد إلى نفع العباد- في الأخلاق.
- الفتح الرباني بمفردات ابن حنبل الشيباني - في فقه الحنابلة.
- رسالة عين الحياة في استنباط المياه - في الجيولوجيا.
- القول الصريح في علم التشريح - في الطب.
- منهج السلوك في نصيحة الملوك - في السياسة والأخلاق.
- الدرة اليتيمة في الصنعة الكريمة - في الكيمياء.
- إيضاح المبهم من متن السلم، وهو شرح على متن السلم في المنطق.
- الحذاقة بأنواع العلاقة، ذكره الجبرتي ولم يعين الفن الذي تناوله.
- حسن التعبير لما للطيبة من التكبير في القراءات العشر.
- تنوير المقلتين بضياء أوجه الوجوه بين السورتين.
- طريق الاهتداء بأحكام الإمامة والاقتداء على مذهب أبي حنيفة النعمان.
- إحياء الفؤاد بمعرفة خواص الأعداد - في الحساب.
- الدقائق الألمعية على الرسالة الوضعية العضدية للإيجي - في علم الوضع.
- منع الأثيم الحائر على التمادي في فعل الكبائر - أخلاق دينية.
- الأنوار الساطعات على أشرف المربعات - في الهندسة.
- حلية الأبرار فيما في اسم (علي) من الأسرار - تصوف.
- خلاصة الكلام على وقف حمزة وهشام - قراءات.
- إقامة الحجة الباهرة على هدم كنائس مصر والقاهرة - فتوى فقهية.
- فيض المنان بالضروري من مذهب النعمان.
- إتحاف البرية بمعرفة العلوم الضرورية.
- بلوغ الأرب في سيد سلاطين العرب.
- تحفة الملوك في علم التوحيد والسلوك (منظومة في مائة بيت).ولايته للمشيخة:
تولَّى الشيخ الدمنهوري -رحمه الله- مشيخة الأزهر سنة 1182هـ، بعد وفاة الشيخ السجيني.وفـــاتــه:
توفي الشيخ الدمنهوري -رحمه الله- يوم الأحد 11 من رجب عام 1192هـ الموافق 4 أغسطس سنة 1778م، في منزله ببولاق، فخرج بمشهد حافل مهيب، وصُلِّي عليه بالجامع الأزهر، ودفن بالبساتين.مــصــادر تـرجــمـتـه:
- الأزهر في اثني عشر عامًا، نشر إدارة الأزهر.
- الأعلام للزركلي 1/164.
- شيوخ الأزهر، تأليف: أشرف فوزي 1/58.
- عجائب الآثار للجبرتي، نشر لجنة البيان العربي.
- كنز الجوهر في تاريخ الأزهر، تأليف: سليمان رصد الحنفي الزياتي، ص (130- 132).
- مشيخة الأزهر منذ إنشائها حتى الآن، تأليف علي عبد العظيم.
------------------الإمام الحادى عشر
الإمام أحمد بن موسى العروسي
الإمام الثانى عشر
الإمام عبد الله الشرقاوي
ولد الإمام عبد الله الشرقاوي -رحمه الله- في قرية الطويلة، من ضواحي بلبيس، بالقرب من قرية القرين في محافظة الشرقية سنة 1150هـ.نــسبـتــه:
نسب إلى الشرقية.نشأته ومراحل تعليمه:
حفظ في طفولته القرآن الكريم في (القرين) حيث نشأ بها، وتطلع إلى المعرفة فشد رحاله إلى الجامع الأزهر حيث درس على كثير من أعلام علمائه، مثل: الشهاب الملوي، والشهاب الجوهري، والعلامة الشيخ علي الصعيدي، والشيخ الإمام الحفني، والشيخ الإمام الدمنهوري. ومال بفطرته الطبيعية إلى التصوف، فتلقن مبادئ الطريقة الخلوتية على الإمام الشيخ الحفني، ثم اتصل بالصوفي الشهير العارف بالله الشيخ محمود الكردي ولازمه، فرباه وأرشده، وقطع به مدارج الطريق، ولقَّنه أسراره فأصبح في مقدمة المريدين وطليعتهم. وقد تقلبت به الأحوال فتجرع مرارة الفقر كما ذاق حلاوة اليسر، وعاش في ظلال الخمول والنسيان، كما عاش في أضواء الجاه والسلطان، فاستفاد خبرة وتجربة ضمها إلى ما استفاده من علم وعرفان إلى ما أحرزه من مجاهدة روحية في مجال السلوك الصوفي، فصقلته التجارب وهذَّبته المعارف، وزكَّته النفحات، وبهذا نال الصدارة في دنياه، وفاز بالزلفى إلى الله في أخراه.تـــلامــيـذه:
من العلماء الذين تعلموا على يد الإمام الشرقاوي -رحمه الله- الفقيه النبيه الشيخ حسين بن الكاشف، الذي جذبه الإمام الشرقاوي إليه، فانخلع من الإمارة والقيادة العسكرية، ولازم الشيخ وتفقَّه على يديه. ومنهم العلامة الشهير إبراهيم البجيري الذي تخصص عليه في علم مصطلح الحديث. ومن ألمعهم العلامة العمدة الشيخ محمد الدواخلي الذي لازم الشيخ الإمام في فقه مذهبه وغيره من المعقولات ملازمة كلية، وانتسب له، وصار من أخص تلاميذه.أخـــلاقـــه:
كان الشيخ الإمام عبد الله الشرقاوي -رحمه الله- متسامحًا متساهلا، وقد خاض في حياته أحداثًا جسامًا، كان يلقاها بالمرونة والحكمة، وقد أعانته نزعته الصوفية على الرفق والتؤدة والتسامح، على الرغم مما قاساه من خصومة وعداء.مـــنزلــتــه:
كان الشيخ عبد الله الشرقاوي -رحمه الله- شيخ علماء الشافعية ومفتيهم في عصره، وتنوع مؤلفاته في العلوم دليل على سعة علمه وفضله في الفقه والحديث والعقائد، وكما كان للشيخ رأي مسموع في الشؤون الدينية، كان له أيضًا رأي مسموع في الشؤون السياسية، فقد عاصر الشيخ -رحمه الله- الحملة الفرنسية على مصر، وقاد الشعب من أجل مقاومتها حينًا، ومن أجل التخفيف من شدة وطأتها على الشعب حينًا آخر، وطار صيته في كل مكان، وكتب عنه الأوربيون فصولا طوالا، وذهب كل من كتب عنه مذهبًا يتفق ومدى فهمه للأحداث الجسام التي وقعت في هذه الفترة القصيرة الحافلة في تاريخ الوطن.مـؤلـفــاتــه:
- التحفة البهية في طبقات الشافعية، ضمَّنه تراجم الشافعية حتى سنة 1212هـ، ورتَّبه على حروف المعجم، وتوجد منه نسخة خطية بدار الكتب المصرية.
- العقائد المشرقية في علم التوحيد.
- الجواهر السنية في شرح العقائد المشرقية -السابق ذكره- وتوجد منه نسخة خطية بدار الكتب المصرية.
- حاشية الشرقاوي على كتاب التحرير، للشيخ زكريا الأنصاري.
- حاشية على شرح الهدهدي على أم البراهين، المسماة بالصغرى لأبي عبد الله بن يوسف السنوسي، توجد منه نسخة خطية بدار الكتب المصرية.
- شرح حكم ابن عطاء الله السكندري، منه نسخة خطية بدار الكتب المصرية.
- ثبت الشرقاوي، ذكر فيه أسانيد شيوخه في التفسير، والحديث، والفقه، وفي الأحزاب والأوراد، توجد منه أربع نسخ خطية بدار الكتب.
- مختصر الشمائل وشرح المختصر، كلاهما من تأليفه.
- رسالة في (لا إله إلا الله).
- رسالة في مسألة أصولية في جمع الجوامع (أصول فقه).
- شرح رسالة عبد الفتاح العادلي في العقائد.
- شرح مختصر في العقائد والفقه والتصوف، مشهور في بلاد داغستان.
- شرح الحكم والوصايا الكردية في التصوف.
- شرح ورد السَّحر للبكري.
- مختصر مغني اللبيب لابن هشام في النحو والإعراب.
- فتح المبدي شرح مختصر الزبيدي في الحديث، طبعت منتخبات منه ومن شرح الشيخ الغزي على هامش كتاب التجريد الصريح لأحاديث الجامع الصحيح للبخاري.
- تحفة الناظرين فيمن ولي مصر من الولاة والسلاطين، مطبوع على هامش كتاب (لطائف الأول فيمن تصرف في مصر من الدول). من هنا نرى غزارة علوم الإمام عبد الله الشرقاوي -رحمه الله- وتنوعها.ولايته للمشيخة:
لما مات الشيخ أحمد العروسي شيخ الأزهر عام 1208هـ، تولَّى الإمام الشرقاوي مشيخة الأزهر بعده، وكان من المرشحين معه لتولِّي هذا المنصب العلمي والديني الجليل الشيخ مصطفى العروسي، لكنها آلت إلى الشيخ الشرقاوي، وأسندت له، وتولاها وهو موضع ثقة الجميع.وفـــاتـــه:
لقي الشيخ الإمام عبد الله الشرقاوي -رحمه الله- ربه يوم الخميس، الثاني من شوال سنة 1127هـ، وذكر الجبرتي أنه لما مات الشيخ الشرقاوي صلى عليه بالأزهر جمع كثير، ودُفِنَ في مدفنه الذي بناه لنفسه، فقد كان الشيخ الإمام عبد الله الشرقاوي -رحمه الله- ناظرًا على وقف وقفته السيدة الخاتون (خوند طغاي الناصرية) بالصحراء للصوفية والقراء، وكان الفرنسيون دمَّروه، فأنشأ الشيخ به مسجدًا وبنى لنفسه إلى جواره قبرًا وعقد عليه قبة، وجعل تحتها مقصورة بداخلها تابوت عالٍ مربع وبنى بجانبه قصرًا ملاصقًا له^(1) . وإن الباشا -الوالي- أصدر فرمانًا بعمل مولد سنوي له، واحتفى الناس بهذا المولد، وأقاموا الموائد ومدوا الأسمطة، وحضره جمع كبير من الفقهاء والمشايخ والأعيان.مصادر ترجمته:
- الأزهر في اثني عشر عامًا، نشر إدارة الأزهر.
- الأزهر خلال ألف عام، للدكتور محمد عبد المنعم خفاجي 2/322-324.
- الأعلام للزركلي 4/78.
- شيوخ الأزهر، تأليف: أشرف فوزي.
- عجائب الآثار للجبرتي، نشر لجنة البيان العربي.
- كنز الجوهر في تاريخ الأزهر، تأليف: سليمان رصد الحنفي الزياتي.
- مشيخة الأزهر منذ إنشائها حتى الآن، تأليف: علي عبد العظيم 1/155-186.
----------------------
(1)عجائب الآثار 7/194.
الإمام الثالث عشر
الإمام محمد الشنواني
محمد بن علي بن منصور الشنواني الشافعي.
الميلاد والنِّسْبَة:
ولد الشيخ محمد الشنواني -رحمه الله- في قرية شنوان الغرف، محافظة المنوفية، وإليها نُسِبَ(1) .نشأته ومراحل تعليمه:
تتلمذ على كثيرين من أعلام عصره، وهم المشايخ: فارس، والصعيدي، والدردير، والفرماوي، وتفقَّه على الشيخ عيسى البراوي، ولازم دروسه وقرأ على يديه، وقد أجازه الشيخ بعد أن أعطاه جُلَّ ما عنده، واطمأن لعلمه؛ لأن الشيخ الشنواني -رحمه الله- كان ذكيًّا فطنًا جيد الحفظ، فأولاه أستاذه عنايته، واختصه بنفسه لاجتهاده وأدبه.أخــلاقــه:
عُرِفَ الشيخ -رحمه الله- بالسماحة، وشدة الحياء، والتواضع، ومن تواضعه أنه كان لا يحب التزاحم على المظاهر الدنيوية، فلم ينافس غيره في التدريس بالأزهر وإنما قنع بإلقاء دروسه بالجامع المعروف بالفكهاني بالعقادين، بالقرب من داره في (خوشقدم) فأقبل عليه الطلبة، وانتفعوا بآرائه وتوجيهاته، كما انتفعوا بأخلاقه وآدابه. ويحدثنا الجبرتي عن أخلاقه، فيقول: «كان مهذب النفس مع التواضع، والانكسار، والبشاشة لكل أحد من الناس ويشمر ثيابه ويخدم بنفسه ويكنس الجامع ويسرج القناديل».مــنزلـــتـه:
كان الشيخ الشنواني -رحمه الله- مع تواضعه وزهده وعزوفه عن الاتصال بالحكَّام لا يتردد في إبداء النصيحة لهم، وفي الشفاعة عندهم، وكان الشيخ -رحمه الله- من قادة الشعب، وشارك -رحمه الله- في مقاومة الحملة الفرنسية، وقد حاول الوالي أن يستولي على كل أراضي الدولة وأن يتخذ العلماء مطية حيث أفهمهم أنه سيترك أراضيهم لهم يزرعونها بمعرفتهم ويستغلونها، فتصدَّى له الإمام الشنواني وطالبه بالإفراج عن الأوقاف المحبوسة للطلبة فوافقه، ثم طالبه بإلغاء أمر الاستيلاء على بقية الأراضي فرفض. ويحدثنا الجبرتي عن منزلته العلمية، فيقول عنه: «شيخ الإسلام، وعمدة الأنام، الفقيه العلامة، والنحرير الفهامة... من أهل الطبقة الثانية، الفقيه، النحوي، المعقولي»(2) .مــؤلـفاتــه:
- حاشية على شرح الجوهرة (جوهرة التوحيد)، وهي منظومة في علم التوحيد، نظمها الشيخ إبراهيم اللقاني، وشرحها ابنه الشيخ عبد السلام في كتابه (إرشاد المريد).
- الجواهر السنية بمولد خير البرية، وهي تقييدات جمعها المؤلف من بعض كتب مشايخه وغيرهم على مولد المدابغي، توجد منه نسخة خطية بدار الكتب المصرية.
- حاشية الشنواني على مختصر البخاري لابن أبي جمرة، توجد منه نسخة خطية بدار الكتب المصرية.
- ثبت الشنواني (إجازة أجاز بها تلميذه المبلط)، قال فيها: «لازمني مدة مديدة، وسنين عديدة حضورًا وسماعًا وبحثًا... حتى غزر علمه... ثم التمس مني الإجازة وكتابة السند، فأجبته بذلك بشرط ألا يترك الإفادة»، توجد منه نسخة خطية بدار الكتب المصرية.
- حاشية على السمرقندية (في علوم البلاغة).
- حاشية على العضدية (في آداب البحث).ولايـتـه للــمــشيخـــة:
لما توفي الشيخ الشرقاوي -رحمه الله- توجَّهت الأنظار إلى الشيخ الشنواني، فتغيَّب عن بيته واختفى عن العيون، ولكن الباشا أمر القاضي أن يجمع المشايخ عنده ويتفقوا على شخص يكون خاليًا من الأغراض، فأرسل القاضي إليهم فحضرت جمهرتهم، فسأل القاضي: هل بقي أحد لم يحضر؟ فقالوا: لم يتأخر عن الحضور إلا ابن العروسي والهيثمي، والشنواني، فأرسل إليهم فحضر ابن العروسي، والهيثمي، فقال القاضي: وأين الشنواني؟ لا بد من حضوره، وأرسل إليه رسولا فذهب إلى بيته وعاد، فقال: إنه غائب عن داره منذ ثلاثة أيام، وقد ترك لكم رسالة جئت بها إليكم، ففتح القاضي الرسالة وقرأها جهرًا على جمهرة العلماء وهي: بسم الله الرحمن الرحيم، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم، إِنَّنا نزلنا عن المشيخة للشيخ بدوي الهيثمي، فعند ذلك قام الحاضرون وضجَّ المشايخ، فقال بعضهم: إنه لم تثبت له المشيخة حتى ينزل عنها لغيره، وقال بعضهم: لا يكون شيخًا إلا من يدرس العلوم في الأزهر ويفيد الطلبة. فتدخل القاضي ليُنهِي هذه المعركة، فهدأ من روعهم، وسألهم القاضي: من الذي ترضونه؟ قالوا: نرضى الشيخ المهدي، ووافق الجميع، وقاموا وصافحوه وقرأوا الفاتحة، وكتب القاضي بهذا الأمر قرارًا أرسله إلى والي مصر (محمد علي باشا)، وانفضَّ الجميع، وركب الشيخ المهدي إلى بيته في موكب كبير وحوله وخلفه المشايخ وطوائف الطلبة، وأقبل الناس على بيته للتهنئة، وانتظر الجميع موافقة الوالي على هذا القرار. ولكن محمد علي رفض تعيين الشيخ المهدي؛ لأنه صاحب تاريخ حافل في الزعامة ورفض الضيم، فمحمد علي لا يقبل شيخًا يتدخل في شؤون الحكم ويقود العلماء والطلبة في مقاومة المظالم كما كان كبار مشايخ الأزهر يفعلون، ولهذا اشترط في شيخ الأزهر -كما قلنا- أن يكون خاليًا عن الأغراض، وهو لم ينس أن مشايخ الأزهر هم الذي عزلوا الوالي السابق، وهم الذين عينوه، فاضطر الباب العالي إلى النزول إلى مشيئتهم، ومن يملك العزل والولاية يكون خطرًا على باب دولته التي بدأ في تكوينها. لذا فقد أرسل محمد علي باشا جنوده في طلب الشيخ الشنواني، فجدُّوا في البحث عنه حتى عُثِرَ عليه في المكان الذي اختفى فيه بمصر القديمة، فأخبروه بطلب الوالي له، فذهب معهم. ثم أرسل محمد علي إلى المشايخ بالحضور إلى مقره بالقلعة، فلمَّا حضروا وجدوا الوالي وعنده الشيخ الشنواني، فأعلن محمد علي الشيخ الشنواني شيخًا للجامع الأزهر، ولم يعترض الشيوخ على جعل الشيخ الشنواني شيخًا على الأزهر. ثم عاد الشيخ الشنواني إلى بيته في جَمْعٍ كبير وموكب رسمي عظيم، وكانت دار الشيخ صغيرة متواضعة لا تتسع لهذا الموكب ولوفود المهنئين، فأنزله السيد المحروقي في دار (بان الزليجي) بحارة خوشقدم، وأرسل إليه الطباخين والفراشين والأغنام والأرز والحطب والسمن والعسل والسكر والقهوة وأوقف عبيده وخدمه لخدمة القادمين، وازدحم الناس على الشيخ الشنواني -رحمه الله- مهنئين وأتوا أفواجًا، وكان ذلك في يوم الثلاثاء، الرابع عشر من شهر شوال سنة 1227هـ = 20 من أكتوبر سنة 1812م، ولما كان يوم الجمعة ذهب الشيخ الإمام إلى الجامع الأزهر، فصلى الجمعة، وازدحمت الجماهير عليه مهنئين له(3) .ولم يترك الشيخ -رحمه الله- مكانه في الدرس بعد تولي المشيخة، وكان متبحِّرًا في علوم اللغة، كما كان مُولعًا بعلم الكلام والرياضيات.وفــاتــه:
كان الشيخ الإمام الشنواني -رحمه الله- متواضعًا في حياته وفي شؤون معاشه، وأقبلت عليه الدنيا فلم يهنأ بها، فقد اعترته الأمراض إلى أن توفي يوم الأربعاء رابع عشر من المحرم سنة 1233هـ = 23 نوفمبر سنة 1817م، وصُلِّي عليه بالأزهر في مشهد عظيم، ودُفِنَ بتربة المجاورين(4) .مصادر ترجمته:
- الأزهر في اثنى عشر عامًا، نشر إدارة الأزهر.
- الأزهر خلال ألف عام، محمد عبد المنعم خفاجي 2/355، 356.
- شيوخ الأزهر، تأليف: أشرف فوزي 2/21- 24.
- عجائب الآثار للجبرتي، نشر لجنة البيان العربي.
- كنز الجوهر في تاريخ الأزهر، تأليف: سليمان رصد الحنفي الزياتي. ص (135- 173).
- مشيخة الأزهر منذ إنشائها حتى الآن، تأليف علي عبد العظيم 1/189-193.
----------------------------
(1)عجائب الآثار 7/429، الأعلام للزركلي 6/297.
(2)عجائب الآثار 7/197، ويقصد بقوله المعقولي: أنه درس علوم المنطق والجدل والفلسفة والميقات والحساب وما إليها من العلوم التي يطلقون عليها علوم المعقول، أما علوم المنقول فهي: الفقه، والتفسير، والحديث ... وعلوم اللغة.
(3)عجائب الآثار 7/197، 198.
(4)عجائب الآثار 7/439.
الإمام الرابع عشر
الإمام محمد العروسي
- شيوخ الأزهر، تأليف: أشرف فوزي.
- عجائب الآثار للجبرتي، نشر لجنة البيان العربي.
- كنز الجوهر في تاريخ الأزهر، تأليف: سليمان رصد الحنفي الزياتي.
- مشيخة الأزهر منذ إنشائها حتى الآن، تأليف علي عبد العظيم.
الإمام التاسع
الإمام عبد الرؤوف بن محمد السجيني
اسمه:عبد الرؤوف بن محمد بن عبد الرحمن بن أحمد السجيني الشافعي الأزهري.
وكنيته (أبو الجود).الميلاد:ولد ببلدة (سجين) بمحافظة الغربية، سنة 1154هـ(1) .نسبته:نُسِبَ إلى بلدته (سجين).نشأته ومراحل تعليمه:حفظ القرآن الكريم، ولزم عمه (الشيخ السجيني) وكان من العلماء، كما كان والده أيضًا، رغم أن عمَّه هذا كان كفيف البصر إلا أنه كان من كبار العلماء، فقد كان فقيهًا نحويًّا أصوليًّا شافعيًّا. ويظهر أنه سليل أسرة اشتهرت بالعلم، فقد ذكر الجبرتي في حديثه عن الشيخ السيواسي أن العلامة الشيخ محمد السجيني والد الإمام كان إذا مَرَّ بحلقة درسه خفض من مشيته ووقف قليلا وأنصت لحسن تقريره، ثم يقول: سبحان الفتاح العليم(2) . ووصف هذا الشيخ والد الإمام بأنه: الأستاذ العلامة شيخ المشايخ محمد السجيني الشافعي الضرير، وأنه توفي سنة 1158هـ، ثم ذكر أنه تلقى العلم عن الشيخ مطاوع السجيني وغيره، وأنه كان إمامًا عظيمًا وفقيهًا نحويًّا أصوليًّا منطقيًّا، أخذ عنه الكثيرون، وذكر في وفيات سنة 1179هـ اسم العمدة العلامة والحبر الفهامة قدوة المتصدرين، ونخبة المتفهمين، النبيه المتفنن، الشيخ محمد بن إبراهيم بن يوسف الهيثمي الشافعي، الشهير بأبي الإرشاد... وذكر أنه تفقه على الشيخ عبد الله السجيني، وأنه تولَّى مشيخة رواق الشراقوة بالأزهر بعد وفاة خاله الشيخ عبد الرؤوف(3) ، ولعل الشيخ محمد السجيني الذي ذكره الجبرتي أولا هو والد الشيخ الإمام؛ لأنه كان يمر على دروس الشيخ السيواسي ويظهر إعجابه به، والشيخ السيواسي توفي سنة 1148هـ مع أن الشيخ محمد السجيني الأخير ولد سنة 1154هـ كما ذكر الجبرتي(4) . ومهما يكن من شيء فإن الإمام السجيني كان من أسرة اشتهرت بالعلم، وكان أستاذه الأكبر عمه الشيخ الشمس السجيني، وأنه لازم عمه حتى تخرج على يديه، وأنه خلفه في دراسة المنهج، ولعله (منهج الطلاب للأنصاري) فقد كان من الكتب المقررة الهامة في مذهب الشافعي بالأزهر(5) .أخـــلاقـــه:كان الشيخ السجيني -رحمه الله- من المعروفين بالعلم والتقوى، والحكمة، وحسن تدبير الأمور.مـــــنزلــتــه:كان الشيخ السجيني -رحمه الله- ذا مكانة عالية، وقد اشتهر ذكره قبل ولايته لمشيخة الأزهر بسبب حادثة وقعت في ذلك الحين، ذكرها الجبرتي في تاريخه، وخلاصتها أن أحد التجار بخان الخليلي تشاجر مع خادم فضربه الخادم وفَرَّ من أمامه فتبعه هو وآخرون من التجار، فدخل إلى بيت الشيخ السجيني لائذًا به، فاقتحم التجار البيت وضربه التاجر برصاصة أخطأته وأصابت شخصًا من أقارب الشيخ السجيني -رحمه الله- إصابة قاتلة فهرب الضارب، وطلبه الشيخ وأقاربه فامتنع عليهم، وتعصب له أهل خطته وأبناء جنسه، فاهتمَّ الشيخ السجيني -رحمه الله- بالأمر، وجمع المشايخ والقاضي، وحضر بهم جماعة من أمراء الوجاقلية، وانضمَّ إليهم الكثير من العامة، وثارت فتنة غلَّق الناس فيها الأسواق والحوانيت، واعتصم أهل خان الخليلي بدائرتهم وأحاط بهم الناس من كل جهة، وحضر أهل بولاق، وأهل مصر القديمة، وحدث صدام قتل فيه من الفريقين عدة أشخاص، واستمرَّ الحال على ذلك أسبوعًا... ثم اجتمع ذوو الرأي بالمحكمة الكبرى، وانتهى الأمر بالصلح(6) . وتدل هذه الحادثة على أن للشيخ منزلة مرموقة، وأنه غضب لغضبه مشايخ الأزهر، وجمهرة الشعب، حتى حضروا لنجدته من أطراف القاهرة، من حي بولاق ومصر القديمة، ومن المعروف أن الأمن لم يك مستتبًا في ذلك العصر. ولعل للشيخ من كنيته (أبي الجود) نصيب، ونحن نعلم أن الشعب كان يجل العلماء ويلوذ بهم في الأزمات ويلبي نداءهم في الشدائد.مـــؤلــفــاتـــه:لم نعثر فيما رجعنا إليه من مصادر وفهارس على مؤلفات له، ولعله آثر أن يقتدي بآثار السابقين، وأن يكون قدوة عملية لطلابه في السلوك والتدريس.ولايته للمشيخة:تولى الشيخ السجيني -رحمه الله- مشيخة الأزهر سنة 1181هـ، عقب وفاة الشيخ الحفني، ولكنه انتقل إلى رحمة ربه في العام التالي. كان الشيخ قبل ولايته لمشيخة الأزهر، تولَّى مشيخة رواق الشراقوة بالأزهر، وظل شيخًا له حتى بعد ولايته لمشيخة الأزهر، فلما مات خلفه فيه ابن أخته الشيخ محمد بن إبراهيم بن يوسف الهيتمي السجيني(7) .وفــــاتـــه:توفي في الرابع عشر من شهر شوال سنة 1182هـ، وصُلِّي عليه بالجامع الأزهر، ودفن بجوار عمه الشمس السجيني بأعلى البستان.مصادر ترجمته:- الأزهر في اثيى عشر عامًا، نشر إدارة الأزهر.
- شيوخ الأزهر، تأليف: أشرف فوزي.
- عجائب الآثار للجبرتي، نشر لجنة البيان العربي.
- كنز الجوهر في تاريخ الأزهر، تأليف: سليمان رصد الحنفي الزياتي.
- مشيخة الأزهر منذ إنشائها حتى الآن، تأليف علي عبد العظيم.
-----------------------الأمام العاشر
الإمام أحمد بن عبد المنعم بن صيام الدمنهوري
ولد بمدينة دمنهور (وهي عاصمة محافظة البحيرة الآن) سنة 1101هـ.نسبته:
نسب إلى مدينة دمنهور التي وُلِدَ بها.نشأته ومراحل تعليمه:
كان الإمام الدمنهوري -رحمه الله- يتيمًا، وقدم القاهرة وهو صغير السن، فالتحق بالجامع الأزهر واشتغل بالعلم، وجدَّ في تحصيله، واجتهد في تكميله وأجازه علماء المذاهب الأربعة حتى عرف بالمذهبي، وكانت معرفته بالمذاهب الأربعة أكثر من أهلها قراءة وفهمًا ودراية. قال عنه الجبرتي: «قدم الأزهر وهو صغير يتيم لم يكفله أحد، فاشتغل بالعلم، وجال في تحصيله، واجتهد في تكميله، وأجازه علماء المذاهب الأربعة، وكانت له حافظة ومعرفة في فنون غريبة وتآليف، وأفتى على المذاهب الأربعة...»(1) . وقد عُرِفَ الإمام الدمنهوري بقوة حفظه، وكانت له معارف في فنون غريبة، كما كانت له معارف عظيمة في سائر العلوم والفنون العربية والدينية، وغيرها كالكيمياء، والطب، والفلك، والحساب، والطبيعة، والعلوم الرياضية، وعلم الإحياء، وعلوم الفلسفة، والمنطق. ويتحدث الشيخ بنفسه في ترجمة له عن حياته، فيقول: (أخذت عن أستاذنا الشيخ علي الزعتري خاتمة العارفين بعلم الحساب واستخراج المجهولات وما توقف عليها كالفرائض والميقات، وأخذت عنه وسيلة ابن الهائم ومعونته في الحساب، والمقنع لابن الهائم، ومنظومة الياسميني في الجبر والمقابلة والمنحرفات للسبط المارديني في وضع المزاول، وأخذت عن سيدي أحمد القرافي الحكيم بدار الشفاء -بالقراءة عليه- كتاب الموجز واللمحة العفيفة في أسباب الأمراض وعلامتها، وبعضًا من قانون ابن سينا، وبعضًا من كامل الصناعة، وبعضًا من منظومة ابن سينا الكبرى، والجميع في الطب...أخــــلاقـــه:
كان الشيخ الدمنهوري -رحمه الله- كريمًا جوادًا في ماله يبذله لكل قاصد، وكان من عادته الجلوس للتدريس بمسجد الإمام الحسين بن علي رضي الله عنهما في شهر رمضان، وكان معروفًا بين تلاميذه وزملائه من العلماء أن لا يضع علمه في غير موضعه، ولذلك اتهمه البعض بالبخل في بذل العلم على الرغم من عطائه الوافر، ومصنفاته الكثيرة والمتنوعة، وربما كان السبب الرئيسي في هذه التهمة أن الشيخ الدمنهوري كان لا يضع علمه في غير أهله، ولذا فقد كان ينتقي من يتعلم على يديه.منزلته:
كان الإمام الدمنهوري -رحمه الله- وحده أُمَّة في العلم والفضل ورِفْعة المقام، ولما زار الإمام -رحمه الله- مكة المكرمة حاجًّا سنة 1177هـ، استُقبل أعظم الاستقبال، فأتى حاكم مكة وعلماؤها لاستقباله، فكان الاستقبال كريمًا يليق بمكانة الإمام الدمنهوري وشخصه، وحين عودته من الحج إلى مصر، استقبله الناس بنفس الحفاوة التي لقيها في مكة المكرمة، ومدحه الشيخ عبد الله الإدكاوي بقصيدة يهنئه فيها بالعودة، فقال:
لقد سرنا وطاب الوقت وانشرحت صدورنا حيث صح العود للوطن
فأنت أمجدنا، وأنت أرشدنا وأنت أحمدنا في السرِّ والعلن
وأجلَّه (علي بك الكبير)، وكان يجلس إلى دروسه، وكان الإمام الدمنهوري رحمه الله - مهيبًا لدى أمراء المماليك، فلما نشبت الفتنة بين زعماء المماليك وأتباعهم من طائفتي (العلوية والمحمدية) فرَّ (حسن بك الجداوي) من زعماء العلوية أمام مطارديه، فلجأ لبيت الشيخ الدمنهوري، فلم يقدر أحد على اقتحام بيته حتى أجاره (إبراهيم بك). وكان لا يعود من دَرْسه إلا في وقت متأخرٍ من الليل، ويحرص على صلاة الفجر، وتحدَّى علماءَ عصره بما كان يطْرَحُ من أسئلة معجزة، ثم يقوم بالإجابة عنها، مما جعل (علي بك الكبير) يتخذه أستاذًا ويستشيره في كثير من أمور الدولة.مــؤلــفــاتــه:
_ كشف اللثام عن مخدرات الأفهام في البسملة والحمدلة.
- حلية اللب المصون في شرح الجوهر المكنون (في البلاغة).
- اللطائف النورية في المنح الدمنهورية، وهو سند ذكر فيه ما أخذه عن مشايخه
وما درسه واستفاده بجهوده الخاصة، أو ما أخذه رواية ودراسة، ومنه نسخة خطية بدار الكتب المصرية.
- نهاية التعريف بأقسام الحديث الضعيف، وهو شرح لأربع أبيات من ألفية العراقي في مصطلح الحديث، ومنه نسخ في دار الكتب المصرية.
- درة التوحيد (منظومة في علم التوحيد).
- القول المفيد في شرح درة التوحيد، وهو شرح لمنظومته السابق ذكرها.
- الزايرجة، وهو شرح لكتاب (كشف الران عن وجه البيان) لمحيي الدين بن عربي، في التصوف.
- شرح الأوفاق العددية (وهو بحث في استنباط آفاق المستقبل عن طريق الأعداد)، ومنه نسخة خطية في دار الكتب المصرية.
- شفاء الظمآن بسر (يس قلب القرآن)، وهو شرح لمنظومة تتعلق بسورة يس، ذكرها أحمد بن ساعد في كتابه المسمى (روض العلوم).
- عقد الفرائد بما للمثلث من الفوائد، رتبه على مقدمة وثلاثة أبواب وخاتمة، في فضل العلم ومزدوجاته، توجد منه نسختان بدار الكتب.
- كيفية العمل بالزيارج العددية، مخطوط بدار الكتب المصرية.
- منتهى الإرادات في تحقيق الاستعارات- في البلاغة.
- سبيل الرشاد إلى نفع العباد- في الأخلاق.
- الفتح الرباني بمفردات ابن حنبل الشيباني - في فقه الحنابلة.
- رسالة عين الحياة في استنباط المياه - في الجيولوجيا.
- القول الصريح في علم التشريح - في الطب.
- منهج السلوك في نصيحة الملوك - في السياسة والأخلاق.
- الدرة اليتيمة في الصنعة الكريمة - في الكيمياء.
- إيضاح المبهم من متن السلم، وهو شرح على متن السلم في المنطق.
- الحذاقة بأنواع العلاقة، ذكره الجبرتي ولم يعين الفن الذي تناوله.
- حسن التعبير لما للطيبة من التكبير في القراءات العشر.
- تنوير المقلتين بضياء أوجه الوجوه بين السورتين.
- طريق الاهتداء بأحكام الإمامة والاقتداء على مذهب أبي حنيفة النعمان.
- إحياء الفؤاد بمعرفة خواص الأعداد - في الحساب.
- الدقائق الألمعية على الرسالة الوضعية العضدية للإيجي - في علم الوضع.
- منع الأثيم الحائر على التمادي في فعل الكبائر - أخلاق دينية.
- الأنوار الساطعات على أشرف المربعات - في الهندسة.
- حلية الأبرار فيما في اسم (علي) من الأسرار - تصوف.
- خلاصة الكلام على وقف حمزة وهشام - قراءات.
- إقامة الحجة الباهرة على هدم كنائس مصر والقاهرة - فتوى فقهية.
- فيض المنان بالضروري من مذهب النعمان.
- إتحاف البرية بمعرفة العلوم الضرورية.
- بلوغ الأرب في سيد سلاطين العرب.
- تحفة الملوك في علم التوحيد والسلوك (منظومة في مائة بيت).ولايته للمشيخة:
تولَّى الشيخ الدمنهوري -رحمه الله- مشيخة الأزهر سنة 1182هـ، بعد وفاة الشيخ السجيني.وفـــاتــه:
توفي الشيخ الدمنهوري -رحمه الله- يوم الأحد 11 من رجب عام 1192هـ الموافق 4 أغسطس سنة 1778م، في منزله ببولاق، فخرج بمشهد حافل مهيب، وصُلِّي عليه بالجامع الأزهر، ودفن بالبساتين.مــصــادر تـرجــمـتـه:
- الأزهر في اثني عشر عامًا، نشر إدارة الأزهر.
- الأعلام للزركلي 1/164.
- شيوخ الأزهر، تأليف: أشرف فوزي 1/58.
- عجائب الآثار للجبرتي، نشر لجنة البيان العربي.
- كنز الجوهر في تاريخ الأزهر، تأليف: سليمان رصد الحنفي الزياتي، ص (130- 132).
- مشيخة الأزهر منذ إنشائها حتى الآن، تأليف علي عبد العظيم.
------------------الإمام الحادى عشر
الإمام أحمد بن موسى العروسي
أحمد بن موسى بن داود أبو الصلاح العروسي.الميلاد:
ولد بقرية (منية عروس) التابعة لمركز أشمون، بمحافظة المنوفية، سنة 1133هـ/ 1720م.نسبته:
وينسب الشيخ العروسي إلى قريته (منية عروس) التي ولد ونشأ فيها.نشأته ومراحل تعليمه:
ظل الشيخ العروسي -رحمه الله- في قريته صدرًا من شبابه، حفظ القرآن الكريم، ودرس العلوم الدينية واللغوية، كما درس العلوم الرياضية، والفلك، والمنطق، وأخذ الطريقة الصوفية عن السيد مصطفى البكري، ولازمه، وتلقَّن منه الذِّكر. ثم وفد إلى الأزهر، وتلقى العلوم على كبار شيوخه، فسمع البخاري من الشيخ أحمد الملوي بمسجد سيدنا الحسين بن علي رضي الله عنه، ودرس تفسير الجلالين والبيضاوي على يد الشيخ عبد الله الشبراوي، ثم سمع من الشيخ الحفني البخاري وشرحه للقسطلاني مرة ثانية. ومختصر ابن أبي جمرة، والشمائل النبوية للترمذي، وشرح ابن حجر للأربعين النووية، والجامع للسيوطي. كما تفقه وتعلم على الشيخ النبراوي، والشيخ العزيزي، والشيخ علي قايتباي الأطفيحي، والشيخ حسن المدباغي، والشيخ سابق، والشيخ عيسى البراوي، والشيخ عطية الأجهوري. كما تلقى سائر العلوم على يد الشيخ علي بن أحمد الصعيدي، ولازمه سنوات عديدة، وكان مُعِيدًا له(1) ، يُلَخِّصُ دروسه ويوضح ما غمض منها، وأفادوا منه كثيرًا. وسمع من الشيخ ابن الطيب، والشيخ يوسف الحفني، والشيخ إبراهيم الحلبي،والشيخ إبراهيم بن محمد الدلجي. كما لازم الشيخ حسن الجبرتي -والد المؤرخ الكبير الشيخ عبد الرحمن الجبرتي- وقرأ عليه في الرياضيات، والجبر، والمقابلة، وكتاب الرقائق للسبط، وكفاية القنوع والهداية، وقاضي زاده، وغيرها. ثم اتصل بالعلامة الشيخ أحمد العريان، الذي أحبه واعتنى به، وزوجه إحدى بناته، وبشَّره بالسيادة، وبأنه سيصبح شيخًا للجامع الأزهر، وتحققت هذه البشارة بعد وفاته. وجدَّ الشيخ العروسي في تحصيل العلم حتى احتلَّ الصدارة بين علماء عصره، وصار من كبار علماء الشافعية في وقته.أخــلاقــه:
كان الشيخ العروسي -رحمه الله- معروفًا بالإقدام والجرأة على الأمراء والحكام خاصة فيما يتصل بأمور الناس والصالح العام، وكان مع ذلك رقيق الطبع، هادئًا، مهذبًا، لطيفًا، متواضعًا، كثير الرفق بالناس، وكان قوَّالا للحق مُلتزمًا به، وأصبحت له منزلة عظيمة بعلمه وتسامحه وتقواه، وكان كثيرًا ما يتدخل لتصفية الخلافات بين المتنازعين، وكان الأمراء يستشيرونه ويستفتونه في أمورهم، وكان لا يتردد في نصيحتهم، ولومهم أحيانًا. قال الجبرتي في وصفه: «رقيق الطباع، مليح الأوضاع، لطيفًا مهذبًا، إذا تحدَّث نفث الدر، وإذا الفتنة اشتعلت لقيت من لطفه ما ينعش ويسر»(2) . وقد كان يعطف على الطلبة، لدرجة جعلت الجبرتي يقول: ولم تزل كؤوس فضله مجلوة حتى ورد موارد الموات.مــنـزلـتـه:
كانت عائلة الشيخ العروسي -رحمه الله- ذات شهرة واسعة، ونفوذ قوي، ومكانة رفيعة، وكان رجالها من أهل الحلِّ والعقد في البلاد. وقد تبوأ الإمام العروسي -رحمه الله- منزلة سامية بعلمه وصلاحه وتقواه وتسامحه وانتصاره للحق، كانت شفاعته مقبولة لدى الحكام، وكان كثيرًا ما يتدخل لتصفية ما ينشب بينهم من نزاع، فقد توسط في الصلح مع بعض العلماء بين الأميرين إبراهيم بك، ومراد بك، وكان الأمراء يستشيرونه ويستفتونه في المُلِمَّات. ومما يدل على حب الناس له أنه لما أراد (إبراهيم بك) أن يولي (الشيخ عبد الرحمن العريشي) مشيخة الأزهر ثار العلماء واعتصموا بمسجد الإمام الشافعي، والتف حولهم الناس، وطالبوا أن يكون الشيخ العروسي -رحمه الله- هو شيخ الأزهر، فنزل على رغبتهم، ولما عاد (الشيخ محمد المصيلحي الشافعي) من الحجاز أغراه أعوانه أن يطلب المشيخة لنفسه، فهو أحق بها، وسايرهم واقتحم المدرسة الصلاحية ودرَّس بها -وكانت وقفًا على شيخ الأزهر- فثار عليه العلماء، ولكن الشيخ العروسي هدَّأَ من ثورتهم، وترك الشيخ المصيلحي يدرس بها احترامًا لعلمه، ومنعًا للفتنة. كان الشيخ العروسي قوالا للحق، لا يحب الجدال العقيم، وكانت شفاعته مقبولة لدى الحكام، وكان الأمراء يستشيرونه ويستفتونه في مسائلهم، ورفض أن تأتي جنود من خارج مصر لحفظ الأمن، وبيَّن للوالي (إسماعيل بك) خطر ذلك، فعمل بنصيحته وطالب بزيادة أرزاق الجند المصريين فقاموا بواجبهم، ولما طغى (أحمد أغا) الوالي على أهل الحسينية لجأ إليه الناس، فقام معهم وأقنع (إسماعيل بك) بعزله اتقاء للفتنة فعزله. وللشيخ الإمام مواقف مشهودة ضد الأمراء في الدفاع عن الشعب، كان يجابههم فيها بقوة وحزم، دون أن يخشى في الله لومة لائم. ولما اشتد الغلاء وضج الناس بالشكوى، ذهب إلى (الوالي حسن باشا) واتفق معه على وضع (تسعيرة للخبز واللحم والسمن) وخرج المحتسب ليعلن في الأسواق السياسة التموينية الجديدة، ويهدد من يخرج عليها، فزالت الغمة.مــؤلـفـاتــه:
_ قال الجبرتي عن الإمام العروسي «لم يشتغل بالتأليف إلا قليلا لاشتغاله بالتدريس»(3) .
- شرح نظم التنوير في إسقاط التدبير للشيخ الملوي (في التصوف).
- حاشية على الملوي على السمرقندية (في البلاغة).ولايته للمشيخة:
تولى مشيخة الأزهر الشريف بعد وفاة الشيخ الإمام الدمنهوري - رحمه الله – سنة 1192هـ وظل شيخا للأزهر حتى وفاته.وفــاتـــه:
وقد لقي الشيخ الإمام العروسي -رحمه الله- ربَّه في الحادي والعشرين من شهر شعبان، سنة 1218هـ، ودفن بمدفن صهره الصوفي الورع الشيخ العريان.مصادر ترجمته:
- الأزهر خلال ألف عام، محمد عبد المنعم خفاجي 2/349- 351.
- الأزهر في اثني عشر عامًا، نشر إدارة الأزهر.
- الأعلام للزركلي 1/262.
- شيوخ الأزهر، تأليف: أشرف فوزي.
- عجائب الآثار للجبرتي، نشر لجنة البيان العربي.
- كنز الجوهر في تاريخ الأزهر، تأليف: سليمان رصد الحنفي الزياتي.
- مشيخة الأزهر منذ إنشائها حتى الآن، تأليف علي عبد العظيم.
---------------------
(1)وهو عمل المعيد بالنسبة للأستاذ الآن في الجامعة.
(2)عجائب الآثار 4/247.
(3)عجائب الآثار 4/247.
========================================================================
ولد بقرية (منية عروس) التابعة لمركز أشمون، بمحافظة المنوفية، سنة 1133هـ/ 1720م.نسبته:
وينسب الشيخ العروسي إلى قريته (منية عروس) التي ولد ونشأ فيها.نشأته ومراحل تعليمه:
ظل الشيخ العروسي -رحمه الله- في قريته صدرًا من شبابه، حفظ القرآن الكريم، ودرس العلوم الدينية واللغوية، كما درس العلوم الرياضية، والفلك، والمنطق، وأخذ الطريقة الصوفية عن السيد مصطفى البكري، ولازمه، وتلقَّن منه الذِّكر. ثم وفد إلى الأزهر، وتلقى العلوم على كبار شيوخه، فسمع البخاري من الشيخ أحمد الملوي بمسجد سيدنا الحسين بن علي رضي الله عنه، ودرس تفسير الجلالين والبيضاوي على يد الشيخ عبد الله الشبراوي، ثم سمع من الشيخ الحفني البخاري وشرحه للقسطلاني مرة ثانية. ومختصر ابن أبي جمرة، والشمائل النبوية للترمذي، وشرح ابن حجر للأربعين النووية، والجامع للسيوطي. كما تفقه وتعلم على الشيخ النبراوي، والشيخ العزيزي، والشيخ علي قايتباي الأطفيحي، والشيخ حسن المدباغي، والشيخ سابق، والشيخ عيسى البراوي، والشيخ عطية الأجهوري. كما تلقى سائر العلوم على يد الشيخ علي بن أحمد الصعيدي، ولازمه سنوات عديدة، وكان مُعِيدًا له(1) ، يُلَخِّصُ دروسه ويوضح ما غمض منها، وأفادوا منه كثيرًا. وسمع من الشيخ ابن الطيب، والشيخ يوسف الحفني، والشيخ إبراهيم الحلبي،والشيخ إبراهيم بن محمد الدلجي. كما لازم الشيخ حسن الجبرتي -والد المؤرخ الكبير الشيخ عبد الرحمن الجبرتي- وقرأ عليه في الرياضيات، والجبر، والمقابلة، وكتاب الرقائق للسبط، وكفاية القنوع والهداية، وقاضي زاده، وغيرها. ثم اتصل بالعلامة الشيخ أحمد العريان، الذي أحبه واعتنى به، وزوجه إحدى بناته، وبشَّره بالسيادة، وبأنه سيصبح شيخًا للجامع الأزهر، وتحققت هذه البشارة بعد وفاته. وجدَّ الشيخ العروسي في تحصيل العلم حتى احتلَّ الصدارة بين علماء عصره، وصار من كبار علماء الشافعية في وقته.أخــلاقــه:
كان الشيخ العروسي -رحمه الله- معروفًا بالإقدام والجرأة على الأمراء والحكام خاصة فيما يتصل بأمور الناس والصالح العام، وكان مع ذلك رقيق الطبع، هادئًا، مهذبًا، لطيفًا، متواضعًا، كثير الرفق بالناس، وكان قوَّالا للحق مُلتزمًا به، وأصبحت له منزلة عظيمة بعلمه وتسامحه وتقواه، وكان كثيرًا ما يتدخل لتصفية الخلافات بين المتنازعين، وكان الأمراء يستشيرونه ويستفتونه في أمورهم، وكان لا يتردد في نصيحتهم، ولومهم أحيانًا. قال الجبرتي في وصفه: «رقيق الطباع، مليح الأوضاع، لطيفًا مهذبًا، إذا تحدَّث نفث الدر، وإذا الفتنة اشتعلت لقيت من لطفه ما ينعش ويسر»(2) . وقد كان يعطف على الطلبة، لدرجة جعلت الجبرتي يقول: ولم تزل كؤوس فضله مجلوة حتى ورد موارد الموات.مــنـزلـتـه:
كانت عائلة الشيخ العروسي -رحمه الله- ذات شهرة واسعة، ونفوذ قوي، ومكانة رفيعة، وكان رجالها من أهل الحلِّ والعقد في البلاد. وقد تبوأ الإمام العروسي -رحمه الله- منزلة سامية بعلمه وصلاحه وتقواه وتسامحه وانتصاره للحق، كانت شفاعته مقبولة لدى الحكام، وكان كثيرًا ما يتدخل لتصفية ما ينشب بينهم من نزاع، فقد توسط في الصلح مع بعض العلماء بين الأميرين إبراهيم بك، ومراد بك، وكان الأمراء يستشيرونه ويستفتونه في المُلِمَّات. ومما يدل على حب الناس له أنه لما أراد (إبراهيم بك) أن يولي (الشيخ عبد الرحمن العريشي) مشيخة الأزهر ثار العلماء واعتصموا بمسجد الإمام الشافعي، والتف حولهم الناس، وطالبوا أن يكون الشيخ العروسي -رحمه الله- هو شيخ الأزهر، فنزل على رغبتهم، ولما عاد (الشيخ محمد المصيلحي الشافعي) من الحجاز أغراه أعوانه أن يطلب المشيخة لنفسه، فهو أحق بها، وسايرهم واقتحم المدرسة الصلاحية ودرَّس بها -وكانت وقفًا على شيخ الأزهر- فثار عليه العلماء، ولكن الشيخ العروسي هدَّأَ من ثورتهم، وترك الشيخ المصيلحي يدرس بها احترامًا لعلمه، ومنعًا للفتنة. كان الشيخ العروسي قوالا للحق، لا يحب الجدال العقيم، وكانت شفاعته مقبولة لدى الحكام، وكان الأمراء يستشيرونه ويستفتونه في مسائلهم، ورفض أن تأتي جنود من خارج مصر لحفظ الأمن، وبيَّن للوالي (إسماعيل بك) خطر ذلك، فعمل بنصيحته وطالب بزيادة أرزاق الجند المصريين فقاموا بواجبهم، ولما طغى (أحمد أغا) الوالي على أهل الحسينية لجأ إليه الناس، فقام معهم وأقنع (إسماعيل بك) بعزله اتقاء للفتنة فعزله. وللشيخ الإمام مواقف مشهودة ضد الأمراء في الدفاع عن الشعب، كان يجابههم فيها بقوة وحزم، دون أن يخشى في الله لومة لائم. ولما اشتد الغلاء وضج الناس بالشكوى، ذهب إلى (الوالي حسن باشا) واتفق معه على وضع (تسعيرة للخبز واللحم والسمن) وخرج المحتسب ليعلن في الأسواق السياسة التموينية الجديدة، ويهدد من يخرج عليها، فزالت الغمة.مــؤلـفـاتــه:
_ قال الجبرتي عن الإمام العروسي «لم يشتغل بالتأليف إلا قليلا لاشتغاله بالتدريس»(3) .
- شرح نظم التنوير في إسقاط التدبير للشيخ الملوي (في التصوف).
- حاشية على الملوي على السمرقندية (في البلاغة).ولايته للمشيخة:
تولى مشيخة الأزهر الشريف بعد وفاة الشيخ الإمام الدمنهوري - رحمه الله – سنة 1192هـ وظل شيخا للأزهر حتى وفاته.وفــاتـــه:
وقد لقي الشيخ الإمام العروسي -رحمه الله- ربَّه في الحادي والعشرين من شهر شعبان، سنة 1218هـ، ودفن بمدفن صهره الصوفي الورع الشيخ العريان.مصادر ترجمته:
- الأزهر خلال ألف عام، محمد عبد المنعم خفاجي 2/349- 351.
- الأزهر في اثني عشر عامًا، نشر إدارة الأزهر.
- الأعلام للزركلي 1/262.
- شيوخ الأزهر، تأليف: أشرف فوزي.
- عجائب الآثار للجبرتي، نشر لجنة البيان العربي.
- كنز الجوهر في تاريخ الأزهر، تأليف: سليمان رصد الحنفي الزياتي.
- مشيخة الأزهر منذ إنشائها حتى الآن، تأليف علي عبد العظيم.
---------------------
(1)وهو عمل المعيد بالنسبة للأستاذ الآن في الجامعة.
(2)عجائب الآثار 4/247.
(3)عجائب الآثار 4/247.
========================================================================
الإمام الثانى عشر
الإمام عبد الله الشرقاوي
ولد الإمام عبد الله الشرقاوي -رحمه الله- في قرية الطويلة، من ضواحي بلبيس، بالقرب من قرية القرين في محافظة الشرقية سنة 1150هـ.نــسبـتــه:
نسب إلى الشرقية.نشأته ومراحل تعليمه:
حفظ في طفولته القرآن الكريم في (القرين) حيث نشأ بها، وتطلع إلى المعرفة فشد رحاله إلى الجامع الأزهر حيث درس على كثير من أعلام علمائه، مثل: الشهاب الملوي، والشهاب الجوهري، والعلامة الشيخ علي الصعيدي، والشيخ الإمام الحفني، والشيخ الإمام الدمنهوري. ومال بفطرته الطبيعية إلى التصوف، فتلقن مبادئ الطريقة الخلوتية على الإمام الشيخ الحفني، ثم اتصل بالصوفي الشهير العارف بالله الشيخ محمود الكردي ولازمه، فرباه وأرشده، وقطع به مدارج الطريق، ولقَّنه أسراره فأصبح في مقدمة المريدين وطليعتهم. وقد تقلبت به الأحوال فتجرع مرارة الفقر كما ذاق حلاوة اليسر، وعاش في ظلال الخمول والنسيان، كما عاش في أضواء الجاه والسلطان، فاستفاد خبرة وتجربة ضمها إلى ما استفاده من علم وعرفان إلى ما أحرزه من مجاهدة روحية في مجال السلوك الصوفي، فصقلته التجارب وهذَّبته المعارف، وزكَّته النفحات، وبهذا نال الصدارة في دنياه، وفاز بالزلفى إلى الله في أخراه.تـــلامــيـذه:
من العلماء الذين تعلموا على يد الإمام الشرقاوي -رحمه الله- الفقيه النبيه الشيخ حسين بن الكاشف، الذي جذبه الإمام الشرقاوي إليه، فانخلع من الإمارة والقيادة العسكرية، ولازم الشيخ وتفقَّه على يديه. ومنهم العلامة الشهير إبراهيم البجيري الذي تخصص عليه في علم مصطلح الحديث. ومن ألمعهم العلامة العمدة الشيخ محمد الدواخلي الذي لازم الشيخ الإمام في فقه مذهبه وغيره من المعقولات ملازمة كلية، وانتسب له، وصار من أخص تلاميذه.أخـــلاقـــه:
كان الشيخ الإمام عبد الله الشرقاوي -رحمه الله- متسامحًا متساهلا، وقد خاض في حياته أحداثًا جسامًا، كان يلقاها بالمرونة والحكمة، وقد أعانته نزعته الصوفية على الرفق والتؤدة والتسامح، على الرغم مما قاساه من خصومة وعداء.مـــنزلــتــه:
كان الشيخ عبد الله الشرقاوي -رحمه الله- شيخ علماء الشافعية ومفتيهم في عصره، وتنوع مؤلفاته في العلوم دليل على سعة علمه وفضله في الفقه والحديث والعقائد، وكما كان للشيخ رأي مسموع في الشؤون الدينية، كان له أيضًا رأي مسموع في الشؤون السياسية، فقد عاصر الشيخ -رحمه الله- الحملة الفرنسية على مصر، وقاد الشعب من أجل مقاومتها حينًا، ومن أجل التخفيف من شدة وطأتها على الشعب حينًا آخر، وطار صيته في كل مكان، وكتب عنه الأوربيون فصولا طوالا، وذهب كل من كتب عنه مذهبًا يتفق ومدى فهمه للأحداث الجسام التي وقعت في هذه الفترة القصيرة الحافلة في تاريخ الوطن.مـؤلـفــاتــه:
- التحفة البهية في طبقات الشافعية، ضمَّنه تراجم الشافعية حتى سنة 1212هـ، ورتَّبه على حروف المعجم، وتوجد منه نسخة خطية بدار الكتب المصرية.
- العقائد المشرقية في علم التوحيد.
- الجواهر السنية في شرح العقائد المشرقية -السابق ذكره- وتوجد منه نسخة خطية بدار الكتب المصرية.
- حاشية الشرقاوي على كتاب التحرير، للشيخ زكريا الأنصاري.
- حاشية على شرح الهدهدي على أم البراهين، المسماة بالصغرى لأبي عبد الله بن يوسف السنوسي، توجد منه نسخة خطية بدار الكتب المصرية.
- شرح حكم ابن عطاء الله السكندري، منه نسخة خطية بدار الكتب المصرية.
- ثبت الشرقاوي، ذكر فيه أسانيد شيوخه في التفسير، والحديث، والفقه، وفي الأحزاب والأوراد، توجد منه أربع نسخ خطية بدار الكتب.
- مختصر الشمائل وشرح المختصر، كلاهما من تأليفه.
- رسالة في (لا إله إلا الله).
- رسالة في مسألة أصولية في جمع الجوامع (أصول فقه).
- شرح رسالة عبد الفتاح العادلي في العقائد.
- شرح مختصر في العقائد والفقه والتصوف، مشهور في بلاد داغستان.
- شرح الحكم والوصايا الكردية في التصوف.
- شرح ورد السَّحر للبكري.
- مختصر مغني اللبيب لابن هشام في النحو والإعراب.
- فتح المبدي شرح مختصر الزبيدي في الحديث، طبعت منتخبات منه ومن شرح الشيخ الغزي على هامش كتاب التجريد الصريح لأحاديث الجامع الصحيح للبخاري.
- تحفة الناظرين فيمن ولي مصر من الولاة والسلاطين، مطبوع على هامش كتاب (لطائف الأول فيمن تصرف في مصر من الدول). من هنا نرى غزارة علوم الإمام عبد الله الشرقاوي -رحمه الله- وتنوعها.ولايته للمشيخة:
لما مات الشيخ أحمد العروسي شيخ الأزهر عام 1208هـ، تولَّى الإمام الشرقاوي مشيخة الأزهر بعده، وكان من المرشحين معه لتولِّي هذا المنصب العلمي والديني الجليل الشيخ مصطفى العروسي، لكنها آلت إلى الشيخ الشرقاوي، وأسندت له، وتولاها وهو موضع ثقة الجميع.وفـــاتـــه:
لقي الشيخ الإمام عبد الله الشرقاوي -رحمه الله- ربه يوم الخميس، الثاني من شوال سنة 1127هـ، وذكر الجبرتي أنه لما مات الشيخ الشرقاوي صلى عليه بالأزهر جمع كثير، ودُفِنَ في مدفنه الذي بناه لنفسه، فقد كان الشيخ الإمام عبد الله الشرقاوي -رحمه الله- ناظرًا على وقف وقفته السيدة الخاتون (خوند طغاي الناصرية) بالصحراء للصوفية والقراء، وكان الفرنسيون دمَّروه، فأنشأ الشيخ به مسجدًا وبنى لنفسه إلى جواره قبرًا وعقد عليه قبة، وجعل تحتها مقصورة بداخلها تابوت عالٍ مربع وبنى بجانبه قصرًا ملاصقًا له^(1) . وإن الباشا -الوالي- أصدر فرمانًا بعمل مولد سنوي له، واحتفى الناس بهذا المولد، وأقاموا الموائد ومدوا الأسمطة، وحضره جمع كبير من الفقهاء والمشايخ والأعيان.مصادر ترجمته:
- الأزهر في اثني عشر عامًا، نشر إدارة الأزهر.
- الأزهر خلال ألف عام، للدكتور محمد عبد المنعم خفاجي 2/322-324.
- الأعلام للزركلي 4/78.
- شيوخ الأزهر، تأليف: أشرف فوزي.
- عجائب الآثار للجبرتي، نشر لجنة البيان العربي.
- كنز الجوهر في تاريخ الأزهر، تأليف: سليمان رصد الحنفي الزياتي.
- مشيخة الأزهر منذ إنشائها حتى الآن، تأليف: علي عبد العظيم 1/155-186.
----------------------
(1)عجائب الآثار 7/194.
الإمام الثالث عشر
الإمام محمد الشنواني
محمد بن علي بن منصور الشنواني الشافعي.
الميلاد والنِّسْبَة:
ولد الشيخ محمد الشنواني -رحمه الله- في قرية شنوان الغرف، محافظة المنوفية، وإليها نُسِبَ(1) .نشأته ومراحل تعليمه:
تتلمذ على كثيرين من أعلام عصره، وهم المشايخ: فارس، والصعيدي، والدردير، والفرماوي، وتفقَّه على الشيخ عيسى البراوي، ولازم دروسه وقرأ على يديه، وقد أجازه الشيخ بعد أن أعطاه جُلَّ ما عنده، واطمأن لعلمه؛ لأن الشيخ الشنواني -رحمه الله- كان ذكيًّا فطنًا جيد الحفظ، فأولاه أستاذه عنايته، واختصه بنفسه لاجتهاده وأدبه.أخــلاقــه:
عُرِفَ الشيخ -رحمه الله- بالسماحة، وشدة الحياء، والتواضع، ومن تواضعه أنه كان لا يحب التزاحم على المظاهر الدنيوية، فلم ينافس غيره في التدريس بالأزهر وإنما قنع بإلقاء دروسه بالجامع المعروف بالفكهاني بالعقادين، بالقرب من داره في (خوشقدم) فأقبل عليه الطلبة، وانتفعوا بآرائه وتوجيهاته، كما انتفعوا بأخلاقه وآدابه. ويحدثنا الجبرتي عن أخلاقه، فيقول: «كان مهذب النفس مع التواضع، والانكسار، والبشاشة لكل أحد من الناس ويشمر ثيابه ويخدم بنفسه ويكنس الجامع ويسرج القناديل».مــنزلـــتـه:
كان الشيخ الشنواني -رحمه الله- مع تواضعه وزهده وعزوفه عن الاتصال بالحكَّام لا يتردد في إبداء النصيحة لهم، وفي الشفاعة عندهم، وكان الشيخ -رحمه الله- من قادة الشعب، وشارك -رحمه الله- في مقاومة الحملة الفرنسية، وقد حاول الوالي أن يستولي على كل أراضي الدولة وأن يتخذ العلماء مطية حيث أفهمهم أنه سيترك أراضيهم لهم يزرعونها بمعرفتهم ويستغلونها، فتصدَّى له الإمام الشنواني وطالبه بالإفراج عن الأوقاف المحبوسة للطلبة فوافقه، ثم طالبه بإلغاء أمر الاستيلاء على بقية الأراضي فرفض. ويحدثنا الجبرتي عن منزلته العلمية، فيقول عنه: «شيخ الإسلام، وعمدة الأنام، الفقيه العلامة، والنحرير الفهامة... من أهل الطبقة الثانية، الفقيه، النحوي، المعقولي»(2) .مــؤلـفاتــه:
- حاشية على شرح الجوهرة (جوهرة التوحيد)، وهي منظومة في علم التوحيد، نظمها الشيخ إبراهيم اللقاني، وشرحها ابنه الشيخ عبد السلام في كتابه (إرشاد المريد).
- الجواهر السنية بمولد خير البرية، وهي تقييدات جمعها المؤلف من بعض كتب مشايخه وغيرهم على مولد المدابغي، توجد منه نسخة خطية بدار الكتب المصرية.
- حاشية الشنواني على مختصر البخاري لابن أبي جمرة، توجد منه نسخة خطية بدار الكتب المصرية.
- ثبت الشنواني (إجازة أجاز بها تلميذه المبلط)، قال فيها: «لازمني مدة مديدة، وسنين عديدة حضورًا وسماعًا وبحثًا... حتى غزر علمه... ثم التمس مني الإجازة وكتابة السند، فأجبته بذلك بشرط ألا يترك الإفادة»، توجد منه نسخة خطية بدار الكتب المصرية.
- حاشية على السمرقندية (في علوم البلاغة).
- حاشية على العضدية (في آداب البحث).ولايـتـه للــمــشيخـــة:
لما توفي الشيخ الشرقاوي -رحمه الله- توجَّهت الأنظار إلى الشيخ الشنواني، فتغيَّب عن بيته واختفى عن العيون، ولكن الباشا أمر القاضي أن يجمع المشايخ عنده ويتفقوا على شخص يكون خاليًا من الأغراض، فأرسل القاضي إليهم فحضرت جمهرتهم، فسأل القاضي: هل بقي أحد لم يحضر؟ فقالوا: لم يتأخر عن الحضور إلا ابن العروسي والهيثمي، والشنواني، فأرسل إليهم فحضر ابن العروسي، والهيثمي، فقال القاضي: وأين الشنواني؟ لا بد من حضوره، وأرسل إليه رسولا فذهب إلى بيته وعاد، فقال: إنه غائب عن داره منذ ثلاثة أيام، وقد ترك لكم رسالة جئت بها إليكم، ففتح القاضي الرسالة وقرأها جهرًا على جمهرة العلماء وهي: بسم الله الرحمن الرحيم، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم، إِنَّنا نزلنا عن المشيخة للشيخ بدوي الهيثمي، فعند ذلك قام الحاضرون وضجَّ المشايخ، فقال بعضهم: إنه لم تثبت له المشيخة حتى ينزل عنها لغيره، وقال بعضهم: لا يكون شيخًا إلا من يدرس العلوم في الأزهر ويفيد الطلبة. فتدخل القاضي ليُنهِي هذه المعركة، فهدأ من روعهم، وسألهم القاضي: من الذي ترضونه؟ قالوا: نرضى الشيخ المهدي، ووافق الجميع، وقاموا وصافحوه وقرأوا الفاتحة، وكتب القاضي بهذا الأمر قرارًا أرسله إلى والي مصر (محمد علي باشا)، وانفضَّ الجميع، وركب الشيخ المهدي إلى بيته في موكب كبير وحوله وخلفه المشايخ وطوائف الطلبة، وأقبل الناس على بيته للتهنئة، وانتظر الجميع موافقة الوالي على هذا القرار. ولكن محمد علي رفض تعيين الشيخ المهدي؛ لأنه صاحب تاريخ حافل في الزعامة ورفض الضيم، فمحمد علي لا يقبل شيخًا يتدخل في شؤون الحكم ويقود العلماء والطلبة في مقاومة المظالم كما كان كبار مشايخ الأزهر يفعلون، ولهذا اشترط في شيخ الأزهر -كما قلنا- أن يكون خاليًا عن الأغراض، وهو لم ينس أن مشايخ الأزهر هم الذي عزلوا الوالي السابق، وهم الذين عينوه، فاضطر الباب العالي إلى النزول إلى مشيئتهم، ومن يملك العزل والولاية يكون خطرًا على باب دولته التي بدأ في تكوينها. لذا فقد أرسل محمد علي باشا جنوده في طلب الشيخ الشنواني، فجدُّوا في البحث عنه حتى عُثِرَ عليه في المكان الذي اختفى فيه بمصر القديمة، فأخبروه بطلب الوالي له، فذهب معهم. ثم أرسل محمد علي إلى المشايخ بالحضور إلى مقره بالقلعة، فلمَّا حضروا وجدوا الوالي وعنده الشيخ الشنواني، فأعلن محمد علي الشيخ الشنواني شيخًا للجامع الأزهر، ولم يعترض الشيوخ على جعل الشيخ الشنواني شيخًا على الأزهر. ثم عاد الشيخ الشنواني إلى بيته في جَمْعٍ كبير وموكب رسمي عظيم، وكانت دار الشيخ صغيرة متواضعة لا تتسع لهذا الموكب ولوفود المهنئين، فأنزله السيد المحروقي في دار (بان الزليجي) بحارة خوشقدم، وأرسل إليه الطباخين والفراشين والأغنام والأرز والحطب والسمن والعسل والسكر والقهوة وأوقف عبيده وخدمه لخدمة القادمين، وازدحم الناس على الشيخ الشنواني -رحمه الله- مهنئين وأتوا أفواجًا، وكان ذلك في يوم الثلاثاء، الرابع عشر من شهر شوال سنة 1227هـ = 20 من أكتوبر سنة 1812م، ولما كان يوم الجمعة ذهب الشيخ الإمام إلى الجامع الأزهر، فصلى الجمعة، وازدحمت الجماهير عليه مهنئين له(3) .ولم يترك الشيخ -رحمه الله- مكانه في الدرس بعد تولي المشيخة، وكان متبحِّرًا في علوم اللغة، كما كان مُولعًا بعلم الكلام والرياضيات.وفــاتــه:
كان الشيخ الإمام الشنواني -رحمه الله- متواضعًا في حياته وفي شؤون معاشه، وأقبلت عليه الدنيا فلم يهنأ بها، فقد اعترته الأمراض إلى أن توفي يوم الأربعاء رابع عشر من المحرم سنة 1233هـ = 23 نوفمبر سنة 1817م، وصُلِّي عليه بالأزهر في مشهد عظيم، ودُفِنَ بتربة المجاورين(4) .مصادر ترجمته:
- الأزهر في اثنى عشر عامًا، نشر إدارة الأزهر.
- الأزهر خلال ألف عام، محمد عبد المنعم خفاجي 2/355، 356.
- شيوخ الأزهر، تأليف: أشرف فوزي 2/21- 24.
- عجائب الآثار للجبرتي، نشر لجنة البيان العربي.
- كنز الجوهر في تاريخ الأزهر، تأليف: سليمان رصد الحنفي الزياتي. ص (135- 173).
- مشيخة الأزهر منذ إنشائها حتى الآن، تأليف علي عبد العظيم 1/189-193.
----------------------------
(1)عجائب الآثار 7/429، الأعلام للزركلي 6/297.
(2)عجائب الآثار 7/197، ويقصد بقوله المعقولي: أنه درس علوم المنطق والجدل والفلسفة والميقات والحساب وما إليها من العلوم التي يطلقون عليها علوم المعقول، أما علوم المنقول فهي: الفقه، والتفسير، والحديث ... وعلوم اللغة.
(3)عجائب الآثار 7/197، 198.
(4)عجائب الآثار 7/439.
الإمام الرابع عشر
الإمام محمد العروسي
محمد ابن الإمام أحمد بن موسى بن داود العروسي.
نشأته ومراحل تعليمه
تلقى
الشيخ محمد العروسي -رحمه الله- العلم على يد والده، وظهرت نجابته، فلمَّا
توفي والده حلَّ محلَّه في التدريس لطلبته، وكان شغوفًا بالدرس، فكان
يواصل التدريس لطلبته من الصباح إلى المساء(1) ، ولعل هذا هو الذي شغله عن
التأليف، وكان يمتاز بالمرونة واللباقة.مؤلفاته:
اشتغل الشيخ العروسي -رحمه الله- بالدرس، فكان يقضي وقته من الصباح للمساء في التدريس لا يقوم إلا إلى الصلاة، وهذا ما عوَّقه عن التأليف الذي يحتاج إلى وقت.ولايته للمشيخة:
تولَّى الشيخ الإمام محمد العروسي -رحمه الله- مشيخة الأزهر سنة 1233هـ. وهو أول شيخ للأزهر وُلِّيَ أبوه مشيخة الأزهر من قبله، ويفصله عن مشيخة أبيه شيخان، هما: الشيخ الشرقاوي، والشيخ الشنواني، وكان الشيخ محمد العروسي -رحمه الله- من المزاحمين للشيخ الشنواني في ولاية المشيخة، لولا أن محمد علي باشا آثر عليه الشيخ الشنواني لما عرفه عنه من تواضعه وانصرافه عن مظاهر السلطة، وكان محمد علي باشا قد ضاق بتدخل الشيخ الشرقاوي، وعمر مكرم في شؤون الحكم دفاعًا عن حقوق الشعب. ولما مات الشيخ الشنواني انعقد الإجماع على إمامة الشيخ محمد بن أحمد العروسي؛ لأنه لم يكن له منافس في التطلع إلى المشيخة، فتقلدها «من غير منازع وبإجماع أهل الوقت، ولبس الخلع من بيوت الأعيان، مثل البكري والسادات» كما ذكره الجبرتي في تاريخه(2) . وحدثت في عهده فتنة حول أكل ذبائح أهل الكتاب، وهي أن الشيخ إبراهيم المالكي الشهير بإبراهيم باشا قرأ في درس الفقه (إن ذبائح أهل الكتاب في حكم الميتة لا يجوز أكلها) وسمع فقهاء الثغر بذلك فأنكروه وناقشوه، فقال: إني أخذت ذلك عن الشيخ عليًّا الميلي المغربي، وهو عالم جليل ورع، فأرسلوا إليه فبعث برسالة مفصلة ساق فيها الأسانيد على رأيه، واستند هو أيضًا لرأي الشيخ الطرطوشي في المنع وعدم الحل، وأمر الوالي بجمع العلماء والنظر في هذه المسألة الخطيرة. فأحضر العلماء، وتقدم الشيخ العروسي بلباقته وحسن تأنيه، فقال: الشيخ علي الميلي رجل من العلماء، تلقى عن مشايخنا ومشايخهم (أي: مشايخ المغاربة) لا ينكر علمه، وهو منعزل عن خلطة الناس، ولأنه حاد المزاج (يريد أن يعتذر بهذا عن طعنه في العلماء المعاصرين) والأولى أن نجتمع به ونتذاكر في غير مجلسكم، وننهي بعد ذلك الأمر إليكم. فاجتمعوا في اليوم الثاني، وأرسلوا إلى الشيخ علي لمناظرته فأبى الحضور، وقال: إنه لا يحضر مع الغوغاء، ولكنه يقبل الحضور في مجلس خاص، يحضره الشيخ حسن القويسني، والشيخ حسن العطار فقط؛ لأن ابن الأمير يشن عليه الغارة. فتغير ابن الأمير وأرعد وأبرق، وثار العلماء الحاضرون وأمروا الأغا بالذهاب إلى بيت الشيخ علي وإحضاره قهرًا عنه، فذهب الأغا إليه فوجده قد اختفى، فأخرج زوجته وأهله من بيته وأغلقه، وكتب العلماء رسالة إلى الوالي ذكروا فيها أن الشيخ علي مخالف للحق، وأن إباءه حضور مجلس العلماء، ثم هربه يؤيدان أنه على الباطل، ولو كان مُحقًّا ما اختفى ولا هرب، وفوضوا إلى الوالي التصرف في شأنه وشأن الشيخ إبراهيم باشا الإسكندري، فأصدر الباشا قرارًا بنفي الشيخ إبراهيم إلى بني غازي، أما الشيخ علي فظل مختفيًا. وفـــاتــه:
توفي الشيخ الإمام محمد العروسي -رحمه الله- سنة 1245هـ.مصادر ترجمته:
- الأزهر في اثني عشر عامًا، نشر إدارة الأزهر.
- شيوخ الأزهر، تأليف: أشرف فوزي.
- عجائب الآثار للجبرتي، نشر لجنة البيان العربي.
- كنز الجوهر في تاريخ الأزهر، تأليف: سليمان رصد الحنفي الزياتي.
- مشيخة الأزهر منذ إنشائها حتى الآن، تأليف علي عبد العظيم.
----------------------لإمام الخامس عشر
الإمام أحمد الدمهوجي
الإمام السادس عشر
الإمام حسن العطار
اشتغل الشيخ العروسي -رحمه الله- بالدرس، فكان يقضي وقته من الصباح للمساء في التدريس لا يقوم إلا إلى الصلاة، وهذا ما عوَّقه عن التأليف الذي يحتاج إلى وقت.ولايته للمشيخة:
تولَّى الشيخ الإمام محمد العروسي -رحمه الله- مشيخة الأزهر سنة 1233هـ. وهو أول شيخ للأزهر وُلِّيَ أبوه مشيخة الأزهر من قبله، ويفصله عن مشيخة أبيه شيخان، هما: الشيخ الشرقاوي، والشيخ الشنواني، وكان الشيخ محمد العروسي -رحمه الله- من المزاحمين للشيخ الشنواني في ولاية المشيخة، لولا أن محمد علي باشا آثر عليه الشيخ الشنواني لما عرفه عنه من تواضعه وانصرافه عن مظاهر السلطة، وكان محمد علي باشا قد ضاق بتدخل الشيخ الشرقاوي، وعمر مكرم في شؤون الحكم دفاعًا عن حقوق الشعب. ولما مات الشيخ الشنواني انعقد الإجماع على إمامة الشيخ محمد بن أحمد العروسي؛ لأنه لم يكن له منافس في التطلع إلى المشيخة، فتقلدها «من غير منازع وبإجماع أهل الوقت، ولبس الخلع من بيوت الأعيان، مثل البكري والسادات» كما ذكره الجبرتي في تاريخه(2) . وحدثت في عهده فتنة حول أكل ذبائح أهل الكتاب، وهي أن الشيخ إبراهيم المالكي الشهير بإبراهيم باشا قرأ في درس الفقه (إن ذبائح أهل الكتاب في حكم الميتة لا يجوز أكلها) وسمع فقهاء الثغر بذلك فأنكروه وناقشوه، فقال: إني أخذت ذلك عن الشيخ عليًّا الميلي المغربي، وهو عالم جليل ورع، فأرسلوا إليه فبعث برسالة مفصلة ساق فيها الأسانيد على رأيه، واستند هو أيضًا لرأي الشيخ الطرطوشي في المنع وعدم الحل، وأمر الوالي بجمع العلماء والنظر في هذه المسألة الخطيرة. فأحضر العلماء، وتقدم الشيخ العروسي بلباقته وحسن تأنيه، فقال: الشيخ علي الميلي رجل من العلماء، تلقى عن مشايخنا ومشايخهم (أي: مشايخ المغاربة) لا ينكر علمه، وهو منعزل عن خلطة الناس، ولأنه حاد المزاج (يريد أن يعتذر بهذا عن طعنه في العلماء المعاصرين) والأولى أن نجتمع به ونتذاكر في غير مجلسكم، وننهي بعد ذلك الأمر إليكم. فاجتمعوا في اليوم الثاني، وأرسلوا إلى الشيخ علي لمناظرته فأبى الحضور، وقال: إنه لا يحضر مع الغوغاء، ولكنه يقبل الحضور في مجلس خاص، يحضره الشيخ حسن القويسني، والشيخ حسن العطار فقط؛ لأن ابن الأمير يشن عليه الغارة. فتغير ابن الأمير وأرعد وأبرق، وثار العلماء الحاضرون وأمروا الأغا بالذهاب إلى بيت الشيخ علي وإحضاره قهرًا عنه، فذهب الأغا إليه فوجده قد اختفى، فأخرج زوجته وأهله من بيته وأغلقه، وكتب العلماء رسالة إلى الوالي ذكروا فيها أن الشيخ علي مخالف للحق، وأن إباءه حضور مجلس العلماء، ثم هربه يؤيدان أنه على الباطل، ولو كان مُحقًّا ما اختفى ولا هرب، وفوضوا إلى الوالي التصرف في شأنه وشأن الشيخ إبراهيم باشا الإسكندري، فأصدر الباشا قرارًا بنفي الشيخ إبراهيم إلى بني غازي، أما الشيخ علي فظل مختفيًا. وفـــاتــه:
توفي الشيخ الإمام محمد العروسي -رحمه الله- سنة 1245هـ.مصادر ترجمته:
- الأزهر في اثني عشر عامًا، نشر إدارة الأزهر.
- شيوخ الأزهر، تأليف: أشرف فوزي.
- عجائب الآثار للجبرتي، نشر لجنة البيان العربي.
- كنز الجوهر في تاريخ الأزهر، تأليف: سليمان رصد الحنفي الزياتي.
- مشيخة الأزهر منذ إنشائها حتى الآن، تأليف علي عبد العظيم.
----------------------لإمام الخامس عشر
الإمام أحمد الدمهوجي
أحمد زين علي بن أحمد الدمهوجي الشافعي.
الميلاد والإقامة:
ولد بالقاهرة سنة 1170هـ، وقيل سنة 1176هـ. كانت داره برقعة القمح، وراء رواق الصعايدة، بجوار الأزهر، وهناك عطفة تعرف بعطفة الدمهوجي.نسبته:
يعود نسب الشيخ الدمهوجي -رحمه الله- إلى قرية (دمهوج) بمحافظة المنوفية، بالقرب من بنها، وهي القرية التي يرجع إليها أصل عائلته وإقامتهم فيها قبل انتقالهم إلى القاهرة، لذلك انتسب إليها، برغم أن ولادته كانت في القاهرة.نشأته ومراحل تعليمه:
تلقى الشيخ الدمهوجي -رحمه الله- العلوم الأزهرية على أيدي علماء الأزهر وشيوخه، وأثبت في تحصيل العلوم درجة عالية، وشغفًا عظيمًا، فقد كان ذكاؤه باهرًا.أخلاقه:
كان الشيخ الدمهوجي -رحمه الله- حسن الصورة، هادئ الطبع، زاهدًا، منقطعًا للعبادة والتدريس وتحصيل العلم.منزلته:
جاء في كتاب (حلية البشر في تاريخ القرن الثالث عشر) وصفًا للشيخ الدمهوجي، أنه: «الفاضل الجهبذ الهمام، والعاقل العالم الإمام، من استوى على عرش العلوم، وثوى على مهاد المنطوق منها والمفهوم، فهو الفرد الكامل المستجمع لفرائد الفضائل، قد حضر دروس علماء عصره، وفاق حتى انفرد في مصره، وشهد له العموم بأنه بكمال الفضل موسوم، وأذن له شيوخه ذوو المقام المنيف بالتدريس والإفتاء والتأليف، وانتشر في الأقطار ذكره وسما في الأمصار قدره، ولم تزل سيرته حسنى إلى أن دعي إلى المحل الأسنى، وذلك في رمضان سنة ألف ومائتين وست وأربعين»(1) . ولم يأخذ الشيخ حقَّهُ من الشُّهْرَةِ والذُّيوع رغم تلاميذه الكثيرين؛ لانقطاعه للعبادة، وحبه في عدم الظهور وإلقاء الضوء على شخصه. ولا يعرف عن حياته إلا القليل، ولعل هذا يرجع إلى زُهده وتواضعه وبُعده عن مظاهر الحياة ومشاغلها، وانقطاعه الكامل للدراسة والتدريس بالأزهر، فإذا فرغ من دروسه أقبل على الصلاة والعبادة بمسجد الأزهر، وهكذا عاش -رحمه الله- متفرغًا للتدريس والدراسة والعبادة لله.ولايته للمشيخة:
بعد وفاة الشيخ العروسي -رحمه الله- ظل منصب مشيخة الأزهر خاليًا إلى أن جاء قرار الوالي -بعد إجماع العلماء- بتكليف الشيخ الدمهوجي لتحمل أعباء هذا المنصب، وعُيِّن الشيخان المهدي والأمير وكيلين للشيخ الدمهوجي نظرًا لكبر سنه، واحتياجه لمن يساعده في القيام بمهام هذا المنصب. وقد تولَّى الشيخ الدمهوجي -رحمه الله- مشيخة الأزهر فترة قصيرة جدًّا وهي ستة شهور فقط، حتى توفاه الله.وفــاتــه:
توفي الشيخ الدمهوجي -رحمه الله.- بعد أن بلغ سبعين سنة، فتوفي ليلة الأضحى سنة 1246هـ = 21 مايو سنة 1831م.مصادر ترجمته:
- الأزهر في اثني عشر عامًا، نشر إدارة الأزهر.
- حلية البشر في تاريخ القرن الثالث عشر، لعبد الرزاق البيطار.
- شيوخ الأزهر، تأليف: أشرف فوزي.
- عجائب الآثار للجبرتي، نشر لجنة البيان العربي.
- كنز الجوهر في تاريخ الأزهر، تأليف: سليمان رصد الحنفي الزياتي.
- مشيخة الأزهر منذ إنشائها حتى الآن، تأليف علي عبد العظيم.
----------------------------------
(1)ينظر: حلية البشر في تاريخ القرن الثالث عشر، لعبد الرزاق البيطار.
==================================================================الميلاد والإقامة:
ولد بالقاهرة سنة 1170هـ، وقيل سنة 1176هـ. كانت داره برقعة القمح، وراء رواق الصعايدة، بجوار الأزهر، وهناك عطفة تعرف بعطفة الدمهوجي.نسبته:
يعود نسب الشيخ الدمهوجي -رحمه الله- إلى قرية (دمهوج) بمحافظة المنوفية، بالقرب من بنها، وهي القرية التي يرجع إليها أصل عائلته وإقامتهم فيها قبل انتقالهم إلى القاهرة، لذلك انتسب إليها، برغم أن ولادته كانت في القاهرة.نشأته ومراحل تعليمه:
تلقى الشيخ الدمهوجي -رحمه الله- العلوم الأزهرية على أيدي علماء الأزهر وشيوخه، وأثبت في تحصيل العلوم درجة عالية، وشغفًا عظيمًا، فقد كان ذكاؤه باهرًا.أخلاقه:
كان الشيخ الدمهوجي -رحمه الله- حسن الصورة، هادئ الطبع، زاهدًا، منقطعًا للعبادة والتدريس وتحصيل العلم.منزلته:
جاء في كتاب (حلية البشر في تاريخ القرن الثالث عشر) وصفًا للشيخ الدمهوجي، أنه: «الفاضل الجهبذ الهمام، والعاقل العالم الإمام، من استوى على عرش العلوم، وثوى على مهاد المنطوق منها والمفهوم، فهو الفرد الكامل المستجمع لفرائد الفضائل، قد حضر دروس علماء عصره، وفاق حتى انفرد في مصره، وشهد له العموم بأنه بكمال الفضل موسوم، وأذن له شيوخه ذوو المقام المنيف بالتدريس والإفتاء والتأليف، وانتشر في الأقطار ذكره وسما في الأمصار قدره، ولم تزل سيرته حسنى إلى أن دعي إلى المحل الأسنى، وذلك في رمضان سنة ألف ومائتين وست وأربعين»(1) . ولم يأخذ الشيخ حقَّهُ من الشُّهْرَةِ والذُّيوع رغم تلاميذه الكثيرين؛ لانقطاعه للعبادة، وحبه في عدم الظهور وإلقاء الضوء على شخصه. ولا يعرف عن حياته إلا القليل، ولعل هذا يرجع إلى زُهده وتواضعه وبُعده عن مظاهر الحياة ومشاغلها، وانقطاعه الكامل للدراسة والتدريس بالأزهر، فإذا فرغ من دروسه أقبل على الصلاة والعبادة بمسجد الأزهر، وهكذا عاش -رحمه الله- متفرغًا للتدريس والدراسة والعبادة لله.ولايته للمشيخة:
بعد وفاة الشيخ العروسي -رحمه الله- ظل منصب مشيخة الأزهر خاليًا إلى أن جاء قرار الوالي -بعد إجماع العلماء- بتكليف الشيخ الدمهوجي لتحمل أعباء هذا المنصب، وعُيِّن الشيخان المهدي والأمير وكيلين للشيخ الدمهوجي نظرًا لكبر سنه، واحتياجه لمن يساعده في القيام بمهام هذا المنصب. وقد تولَّى الشيخ الدمهوجي -رحمه الله- مشيخة الأزهر فترة قصيرة جدًّا وهي ستة شهور فقط، حتى توفاه الله.وفــاتــه:
توفي الشيخ الدمهوجي -رحمه الله.- بعد أن بلغ سبعين سنة، فتوفي ليلة الأضحى سنة 1246هـ = 21 مايو سنة 1831م.مصادر ترجمته:
- الأزهر في اثني عشر عامًا، نشر إدارة الأزهر.
- حلية البشر في تاريخ القرن الثالث عشر، لعبد الرزاق البيطار.
- شيوخ الأزهر، تأليف: أشرف فوزي.
- عجائب الآثار للجبرتي، نشر لجنة البيان العربي.
- كنز الجوهر في تاريخ الأزهر، تأليف: سليمان رصد الحنفي الزياتي.
- مشيخة الأزهر منذ إنشائها حتى الآن، تأليف علي عبد العظيم.
----------------------------------
(1)ينظر: حلية البشر في تاريخ القرن الثالث عشر، لعبد الرزاق البيطار.
الإمام السادس عشر
الإمام حسن العطار
حسن بن محمد بن العطار.
الميلاد:
ولد في القاهرة سنة 1182هـ، وهو مغربي الأصل، وقد حدد تاريخ مولده بنفسه في منظومته النحوية، حيث ذكر أنه ألفها في يومين في شهر ذي القعدة سنة 1202هـ = 3 أغسطس سنة 1788م، وأن سِنَّه في هذا الحين كانت عشرين عامًا، وذلك حيث يقول:
وألف في يومين عام الذي له (غرب)(1) جاء تاريخًا بشهر أحد عشر
ومعذرة يا صاحبي لمؤلف له عشر أعوام وعشر من العمر
إلا أن بعض المصادر لم تتنبه لهذا النص، وذكر تاريخ مولده بأنه سنة 1180هـ، وبعضها ذكر أن مولده كان سنة 1190هـ.
نسبته:
كان والد الإمام الشيخ حسن العطار -رحمه الله- عطَّارًا، فنُسِبَ الإمام إلى مهنة أبيه، ولعل والده -رحمه الله- كان يُنْسبُ إليها أيضًا.نشأته ومراحل تعليمه:
نشأ في كنف والده الشيخ محمد كتن، وكان عطَّارًا فقيرًا مُلِمًّا ببعض العلوم وعلى ثقافة جيِّدة، فكان يستصحب ابنه معه إلى حانوته ويعلِّمه البيع والشراء ويرسله في قضاء حاجاته، ولكن الإمام الشيخ حسن العطار -رحمه الله- وهو ما زال طفلا كان حادَّ الذكاء مشغوفًا بالعلم، واسع الآمال، فكانت تأخذه الغيرة حين يرى أتْرَابه يترددون على الأزهر لحفظ القرآن الكريم وللدراسة، فكان يتردد خِفْيَة إلى الأزهر لحفظ القرآن الكريم حتى حفظه في مدة يسيرة، وعَلِمَ
أبوه بأمره، فأعانه على التعليم، فالتحق بالأزهر، وجدَّ في التحصيل على كبار المشايخ أمثال الشيخ الأمير، والشيخ الصبان، وغيرهما من كبار العلماء، فظهر
نبوغه وغزارة علمه وتنوع ثقافته في زمن قصير هيأه لتولي التدريس بالأزهر. ولم يقنع بالعلوم المألوفة في عصره، بل درس العلوم الهندسية، والرياضية، والفلكية، وتعمق في دراستها، قال عنه معاصره الشيخ شهاب الشاعر: «إنه كان آية في حِدَّة النظر وقوة الذكاء، وكان يزورنا ليلا في بعض الأحيان، فيتناول الكتاب الدقيق الخط الذي تعسر قراءته في وضح النهار، فيقرأ فيه على ضوء السراج، وربما استعار مني الكتاب في مجلدين فلا يلبث عنده إلا أسبوعًا أو أسبوعين ويعيده إِلَيَّ وقد استوفى قراءته وكتب في طُرَرِهِ على كثير من مواضعه»(2) . ويحدِّثُنا عنه تلميذه العلامة رفاعة الطهطاوي فيقول: «كانت له مشاركة في كثير من هذه العلوم -العلوم العصرية- حتى في العلوم الجغرافية، لقد وجدت بخطه هوامش جليلة على كتاب تقويم البلدان لإسماعيل أبي الفداء سلطان حماة... وله هوامش أيضًا وجدتها بأكثر التواريخ على طبقات الأطباء وغيرها، وكان يطلع دائمًا على الكتب المعربة من تواريخ وغيرها، وكان له ولوع شديد بسائر المعارف البشرية»(3) . وقد حمله شغفه بالمعارف والفنون على التطبيق العملي للمعارف التي تعلمها نظريًّا، فقد اشتغل بصناعة المزاول الليلية والنهارية، وأتقن الرصد الفلكي الأسطرلاب، وسجل هذا في مؤلفاته إلى جانب الطب والتشريح، وبهذا تعددت مواهبه وتنوعت مداركه حتى أصبح شبيهًا بالموسوعات العلمية التي تتناول جميع الفنون، وقد أعانته على ذلك رحلاته العديدة بالداخل والخارج واتصاله الوثيق بعلماء الحملة الفرنسية ومشاهدته التجارب العلمية التي باشرها هؤلاء العلماء. وقد جدَّ الشيخ العطار -رحمه الله- في تحصيل العلم، ووسع دائرة ثقافته العلمية حتى شملت المنقول والمعقول -كما يقول القدماء- وتصدَّر للتدريس في سن مبكرة، وبدأت الأنظار تتجه إليه. ولما داهمت الحملة الفرنسية مصر لم يطق البقاء بالقاهرة؛ ففر إلى أسيوط حيث وجد الأمن والحرية، وإن كان شوقه إلى القاهرة قد برح به، وما قاساه في الغُرْبَة قد أحزنه وأفزعه، هذا إلى ما كابده في سبيل كسب رزقه، وما قاساه من أهوال الطاعون الذي انتشر بأسيوط، فصرع الآلاف وأفزع الباقين. وقد عبَّر عن هذه الأحداث في مسهبة كتبها إلى صديقه المؤرخ الجبرتي قال فيها: «تلك شؤون طال بها العهد، وانجرَّ عليها ذيل الحوادث وامتد، وما كنت أوثر أن يمتد بي الزمن حتى أرى الأسفار تتلاعب بي كالكرة في ميدان البلدان... حصل لي القهر بخروجي من القاهرة واغبرَّ أخضر أيامي الزاهرة، وقد ألجأتني خطوب الاغتراب واضطرتني شؤون السفر الذي هو قطعة من العذاب إلى التقلُّب في قوالب الاكتساب، والتلبُّس بتلبيس الانتساب، وأخفي معالم المجيء والذهاب»(4) . ثم عاد إلى القاهرة بعد أن حصل الأمن، واتصل بناس من الفرنسيين، فكان يستفيد منهم الفنون المستعملة في بلادهم، ويفيدهم اللغة العربية(5 ) . وبهذا جمع الشيخ الإمام حسن العطار -رحمه الله- بين الثقافة الغربية والثقافة العربية الإسلامية، واستفاد من خبراته العديدة والأحداث المثيرة -التي أصابت وحلت بالبلاد- أعظم استفادة، ولا شيء يُكَوِّن الرجال مثل مقاساة الشدائد واحتمال النكبات ومصارعة الأهوال. ثم أضاف إلى هذا رحلاته العديدة إلى الخارج، فقد أتقن اللغة التركية، وألمَّ بالفرنسية، واختلط بكثير من العلماء النابهين من عرب وأتراك وفرنسيين، فزادت ثروته الثقافية نماء واتِّساعًا وعُمقًا. أما سبب رحلاته الخارجية فنرجح أنه راجع إلى طغيان الفرنسيين وجبروتهم وتنكيلهم بالشعب، بعد أن تعددت ثوراته ضدهم، فهاجر الشيخ الإمام إلى مكة للحج، ثم سافر منها إلى معان، ثم الخليل فالقدس بفلسطين، ورحل إلى الشام، فأقام بدمشق في المدرسة البدرية، ثم رحل إلى ألبانيا حيث استقر بمدينة أشكور مدة، وأخيرًا عاد إلى القاهرة بعد جلاء الفرنسيين عنها، فلفت إليه الأنظار لتنوع ثقافته وتعدد مواهبه، فقد كان متعمقًا في العلوم الدينية واللغوية، وكان عالما فلكيًّا ورياضيًّا، وكان إلى هذا أديبًا وشاعرًا معدودًا في طليعة الأدباء والشعراء في عصره، ولهذا عهد إليه بإنشاء جريدة الوقائع المصرية والإشراف على تحريرها، فكانت فرصة لإظهار آثاره النثرية وروائعه الشعرية، وكانت الوقائع المصرية منبرًا أعلن فوقه آراءه في الدعوة إلى التجديد في مناهج التربية والتعليم، وإلى مناداته بإدخال العلوم الحديثة، والعلوم المهجورة بالأزهر إلى مناهجه. فطالب بدراسة الفلسفة، والجغرافيا، والتاريخ، والأدب، والعلوم الطبيعية، كما طالب بالرجوع إلى أمهات الكتب العلمية، وعدم الاقتصار على المتون والحواشي المتأخرة، كما نادى بالإفادة من أئمة العلماء القدماء وعدم الاقتصار على العلماء المتأخرين القائمين بالتقليد والمحاكاة. هذه النصيحة الجادة المبكرة تلقفها بعد الشيخ الإمام تلميذه النجيب الشيخ محمد عياد الطنطاوي، وتلميذه العلامة رفاعة الطهطاوي، وما زال العلماء الأعلام يتلقفونها جيلا بعد جيل حتى آتت أكلها وأثمرت أينع الثمار في العصر الحديث، والفضل للرعيل الأول من زعماء العلماء الأعلام. وكان شعار الشيخ الإمام قوله: إن بلادنا لا بد أن تتغير أحوالها ويتجدد بها من المعارف ما ليس فيها، ولم يكن شعارًا نظريًّا فحسب، بل طبقه تطبيقًا علميًّا، فدرَّس وألَّف في فنون شتى لم تكن مطروقة في عهده، ثم وجَّه تلاميذه إلى التجديد فيما يعالجونه من أبحاث ودراسات حتى ولو كانت تتناول موضوعات قديمة، فقد نجح في إدخال الدراسات الأدبية بالأزهر على يدي تلميذه محمد عياد الطنطاوي، وهو الذي أشار بإرسال تلميذه النجيب رفاعة الطهطاوي إلى فرنسا، وهو الذي وجهه وأرشده إلى استيعاب ما يمكن استيعابه من آثار الحضارة الفرنسية، وأشار عليه بتدوين كل ما يشاهده أو يعرفه أو يسمع عنه فكانت نتيجة التوجيهات أن ألَّف الطهطاوي كتابه (تخليص الإبريز في تلخيص باريز). وقد أحبَّ الشيخ تلميذه رفاعة الطهطاوي حبًّا كبيرًا؛ لما آنسه فيه من الذكاء والنجابة فقربه إليه وأحاطه برعايته، وكان رفاعة يتردد على بيت شيخه يقرأ عليه بعض كتب العلوم الحديثة، وكان يتلو على شيخه ما نظمه من قصائد شعرية، فيلقى منه التشجيع وحسن التوجيه. وهكذا كان الشيخ يرعى تلاميذه النابهين، ولم يكن يكتفي بالتوجيه والإرشاد، بل كان يعطي القدوة من نفسه، فاشتغل بالآداب شعرًا ونثرًا، وصنَّف فيها كثيرًا من روائع الشعر وفصول النثر والمقامات، وألَّف في المنطق والفلك والطب والطبيعة والكيمياء والهندسة، وقام بتدريس الجغرافيا والتاريخ بالأزهر وخارج الأزهر، وكان يتناول الموضوعات القديمة بأسلوب جديد مشوق، فقد لاحظ أن تفسير البيضاوي كاد يكون مهجورًا في الأزهر، فقام بقراءته والتعليق عليه بطريقة مشوقة جذبت إلى حلقته كثيرًا من العلماء والطلبة، فكان إذا بدأ درسه ترك كبار العلماء حلقاتهم وأقبلوا عليه مستزيدين من علمه الفيَّاض، ودفع تلميذه الأديب محمد عياد الطنطاوي ليشرح مقامات الحريري بأسلوبه الأدبي البليغ، كما دفع تلميذه الطهطاوي لتدريس الحديث والسُّنَّة بطريق المحاضرات دون التقيد بكتاب خاص أو نص معروف، فكان ذلك مثار إعجاب العلماء.أخـــلاقــه:
كان الإمام الشيخ حسن العطار -رحمه الله- يتمتع بشخصية قوية، وعزيمة ماضية، وأخلاق حميدة، وأدب جم، وتمسك بالحرية، نرى هذا في نشأته حيث رفض الإقامة بالقاهرة حينما عصف بها الفرنسيون فهاجر إلى أسيوط، ثم بعد ذلك هاجر إلى الشام، ثم إلى إسطنبول، ثم إلى ألبانيا، ولم يعد إلا بعد رحيل الفرنسيين عن مصر، وكان الشيخ لبقًا في معاملاته مع الحكام. قال عنه أحمد تيمور باشا: كان الشيخ العطار عالمًا جليلا ذائع الصيت في مصر وسائر الأقطار العربية والشرقية، وأديبًا فريدًا، وشاعرًا مجيدًا، وكان مع ما اتصف به من حميد السجايا طيب الخلال، متواضعًا كريمًا زاهدًا وجيهًا، أينما توجه وحيث أقام. وقد ظهرت آثاره العلمية وشمائله الخلقية في تلاميذه الأعلام أتم ظهور.مؤلفاته:
كان الإمام الشيخ حسن العطار -رحمه الله- واسع المعرفة، عميق الثقافة، غزير الإنتاج، وسنذكر ما علمناه من مصنفاته:
- حاشية العطار على الجواهر المنتظمات في عقود المقولات، الحاشية للعطار أما الجواهر المنتظمات فهي شرح لعقود المقولات العشر، وكلاهما (أي: المتن
والشرح) للشيخ أحمد السجاعي المتوفى سنة 1197هـ، وتوجد منه نسخة خطية بدار الكتب المصرية رقم (2409).
- حاشية العطار على التهذيب للخبيصي، وهو شرح على تهذيب المنطق والكلام لسعد الدين التفتازاني المتوفى سنة 793هـ، في علم المنطق، وتوجد منه نسخة خطية بدار الكتب المصرية رقم (2867).
- حاشية العطار على شرح إيساغوجي في المنطق لأثير الدين المفضل بن عمر الأبهري المتوفى سنة 632هـ، مطبوع.
- حاشية العطار على شرح العصام على الرسالة العضدية، توجد منها نسخة خطية بدار الكتب المصرية رقم (5984 هـ).
- حاشية العطار على كتاب نيل السعادات في علم المقولات، لمؤلفه محمد بن محمد البليدي، المعروف بالشريف البليدي، المتوفى سنة 1176هـ.
- رسالة تتعلق بموضوع علم الكلام، توجد منها نسخة خطية بدار الكتب المصرية رقم (3854ج).
- رسالة أخرى في علم الكلام، توجد منها نسخة خطية بدار الكتب المصرية رقم (25816ب).
- حاشية العطار على شرح الشيخ خالد بن عبد الله الأزهري لكتاب قواعد الإعراب لابن هشام، وقد طُبِعت هذه الحاشية.
- حاشية أخرى على شرح الشيخ خالد الأزهري على متن الآجرومية، منها نسخة خطية بدار الكتب المصرية رقم (4876هـ).
- شرح السمرقندية في علم البيان، ومنها نسخة خطية بدار الكتب المصرية رقم (5255هـ).
- منظومة العطار في علم النحو، نظمها كما جاء في ختامها سنة 1202هـ، أولها: بحمدك يا مولاي أبدأ في أمري ومنك أروم العون في كل ذي عسر
وأبياتها خمسون بيتًا، وقد طبعت مع مجموعة (أمهات المتون) وشرحها تلميذه الشيخ حسن قويدر الخليلي المتوفى سنة 1262هـ.
- إنشاء العطار في المراسلات والمخاطبات وكتابة الصكوك والشروط مما يحتاج إليه الخاص والعام.
- ديوان العطار، وقد أورد الجبرتي مختارات عديدة منه في كتابيه (عجائب الآثار)، و(مظهر التقديس) كما أورد علي باشا مبارك طائفة مختارة منه.
- مظهر التقديس بذهاب دولة الفرنسيس، اقتبس منه الجبرتي كتابه المعروف بهذا الاسم.
- رسالة في كيفية العمل بالأسطرلاب والربعين المقنطر والمجيب والبسائط -وهي آلات رصد فلكية- ذكر هذه الرسالة علي باشا مبارك في ترجمته للمؤلف في الخطط التوفيقية.
- رسائل في الرمل والزيراجة والطب والتشريح وغير ذلك.
- جمع وترتيب ديوان ابن سهل الأندلسي.
- شرح كتاب الكامل للمبرد، أشار إليه المؤلف في قصيدته الطائية في وصفه لجمال الطبيعة بدمشق.
- ثلاث مقالات طبية في الكي والفصد والبط(6) أشار إليها المؤلف في وصف قصيدته الطائية في وصفه لجمال الطبيعة بدمشق، وهذه المصنفات الثلاثة الأخيرة ذكرها المؤلف في قصيدتها الطائية حيث قال:
وعندي من التأليف شيء وضعته على شرح قانون الحفيد أخي السبط
ثلاث مقالات كبار وضعتها لتعريف حال الكي والفصد والبط
وجزء على كل شرح المبرد كامل أُبيِّن فيه غامض النص بالقط
وألفت في علم الجراح نبذة لتعريف أكل الفول بالقطع والحط*
ولعل للشيخ الإمام آثارًا أخرى طواها النسيان، أو تبددت مع ما تتبدد من الآثار.ولايته للمشيخة:
وقد نال الشيخ حسن العطار -رحمه الله- شهرة ذائعة حتى قبل ولايته لمشيخة الأزهر، ولما خلا منصب شيخ الأزهر سنة 1246هـ كان هو المرشح البارز
لهذا المنصب، فولاه محمد علي هذا المنصب الكبير لثقته التامة به، ولما يتمتع به من علم غزير وأدب جم، وثقافة عميقة، وبلاغة مرموقة، فظل شيخًا
للأزهر حتى توفي.وفاته:
توفي الإمام الشيخ حسن العطار -رحمه الله- سنة 1250هـ في القاهرة، بعد أن ملأ العقول والأسماع بآثاره الأدبية والعلمية، وبعد أن ربَّى طائفة مرموقة
من كبار العلماء والباحثين.مصادر ترجمته:
- الأزهر في اثنى عشر عامًا، نشر إدارة الأزهر.
- الأعلام للزركلي 2/220.
- شيوخ الأزهر، تأليف: أشرف فوزي 2/35 -40.
- عجائب الآثار للجبرتي، نشر لجنة البيان العربي.
- كنز الجوهر في تاريخ الأزهر، تأليف: سليمان رصد الحنفي الزياتي ص 138.
- مشيخة الأزهر منذ إنشائها حتى الآن، تأليف علي عبد العظيم 1/211- 227.
- مظهر التقديس بذهاب دولة الفرنسيس للجبرتي ص250.
----------------------
(1)الغين بحساب الجُمَّل تعادل (1000)، والراء (200)، والباء (2)، فيكون
المجموع 1202هـ. وحساب الجُمَّل: طريقة لتسجيل صور الأرقام والتواريخ باستخدام
الحروف الأبجدية، حيث يعطى لكل حرف رقم مُعيَّن يدلُّ عليه، فكانوا من تشكيلة
هذه الحروف ومجموعها يصلون إلى ما تعنيه من تاريخ مقصود وبالعكس كانوا
يستخدمون الأرقام للوصول إلى النصوص.
(2)أعلام الفكر الإسلامي في العصر الحديث، أحمد تيمور ص 2.
(3)في الأدب الحديث، عمر الدسوقي 1/46، 47.
(4)مظهر التقديس بذهاب دولة الفرنسيس ص 314.
(5)كنز الجوهر ص 139.
(6)وهي طرق علاجية.
الميلاد:
ولد في القاهرة سنة 1182هـ، وهو مغربي الأصل، وقد حدد تاريخ مولده بنفسه في منظومته النحوية، حيث ذكر أنه ألفها في يومين في شهر ذي القعدة سنة 1202هـ = 3 أغسطس سنة 1788م، وأن سِنَّه في هذا الحين كانت عشرين عامًا، وذلك حيث يقول:
وألف في يومين عام الذي له (غرب)(1) جاء تاريخًا بشهر أحد عشر
ومعذرة يا صاحبي لمؤلف له عشر أعوام وعشر من العمر
إلا أن بعض المصادر لم تتنبه لهذا النص، وذكر تاريخ مولده بأنه سنة 1180هـ، وبعضها ذكر أن مولده كان سنة 1190هـ.
نسبته:
كان والد الإمام الشيخ حسن العطار -رحمه الله- عطَّارًا، فنُسِبَ الإمام إلى مهنة أبيه، ولعل والده -رحمه الله- كان يُنْسبُ إليها أيضًا.نشأته ومراحل تعليمه:
نشأ في كنف والده الشيخ محمد كتن، وكان عطَّارًا فقيرًا مُلِمًّا ببعض العلوم وعلى ثقافة جيِّدة، فكان يستصحب ابنه معه إلى حانوته ويعلِّمه البيع والشراء ويرسله في قضاء حاجاته، ولكن الإمام الشيخ حسن العطار -رحمه الله- وهو ما زال طفلا كان حادَّ الذكاء مشغوفًا بالعلم، واسع الآمال، فكانت تأخذه الغيرة حين يرى أتْرَابه يترددون على الأزهر لحفظ القرآن الكريم وللدراسة، فكان يتردد خِفْيَة إلى الأزهر لحفظ القرآن الكريم حتى حفظه في مدة يسيرة، وعَلِمَ
أبوه بأمره، فأعانه على التعليم، فالتحق بالأزهر، وجدَّ في التحصيل على كبار المشايخ أمثال الشيخ الأمير، والشيخ الصبان، وغيرهما من كبار العلماء، فظهر
نبوغه وغزارة علمه وتنوع ثقافته في زمن قصير هيأه لتولي التدريس بالأزهر. ولم يقنع بالعلوم المألوفة في عصره، بل درس العلوم الهندسية، والرياضية، والفلكية، وتعمق في دراستها، قال عنه معاصره الشيخ شهاب الشاعر: «إنه كان آية في حِدَّة النظر وقوة الذكاء، وكان يزورنا ليلا في بعض الأحيان، فيتناول الكتاب الدقيق الخط الذي تعسر قراءته في وضح النهار، فيقرأ فيه على ضوء السراج، وربما استعار مني الكتاب في مجلدين فلا يلبث عنده إلا أسبوعًا أو أسبوعين ويعيده إِلَيَّ وقد استوفى قراءته وكتب في طُرَرِهِ على كثير من مواضعه»(2) . ويحدِّثُنا عنه تلميذه العلامة رفاعة الطهطاوي فيقول: «كانت له مشاركة في كثير من هذه العلوم -العلوم العصرية- حتى في العلوم الجغرافية، لقد وجدت بخطه هوامش جليلة على كتاب تقويم البلدان لإسماعيل أبي الفداء سلطان حماة... وله هوامش أيضًا وجدتها بأكثر التواريخ على طبقات الأطباء وغيرها، وكان يطلع دائمًا على الكتب المعربة من تواريخ وغيرها، وكان له ولوع شديد بسائر المعارف البشرية»(3) . وقد حمله شغفه بالمعارف والفنون على التطبيق العملي للمعارف التي تعلمها نظريًّا، فقد اشتغل بصناعة المزاول الليلية والنهارية، وأتقن الرصد الفلكي الأسطرلاب، وسجل هذا في مؤلفاته إلى جانب الطب والتشريح، وبهذا تعددت مواهبه وتنوعت مداركه حتى أصبح شبيهًا بالموسوعات العلمية التي تتناول جميع الفنون، وقد أعانته على ذلك رحلاته العديدة بالداخل والخارج واتصاله الوثيق بعلماء الحملة الفرنسية ومشاهدته التجارب العلمية التي باشرها هؤلاء العلماء. وقد جدَّ الشيخ العطار -رحمه الله- في تحصيل العلم، ووسع دائرة ثقافته العلمية حتى شملت المنقول والمعقول -كما يقول القدماء- وتصدَّر للتدريس في سن مبكرة، وبدأت الأنظار تتجه إليه. ولما داهمت الحملة الفرنسية مصر لم يطق البقاء بالقاهرة؛ ففر إلى أسيوط حيث وجد الأمن والحرية، وإن كان شوقه إلى القاهرة قد برح به، وما قاساه في الغُرْبَة قد أحزنه وأفزعه، هذا إلى ما كابده في سبيل كسب رزقه، وما قاساه من أهوال الطاعون الذي انتشر بأسيوط، فصرع الآلاف وأفزع الباقين. وقد عبَّر عن هذه الأحداث في مسهبة كتبها إلى صديقه المؤرخ الجبرتي قال فيها: «تلك شؤون طال بها العهد، وانجرَّ عليها ذيل الحوادث وامتد، وما كنت أوثر أن يمتد بي الزمن حتى أرى الأسفار تتلاعب بي كالكرة في ميدان البلدان... حصل لي القهر بخروجي من القاهرة واغبرَّ أخضر أيامي الزاهرة، وقد ألجأتني خطوب الاغتراب واضطرتني شؤون السفر الذي هو قطعة من العذاب إلى التقلُّب في قوالب الاكتساب، والتلبُّس بتلبيس الانتساب، وأخفي معالم المجيء والذهاب»(4) . ثم عاد إلى القاهرة بعد أن حصل الأمن، واتصل بناس من الفرنسيين، فكان يستفيد منهم الفنون المستعملة في بلادهم، ويفيدهم اللغة العربية(5 ) . وبهذا جمع الشيخ الإمام حسن العطار -رحمه الله- بين الثقافة الغربية والثقافة العربية الإسلامية، واستفاد من خبراته العديدة والأحداث المثيرة -التي أصابت وحلت بالبلاد- أعظم استفادة، ولا شيء يُكَوِّن الرجال مثل مقاساة الشدائد واحتمال النكبات ومصارعة الأهوال. ثم أضاف إلى هذا رحلاته العديدة إلى الخارج، فقد أتقن اللغة التركية، وألمَّ بالفرنسية، واختلط بكثير من العلماء النابهين من عرب وأتراك وفرنسيين، فزادت ثروته الثقافية نماء واتِّساعًا وعُمقًا. أما سبب رحلاته الخارجية فنرجح أنه راجع إلى طغيان الفرنسيين وجبروتهم وتنكيلهم بالشعب، بعد أن تعددت ثوراته ضدهم، فهاجر الشيخ الإمام إلى مكة للحج، ثم سافر منها إلى معان، ثم الخليل فالقدس بفلسطين، ورحل إلى الشام، فأقام بدمشق في المدرسة البدرية، ثم رحل إلى ألبانيا حيث استقر بمدينة أشكور مدة، وأخيرًا عاد إلى القاهرة بعد جلاء الفرنسيين عنها، فلفت إليه الأنظار لتنوع ثقافته وتعدد مواهبه، فقد كان متعمقًا في العلوم الدينية واللغوية، وكان عالما فلكيًّا ورياضيًّا، وكان إلى هذا أديبًا وشاعرًا معدودًا في طليعة الأدباء والشعراء في عصره، ولهذا عهد إليه بإنشاء جريدة الوقائع المصرية والإشراف على تحريرها، فكانت فرصة لإظهار آثاره النثرية وروائعه الشعرية، وكانت الوقائع المصرية منبرًا أعلن فوقه آراءه في الدعوة إلى التجديد في مناهج التربية والتعليم، وإلى مناداته بإدخال العلوم الحديثة، والعلوم المهجورة بالأزهر إلى مناهجه. فطالب بدراسة الفلسفة، والجغرافيا، والتاريخ، والأدب، والعلوم الطبيعية، كما طالب بالرجوع إلى أمهات الكتب العلمية، وعدم الاقتصار على المتون والحواشي المتأخرة، كما نادى بالإفادة من أئمة العلماء القدماء وعدم الاقتصار على العلماء المتأخرين القائمين بالتقليد والمحاكاة. هذه النصيحة الجادة المبكرة تلقفها بعد الشيخ الإمام تلميذه النجيب الشيخ محمد عياد الطنطاوي، وتلميذه العلامة رفاعة الطهطاوي، وما زال العلماء الأعلام يتلقفونها جيلا بعد جيل حتى آتت أكلها وأثمرت أينع الثمار في العصر الحديث، والفضل للرعيل الأول من زعماء العلماء الأعلام. وكان شعار الشيخ الإمام قوله: إن بلادنا لا بد أن تتغير أحوالها ويتجدد بها من المعارف ما ليس فيها، ولم يكن شعارًا نظريًّا فحسب، بل طبقه تطبيقًا علميًّا، فدرَّس وألَّف في فنون شتى لم تكن مطروقة في عهده، ثم وجَّه تلاميذه إلى التجديد فيما يعالجونه من أبحاث ودراسات حتى ولو كانت تتناول موضوعات قديمة، فقد نجح في إدخال الدراسات الأدبية بالأزهر على يدي تلميذه محمد عياد الطنطاوي، وهو الذي أشار بإرسال تلميذه النجيب رفاعة الطهطاوي إلى فرنسا، وهو الذي وجهه وأرشده إلى استيعاب ما يمكن استيعابه من آثار الحضارة الفرنسية، وأشار عليه بتدوين كل ما يشاهده أو يعرفه أو يسمع عنه فكانت نتيجة التوجيهات أن ألَّف الطهطاوي كتابه (تخليص الإبريز في تلخيص باريز). وقد أحبَّ الشيخ تلميذه رفاعة الطهطاوي حبًّا كبيرًا؛ لما آنسه فيه من الذكاء والنجابة فقربه إليه وأحاطه برعايته، وكان رفاعة يتردد على بيت شيخه يقرأ عليه بعض كتب العلوم الحديثة، وكان يتلو على شيخه ما نظمه من قصائد شعرية، فيلقى منه التشجيع وحسن التوجيه. وهكذا كان الشيخ يرعى تلاميذه النابهين، ولم يكن يكتفي بالتوجيه والإرشاد، بل كان يعطي القدوة من نفسه، فاشتغل بالآداب شعرًا ونثرًا، وصنَّف فيها كثيرًا من روائع الشعر وفصول النثر والمقامات، وألَّف في المنطق والفلك والطب والطبيعة والكيمياء والهندسة، وقام بتدريس الجغرافيا والتاريخ بالأزهر وخارج الأزهر، وكان يتناول الموضوعات القديمة بأسلوب جديد مشوق، فقد لاحظ أن تفسير البيضاوي كاد يكون مهجورًا في الأزهر، فقام بقراءته والتعليق عليه بطريقة مشوقة جذبت إلى حلقته كثيرًا من العلماء والطلبة، فكان إذا بدأ درسه ترك كبار العلماء حلقاتهم وأقبلوا عليه مستزيدين من علمه الفيَّاض، ودفع تلميذه الأديب محمد عياد الطنطاوي ليشرح مقامات الحريري بأسلوبه الأدبي البليغ، كما دفع تلميذه الطهطاوي لتدريس الحديث والسُّنَّة بطريق المحاضرات دون التقيد بكتاب خاص أو نص معروف، فكان ذلك مثار إعجاب العلماء.أخـــلاقــه:
كان الإمام الشيخ حسن العطار -رحمه الله- يتمتع بشخصية قوية، وعزيمة ماضية، وأخلاق حميدة، وأدب جم، وتمسك بالحرية، نرى هذا في نشأته حيث رفض الإقامة بالقاهرة حينما عصف بها الفرنسيون فهاجر إلى أسيوط، ثم بعد ذلك هاجر إلى الشام، ثم إلى إسطنبول، ثم إلى ألبانيا، ولم يعد إلا بعد رحيل الفرنسيين عن مصر، وكان الشيخ لبقًا في معاملاته مع الحكام. قال عنه أحمد تيمور باشا: كان الشيخ العطار عالمًا جليلا ذائع الصيت في مصر وسائر الأقطار العربية والشرقية، وأديبًا فريدًا، وشاعرًا مجيدًا، وكان مع ما اتصف به من حميد السجايا طيب الخلال، متواضعًا كريمًا زاهدًا وجيهًا، أينما توجه وحيث أقام. وقد ظهرت آثاره العلمية وشمائله الخلقية في تلاميذه الأعلام أتم ظهور.مؤلفاته:
كان الإمام الشيخ حسن العطار -رحمه الله- واسع المعرفة، عميق الثقافة، غزير الإنتاج، وسنذكر ما علمناه من مصنفاته:
- حاشية العطار على الجواهر المنتظمات في عقود المقولات، الحاشية للعطار أما الجواهر المنتظمات فهي شرح لعقود المقولات العشر، وكلاهما (أي: المتن
والشرح) للشيخ أحمد السجاعي المتوفى سنة 1197هـ، وتوجد منه نسخة خطية بدار الكتب المصرية رقم (2409).
- حاشية العطار على التهذيب للخبيصي، وهو شرح على تهذيب المنطق والكلام لسعد الدين التفتازاني المتوفى سنة 793هـ، في علم المنطق، وتوجد منه نسخة خطية بدار الكتب المصرية رقم (2867).
- حاشية العطار على شرح إيساغوجي في المنطق لأثير الدين المفضل بن عمر الأبهري المتوفى سنة 632هـ، مطبوع.
- حاشية العطار على شرح العصام على الرسالة العضدية، توجد منها نسخة خطية بدار الكتب المصرية رقم (5984 هـ).
- حاشية العطار على كتاب نيل السعادات في علم المقولات، لمؤلفه محمد بن محمد البليدي، المعروف بالشريف البليدي، المتوفى سنة 1176هـ.
- رسالة تتعلق بموضوع علم الكلام، توجد منها نسخة خطية بدار الكتب المصرية رقم (3854ج).
- رسالة أخرى في علم الكلام، توجد منها نسخة خطية بدار الكتب المصرية رقم (25816ب).
- حاشية العطار على شرح الشيخ خالد بن عبد الله الأزهري لكتاب قواعد الإعراب لابن هشام، وقد طُبِعت هذه الحاشية.
- حاشية أخرى على شرح الشيخ خالد الأزهري على متن الآجرومية، منها نسخة خطية بدار الكتب المصرية رقم (4876هـ).
- شرح السمرقندية في علم البيان، ومنها نسخة خطية بدار الكتب المصرية رقم (5255هـ).
- منظومة العطار في علم النحو، نظمها كما جاء في ختامها سنة 1202هـ، أولها: بحمدك يا مولاي أبدأ في أمري ومنك أروم العون في كل ذي عسر
وأبياتها خمسون بيتًا، وقد طبعت مع مجموعة (أمهات المتون) وشرحها تلميذه الشيخ حسن قويدر الخليلي المتوفى سنة 1262هـ.
- إنشاء العطار في المراسلات والمخاطبات وكتابة الصكوك والشروط مما يحتاج إليه الخاص والعام.
- ديوان العطار، وقد أورد الجبرتي مختارات عديدة منه في كتابيه (عجائب الآثار)، و(مظهر التقديس) كما أورد علي باشا مبارك طائفة مختارة منه.
- مظهر التقديس بذهاب دولة الفرنسيس، اقتبس منه الجبرتي كتابه المعروف بهذا الاسم.
- رسالة في كيفية العمل بالأسطرلاب والربعين المقنطر والمجيب والبسائط -وهي آلات رصد فلكية- ذكر هذه الرسالة علي باشا مبارك في ترجمته للمؤلف في الخطط التوفيقية.
- رسائل في الرمل والزيراجة والطب والتشريح وغير ذلك.
- جمع وترتيب ديوان ابن سهل الأندلسي.
- شرح كتاب الكامل للمبرد، أشار إليه المؤلف في قصيدته الطائية في وصفه لجمال الطبيعة بدمشق.
- ثلاث مقالات طبية في الكي والفصد والبط(6) أشار إليها المؤلف في وصف قصيدته الطائية في وصفه لجمال الطبيعة بدمشق، وهذه المصنفات الثلاثة الأخيرة ذكرها المؤلف في قصيدتها الطائية حيث قال:
وعندي من التأليف شيء وضعته على شرح قانون الحفيد أخي السبط
ثلاث مقالات كبار وضعتها لتعريف حال الكي والفصد والبط
وجزء على كل شرح المبرد كامل أُبيِّن فيه غامض النص بالقط
وألفت في علم الجراح نبذة لتعريف أكل الفول بالقطع والحط*
ولعل للشيخ الإمام آثارًا أخرى طواها النسيان، أو تبددت مع ما تتبدد من الآثار.ولايته للمشيخة:
وقد نال الشيخ حسن العطار -رحمه الله- شهرة ذائعة حتى قبل ولايته لمشيخة الأزهر، ولما خلا منصب شيخ الأزهر سنة 1246هـ كان هو المرشح البارز
لهذا المنصب، فولاه محمد علي هذا المنصب الكبير لثقته التامة به، ولما يتمتع به من علم غزير وأدب جم، وثقافة عميقة، وبلاغة مرموقة، فظل شيخًا
للأزهر حتى توفي.وفاته:
توفي الإمام الشيخ حسن العطار -رحمه الله- سنة 1250هـ في القاهرة، بعد أن ملأ العقول والأسماع بآثاره الأدبية والعلمية، وبعد أن ربَّى طائفة مرموقة
من كبار العلماء والباحثين.مصادر ترجمته:
- الأزهر في اثنى عشر عامًا، نشر إدارة الأزهر.
- الأعلام للزركلي 2/220.
- شيوخ الأزهر، تأليف: أشرف فوزي 2/35 -40.
- عجائب الآثار للجبرتي، نشر لجنة البيان العربي.
- كنز الجوهر في تاريخ الأزهر، تأليف: سليمان رصد الحنفي الزياتي ص 138.
- مشيخة الأزهر منذ إنشائها حتى الآن، تأليف علي عبد العظيم 1/211- 227.
- مظهر التقديس بذهاب دولة الفرنسيس للجبرتي ص250.
----------------------
(1)الغين بحساب الجُمَّل تعادل (1000)، والراء (200)، والباء (2)، فيكون
المجموع 1202هـ. وحساب الجُمَّل: طريقة لتسجيل صور الأرقام والتواريخ باستخدام
الحروف الأبجدية، حيث يعطى لكل حرف رقم مُعيَّن يدلُّ عليه، فكانوا من تشكيلة
هذه الحروف ومجموعها يصلون إلى ما تعنيه من تاريخ مقصود وبالعكس كانوا
يستخدمون الأرقام للوصول إلى النصوص.
(2)أعلام الفكر الإسلامي في العصر الحديث، أحمد تيمور ص 2.
(3)في الأدب الحديث، عمر الدسوقي 1/46، 47.
(4)مظهر التقديس بذهاب دولة الفرنسيس ص 314.
(5)كنز الجوهر ص 139.
(6)وهي طرق علاجية.
الإمام
شيخ الأزهر محمد الخضر حسين (1293 هـ /1876م - 1377هـ/1958م) عالم تونسي
المولد جزائري الأصل تولى مشيخة الأزهر من 1952 - 1954.
واسم الشيخ هو محمد الأخضر بن الحسين بن علي بن عمر، فلما جاء إلى الشرق حذف "بن" من اسمه على الطريقة المشرقية، وغلب عليه الخضر عوضًا عن الأخضر، ونشأ الشيخ في أسرة علم وأدب من جهتي الأب والأم، وكانت بلدة نفطة بتونس، التي ولد فيها موطن العلم والعلماء، حتى إنها كانت تلقب بالكوفة الصغرى، وبها جوامع ومساجد كثيرة، وهي واحة بها زرع وفيها فلاحون.
ولما حفظ الشيخ القرآن الكريم وهو صغير وبرع في علوم المعقول والمنقول تولى عدد من المناصب في بلاده تونس وهي:
1- توليه منصب القضاء: تولى منصب القضاء في بلدة بنزرت، ولم يكن يريده لكن الشيخ الإمام العلامة محمد الطاهر بن عاشور أقنعه بالقبول واشتد عليه فيه، لكنه بقي أشهرًا قليلة ثم استقال، وعاد إلى تونس ليعاود التدريس في الزيتونة، وكان أثناء بقائه في بنزرت مباشرًا الخطابة والتدريس في جامعها الكبير، وكان له فيها دروس شرعية وأدبية.
2- عضوية الجمعية الزيتونية: كان عضوًا في الجمعية الزيتونية التي يرأسها الإمام العلامة محمد الطاهر بن عاشور، وهي خاصة بمشايخ جامع الزيتونة، فك الله أسره وأعاد مجده.
3- التدريس في جامع الزيتونة، والقيام على خزانة كتبه.
4- التدريس بمدرسة الصادقية، وكانت الثانوية الوحيدة في تونس.
...........................................................................................
ثم ارتحل الشيخ إلى بلاد الشام فترة، ثم لما سقطت في أيدي الفرنسيين رحل إلى مصر، وفي مصر حصل على عضوية هيئة كبار العلماء برسالته "القياس في اللغة العربية" سنة (1370 هـ= 1950م)، ثم اختير شيخا للأزهر في 26 ذي الحجة 1371هـ/16 سبتمبر 1952م).
ومن المواقف الجليلة للشيخ رحمه الله تعالى، أنه استقال من مشيخة الأزهر في 7 يناير عام 1954 م - 2 من جمادى الأولى 1373هـ احتجاجاً علي إلغاء القضاء الشرعي ودمجه في القضاء المدني...
ومن مؤلفات الشيخ رحمه الله تعالى...
رسائل الإصلاح، وهي في ثلاثة أجزاء.
ديوان شعر "خواطر الحياة".
بلاغة القرآن
أديان العرب قبل الإسلام
تونس وجامع الزيتونة
تونس، 67 عاما تحت الاحتلال الفرنساوي 1881-1948
حياة ابن خلدون ومثل من فلسفته الاجتماعية
دراسات في العربية وتاريخها
الرحلات
الحرية في الإسلام
الخيال في الشعر العربي.
آداب الحرب في الإسلام.
تعليقات على كتاب الموافقات للشاطبي.
نقض كتاب الإسلام وأصول الحكم
نقض كتاب في الشعر الجاهلي
توفي رحمه الله وغفر له في 13 رجب 1377 هـ /28 فبراير 1958م..
واسم الشيخ هو محمد الأخضر بن الحسين بن علي بن عمر، فلما جاء إلى الشرق حذف "بن" من اسمه على الطريقة المشرقية، وغلب عليه الخضر عوضًا عن الأخضر، ونشأ الشيخ في أسرة علم وأدب من جهتي الأب والأم، وكانت بلدة نفطة بتونس، التي ولد فيها موطن العلم والعلماء، حتى إنها كانت تلقب بالكوفة الصغرى، وبها جوامع ومساجد كثيرة، وهي واحة بها زرع وفيها فلاحون.
ولما حفظ الشيخ القرآن الكريم وهو صغير وبرع في علوم المعقول والمنقول تولى عدد من المناصب في بلاده تونس وهي:
1- توليه منصب القضاء: تولى منصب القضاء في بلدة بنزرت، ولم يكن يريده لكن الشيخ الإمام العلامة محمد الطاهر بن عاشور أقنعه بالقبول واشتد عليه فيه، لكنه بقي أشهرًا قليلة ثم استقال، وعاد إلى تونس ليعاود التدريس في الزيتونة، وكان أثناء بقائه في بنزرت مباشرًا الخطابة والتدريس في جامعها الكبير، وكان له فيها دروس شرعية وأدبية.
2- عضوية الجمعية الزيتونية: كان عضوًا في الجمعية الزيتونية التي يرأسها الإمام العلامة محمد الطاهر بن عاشور، وهي خاصة بمشايخ جامع الزيتونة، فك الله أسره وأعاد مجده.
3- التدريس في جامع الزيتونة، والقيام على خزانة كتبه.
4- التدريس بمدرسة الصادقية، وكانت الثانوية الوحيدة في تونس.
...........................................................................................
ثم ارتحل الشيخ إلى بلاد الشام فترة، ثم لما سقطت في أيدي الفرنسيين رحل إلى مصر، وفي مصر حصل على عضوية هيئة كبار العلماء برسالته "القياس في اللغة العربية" سنة (1370 هـ= 1950م)، ثم اختير شيخا للأزهر في 26 ذي الحجة 1371هـ/16 سبتمبر 1952م).
ومن المواقف الجليلة للشيخ رحمه الله تعالى، أنه استقال من مشيخة الأزهر في 7 يناير عام 1954 م - 2 من جمادى الأولى 1373هـ احتجاجاً علي إلغاء القضاء الشرعي ودمجه في القضاء المدني...
ومن مؤلفات الشيخ رحمه الله تعالى...
رسائل الإصلاح، وهي في ثلاثة أجزاء.
ديوان شعر "خواطر الحياة".
بلاغة القرآن
أديان العرب قبل الإسلام
تونس وجامع الزيتونة
تونس، 67 عاما تحت الاحتلال الفرنساوي 1881-1948
حياة ابن خلدون ومثل من فلسفته الاجتماعية
دراسات في العربية وتاريخها
الرحلات
الحرية في الإسلام
الخيال في الشعر العربي.
آداب الحرب في الإسلام.
تعليقات على كتاب الموافقات للشاطبي.
نقض كتاب الإسلام وأصول الحكم
نقض كتاب في الشعر الجاهلي
توفي رحمه الله وغفر له في 13 رجب 1377 هـ /28 فبراير 1958م..
الإمام السابع عشر
الإمام حسن بن درويش القويسني
برهان الدين حسن بن درويش بن عبد الله بن مطاوع القويسني(1)
الميلاد:
ولد في مدينة قويسنا، محافظة المنوفية، ونُسِبَ إليها.
نشأته ومراحل تعليمه:
كان الإمام الشيخ حسن القويسني -رحمه الله- كفيف البصر، ولم تأت لنا كتب التراجم بأي شيء عن نشأته ومراحل تعليمه، وأنه اشتهر باسم البرهان القويسني الشافعي.
تـــلامـــيـذه:
تخرج على يد الإمام الشيخ القويسني -رحمه الله- كثير من أعلام العلماء من أشهرهم: الشيخ إبراهيم الباجوري، والسيد مصطفى الذهبي، والشيخ محمد البناني، ومن ألمع تلاميذه رفاعة الطهطاوي حيث درَّس له جمع الجوامع في أصول الفقه، ومشارق الأنوار في الحديث. وممن تتلمذ عليه حفيده الشيخ حسن القويسني شيخ رواق ابن معمر وأحد مدرسي الأزهر، سنة 1299هـ ودفن مع جده على باب ضريح الشيخ البيومي.
أخــلاقــه ومــنزلــتـه:
كان الإمام الشيخ حسن القويسني -رحمه الله- عالما، تقيًّا، مدققًا، محققًا، ورعًا، زاهدًا، متصوفًا، مهيبًا، وقورًا، عزيزَ النفس، ذكر صاحب كتاب كنز الجوهر
أنه: «كان رحمه الله من شرف النفس وعلو الهمة بمكان حتى محمد علي باشا أحبَّ أن يُنْعِمَ عليه بشيء من الدنيا فأبت نفسه ذلك..... واستغرقته الصوفية حتى كانت له أحيانًا شطحات لا يستسيغها غير الصوفية، ومن المعروف أن الإنسان إذا طغت مشاعره فإنه لا يحس غيره ولا يشعر بسواه، فيتصرف تبعًا لما تمليه وتستغرقه محبته، فيذهلون عن الدنيا وما فيها من ظواهر مادية زائلة فيتصرفون وينطقون بما لا يسيغه غيرهم، مما يسمونه الشطحات الصوفية أو الجذب، وكان الشيخ الإمام تعتريه هذه النوبات أحيانًا فيحدث منه ما لا يتسق ومنصبه الكبير، ولكن سرعان ما يثوب إلى حالته الطبيعية فيكون أتم ما يكون عقلا وأحسن ما يكون جلالا وتصونًا، قال صاحب كنز الجوهر: «وكان إذا جاء وقت درسه أفاق وقرأ درسه، ولم يزل على حاله إلى أن توفي سنة 1254هـ». ونذكر هنا موقفًا حدث بينه وبين الشيخ الأمير يدل على سموِّ أخلاق العلماء، فقد ذكر الشيخ محمد سليمان في كتابه «من أخلاق العلماء» ص39 نقلا عن شيخه المرحوم الشيخ عبد المجيد اللبان أنه كانت هناك جفوة بين الشيخ الإمام والشيخ الأمير، وبلغت الجفوة الحاكم، وكان الشيخ الأمير عنده فسأله عن الجفوة وأخبَرَه أن الشيخ القويسني حدَّثه عنها، فقال الشيخ الأمير: ليس بيننا إلا الخير، وما أظن الشيخ القويسني حدَّثك بشيء من هذا، وأثنى على
الشيخ القويسني ثناء جَمًّا، ولما انصرف من عند الحاكم ذهب إلى دار الشيخ القويسني وحدثه بما قاله الحاكم وما أجابه به، فقال له الإمام: صدقت في ظَنِّك، ما قلتُ للحاكم شيئًا، فقال الشيخ الأمير: هكذا أهل العلم يسوون ما بينهم في خاصتهم، وأما مظهرهم فيجب أن يكون قدوة في التآلف والخير، وإمساكًا على عروة الإسلام، وحفظًا لكرامة العلم - وزال بهذا ما بينهما من جفاء.
مــؤلــفـاتــه:
- شرح السلم المنورق لعبد الرحمن بن محمد الصغير الأخضري من علماء القرن العاشر الهجري، والسلم مطبوع. أما الشرح فتوجد منه نسختان خطيتان بدار الكتب رقم (2869)، (4114).
- سند القويسني: قال في أوله: أخذت صحيح البخاري عن الإمام الفاضل الهمام الشيخ عبد الله الشرقاوي عن الشيخ الرحالة، منه نسخة خطية بدار الكتب رقم (23126ب).
- رسالة في المواريث (في الفقه).
ولايــتــه للــمــشـيـخــة:
بعد أن توفي الإمام الشيخ حسن العطار -رحمه الله- تقلَّد المشيخة شيخ الإسلام البرهان القويسني الشافعي سنة 1250 هـ وبقي بها حتى وفاته.
وفـــاتـــه:
توفي الإمام الشيخ حسن القويسني -رحمه الله- سنة 1254هـ في القاهرة، ودفن بمسجد الشيخ علي البيومي بالحسينية بالقاهرة.
مصادر ترجمته:
- الأزهر في اثنى عشر عامًا، نشر إدارة الأزهر.
- الأعلام للزركلي 2/190.
- شيوخ الأزهر، تأليف : أشرف فوزي 2/43 وما بعدها.
- كنز الجوهر في تاريخ الأزهر، تأليف: سليمان رصد الحنفي الزياتي ص141.
- مشيخة الأزهر منذ إنشائها حتى الآن، تأليف علي عبد العظيم.
- من أخلاق العلماء للشيخ محمد سليمان - من مطبوعات الشعب.
-----------------------
(1)ظهر في القرن الثالث عشر الهجري ثلاثة من العلماء يحملون اسم الشيخ حسن القويسني: الأول: ورد ذكر اسم الأب والجد، وله إجازة خطية بدار الكتب المصرية رقم 317 في مصطلح الحديث، أجاز بها أبا السعود عبد الرحيم بن مسعود الصعيدي الطهطاوي. والثاني: حسن العلوي بن داود بن عبد الله القويسني، وله بدار الكتب استجازة رقم 154 أجازه بها داود بن محمد بن أحمد القلعي. أما الثالث: فهو شيخ الأزهر الشيخ الإمام برهان الدين حسن بن درويش بن عبد الله بن مطاوع القويسني المتوفى سنة 1254هـ. أما الأول: فقد يكون هو الثاني أو الثالث وقد يكون غيرهما، فإننا لا نملك دليلا علميًّا يحدد شخصيته.
الإمام السابع عشر
الإمام حسن بن درويش القويسني
برهان الدين حسن بن درويش بن عبد الله بن مطاوع القويسني(1)
الميلاد:
ولد في مدينة قويسنا، محافظة المنوفية، ونُسِبَ إليها.
نشأته ومراحل تعليمه:
كان الإمام الشيخ حسن القويسني -رحمه الله- كفيف البصر، ولم تأت لنا كتب التراجم بأي شيء عن نشأته ومراحل تعليمه، وأنه اشتهر باسم البرهان القويسني الشافعي.
تـــلامـــيـذه:
تخرج على يد الإمام الشيخ القويسني -رحمه الله- كثير من أعلام العلماء من أشهرهم: الشيخ إبراهيم الباجوري، والسيد مصطفى الذهبي، والشيخ محمد البناني، ومن ألمع تلاميذه رفاعة الطهطاوي حيث درَّس له جمع الجوامع في أصول الفقه، ومشارق الأنوار في الحديث. وممن تتلمذ عليه حفيده الشيخ حسن القويسني شيخ رواق ابن معمر وأحد مدرسي الأزهر، سنة 1299هـ ودفن مع جده على باب ضريح الشيخ البيومي.
أخــلاقــه ومــنزلــتـه:
كان الإمام الشيخ حسن القويسني -رحمه الله- عالما، تقيًّا، مدققًا، محققًا، ورعًا، زاهدًا، متصوفًا، مهيبًا، وقورًا، عزيزَ النفس، ذكر صاحب كتاب كنز الجوهر
أنه: «كان رحمه الله من شرف النفس وعلو الهمة بمكان حتى محمد علي باشا أحبَّ أن يُنْعِمَ عليه بشيء من الدنيا فأبت نفسه ذلك..... واستغرقته الصوفية حتى كانت له أحيانًا شطحات لا يستسيغها غير الصوفية، ومن المعروف أن الإنسان إذا طغت مشاعره فإنه لا يحس غيره ولا يشعر بسواه، فيتصرف تبعًا لما تمليه وتستغرقه محبته، فيذهلون عن الدنيا وما فيها من ظواهر مادية زائلة فيتصرفون وينطقون بما لا يسيغه غيرهم، مما يسمونه الشطحات الصوفية أو الجذب، وكان الشيخ الإمام تعتريه هذه النوبات أحيانًا فيحدث منه ما لا يتسق ومنصبه الكبير، ولكن سرعان ما يثوب إلى حالته الطبيعية فيكون أتم ما يكون عقلا وأحسن ما يكون جلالا وتصونًا، قال صاحب كنز الجوهر: «وكان إذا جاء وقت درسه أفاق وقرأ درسه، ولم يزل على حاله إلى أن توفي سنة 1254هـ». ونذكر هنا موقفًا حدث بينه وبين الشيخ الأمير يدل على سموِّ أخلاق العلماء، فقد ذكر الشيخ محمد سليمان في كتابه «من أخلاق العلماء» ص39 نقلا عن شيخه المرحوم الشيخ عبد المجيد اللبان أنه كانت هناك جفوة بين الشيخ الإمام والشيخ الأمير، وبلغت الجفوة الحاكم، وكان الشيخ الأمير عنده فسأله عن الجفوة وأخبَرَه أن الشيخ القويسني حدَّثه عنها، فقال الشيخ الأمير: ليس بيننا إلا الخير، وما أظن الشيخ القويسني حدَّثك بشيء من هذا، وأثنى على
الشيخ القويسني ثناء جَمًّا، ولما انصرف من عند الحاكم ذهب إلى دار الشيخ القويسني وحدثه بما قاله الحاكم وما أجابه به، فقال له الإمام: صدقت في ظَنِّك، ما قلتُ للحاكم شيئًا، فقال الشيخ الأمير: هكذا أهل العلم يسوون ما بينهم في خاصتهم، وأما مظهرهم فيجب أن يكون قدوة في التآلف والخير، وإمساكًا على عروة الإسلام، وحفظًا لكرامة العلم - وزال بهذا ما بينهما من جفاء.
مــؤلــفـاتــه:
- شرح السلم المنورق لعبد الرحمن بن محمد الصغير الأخضري من علماء القرن العاشر الهجري، والسلم مطبوع. أما الشرح فتوجد منه نسختان خطيتان بدار الكتب رقم (2869)، (4114).
- سند القويسني: قال في أوله: أخذت صحيح البخاري عن الإمام الفاضل الهمام الشيخ عبد الله الشرقاوي عن الشيخ الرحالة، منه نسخة خطية بدار الكتب رقم (23126ب).
- رسالة في المواريث (في الفقه).
ولايــتــه للــمــشـيـخــة:
بعد أن توفي الإمام الشيخ حسن العطار -رحمه الله- تقلَّد المشيخة شيخ الإسلام البرهان القويسني الشافعي سنة 1250 هـ وبقي بها حتى وفاته.
وفـــاتـــه:
توفي الإمام الشيخ حسن القويسني -رحمه الله- سنة 1254هـ في القاهرة، ودفن بمسجد الشيخ علي البيومي بالحسينية بالقاهرة.
مصادر ترجمته:
- الأزهر في اثنى عشر عامًا، نشر إدارة الأزهر.
- الأعلام للزركلي 2/190.
- شيوخ الأزهر، تأليف : أشرف فوزي 2/43 وما بعدها.
- كنز الجوهر في تاريخ الأزهر، تأليف: سليمان رصد الحنفي الزياتي ص141.
- مشيخة الأزهر منذ إنشائها حتى الآن، تأليف علي عبد العظيم.
- من أخلاق العلماء للشيخ محمد سليمان - من مطبوعات الشعب.
-----------------------
(1)ظهر في القرن الثالث عشر الهجري ثلاثة من العلماء يحملون اسم الشيخ حسن القويسني: الأول: ورد ذكر اسم الأب والجد، وله إجازة خطية بدار الكتب المصرية رقم 317 في مصطلح الحديث، أجاز بها أبا السعود عبد الرحيم بن مسعود الصعيدي الطهطاوي. والثاني: حسن العلوي بن داود بن عبد الله القويسني، وله بدار الكتب استجازة رقم 154 أجازه بها داود بن محمد بن أحمد القلعي. أما الثالث: فهو شيخ الأزهر الشيخ الإمام برهان الدين حسن بن درويش بن عبد الله بن مطاوع القويسني المتوفى سنة 1254هـ. أما الأول: فقد يكون هو الثاني أو الثالث وقد يكون غيرهما، فإننا لا نملك دليلا علميًّا يحدد شخصيته.
الإمام الثامن عشر
الإمام السفطي
أحمد بن عبد الجواد الشافعي السفطي، وشهرته: الشيخ أحمد الصائم(1) .
الميلاد:
وُلِدَ الإمام الشيخ السفطي -رحمه الله- في أوائل القرن الثالث عشر الهجري، في قرية سفط العرفاء من ضواحي الفشن، محافظة بني سويف، وإليها نُسِبَ.
نشأته ومراحل تعليمه:
حفظ الإمام السفطي -رحمه الله- القرآن الكريم في قريته ثم رحل إلى القاهرة ليلتحق بالجامع الأزهر الشريف، فتلقى العلوم على كبار مشايخه وفي مقدمتهم الشيخ محمد بن محمد السنباوي، الشهير بالأمير الكبير المتوفى سنة 1232هـ الذي أجازه بجميع ما دوَّنه في ثبته^(2) <#2> كما تتلمذ على الشيخ الشنواني المتوفى سنة 1233هـ وهو الشيخ الثالث عشر للأزهر، وعلى الشيخ الإمام الدمهوجي المتوفى سنة 1246هـ، وهو الشيخ الخامس عشر للأزهر، وعلى غيرهم، واشتغل بالتدريس حتى ولِّي مشيخة الأزهر سنة 1254هـ. وبرع الإمام السفطي في تحصيل العلوم وحفظ كل ما يلقى عليه، فأجازه الشيخ الأمير واشتغل بالتدريس، وكانت حلقة درسه من أكبر حلقات الدرس بالجامع الأزهر، وكان تلاميذه من أنبغ التلاميذ، وظل الإمام السفطي يعطي ما لديه لتلاميذه ولا يكتفي بذلك بل نشط في تحصيل العلوم والثقافات ليعيد قراءتها وشرحها على تلاميذه.
أخـــلاقـــه:
كان الإمام السفطي -رحمه الله- مشهورًا بالعِفَّة، والصلاح، والتقوى، وغزارة العلم، وسعة الاطلاع.
مؤلفاته:
ظل الإمام الشيخ السفطي -رحمه الله- منشغلا بالجامع الأزهر وأعبائه والتدريس، مما منعه من وضع المؤلفات والشروح؛ لأنه كان يعطي معظم وقته لتلاميذه ليرد على استفساراتهم، ويشرح ما يصعب عليهم، ولذلك لم تذكر الفهارس والكتب مصنفات للشيخ السفطي سوى إجازتين، إحداهما منه للشيخ أحمد بن محمد الجرجاوي أجازه فيها بما تجوز له روايته مما تلقاه عن أساتذته ومنهم الشيخ الأمير. والثانية: إجازة أجاز بها الشيخ حسنين الملط الحنفي، قال فيها: «وقد أجزت ولدنا المذكور بما يجوز لي وعنِّي روايته، وما تلقيته عن المشايخ ...» .
ولايته للمشيخة:
ولي الإمام الشيخ السفطي -رحمه الله- مشيخة الأزهر عقب وفاة الإمام الشيخ القويسني -رحمه الله- وظل في هذا المنصب يقوم بأعبائه، ويعمل لصالح الجامع الأزهر، وتذليل العقبات أمام الدارسين فيه، والوقوف بجانب علمائه ومشايخه.
وفــاتــه:
توفي الإمام الشيخ السفطي -رحمه الله- سنة 1263هـ، ودفن بقرافة المجاورين.
مصادر ترجمته
- الأزهر في اثنى عشر عامًا، نشر إدارة الأزهر.
- شيوخ الأزهر، تأليف: أشرف فوزي 2/47.
- كنز الجوهر في تاريخ الأزهر، تأليف: سليمان رصد الحنفي الزياتي ص 143.
- مشيخة الأزهر منذ إنشائها حتى الآن، تأليف علي عبد العظيم 1/237.
------------------
(1)كثيرًا ما يلتبس على الباحثين اسم الإمام السفطي باسم الشيخ عبد الله بن أحمد الشافعي السفطي، صاحب كتاب (العقد الثمين فيما يتعلق بأمهات المؤمنين) الذي ألَّفه سنة 1223هـ، وبالشيخ مصطفى السفطي ، المولود سنة 1250هـ والمتوفى سنة 1327هـ. ولا ندري صلة أحدهم بالآخرين، وإن كان الثلاثة عاشوا في القرن الثالث عشر الهجري.
(2)ينظر: ثبت الأمير، مخطوط بدار الكتب المصرية، رقم (747) مصطلح الحديث.
الإمام التاسع عشر
الإمام إبراهيم الباجوري
إبراهيم بن محمد بن أحمد الشافعي الباجوري.
الميلاد:
وُلِدَ بمدينة الباجور سنة 1198هـ = 1784م.
نسبته:
نُسِبَ إلى بلدة الباجور بمديرية المنوفية فقيل له الباجوري، وبعض المراجع تسميه البيجوري، وقد اشتهرت هذه النسبة، ولكننا نأخذ بالنسبة الصحيحة التي يؤكدها الشيخ الإمام نفسه في مقدمة رسالته في علم التوحيد حيث قال بعد الديباجة: «يقول فقير رحمة ربه الخبير البصير إبراهيم الباجوري ذو التقصير...».
نشأته ومراحل تعليمه:
نشأ الإمام الباجوري -رحمه الله- في كنف والده، حيث حفظ عليه القرآن الكريم، وجوَّده عليه، وقَدِمَ إلى الأزهر لطلب العلم سنة 1212هـ، ولما احتلَّ الفرنسيون القاهرة سنة 1213هـ ترك القاهرة إلى الجيزة فترة يسيرة، ثم عاد إليها عندما رحلت الحملة الفرنسية سنة 1216هـ وجدَّ واجتهد وثابر في طلب العلم، وتتلمذ فيه على أعلام علماء الأزهر مثل: الشيخ محمد الأمير الكبير الذي أجازه بجميع ما ورد في ثبته، والشيخ الإمام عبد الله الشرقاوي شيخ الجامع الأزهر، والشيخ الإمام حسن القويسني، والسيد داود القلعاوي، لكن أكثر تلقيه عن الشيخ الإمام حسن القويسني، والشيخ محمد الفضالي، وفي فترة وجيزة ظهرت عليه آيات النجابة فدرَّس وألَّف في فنون عديدة، وكان يقضي وقته من أول النهار حتى صلاة العشاء في الدراسة والإفادة والتعليم والتأليف، وإذا فرغ من هذا رتَّل القرآن الكريم ترتيلا جميلا بصوت حسن.
تلاميذه:
تخرَّج على يد الإمام الباجوري -رحمه الله- طائفة من علماء الأزهر الأعلام، ومن أبرزهم رفاعة الطهطاوي، الذي لازمه مدة، ودرس عليه شرح الأشموني وتفسير الجلالين.
أخلاقه:
كان يمتاز بالهَيْبَة والوقار، والحرص على كرامة العلماء.
مؤلفاته:
ألَّف الإمام الشيخ الباجوري -رحمه الله- في علوم عديدة مما يدل على سِعَةِ أُفقه، وغزارة علمه، وتعدد ألوان ثقافته، ومن أهم كتبه:
- إجازة من الشيخ الإمام أجاز بها الشيخ عبد المنعم بن محمد السيوطي الجرجاوي الصعيدي المالكي، المتوفى سنة 1326هـ أجازَهُ فيها بجميع مروياته وبما يسند إليه، وبخاصة بما في سند الشيخ محمد بن محمد الأمير الكبير، منها نسخة خطية بدار الكتب المصرية برقم (515) مصطلح الحديث.
- إجازة أخرى منه إلى الشيخ أحمد بن محمد الجرجاوي، الشهير بالمعرف، كان موجودًا سنة 1267هـ، أجازه فيها بكل ما صحَّ عنه وبخاصة ثبت الشيخ محمد الأمير الكبير وغيره، منها نسخة خطية بخط المؤلف في دار الكتب المصرية رقم (512)
مصطلح الحديث.
- إجازة ثالثة أجاز بها حسنين أحمد جلبي الشهير بالملط البوتيجي الحنفي، نسخة بخط المجيز ومذيلة بخاتمه، منها نسخة خطية بدار الكتب رقم (468) مصطلح الحديث.
- إجازة رابعة أجاز بها عبد السلام بن عبد الرحمن الشطي الدمشقي الحنبلي، نسخة بخط المجيز وخاتمه، بدار الكتب المصرية رقم (49) مكتبة تيمور.
- إجازة خامسة أجاز بها علي بن عوض البرديسي الجرجاوي المتوفى سنة 1280هـ، نسخة بخط المؤلف وقد ذيلها بخاتمه، منها نسخة خطية رقم (511) مصطلح الحديث بدار الكتب المصرية.
- المسلسلات، قال في أولها بعد الديباجة: «إن عادة المحدثين أنهم يقدمون المسلسل بالأولية وهو حديث الرحمة... قال صلى الله عليه وسلم: الراحمون يرحمهم الرحمن، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء...» نسخة خطية بدار الكتب المصرية.
- حاشية على متن الجوهرة، سمَّاها (تحفة المريد على جوهرة التوحيد) لمؤلفها برهان الدين اللقاني، المتوفى سنة 1041هـ.
- حاشية على متن السنوسية، المسماة أم البراهين، لأبي عبد الله محمد بن يوسف السنوسي الحسيني المتوفى سنة 895هـ.
- حاشية على تحقيق (المقام على كفاية العوام فيما يجب عليهم من علم الكلام) للفضالي المتوفى سنة 1236هـ.
- حاشية على (شرح السعد للعقائد النسفية) لعمر بن محمد النسفي، المتوفى سنة 537هـ.
- فتح القريب المجيد على شرح (بداية المريد في علم التوحيد) للشيخ محمد السباعي، فرغ الباجوري من تأليفه سنة 1224هـ، توجد منه نسختان خطيتان بدار الكتب المصرية رقم (22954 ب)، (23050 ب).
- رسالة موجزة في علم التوحيد، مطبوعة مع مجموعة أمهات المتون.
- منح الفتاح على ضوء المصباح في النكاح، فقه شافعي.
- حاشية على التحفة الخيرية على الشنشورية، في علم الفرائض (المواريث).
- حاشية على فتح القريب المجيب في شرح ألفاظ التقريب، ويسمى أيضًا القول المختار في شرح غاية الاختصار لابن قاسم الغزي.
- حاشية على المنهج في الفقه، مات قبل أن يتمها..
- حاشية على جمع الجوامع في أصول الفقه للسبكي، لم يتمها.
- حاشية على المواهب اللدنية على الشمائل المحمدية، للترمذي.
- تحفة البشر، تعليقات على مولد المصطفى صلى الله عليه وسلم لابن حجر الهيثمي، المتوفى سنة 974هـ، توجد منه نسخة خطية بدار الكتب المصرية رقم
(13021ج).
- تعليق على الكشاف في تفسير القرآن الكريم.
- حاشية الباجوري على قصيدة البردة للبوصيري.
- حاشية على قصيدة بانت سعاد لكعب بن زهير.
- حاشية على متن السمرقندية في علم البيان.
- فتح الخبير اللطيف شرح نظم الترصيف في فن التصريف.
- الدرر الحسان على فتح الرحمن فيما يحصل به الإسلام والإيمان للزبيدي.
- حاشية على متن السلم في المنطق.
- حاشية على مختصر السنوسي في المنطق.
ولايته للمشيخة:
ولِّي مشيخة الأزهر في شهر شعبان سنة 1263هـ = شهر يوليو سنة 1847م، ولم يمنعه تولي المشيخة من مباشرة التدريس مع القيام بشؤون الأزهر، ولما تقدَّمت به السِّنُّ وتعاورته الأمراض حدثت أحداث جسيمة بالأزهر لم يستطع السيطرة عليها، وكان الحاكم في هذا الوقت سعيد باشا يؤدي فريضة الحج، وأقام عنه نوابًا أربعة، فرأى هؤلاء النُّواب أنه من الاحترام للإمام الشيخ الباجوري أن لا يُعيَّنوا أحدًا مكانه في المشيخة، وأن يولُّوا أربعة وكلاء يقومون عن الشيخ الإمام الباجوري بإدارة شؤون الأزهر تحت رياسة الشيخ مصطفى